{الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا }
محمد البدر
1433/10/20 - 2012/09/07 10:55AM
[align=justify]الخطبة الأولى :
أما بعد ،عباد الله:قال تعالى :{ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ }الأعراف (31).تتعلق قلوب كثير من الناس بمظاهر الحياة الدنيا وزينتها ولعلها فطرة فطر الله الخلق عليها حتى يجمع الإنسان بين جانبه المادي وجانبه الروحي.فلم يحرم الحق سبحانه متعة الحياة من زينة ورزق، قال تعالى:{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}الأعراف (32).والمؤمن المهتدي بنور الله يستفيد من نعم الله عليه في هذه الحياة لتكون له زاداً يوم يلقى ربه، لما يُدركه عن طبيعة هذه الدنيا قال تعالى:{وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا}الكهف(45)،ويصفها المصطفى عليه الصلاة و السلام بقوله:«إِنَّ الدُّنْيَا خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ » صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.لما فيها من مغريات وشهوات تجذب النفوس وتستهوي الأفئدة.
عباد الله :ومن مغريات الدنيا وزينتها أمران هامان لا يختلف عليهما اثنان هما: المال والبنون. قال تعالى:{الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا }الكهف(46).
فإن معظم البشر يتطلعون إلى هاتين النعمتين لما لهما من أثر بالغ في حياة الإنسان الذي أصبح يسعى للحصول عليهما إشباعاً لشهواته وإرضاءً لتطلعاته فيقول الحق سبحانه:{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ } آل عمران (14) ،غير أن المؤمن الذي يتعلق بحب الله سبحانه وطاعة رسوله عليه السلام يدرك أن هذه المحبة للمال والولد إنما تكون في دائرة العبودية لربه وأن ما عند الله أعظم وأفضل مما يتطلع إليه، فإذا ما رزقه الله المال جعله في سبيل ربه، وإذا ما رزقه الله الولد رباه على طاعة خالقه، فكما أن المال والولد زينة فإنهما أيضاً فتنة قال تعالى:{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ}الأنفال (28). وهكذا تكون نعم الله لعباده وفي مقدمتها نعمة الولد اختباراً وابتلاء من الله تعالى ليعلم سبحانه الشاكر من الجاحد، والمطيع من العاصي وليدرك المسلم أن ما عند الله من أجر وثواب – إذا ما أحسن في ماله وولده- أعظم وأفضل مما بين يديه:قال تعالى:{ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ } آل عمران (14).
عباد الله:نسمع كثيراً عن أُناس يتفاخرون ويتباهون بما يملكون من أموال وثروات ويعتزون كثيراً بما أنجبوه من بنين وبنات، والعاقل هو الذي يُدرك عِظم المسئولية الملقاة على عاتقه حيال هذه النعم (نعمة المال ونعمة الأولاد)وهذا ما يُحذرنا منه الحق سبحانه:{اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأمْوَالِ وَالأوْلادِ ..} الحديد(20). ولما كانت رحمة الله سابقة وسابغة لعباده فقد جاءت الشريعة الغراء لتنظم التعامل مع نعم الله وأفضاله على عباده بما يحقق هدي هذا الدين في التعامل مع متاع الحياة الدنيا وزينتها في ظل الالتزام بالخير وطرق الفلاح بعيداً عن مظاهر الضلال والبطر.
عباد الله :ففي جانب المال جاء أمر الله أن يُكتسب من مصدر حلال غير مُغتصب ولا مُنتهب وأن يحصل عليه الإنسان من منابعه المشروعة فيقول الحق سبحانه:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ}النساء (29) .
ويقول صلى الله عليه وسلم:«كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
ويقول صلى الله عليه وسلم: « مَنِ انْتَهَبَ نُهْبَةً فَلَيْسَ مِنَّا » رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وليعلم أن كل لحم نبت من حرام فالنار أولى به.
وحتى لا يستبد صاحب المال ويطغى على الآخرين منتهزاً حاجة الآخرين في الاقتراض لمواجهة أعباء الحياة فقد جاء التحريم الشديد من مصادر الزيادة الربوية فقال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ } البقرة (278-279) .
ويقول صلى الله عليه وسلم:(إِنَّ الرِّبَا وَإِنْ كَثُرَ عَاقِبَتُهُ تَصِيرُ إِلَى قُلٍّ) صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
وحتى تستقيم حياة المسلم على الفطرة السليمة فقد حث الإسلام على السعي وطلب الرزق الحلال من مصادره المشروعة الواضحة فيقول سبحانه وتعالى:{فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ }الملك (15).
ويقول صلى الله عليه وسلم « مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ » رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
ويوم أن يحصل المسلم على المال من مصادره الشرعية عليه أن يُدرك أن ما ساقه الله إليه من ثروات وخيرات إنما كلها وديعة وأمانة يودعها الله من يشاء من عباده، ويعلم أن المال كله هو مال الله وأنه مستخلف فيه قال تعالى:{وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ}الحديد (7).
فإذا ما أَعَطى المسلم من ماله شيئاً فإنما هو يُعطي من رزق الله وفضله عليه قال تعالى :{إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ }النور (29) .
واعلموا – ياعباد الله - أن في المال حقوق شرعية من زكاة وصدقة وإنفاق في سبيل الله ومرضاته قال تعالى:{مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}البقرة (261).
أقول قولي هذا .....
الخطبة الثانية :
أما بعد ، عباد الله :والمسلم في جميع الحالات السابقة مطالب بالإعتدال في معاملته مع ما يرزقه الله من مال فلا يكون مسرفاً مبذراً ولا ممسكاً بخيلاً قال تعالى :{وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا}الإسراء (29).
وأمة الإسلام اليوم في حاجة ماسة إلى هذا الأدب الرباني في التعامل مع نعمة المال فمن زاده الله مالاً عليه أن يتجه به إلى سبيل الله، ومن كان في قلة من المال فلا يجزع ولا يغضب بل عليه التفكر فيما أعطاه الله من نعم أخرى وليحمد الله دائماً وأبدا .
ألا وصلوا عباد الله ...
[/align]
أما بعد ،عباد الله:قال تعالى :{ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ }الأعراف (31).تتعلق قلوب كثير من الناس بمظاهر الحياة الدنيا وزينتها ولعلها فطرة فطر الله الخلق عليها حتى يجمع الإنسان بين جانبه المادي وجانبه الروحي.فلم يحرم الحق سبحانه متعة الحياة من زينة ورزق، قال تعالى:{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}الأعراف (32).والمؤمن المهتدي بنور الله يستفيد من نعم الله عليه في هذه الحياة لتكون له زاداً يوم يلقى ربه، لما يُدركه عن طبيعة هذه الدنيا قال تعالى:{وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا}الكهف(45)،ويصفها المصطفى عليه الصلاة و السلام بقوله:«إِنَّ الدُّنْيَا خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ » صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.لما فيها من مغريات وشهوات تجذب النفوس وتستهوي الأفئدة.
عباد الله :ومن مغريات الدنيا وزينتها أمران هامان لا يختلف عليهما اثنان هما: المال والبنون. قال تعالى:{الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا }الكهف(46).
فإن معظم البشر يتطلعون إلى هاتين النعمتين لما لهما من أثر بالغ في حياة الإنسان الذي أصبح يسعى للحصول عليهما إشباعاً لشهواته وإرضاءً لتطلعاته فيقول الحق سبحانه:{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ } آل عمران (14) ،غير أن المؤمن الذي يتعلق بحب الله سبحانه وطاعة رسوله عليه السلام يدرك أن هذه المحبة للمال والولد إنما تكون في دائرة العبودية لربه وأن ما عند الله أعظم وأفضل مما يتطلع إليه، فإذا ما رزقه الله المال جعله في سبيل ربه، وإذا ما رزقه الله الولد رباه على طاعة خالقه، فكما أن المال والولد زينة فإنهما أيضاً فتنة قال تعالى:{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ}الأنفال (28). وهكذا تكون نعم الله لعباده وفي مقدمتها نعمة الولد اختباراً وابتلاء من الله تعالى ليعلم سبحانه الشاكر من الجاحد، والمطيع من العاصي وليدرك المسلم أن ما عند الله من أجر وثواب – إذا ما أحسن في ماله وولده- أعظم وأفضل مما بين يديه:قال تعالى:{ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ } آل عمران (14).
عباد الله:نسمع كثيراً عن أُناس يتفاخرون ويتباهون بما يملكون من أموال وثروات ويعتزون كثيراً بما أنجبوه من بنين وبنات، والعاقل هو الذي يُدرك عِظم المسئولية الملقاة على عاتقه حيال هذه النعم (نعمة المال ونعمة الأولاد)وهذا ما يُحذرنا منه الحق سبحانه:{اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأمْوَالِ وَالأوْلادِ ..} الحديد(20). ولما كانت رحمة الله سابقة وسابغة لعباده فقد جاءت الشريعة الغراء لتنظم التعامل مع نعم الله وأفضاله على عباده بما يحقق هدي هذا الدين في التعامل مع متاع الحياة الدنيا وزينتها في ظل الالتزام بالخير وطرق الفلاح بعيداً عن مظاهر الضلال والبطر.
عباد الله :ففي جانب المال جاء أمر الله أن يُكتسب من مصدر حلال غير مُغتصب ولا مُنتهب وأن يحصل عليه الإنسان من منابعه المشروعة فيقول الحق سبحانه:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ}النساء (29) .
ويقول صلى الله عليه وسلم:«كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
ويقول صلى الله عليه وسلم: « مَنِ انْتَهَبَ نُهْبَةً فَلَيْسَ مِنَّا » رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وليعلم أن كل لحم نبت من حرام فالنار أولى به.
وحتى لا يستبد صاحب المال ويطغى على الآخرين منتهزاً حاجة الآخرين في الاقتراض لمواجهة أعباء الحياة فقد جاء التحريم الشديد من مصادر الزيادة الربوية فقال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ } البقرة (278-279) .
ويقول صلى الله عليه وسلم:(إِنَّ الرِّبَا وَإِنْ كَثُرَ عَاقِبَتُهُ تَصِيرُ إِلَى قُلٍّ) صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
وحتى تستقيم حياة المسلم على الفطرة السليمة فقد حث الإسلام على السعي وطلب الرزق الحلال من مصادره المشروعة الواضحة فيقول سبحانه وتعالى:{فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ }الملك (15).
ويقول صلى الله عليه وسلم « مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ » رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
ويوم أن يحصل المسلم على المال من مصادره الشرعية عليه أن يُدرك أن ما ساقه الله إليه من ثروات وخيرات إنما كلها وديعة وأمانة يودعها الله من يشاء من عباده، ويعلم أن المال كله هو مال الله وأنه مستخلف فيه قال تعالى:{وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ}الحديد (7).
فإذا ما أَعَطى المسلم من ماله شيئاً فإنما هو يُعطي من رزق الله وفضله عليه قال تعالى :{إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ }النور (29) .
واعلموا – ياعباد الله - أن في المال حقوق شرعية من زكاة وصدقة وإنفاق في سبيل الله ومرضاته قال تعالى:{مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}البقرة (261).
أقول قولي هذا .....
الخطبة الثانية :
أما بعد ، عباد الله :والمسلم في جميع الحالات السابقة مطالب بالإعتدال في معاملته مع ما يرزقه الله من مال فلا يكون مسرفاً مبذراً ولا ممسكاً بخيلاً قال تعالى :{وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا}الإسراء (29).
وأمة الإسلام اليوم في حاجة ماسة إلى هذا الأدب الرباني في التعامل مع نعمة المال فمن زاده الله مالاً عليه أن يتجه به إلى سبيل الله، ومن كان في قلة من المال فلا يجزع ولا يغضب بل عليه التفكر فيما أعطاه الله من نعم أخرى وليحمد الله دائماً وأبدا .
ألا وصلوا عباد الله ...
[/align]
المرفقات
المال والبنون زينة الحياة الدنيا.doc
المال والبنون زينة الحياة الدنيا.doc