المؤمن والذنوب
محمد إبراهيم عبد القادر
1436/01/13 - 2014/11/06 01:11AM
المؤمن والذنوب
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم , فالله سبحانه وتعالى هو المسئول
المرجو بالإجابة أن يتولانا في الدنيا والآخرة , وأن يسبغ علينا نعمه ظاهرةوباطنة , وأن يجعلنا ممن إذا أنعم الله عليه شكر , وإذا ابتلى صبر , إذا أذنب استغفر , فإن هذه الأمور هي عنوان سعادة العبد , وعلامة فلاحه في دنياه وأخراه , ولا ينفك عبد عنها أبدا , فإن العبد دائما يتقلب بين هذه الأطباقالثلاث .
فكثير منا اليوم ربما لا يتخيل إجتماع الصلاح والذنب في نفس واحدة فحينما يقرأ آيات التوبة والاستغفار يظن أنها تنادى أهل الذنوب والمعاصي فقط ويعتقد إعتقادا جازماً أن أهل الإيمان معصومون من الذنوب لا يقاريفونها والحقيقة أن هذا عكس ما جاء به الكتاب والسنة , فمن تأمل آيات القرآن وجد أن الله تعالى وصف أهل التقوى بأنهم إذا فعلوا المعاصي تابوا إليه على الفور ولم يؤجلوا توبتهم ولم يصروا على الذنب فقال تعالى مادحاً لهم سرعة توبتهم وعدم إصرارهم "والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون" . فهذا نص من القرآن على جواز الذنوب في حق المؤمن ....
وأيضا قوله تعالى" وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ".....
ولا توبة إلا من التقصير والذنوب.
ومن السنة المطهرة ما رواه ابن عباس رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما من عبدٍ مؤمنٍ إلا و له ذنبٌ يعتادُه الفينةَ بعدَ الفينةِ ، أو ذنبٌ هو
مقيمٌ عليه لا يُفارِقُه حتى يُفارِقَ الدنيا ، إنَّ المؤمنَ خُلِقَ مفتَّنًا توابًا نسَّاءً ، إذا ذُكِّرَ ذكَرَ "
وقوله صلى الله عليه وسلم " لولا أنكم تُذْنِبونَ ، لَخلَقَ اللهُ خلقًا يُذْنِبونَ ، فيغْفِرُ لهم "
وأدلة كثيرة للمتأملين والمتدبرين. لم يرد منا الملائكية ولكنه خلق النفس تجرى عليها أمور من النقص والهوى والجهل ما يجعلها تزل وتخطأ فسبحان من كان له الكمال المطلق.
ومن تأمل الصحابة الأبرار لوجد هذا المعنى جليا لا يخفى وهذا من حكمة الله ورحمته تعالى بنا فمنهم من وجد منه الزلل والخطأ والذنب مع مقامهم الرفيع عند الله تعالى .
وهذه نقول من كلام بعض أهل العلم تؤكد هذا المعنى,
يقول ابن القيم رحمه الله " وإذا اغتال عدوه أحدهم كما يغتال اللص الرجل الغافل , فهذا لابد منه , لأن العبد قد بلى بالغفلة والشهوة والغضب , ودخوله على العبد من هذه الأبواب الثلاثة , لو
احترز منه العبد ما احترز , فلابد من غفلة ولابد من شهوة , ولابد له من غضب , وقد كان آدم أبو البشر صلى الله عليه وسلم من أحلم الخلق , وأرجحهم عقلا , وأثبتهم , ومع هذا فلم يزل به عدو الله حتى أوقعه فيما أوقعه فيه , فما الظن بفراشة الحلم , ومن عقله في جنب عقل أبيه كتفلة في بحر.ولكن عدو الله لا يخلص إلى المؤمن إلا غيلة على غرة وغفلة , فيوقعه , ويظن ألا يستقيل ربهعز وجل بعدها , وأن تلك الواقعة قد اجتاحته وأهلكته , وفضل الله ورحمته وعفوه ومغفرته من وراء ذلك كله . "
ويقول ابن الجوزى رحمه الله تعالى :-
" المؤمن لا يبالغ في الذنوب وإنما يقوى الهوى وتتوقد نيران الشهوة فينحدر . وله مداد لا يعزم على مواقعته , ولا على العود بعد فراغه , ولا يستقصى في انتقام إن غضب , وينوى التوبة قبل الزلل. "
وعلى هذا فينبغي أن يعتقد المؤمن ذلك حتى إذا قارف ذنباً لا ييأس ولا يفقد ثقته في نفسه ويعالج خطئه من وجهة شرعية ويدع عنه ما يلقيه الشيطان عليه من الوساوس المثبطة له عن السير إلى الله تعالى ولا يركن إلى ما يجده في نفسه من الحزن بسبب الذنب فذاك طبيعي أن يحزن المؤمن لذنبه حزنا لا يقعده عن السير إلى الله تعالى , يقول ابن القيم رحمه الله تعالى :-
في شرح قول صاحب المنازل " وفرحك عند الظفر به " في منزلة التوبة
" والمؤمن لا تتم له لذة بمعصية أبدا , ولا يكمل بها فرحه , بل لا يباشرها إلا والحزن مخالط قلبه ولكن سكر الشهوة يحجبه عن الشعور به . ومتى خلى قلبه من هذا الحزن , واشتدت غبطته ,
وسروره فليتهم إيمانه . "
وهذه اللحظة"وقت الحزن" هي أخطر لحظة تمر على قلب العبد لو استسلم لها أهلكته وأقعدته عن تكملة السير إلى الله تعالى
يقول ابن القيم رحمه الله تعالى :- " اعلم أن الحزن من عوارض الطريق , وليس من مقامات الإيمان ولا من منازل السائرين . ولهذا لم يأمر به الله في موضع قط , ولا أثنى عليه
, ولا رتب عليه جزاء وثوابا , بل نهى عنه سبحانه في غير موضع كقوله تعالى " ولا تحزن عليهم" ..................... ولكن يحمد على الحزن سببه ومصدره ولازمه . فالمؤمن إما أن يحزن على تفريطه وتقصيره في خدمة ربه وعبوديته , وإما أن يحزن على تورطه في مخالفته ومعصيته وضياع أيامه وأوقاته . وهذا يدل على صحة الإيمان في قلبه وعلى حياته ..... وكلما
كان قلبه أشد حياة كان شعوره بهذا الألم أقوى , ولكن الحزن لايجدى عليه , فإنه يضعفه , بل الذي ينفعه أن يستقبل السير , ويجد , ويشمر , ويبذل جهده. وهذا نظير من انقطع عن رفقته في السفر , فجلس في الطريق حزينا كئيبا يشهد انقطاعه وسبق رفقته , فقعوده لا يجدي شيئا . بل إذا عرف الطريق فالأولى له أن ينهض , ويجد في السير , ويحدث نفسه باللحاق بالقوم . وكلما فتر
وحزن حدث نفسه باللحاق برفقته ووعدها أنها إن صبرت أن تلحق بهم , وتزول عنه وحشة الانقطاع . فهكذا السالك إلى منازل الأبرار , وديار المقربين. "
فينبغي التفطن لهذا المعنى والعمل به
وبحسب الجد والتشمير يصل العبد إلى ماكان عليه من المنزلة قبل الذنب
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم , فالله سبحانه وتعالى هو المسئول
المرجو بالإجابة أن يتولانا في الدنيا والآخرة , وأن يسبغ علينا نعمه ظاهرةوباطنة , وأن يجعلنا ممن إذا أنعم الله عليه شكر , وإذا ابتلى صبر , إذا أذنب استغفر , فإن هذه الأمور هي عنوان سعادة العبد , وعلامة فلاحه في دنياه وأخراه , ولا ينفك عبد عنها أبدا , فإن العبد دائما يتقلب بين هذه الأطباقالثلاث .
فكثير منا اليوم ربما لا يتخيل إجتماع الصلاح والذنب في نفس واحدة فحينما يقرأ آيات التوبة والاستغفار يظن أنها تنادى أهل الذنوب والمعاصي فقط ويعتقد إعتقادا جازماً أن أهل الإيمان معصومون من الذنوب لا يقاريفونها والحقيقة أن هذا عكس ما جاء به الكتاب والسنة , فمن تأمل آيات القرآن وجد أن الله تعالى وصف أهل التقوى بأنهم إذا فعلوا المعاصي تابوا إليه على الفور ولم يؤجلوا توبتهم ولم يصروا على الذنب فقال تعالى مادحاً لهم سرعة توبتهم وعدم إصرارهم "والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون" . فهذا نص من القرآن على جواز الذنوب في حق المؤمن ....
وأيضا قوله تعالى" وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ".....
ولا توبة إلا من التقصير والذنوب.
ومن السنة المطهرة ما رواه ابن عباس رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما من عبدٍ مؤمنٍ إلا و له ذنبٌ يعتادُه الفينةَ بعدَ الفينةِ ، أو ذنبٌ هو
مقيمٌ عليه لا يُفارِقُه حتى يُفارِقَ الدنيا ، إنَّ المؤمنَ خُلِقَ مفتَّنًا توابًا نسَّاءً ، إذا ذُكِّرَ ذكَرَ "
وقوله صلى الله عليه وسلم " لولا أنكم تُذْنِبونَ ، لَخلَقَ اللهُ خلقًا يُذْنِبونَ ، فيغْفِرُ لهم "
وأدلة كثيرة للمتأملين والمتدبرين. لم يرد منا الملائكية ولكنه خلق النفس تجرى عليها أمور من النقص والهوى والجهل ما يجعلها تزل وتخطأ فسبحان من كان له الكمال المطلق.
ومن تأمل الصحابة الأبرار لوجد هذا المعنى جليا لا يخفى وهذا من حكمة الله ورحمته تعالى بنا فمنهم من وجد منه الزلل والخطأ والذنب مع مقامهم الرفيع عند الله تعالى .
وهذه نقول من كلام بعض أهل العلم تؤكد هذا المعنى,
يقول ابن القيم رحمه الله " وإذا اغتال عدوه أحدهم كما يغتال اللص الرجل الغافل , فهذا لابد منه , لأن العبد قد بلى بالغفلة والشهوة والغضب , ودخوله على العبد من هذه الأبواب الثلاثة , لو
احترز منه العبد ما احترز , فلابد من غفلة ولابد من شهوة , ولابد له من غضب , وقد كان آدم أبو البشر صلى الله عليه وسلم من أحلم الخلق , وأرجحهم عقلا , وأثبتهم , ومع هذا فلم يزل به عدو الله حتى أوقعه فيما أوقعه فيه , فما الظن بفراشة الحلم , ومن عقله في جنب عقل أبيه كتفلة في بحر.ولكن عدو الله لا يخلص إلى المؤمن إلا غيلة على غرة وغفلة , فيوقعه , ويظن ألا يستقيل ربهعز وجل بعدها , وأن تلك الواقعة قد اجتاحته وأهلكته , وفضل الله ورحمته وعفوه ومغفرته من وراء ذلك كله . "
ويقول ابن الجوزى رحمه الله تعالى :-
" المؤمن لا يبالغ في الذنوب وإنما يقوى الهوى وتتوقد نيران الشهوة فينحدر . وله مداد لا يعزم على مواقعته , ولا على العود بعد فراغه , ولا يستقصى في انتقام إن غضب , وينوى التوبة قبل الزلل. "
وعلى هذا فينبغي أن يعتقد المؤمن ذلك حتى إذا قارف ذنباً لا ييأس ولا يفقد ثقته في نفسه ويعالج خطئه من وجهة شرعية ويدع عنه ما يلقيه الشيطان عليه من الوساوس المثبطة له عن السير إلى الله تعالى ولا يركن إلى ما يجده في نفسه من الحزن بسبب الذنب فذاك طبيعي أن يحزن المؤمن لذنبه حزنا لا يقعده عن السير إلى الله تعالى , يقول ابن القيم رحمه الله تعالى :-
في شرح قول صاحب المنازل " وفرحك عند الظفر به " في منزلة التوبة
" والمؤمن لا تتم له لذة بمعصية أبدا , ولا يكمل بها فرحه , بل لا يباشرها إلا والحزن مخالط قلبه ولكن سكر الشهوة يحجبه عن الشعور به . ومتى خلى قلبه من هذا الحزن , واشتدت غبطته ,
وسروره فليتهم إيمانه . "
وهذه اللحظة"وقت الحزن" هي أخطر لحظة تمر على قلب العبد لو استسلم لها أهلكته وأقعدته عن تكملة السير إلى الله تعالى
يقول ابن القيم رحمه الله تعالى :- " اعلم أن الحزن من عوارض الطريق , وليس من مقامات الإيمان ولا من منازل السائرين . ولهذا لم يأمر به الله في موضع قط , ولا أثنى عليه
, ولا رتب عليه جزاء وثوابا , بل نهى عنه سبحانه في غير موضع كقوله تعالى " ولا تحزن عليهم" ..................... ولكن يحمد على الحزن سببه ومصدره ولازمه . فالمؤمن إما أن يحزن على تفريطه وتقصيره في خدمة ربه وعبوديته , وإما أن يحزن على تورطه في مخالفته ومعصيته وضياع أيامه وأوقاته . وهذا يدل على صحة الإيمان في قلبه وعلى حياته ..... وكلما
كان قلبه أشد حياة كان شعوره بهذا الألم أقوى , ولكن الحزن لايجدى عليه , فإنه يضعفه , بل الذي ينفعه أن يستقبل السير , ويجد , ويشمر , ويبذل جهده. وهذا نظير من انقطع عن رفقته في السفر , فجلس في الطريق حزينا كئيبا يشهد انقطاعه وسبق رفقته , فقعوده لا يجدي شيئا . بل إذا عرف الطريق فالأولى له أن ينهض , ويجد في السير , ويحدث نفسه باللحاق بالقوم . وكلما فتر
وحزن حدث نفسه باللحاق برفقته ووعدها أنها إن صبرت أن تلحق بهم , وتزول عنه وحشة الانقطاع . فهكذا السالك إلى منازل الأبرار , وديار المقربين. "
فينبغي التفطن لهذا المعنى والعمل به
وبحسب الجد والتشمير يصل العبد إلى ماكان عليه من المنزلة قبل الذنب