المُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ
محمد البدر
الْخُطْبَةِ الأُولَى:
عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا﴾.وَقَالَ تَعَالَى:﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾.وَقَالَ تَعَالَى:﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ﴾.فالمرأة والرجل في ستر العورة سواء والهدف من الستر مُتعلِّقًا بكليهما، ومن ثَم كان سَتْر الجسد مرغوبًا فيه لكلا الجنسين، و في حق المرأة آكَدَ.وَقَالَﷺ«لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ»قَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً،قَالَ:«إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ،الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ،وَغَمْطُ النَّاسِ»رَوَاهُ مُسْلِمٌ. خلق الله الإنسان في أحسن تقويم وفي أكرم صورة، وجعل منه الزوجين الذكر والأنثى قَالَ تَعَالَى:﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾.وجعل الله لكلٍّ من الذكر والأنثى خصائص وصفات تميّزه عن غيره،فكان تكوين الرجل بما أمدّه الله - تَعَالَى - به من القوّة البدنيّة مناسباً مع سعيه للعمل وطلبه للرزق، وكذلك الأمر بالنسبة للمرأة فكان تكوينها مناسباً لما سُتناط به من حمل وولادة ورعاية قَالَ تَعَالَى:﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾.ولكن في الآونة الأخيرة أصبح هناك إقبال من بعض الناس على إحداث تغييرات في خِلْقتهم وهيئتهم، ومنه تشبّه كلّ من الجنسين بالآخر استجابةٌ لداعي الشيطان قَالَ تَعَالَى:﴿وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾.
عِبَادَ اللَّهِ:تَّزَيُّنُ الرِّجَالِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا لِلشَّرِيعَةِ، أَوْ مُخَالِفًا لَهَا،فَالتَّزَيُّنُ الْمُخَالِفُ لِلشَّرِيعَةِ، كَتَّزَيُّنِ بَعض الرِّجَالِ إِمَّا بِإِظْهَارِ عَوْرَتِهِ أَوَ الأْخْذِ مِنْ أَطْرَافِ الْحَاجِبِ ، أوَ وَضْعِ الْمَسَاحِيقِ عَلَى الْوَجْهِ تَشَبُّهًا بِالنِّسَاءِ،وَمن الْمُخَالِفات التَّزَيُّنُ بتربية شعر الرأس(بزعم الكثير من الناس أن تربية الشعر من السنة وهي من العادات وليست من السنة ولم يأمر بهاالنبيﷺ)كذلك عمل القصَّات المختلفة وربط الشعر من الخلف أوتظفيره ووضع الطوق على الرأس أو ربطه بمنديل تَشَبُّهًا بِالنِّسَاءِ ،كذلك من المظاهر الغريبة عن المجتمع والغير مقبولة مِنَ الرِّجَالِ تقليد النِّسَاءِ في بعض حركاتهم ومشيهم وطريقة كلامهم وضحكاتهم و التكلف بترقيق الكلام والتميع إلى غير ذلك فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِﷺالمُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَالمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ»رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:«لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِﷺالرَّجُلَ يَلْبَسُ لِبْسَةَ الْمَرْأَةِ، وَالْمَرْأَةَ تَلْبَسُ لِبْسَةَ الرَّجُلِ»رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
عِبَادَ اللَّهِ:ومن المظاهر التي انتشرت بين الشباب وبعض الكبار لبس ملابس مختلفة الأشكال والألوان واستخدام أنواع الزينة والمساحيق وطلاء الأظافر تَشَبُّهًا بِالنِّسَاءِ،بل ويلبسون بعض حُليهن كالأخراص ولبس الأساور والقلائد والخلاخل وَالْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ وغيرها مما هو من لوازم المرأة،فَعَنِ النَّبِيِّﷺأَنَّهُ«نَهى عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ»مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.وَعَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا،قَالَ:«أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِﷺبِسَبْعٍ، وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ:نَهَانَا عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ، وَلُبْسِ الحَرِيرِ، وَالدِّيبَاجِ، وَالإِسْتَبْرَقِ، وَعَنِ القَسِّيِّ، وَالمِيثَرَةِ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَتْبَعَ الجَنَائِزَ، وَنَعُودَ المَرِيضَ، وَنُفْشِيَ السَّلاَمَ»رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.وَقَالَﷺ:«حُرِّمَ لِبَاسُ الحَرِيرِ وَالذَّهَبِ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي وَأُحِلَّ لِإِنَاثِهِمْ»رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.قَالَ الطَّبَرِيُّ-رَحِمَهُ اللهُ:(الْمَعْنَى لَا يَجُوزُ لِلرِّجَالِ التَّشَبُّهُ بِالنِّسَاءِ فِي اللِّبَاسِ وَالزِّينَةِ الَّتِي تَخْتَصُّ بِالنِّسَاءِ وَلَا الْعَكْسُ وَكَذَا فِي الْكَلَامِ وَالْمَشْيِ)إلخ.أَقُولُ قَوْلِي هَذَا..
الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ:
عِبَادَ اللَّهِ:ومن المظاهر التي انتشرت بين الشباب وبعض الكبار لبس السراويل الضيقة القصيرة المُمزَّقة على الأفخاذ مكشوفَة العَورَة نازِلة مِن الخَلف أو ما يسمى (طيحني)قَالَﷺ:«مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ عَوْرَةٌ»رَوَاهُ الطَّبَرَانيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَﷺ:«الفَخِذُ عَوْرَةٌ»رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
قَالَ شَيْخُ الإِسْلاَم ابْنُ تَيْمِيَةَ - رَحِمَهُ اللهُ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ مَكْشُوفَ الْفَخْذَيْنِ سَوَاءٌ قِيلَ هُمَا عَوْرَةٌ أَوْ لَا..وَأَمَّا صَلَاةُ الرَّجُلِ بَادِيَ الْفَخْذَيْنِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْإِزَارِ، فَهَذَا لَا يَجُوزُ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ" انتهى من مجموع الفتاوى".
الا وصلوا.
المرفقات
1632291101_المُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ.pdf