اللهُ أَكْبَرُ : جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ 28 رَبِيْع الأَوَّل 1437هـ
محمد بن مبارك الشرافي
أَيَّهُا الْمُسْلِمُونَ : هَذِهِ الْقِصَّةُ التِي جَاءَتْ فِي صَحِيحَيِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ تُبَيِّنُ لَنَا أَنَّ فِي الْإِسْلَامِ عُقُوبَاتٍ شَدِيدَةٍ لِمَنْ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ , وَلا يَجُوزَ لَنَا أَنْ نَقُولَ : إِنَّ هَذِهِ الْعُقَوبَاتِ فِيهَا قَسْوَةٌ أَوْ كَمَا يَقُولُ الْبَعْضُ : لَيْسَ هَذَا مِنَ الْإِنْسَانِيَّةِ , بَلْ إِنَّ هَذِهِ رَوَادِعُ لِمَنْ فَعَلَ مَا يُوجِبُهَا عِقَابَاً لَهُ وَزَجْرَاً لِغَيْرِهِ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّ مَا حَصَلَ فِي أَوَّلِ هَذَا الْأُسْبُوعِ مِنْ إِقَامَةِ حَدِّ الْقَتْلِ عَلَى سَبْعَةٍ وَأَرْبَعِينَ شَخْصَاً لَهُوَ مِنْ تَنْفِيذِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى جُنَاةٍ مُعْتَدِينَ , وَهُوَ بِحَمْدِ اللهِ حُكْمٌ اسْتَنَدَ إِلَى كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ فِيهِ حِفْظٌ لِلْأُمَّةِ وَبَقَاءٌ لاسْتِقَامَتِهَا وَاسْتِقْرَارِهَا ، وَدِفَاعٌ عَنْ أَمْنِهَا وَأَمْوَالِهَا وَأَعْرَاضِهَا وَعُقُولِهَا. إِنَ فِي تَنْفِيذِ هَذِهِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ رَحْمَةٌ لِلْعِبَادِ وَمَصْلَحَةٌ لَهُمْ وَكَفَّاً لِلشَّرِّ عَنْهُمْ، وَمَنْعَاً لِلْفَوْضَى فِي صُفُوفِهِمْ .
إِنَّ دَوْلَتُنَا السُّعُودِيَّةَ دَوْلَةٌ قَائِمَةٌ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالسُّنَّةِ تُقِيمُ دِينَ اللهِ وَتُنَفِّذُ حُكْمَهُ عَلَى الْمُجْرِمِينَ الذِينَ قَتَلُوا الْأَبْرِيَاءَ وَنَشَرُوا الرُّعْبَ وَأَحَلُّوا مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وخَطَّطُوا لِزَعْزَعَةِ أَمْنِ الْمُوَاطِنِ وَالْمُقِيمِ عَلَى هَذِهِ الْأَرْضِ الْمُبَارَكَةِ .
وَهَذِهِ الْأَحْكَامُ أَحْكَامٌ شَرْعِيَّةٌ اسْتَنَدَتْ إِلَى كِتَابِ اللهِ وُسَنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَلَا لَبْسَ فِيهَا وَلا شُبْهَةَ إِلَّا عِنْدَ مَنْ قَلَّ عِلْمُهُ وَقَلَّتْ بَصِيرَتُهُ ، فَهَذِهِ حُدُودُ اللهِ لا يُمِيَّزُ فَيهَا أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ، بَلِ هِيَ عَلَى الْجَمِيعِ، وَفِيهَا عَدْلٌ وَإِنْصَافٌ وَرَفْعٌ لِلظُّلْمِ وَتَحْقِيقٌ لِلْأَمْنِ، فَهَؤُلاءِ أَقْدَمُوا عَلَى جَرَائِمَ عَظِيمَةٍ ، مِنَ الْقَتْلِ وَصُنْعِ الْمُتَفَجِّرَاتِ وَتَرْوِيجِهَا وَالْحِرْصِ عَلَى زَعْزَعَةِ الْأَمْنِ وَنَشْرِ الذُّعْرِ بَيْنَ أَفْرَادِ الْمُجْتَمَعِ.
وَشَرْعُ اللهِ أَوْجَبَ قِتَالَ الْخَوَارِجِ وَالْبُغَاةِ مِنْ أَجْلِ حِفْظِ الْكَلِمَةِ، وَالْبَقَاءِ عَلَى الْجَمَاعَةِ وَمِنْ أَجْلِ صِيَانَةِ الْأَمْنِ ، قَالَ اللهُ تَعَالَى (جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ)
وَالْإِسْلَامُ بَرِيءٌ مِنْ جَرَائِمِ هَؤُلاءِ وَمِنْ أَفْكَارِهِمُ الْمُنْحَرِفَةِ وَعَقَائِدِهِمُ الْفَاسِدَةِ وَأَفْعَالِهِمُ الْكَاسِدَةِ , لِأَنَّ دِينَنَا يَسْعَى لاسْتِقْرَارِ أَحْوَالِ أَهْلِهِ وَاجْتِمَاعِ كَلِمَتِهِمْ وَحِفْظِ أَمْنِهِمْ ، وَأَمَّا هَؤُلاءِ فَهُمْ ضَالُّونَ وَلَيْسُوا مُصْلِحِينَ بَلْ مُفْسِدُونَ وُمُفَرَّقُونَ.
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: إِنَّ الْقَضَاءَ فِي دَوْلَتِنَا السُّعُودِيَّةِ بِحَمْدِ اللهِ قَضَاءٌ شَرْعِيٌّ لا سُلْطَةَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ ، بَلْ قُضَاتُهُ يَحْكُمُونَ بِكِتَابِ اللهِ وَبُسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَلا سُلْطَةَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِمْ .
وَيَجِبُ أَنْ نَعْلَمَ أَنَّ قَضَايَا الْقَتْلِ تَمُرَّ عَلَى مَا يُقَارِبُ خَمْسَةَ عَشَرَ قَاضِيَاً، كُلُّهُمْ يُوَقِّعُونَ عِلَيْهَا اسْتِكْمَالاً لِلْحَيْثِيَّاتِ وَأَسْبَابِ الدَّعْوَى وَاحْتِيَاطَاً لِلدِّمَاءِ , وَلِذَلِكَ فَيَبْعُدُ الخَطَأُ فِي هَذِهِ القَضَايَا أَوِ الجَوْرِ وَالحَيْف , فَنَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَحْفَظَ دِينَنَا وَأَمْنَنَا , وَأَنْ يَكْفِيَنَا شَرَّ كُلِّ شَرٍّ إِنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ وَالْقَادِرُ عَلَيْهِ , وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .
أَمَّا بعدُ : فَاتَّقُوا اللهَ وَرَاقِبُوهُ وَخَافُوهُ وَارْهَبُوهُ , وَاعْمَلُوا أَنَّهُ يَسُرُّ كَلَّ مُسْلِمٍ يَعْتَزُّ بِكِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَسُنَّةِ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ مَا حَصَلَ مِنْ إِقَامِةِ حُدُودِ اللهِ عَلَى أَفْرَادِ الْفِئَةِ الضَّالَّةِ الْمُنْتَهِجِينَ لِعَقِيدَةِ الْخَواَرجِ مِنْ أَيِّ طَائِفَةٍ كَانُوا , سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مَنْ يَنْتَسِبُ زُوراً إِلَى السُّنَّةِ , وَالسُّنَّةُ مِنْهُمْ بَرَاءٌ , أَوْ مَنْ هُمْ عَلَى دِينِ الرَّوَافِض .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّ السُّنَّةَ النَّبَوِيَّةَ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ إِقَامَةَ حُدُودِ اللهِ فِي أَرْضِهِ صَلَاحٌ لِلأُمَّةِ وَلِدِينِهَا وَلِأَمْنِهَا , وَهُوَ خَيْرٌ مِنَ النَّعِيمِ الدُّنْيَوِيِّ الْمَادِيِّ, فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (حَدٌّ يُعْمَلُ بِهِ فِي الْأَرْضِ، خَيْرٌ لِأَهْلِ الْأَرْضِ مِنْ أَنْ يُمْطَرُوا أَرْبَعِينَ صَبَاحًا) رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ حَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ . فَيَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَحْمَدَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَنَفْرَحَ بِتَطْبِيقِ هَذِهِ الْأَحْكَامِ وَنَقِفُ صَفَّاً وَاحِدَاً مَعَ عُلَمَائِنَا وَحُكَّامِنَا , ثُمَّ نَحْذَرُ مِنَ النَّاعِقِينَ وَالْمُخَذِّلِينَ مِنْ أَيْ نَوْعٍ كَانُوا .
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : إِنَّ تَطْبِيقَ الْقِصَاصِ فِي هَؤُلاءِ الْمُجْرِمِينَ قَدْ أَغَاظَ طَوَائِفَ مِنَ النَّاسِ , فَقَدْ أَغَاظَ الْغَرْبَ الصَّلِيبِيَّ الذِي يَكِيلُ بِمِكْيَالَيْنِ , فَبِالْأَمْسِ يَصِفُونَ الْمَمْلَكَةَ بِأَنَّهَا رَاعِيَةٌ لِلْإِرْهَابِ , وَالْيَوْمَ يَقُولُونَ : لَيْسَ فِي السُّعُودِيَّةِ مُرَاعَاةٌ لِحُقُوقِ الْإِنْسَانِ , وَنَحْنُ نَقُولُ مَا قَالَ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ)
إِنَّ هَذَا الْحُكْمَ الْعَادِلَ وَالتَّنْفِيذَ الْحَازِمَ قَدْ أَقَضَّ مَضَاجِعَ الرَّوَافِضِ الإِيرَانِيِّينَ الذِينَ يُطْلِقُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمُ الْحُكُومَةَ الْإِسْلَامِيَّةَ وَالْإِسْلَامُ بَرِيءٌ مِنْهُمْ , كَمَا أَغَاظَ الذِينَ سَمَّوْا أَنْفُسَهُمْ حِزْبَ اللهِ وَإِنَّمَا هُمْ حِزْبُ الشَّيْطَانِ ,كَمَا فَجَعَ الْحُوثِّيِّينَ الذِينَ سَمَّوْا أَنْفُسَهُمْ أَنْصَارَ اللهِ وَإِنَّمَا هُمْ أَنْصَارُ الشَّيْطَانِ .
وَأَيْضَا فَقَدْ أَغَاظَ هَذَا الْعَمَلُ الْجَرِيءُ مِنْ دَوْلَتِنَا أَيَّدَهَا اللهُ تِلْكَ الْأَحْزَابِ الْخَارِجِيَّةِ التَّكْفِيرِيَّةِ وَيُشَارِكُهُمْ فِي ذَلِكَ أَفْرَادٌ عَاشُوا دَاخِلَ بِلادِنَا وَأَكَلُوا خَيْرَاتِ أَرْضِنَا ثُمَّ عَادُوا عَوْنَاً لِأَعْدَائِنَا عَلَيْنَا , فَيَجِبُ أَنْ نَحْذَرَ جَمِيعَ هَؤُلاءِ وَنَرُدَّ مَا يَبُثُّونَ مِنْ سُمُومٍ بَيْنَ شَبَابِنَا وَفِي مُجْتَمَعِنَا .
زَادَ اللهُ هَذِهِ الْمَمْلَكَةَ الْإِسْلَامِيَّةَ ثَبَاتَاً وَتَمَسُّكَاً بِدِينِ اللهِ الْحَقِّ، وَأَصْلَحَ قَادَتَهَا وَعَلَى رَأْسِهِمْ خَادِمَ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَنُوَابَهُ حَفِظَهُمُ اللهُ وَرَزَقَهُمُ الْبِطَانَةَ الصَّالِحَةَ التِي تَحُثُّهُمْ وَتُشَجِّعُهُمْ عَلَى الْحَقِّ وَالْعَدْلِ وَعَلَى التَّمَسُّكِ بِكِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , اَللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِيننا اَلَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنا , وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانا اَلَّتِي فِيهَا مَعَاشُنا, وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنا اَلَّتِي إِلَيْهَا مَعَادُنا , وَاجْعَلْ اَلْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ, وَاجْعَلْ اَلْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ , اَللَّهُمَّ اِنْفَعْنَا بِمَا عَلَّمْتَنَا , وَعَلِّمْنَا مَا يَنْفَعُنَا, وَارْزُقْنَا عِلْمًا يَنْفَعُنَا ! اللَّهُمَّ إنِّا نعُوذُ بِكَ مِنَ الْبَرَصِ وَالْجُذَامِ وَمِنْ سَيِّئِ الأَسْقَامِ , اللَّهُمَّ إنَّا نعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ وَالْهَرَمِ وَالْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ , اللَّهُمَّ ارْفَعْ عنَّا الغَلَا والوَبَا وجَنِّبْنَا الرِّبَا والزِّنَا والزَّلَازِلَ والفِتَنَ مَا ظَهَرَ مِنْها وَمَا بَطَن , اللَّهُمَّ صَلِّ وسَلِّمْ عَلَى عبدِكَ وَرَسولِكَ محمدٍ وعلى آلهِ وصحبِهِ أَجْمَعينَ والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ .
المرفقات
الله أكبر جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ 28 ربيع الأول 1437هـ ‫‬.doc
الله أكبر جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ 28 ربيع الأول 1437هـ ‫‬.doc
المشاهدات 3319 | التعليقات 5
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
"إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ"
وَاعْمَلُوا أَنَّهُ يَسُرُّ كَلَّ مُسْلِمٍ
وعلموا أَنَّهُ يَسُرُّ كَلَّ مُسْلِمٍ
جزاكم الله خير ونفع بكم :)
جزاك الله خير ونفع الله بما كتبت
جزيت خير الجزاء يا شيخ محمد فقد أجدت وأفدت..,,
أبو اليسر
خطبة في الوقت المناسب ،،
تعديل التعليق