المؤنسات الغاليات
الشيخ نواف بن معيض الحارثي
المؤنسات الغاليات
الخطبة الأولى
الْـحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي جَعَلَ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ؛ مِنْ أَفْضَلِ الْمِنَنِ وَالْهِبَاتِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّـهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّـهِ وَرَسُولُهُ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَعَلَى مَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَأُوصِيكُمْ ...
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: « دَخَلَتِ امْرَأَةٌ مَعَهَا ابْنَتَانِ لَهَا تَسْأَلُ، فَلَمْ تَجِدْ عِنْدِي شَيْئًا غَيْرَ تَمْرَةٍ، فَأَعْطَيْتُهَا إيَّاهَا، فَقَسَمَتْهَا بَيْنَ ابْنَتَيْهَا ولَمْ تَأْكُلْ مِنْهَا، ثُمَّ قَامَتْ فَخَرَجَتْ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ r عَلَيْنَا فَأَخْبَرْتُهُ، َفقَالَ:« مَنِ ابْتُلِيَ مِنْ هَذِهِ البَنَاتِ بِشَيْءٍ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ.خ.
أَيُّهَا الْـمُسْلِمُونَ: إِنَّ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ نِعْمَةٌ مِنْ نِعَمِ اللَّـهِ الْعَظِيمَةِ، وَعَطِيَّةٌ مِنْ عَطَايَاهُ الْكَرِيمَةِ، فَهُمْ بَهْجَةُ النُّفُوسِ، وَأُنْسُ الْبُيُوتِ، وَمَصْدَرُ سَعَادَةِ الْأَبَوَيْنِ، وَقَدْ خَصَّ اللَّـهُ تَعَالَى الْبَنَاتِ بِمَزِيدِ تَشْرِيفٍ وَتَكْرِيمٍ، حِينَ قَدَّمَهُنَّ فِي الذِّكْرِ عَلَى الْبَنِينَ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: (يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ). وَبَيَّنَ النَّبِيُّ r مَكَانَةَ الْبَنَاتِ، وَأَثَرَهُنَّ الْـجَمِيلَ فِي حَيَاةِ آبَائِهِنَّ وَأُمَّهَاتِهِنَّ، فَقَالَ r «إِنَّهُنَّ الْـمُؤْنِسَاتُ الْغَالِيَاتُ» أحمد وغيره
وَأَوْصَىr بِالرَّحْمَةِ بِهِنَّ، وَإِحْسَانِ صُحْبَتِهِنَّ، وَكِفَايَتِهِنَّ وَرِعَايَتِهِنَّ، وَإِدْخَالِ السُّرُورِ إِلَى قُلُوبِهِنَّ، وَوَعَدَ مَنْ رُزِقَهُنَّ فَأَكْرَمَهُنَّ، وَأَحْسَنَ تَرْبِيَتَهُنَّ وَتَعْلِيمَهُنَّ؛ بِأَنْ يَحْفَظَهُ اللَّـهُ تَعَالَى مِنْ عَذَابِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيُدْخِلَهُ سُبْحَانَهُ جَنَّتَهُ، قَالَ النَّبِيُّ r: «مَنْ كُنَّ لَهُ ثَلَاثُ بَنَاتٍ، يُؤْوِيهِنَّ وَيَرْحَمُهُنَّ وَيَكْفُلُهُنَّ؛ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ».
قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنْ كَانَتِ اثْنَتَيْنِ؟ قَالَ: «وَإِنْ كَانَتِ اثْنَتَيْنِ». فَرَأَى بَعْضُ الْقَوْمِ أَنْ لَوْ قَالُوا لَهُ: وَاحِدَةً، لَقَالَ: وَاحِدَةً. أحمد .
وَقَالَ r «مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ -أَيْ بِنْتَيْنِ- حَتَّى تَبْلُغَا، جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ». وَضَمَّ أَصَابِعَهُ.م. أَيْ رَافَقَنِي فِي الْجَنَّةِ.
عِبَادَ اللَّـهِ: لَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّـهِ r يُعَامِلُ الْبَنَاتِ بِاللُّطْفِ وَالْإِحْسَانِ، وَيُكْرِمُهُنَّ غَايَةَ الْإِكْرَامِ، جَامِعًا بَيْنَ الرَّحْمَةِ النَّبَوِيَّةِ، وَالرِّعَايَةِ الْأَبَوِيَّةِ، يَتَدَفَّقُ قَلْبُهُ لَهُنَّ حَنَانًا وَمَحَبَّةً، وَعَطْفًا وَشَفَقَةً،
فَعَنْ أَنَسٍ t قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّـهِ r مِنْ أَرْحَمِ النَّاسِ بِالْعِيَالِ. م.
وَكُنَّ يَحْظَيْنَ بِحَظِّهِنَّ مِنَ اللَّعِبِ مَعَهُ r فِي صِغَرِهِنَّ؛ لِيَنْشَأْنَ تَنْشِئَةً سَلِيمَةً، مُتَوَازِنَةً مُسْتَقِيمَةً، وكان r يَحْمِلُ أُمَامَةَ بِنْتَ ابْنَتِهِ زَيْنَبَ عَلَى عَاتِقِهِ وَهُوَ يُصَلِّي، فَإِذَا رَكَعَ وَضَعَهَا، وَإِذَا رَفَعَ مِنَ السُّجُودِ أَعَادَهَا . متفق عليه
عِبَادَ اللَّـهِ: لَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّـهِ r يُعَامِلُ بَنَاتِهِ إِذَا كَبِرْنَ بِمَزِيدٍ مِنَ الرَّأْفَةِ وَالْـمَوَدَّةِ، وَالرَّحْمَةِ وَالْـمَحَبَّةِ؛
فَكَانَ r إِذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللَّـهُ عَنْهَا قَامَ إِلَيْهَا، فَرَحَّبَ بِهَا، وَبَسَطَ رِدَاءَهُ لَهَا، وَأَجْلَسَهَا فِي مَجْلِسِهِ. الترمذي وغيرهما ، يُحَادِثُهَا وَتُحَادِثُهُ، وَيَأْتَمِنُهَا عَلَى أَسْرَارِهِ، فَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّـهُ عَنْهَا قَالَتْ: أَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ تَمْشِي كَأَنَّ مِشْيَتَهَا مَشْيُ النَّبِيِّ r، فَقَالَ لَهَا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «مَرْحَبًا بِابْنَتِي».
ثُمَّ أَجْلَسَهَا وَأَسَرَّ إِلَيْهَا حَدِيثًا فَبَكَتْ، ثُمَّ أَسَرَّ إِلَيْهَا حَدِيثًا فَضَحِكَتْ، قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: فَسَأَلْتُهَا عَمَّا قَالَ، فَقَالَتْ: مَا كُنْتُ لِأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللَّـهِ r.متفق عليه.
وَكَانَ r يَحْمِي بَنَاتِهِ وَيُرَاعِي مَشَاعِرَهُنَّ، وَيُطَيِّبُ خَوَاطِرَهُنَّ، فَقَدْ قَالَ فِي حَقِّ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّـهُ عَنْهَا: «فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي -أَيْ: قِطْعَةٌ مِنِّي- فَمَنْ أَغْضَبَهَا أَغْضَبَنِي» متفق عليه.
كَمَا كَانَ r يَعْتَنِي بِبَنَاتِهِ فِي مَرَضِهِنَّ، وَيَسْهَرُ عَلَى رَاحَتِهِنَّ، فَعِنْدَمَا مَرِضَتِ ابْنَتُهُ رُقَيَّةُ رَضِيَ اللَّـهُ عَنْهَا، وَأَرَادَ r السَّفَرَ؛ أذنَ لزَوْجِهَا عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّـهُ عَنْهُ بِالْبَقَاءِ عِنْدَهَا لِرِعَايَتِهَا، وَبَشَّرَهُ بِأَجْرٍ عَظِيمٍ . خ.
عِبَادَ اللَّـهِ: لَقَدْ كَانَ r يُشَاوِرُ بَنَاتِهِ فِي أَمْرِ زَوَاجِهِنَّ؛ إِكْرَامًا لَهُنَّ، وَتَقْدِيرًا لِحَقِّهِنَّ،
وَيَخْتَارُ الْأَكْفَأَ لَـهُنَّ وَيُيَسِّرُ مُهُورَهُنَّ، وَيُسَهِّلُ زَوَاجَهُنَّ؛ لِيُسْعِدَهُنَّ وَيُدْخِلَ السُّرُورَ إِلَى قُلُوبِهِنَّ.. أحمد وغيره.
وَاسْتَمَرَّتْ عِنَايَتُهُ r بِهِنَّ بَعْدَ زَوَاجِهِنَّ، فَكَانَ يَزُورُهُنَّ فِي بُيُوتِهِنَّ، وَيَجْلِسُ مَعَهُنَّ، وَيَتَفَقَّدُ أَحْوَالَهُنَّ، وَكُنَّ يَلْجَأْنَ إِلَيْهِ عِنْدَ حُدُوثِ الْمُشْكِلَاتِ؛ فَكَانَ لَهُنَّ الْأَبَ الرَّحِيمَ، والْقَلْبَ الرَّقِيقَ؛ الَّذِي يُشَارِكُهُنَّ فَرَحَهُنَّ، وَيَحْرِصُ عَلَى سَعَادَتِهِنَّ فِي بُيُوتِ أَزْوَاجِهِنَّ، وَهَنَائِهِنَّ فِي حَيَاتِهِنَّ. جَاءَ r بَيْتَ فَاطِمَةَ فَلَمْ يَجِدْ عَلِيًّا في البَيْتِ، فَقالَ: أيْنَ ابنُ عَمِّكِ؟ قالَتْ: كانَ بَيْنِي وبيْنَهُ شيءٌ، فَغَاضَبَنِي، فَخَرَجَ، فَلَمْ يَقِلْ عِندِي فَقالَ رَسولُ اللَّـهِ r لِإِنْسَانٍ: انْظُرْ أيْنَ هُوَ؟...خ
عباد الله: تربيةُ البناتِ لها أهمّيةٌ كبيرةٌ، فهي قُربى إلى اللـهِ، والمرأةُ المسلمةُ لها أثرٌ في حياةِ كلِّ مسلم، فهِي المدرسةُ الأولى في بِناء المجتمعِ الصّالحِ، وهي ركيزةُ المستقبلِ، فهي الزوجةُ الصالحةُ والأمُّ الحانِيَةُ وحاضِنةُ الأبناءِ، وإذا نشأتِ البنتُ صالحةً في بيتِها متديِّنةً في سلوكهِا فإننا بذلك نضمَنُ بإذن الله بناءَ أسرةٍ مسلمةٍ تُخرِّجُ جيلاً صالحًا قويًّا في إيمانِه،
جادًّا في حياتِهِ مِنَ الفتيات، يَكنَّ مصدرًا للفضيلةِ والتقوى، يَبنِينَ المجتمعَ ولا يهدِمنَه، يؤسِّسنَ الأسرةَ ولا يهربنَ منها، ينشرنَ الخيرَ والحبَّ (فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّـهُ)
والتربيةُ الصحيحةُ للفتاةِ تقتضي تَعاوُنَ الأبِ والأمِّ القويَ والتنسيقَ الفكريَّ بينهما لتؤتيَ التربيةُ أُكلَها.
عبد الله: الأساسُ الأوّل في بناءِ الفتاةِ التركيزُ على حبِّ اللـهِ وحبِّ رسولِه r ، تعليمُها الفرائضَ الدينيّة، تنشِئَتها منذُ الصغرِ على الدينِ والفضيلةِ، وغرسِ ذلك في نفسِها بالإقناعِ والتربِيةِ، يغذِّي ذلك وينمّي أفكارَهُنّ قِصصُ أمّهاتِ المؤمنينَ زوجاتِ النبيِّ r وقِصصُ الصحابيّاتِ اللاتي صنعنَ المجدَ بجودَةِ تربيّتهن. تحقِّقُ التربيةُ جودَتَها حينَ تكونُ الأمُّ قدوةً حسنةً لابنتِها، متمثِّلةً قِيَمَ الإسلامِ، مع سلوكٍ حسَنٍ وسيرةٍ حميدةٍ في حركاتِها وملابِسِها وتصرُّفاتِها، حينئذٍ تحاكي البنتُ أمَّها، وتكونُ صورةً صادقةً عنها في السلوك.
تربيةُ البنتِ على خُلُقِ الحياءِ حارسٌ أمينٌ لها من الوقوعِ في المهالكِ، فَأَعْظَمُ مَا تَجَمَّلَتْ بِهِ البنتُ هُوَ خُلُقُ الحَيَاءِ، فإنَّ مشَت فعلى استحياءٍ، زِيُّها ورداؤها استِحياءٌ، سِمَتُه الحياءُ، وقولُها وفعلُها وحرَكاتُها يهذِّبُه الحياءُ (فجاءته إحداهما تمشي على استحياء)
وَلِلْأَسَفِ أَنَّ بَعْضَ الآبَاءِ وَالأُمَّهَاتِ يُعَوِّدُونَ بَنَاتِهِمْ عَلَى التَّبَرُّجِ والسُّفُورِ وَمُخَالَطَةِ الرِّجَالِ الأَجَانِبِ مِنْ خِلَالِ تَزْيِينِ البَاطِلِ لَـهُنَّ، أَوْ شِرَاءِ المَلَابِسِ الَّتِي تَخْدِشُ حَيَاءَهُنَّ مِنَ المَلَابِسِ القَصِيرَةِ أَوِ الضَّيِّقَةِ الَّتِي تُبَيِّنُ مَفَاتِنَهُنَّ وَأَجْزَاءً مِنْ أَجْسَادِهِنَّ .
وإِنَّ مِنَ الخَطَأِ مَا يَظُنُّهُ البعضُ: أَنَّ مِنَ الحُرِّيَّةِ أَنْ يَتْرُكَ ابْنَتَهُ تلبسُ ما تشاءُ وتَذْهَبُ حَيْثُ تَشَاءُ، وَتَخْرُجُ مَتَى تَشَاءُ، وَتَدْخُلُ إِلَى البَيْتِ حِينَ تَشَاءُ، بِزَعْمِ أَنَّهُ يَثِقُ فِيهَا، وَفِي أَفْعَالِهَا، وَيَنْسَى أَنَّنَا فِي زَمَنِ الْفِتَنِ وَالمَادِّيَّاتِ، وَكَثْرَةِ المُغْرِيَاتِ، وَضَعْفِ الأَخْلَاقِيَّاتِ، وَكَثْرَةِ المُتَرَبِّصِينَ، وصَديقاتُ السوءِ كالشّرَرِ الملتهِبِ، إذا وقع على شيء أحرقَه (المرء على دين خليلِه، فلينظر أحدُكم من يخالل ).
إن من التربيةِ: تَعَاهدَ الفَتَاةِ بالتوجيهِ والتنبِيه، فإنَّ القلوبَ تغفُل، ويَقَظتَها بالنُّصحِ والتذكيرِ، والذكرى تنفعُ المؤمنين، مع ترويضِها على الانضباطِ بأحكامِ الشَّرع في اللِّباسِ والحجابِ
ومَسألةِ الاختلاطِ خاصةً في زماننا هذا. فإنَّنا في هذا العصرِ نحتاجُ إلى المزيدِ مِن التركيزِ على تربية الفتاةِ والرّعايةِ والعنايةِ بها، فالفتاةُ المسلمةُ في زمننا هذا تتعرَّضُ من أعداءِ الفضيلةِ إلى حملةٍ شعواءَ، تَستهدفُ ضَربَ عِفَّتِها وطَهارَتِها وأخلاقِها وإسلامِها، والخطورَةُ تكمُن في أنَّ معنى إفسادِ فتاةٍ مسلمةٍ إفسادُ الزوجةِ وإفسادُ الأمِّ وإفسادُ الجيلِ وإفسادُ المجتمعِ كلِّه .
فيجبُ تحصينُ الفتاةِ من الفكرِ الخبيثِ الذي يُفسِدها، وتوعيتُها بمخطَّطاتِ الأعداءِ. وفتاةُ الإسلامِ مطالبَةٌ بأن تكونَ سدًّا منيعًا ضدَّ هذه المخطَّطاتِ بوعيِها والتزامِها،
وحَذِرةً من دَعوةِ الذئاب للحريَّة المزيَّفة والحقوقِ المزعومةِ (والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما) بارك ...
الخطبة الثانية :
الحمد لله ...أما بعد: فيا عباد الله:
عباد الله: الفراغُ مشكلةٌ كبرى في حياةِ الفتاة، ومَلءُ أوقاتِ الفتياتِ بالنافعِ المفيدِ حَصَانَةٌ ووِقايةٌ، من ذلك حِفظُ القرآنِ وتلاوَتُه وتَفسيرُه، تعلُّمُ ما يتعلَّق بالمرأةِ من أحكامٍ، توسيعُ دائرةِ الثقافةِ النافعةِ، ممارسةُ الهواياتِ المفيدَة. مرافقةُ البنتِ لأمِّها تصقَلُ شخصيّتَها، وتكونُ دليلاً لها في حياتِها، وتضيفُ إلى سيرتها دروسًا ناصعة.
إنَّ من أعظَمِ الأخطارِ التي تؤثِّر في تربيةِ البناتِ الانفتاحَ الفضائيَ من القنوات والبثوثِ وغيرها ، فهي تهدِّدُ بهدمِ كلِّ القِيَمِ، وتحاربُ الدِّينَ والفَضيلة، وتورِثُ العُريَ والفسادَ والانحلال، فالسلامةُ في البعدِ عنها، والسلامةُ لا يعدلها شيء.
إن تفكُّكَ الأسرةِ، وضَعفَ الروابِط بين أفرادِها، كلٌّ يَهيم في وادٍ، الأبُ هناك، والأمُّ هنالك، يولِّدُ جفوةً وجفوةً تتراكَمُ أضرارُها فوقَ بعضِها على الفتاةِ، وقد ينكشِفُ الغطاءُ بعد فواتِ الأوان عن سلوك غيرِ حميدٍ .
الدعاءُ أثرُه لا يخفى، وأهمّيتُه لا تُنسى، فابتهالُ الأبوينِ وتضرُّعُهما إلى الله أن يصلحَ أولادَهم دأبُ الصالحينَ، ودُعاءُ الوالدينِ للأبناءِ مُستجاب (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا) ثم صلوا ...
المرفقات
1685628565_المؤنسات الغاليات.docx
1685628567_المؤنسات الغاليات.pdf