اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ 27/10/1441هـ

خالد محمد القرعاوي
1441/10/26 - 2020/06/18 00:55AM


اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ 27/10/1441هـ
الحَمْدُ للهِ الَّلطيفِ الخَبِيرِ، نِعَمُهُ سُبحانَهُ وافِيةٌ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ، لا تَخفَى علَيه خَافيةٌ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، راقَبَ اللهَ واتَّقَاهُ، فَطَهَّرَهُ وَنَقَّاهُ، اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّمْ وبارِكْ عليهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ وَالاهُ، والتابعينَ لَهُم بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ. أَمَّا بَعْدُ، عِبَادَ اللهِ: اتَّقُوا اللهَ وَرَاقِبُوهُ , وَاخْشَوا رَبَّكُمْ وَلا تَعْصُوهُ, فَاللهُ تَعَالَى هُوَ اللَّطيفُ الخَبِيرُ أَيُّها المُؤمِنُونَ: تَدَبُّرُوا اِسْماً عَظِيمَا مَنْ أَسْمَاءِ اللهِ الْحُسْنَى، أَثْبَتَهُ اللهُ لِنْفْسِهِ حَيْثُ قَالَ سُبْحَانَهُ: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ). فَاللَّطِيفُ اِسْمٌ للهِ تَعَالى، وَقَدْ اقْتَرَنَ اسْمُ اللَّطِيفِ بِالْخَبِيرِ كَثِيرَاً! فَاللَّطيفُ هو الرَّفِيقُ الذي يُوصِلُ إليكَ حَاجَاتِكَ فِي رِفْقٍ، وَدِقَّةِ عِلْمٍ فِي مَصَالِحِكَ, مَعَ إدْرَاكِهِ سُبْحَانَهُ التَّامُّ بِكُلِّ سَرَائِرِكَ. حَقَّاً: (لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ). وَالْخَبِيرُ: هُوَ الذي أَدْرَكَ بِعلمِهِ السَّرَائِرَ.
عِبَادَ اللهِ: اللهُ تَعَالى لَطِيفٌ بِنَا: فَهُو يَعْصِمُنا مِنَ الشَّرِّ مِنْ حَيْثُ لَا نَعْلَمُ، وَيَسُوقُ لَنَا الرِّزْقَ مِنْ حَيْثُ لَا نَحْتَسِبُ. وَيُقَيِّضُ لَنَا مِنْ أَسْبَابِ الصَّلَاحِ وَالْبِرِّ، وَيَنْقُلُنَا مِنْ حَالِ كَرْبٍ إِلَى فَرَجٍ، بِلُطْفٍ عَجِيبٍ، قَدْ نَجِدُ في ْأَيَّامِنا هذِهِ حَرًّا شَدِيدًا؟ وَمَا يَعَلِمُ بَعْضُنا أنَّهُ قَدْ يَكُونُ لإِنْضَاجِ ثِمَارِنَا، أَوْ لِلْقَضَاءِ عَلَى مَيْكُرُوبَاتٍ وَفَيرُوسَاتٍ فِي بُلْدَانِنَا، وَهَذَا مِنْ لُطْفِ اللهِ وَحِكْمَتِهِ التي قَدْ تَخْفى على بَعضِ أَفْهَامِنَا!
عِبَادَ اللهِ: وَمِنْ لُطْفِ اللهِ بِعِبَادِهِ أَنَّهُ يُخْرِجَهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ، وَمِنَ الْمَعَاصِي إِلَى التَّوْبَةِ والاسْتِغْفَارِ، فَكَمْ عَادَ أُنَاسٌ فِي هذهِ الأزْمَةِ إلى رَبِّهِمْ وَعَرَفُوا ضَعْفَهُم وَشِدَّةَ حَاجَتِهِمْ لِمولاهُمْ حَقَّاً:(وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ). فَمِنْ لُطْفِهِ بِعِبَادِهِ أَنَّهُ جَعَلَ فِيهِمْ يَقَظَةَ الضَّمِيرِ، وَأَنْفُسًا تَلُومُ وَتَنَدَمُ عَلَى فَعْلِ الْمَعَاصِي؛ وَإلَّا لَو: (يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ). رَوَى مُسْلِمٍ فِي صَحِيحِهِ بِسَنَدِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ:» إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي وَإِنِّي لأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ «.
وَفي سُنَنِ ابنِ مَاجَةَ عنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنَ بُسْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَاَل قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ «طُوبَى لِمَنْ وَجَدَ فِي صَحِيفَتِهِ اسْتِغْفَارًا كَثِيرًا«.عِبَادَ اللهِ: وَمِنْ لُطْفِ اللهِ بِنَا في هذهِ الأزْمَةِ العَصِيبَةِ, والجَائِحَةِ التي أَضَرَّتْ بِكَثِيرٍ من الدُّوَلِ, أَنْ أَمَّنَنا اللهُ فِي أَوطَانِنَا, وَوَسَّعَ عَلينا فِي أَرْزَاقِنَا, وَجَمَعَ شَمْلَنَا في أَولادِنَا, فَلِلَّهِ الحَمْدُ والمِنَّةُ فاشْكُروا اللهَ يشْكُرْكُمْ وَيَزِدْكُمْ, واذْكُرُوهُ يَذْكُركُمْ, أَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ، وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ فَاِسْتَغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ؛ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية:
الْحَمْدُ للهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، نَسْأَلُهُ الْعَافِيَةَ فِي الْحَالِ وَالْمَآلِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ تَفَرَّدَ بِالْعَظَمَةِ وَالْجَلاَلِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ كَرِيمُ الْخِصَالِ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ خَيْرِ صَحْبٍ وَآلٍ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ مَا تَعَاقَبَتِ اللَّيَالِ أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ حَقَّ التَّقْوَى، وَرَاقِبُوهُ فِي السِّرِّ وَالنَّجْوَى،
عِبَادَ اللهِ: وَمِنْ لُطْفِ اللهِ بِعِبَادِهِ أَنَّهُ يَجْعَلُ أَرْزَاقَهُمْ بِمَا هُوَ أَصْلَحُ لَهُمْ، لَا بِمَا تَشْتَهِي أَنْفُسُهُمْ، كَمَا قَالَ مَولانا: (وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَٰكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ). وَقَالَ اللهُ تَعَالَى:(اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ). وَفِي حَدِيثٍ صَحَّحَهُ الإمَامُ الألبَانِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ أَجَلَها وَتَسْتَوْعِبَ رِزْقَها، فَاتَّقُوا اللهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلبِ».
وَمِنْ مَظَاهِرِ لُطْفِهِ سُبْحَانَهُ بِنَا: أَنْ سَتَرَ عَلينَا بِمَا نَعْمَلُ وَنَقُولُ في سَرَائِرِنَا, وَبِمَا تُخْفِيهِ ضَمَائِرُنَا! فَاللهُ لَطِيفٌ بِنَا, سِتِّيرٌ عَلينا , كَمَا قَالَ رَسُولُنَا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: (إنَّ اللَّهَ حييٌّ سِتِّيرٌ).
عِبَادَ اللهِ: وَمِنْ لُطْفِ اللهِ بِعِبَادِهِ أَنَّهُ يُقَدِّرُ عَليهِم أَنْواَعَ الْمَصِائِبِ، وَالْمِحَنِ والأَوبِئَةِ والابْتَلاءاتِ, لُطْفَاً بِهِمْ، وَسَوْقَاً لَهُمْ لِلرُّجُوعِ إلى رَبِّ البَرِيَّاتِ. وَحَتَّى لا يَتَعَاظَمَ أَهْلُ الفَسَادِ وَنَاشِرُوا المُنْكَراتِ! فَيَكُونُوا كَمَنْ وَصَفَهُمُ اللهُ بِقَولِهِ: (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَىٰ * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَىٰ). فبَيَّنَ اللهُ لَهُمْ أَنَّ مَرْجِعَهُمْ وَمَرَدَّهُمْ إليهِ سُبْحَانَهُ!



عِبَادَ اللهِ: وَمِنْ لُطْفِ اللهِ بِعَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ أَنْ يُعَافِيَهُ مِنْ أَسْبَابِ الْاِبْتِلاَءِ، الَّتِي قَدْ تُضْعِفُ إِيمَانَهُ، كَمَا أَنَّ مِنْ لُطْفِهِ بِالْمُؤْمِنِ أَنْ يُعِينَهُ على الصَّبْرِ وَالرِّضَى واليَقِينِ, وَأَنْ يَجْعَل نَصْبَ عَينَيهِ قَولَ اللهِ تَعَالى: (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُون). فَسُبْحَانَ اللَّطِيفِ فِي اِبْتِلَائِهِ، وَعَافِيَتِهِ، وَعَطَائِهِ، وَمَنْعِه .يَقُولُ سُولُنَا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: (عَجَبًا لأمرِ المؤمنِ إِنَّ أَمْرَه كُلَّهُ لهُ خَيرٌ وليسَ ذلكَ لأحَدٍ إلَّا للمُؤْمنِ إِنْ أصَابتهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فكانتْ خَيرًا لهُ وإنْ أصَابتهُ ضَرَّاءُ صَبرَ فكانتْ خَيرًا لهُ). رواهُ مُسْلِمٌ. اللَّهُمْ الْطُفِ بِنَا، وتُبْ عَلِيْنَ .اللَّهُمُّ اِحْفَظْ لِبِلادِنَا وَلِسَائِرِ بِلادِ الْمُسْلِمِينَ الْأَمْنَ والأمَانَ. الَّلهُمَّ اِحْمِ بِلَادَنَا وَبِلَادِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الفِتَنِ، وَالمِحَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن، الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ.اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِه. ِ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِين.


المشاهدات 1976 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا