اللهُ أَعْلَمُ غَدَاً رَمَضَانُ 29/8/1438ه
خالد محمد القرعاوي
1438/08/29 - 2017/05/25 11:47AM
الحمدُ للهِ ذي الجُودِ والإحسانِ،أنعمَ علينا بِالصِّيامَ،لنيلِ الرِّضِا والرِّضوانِ،نشهدُ ألاَّ إله إلَّا الله وحده لا شريك له المَلِكُ الدَّيَّانُ،ونشهدُ أنَّ محمَّدًا عبدُ اللهِ ورَسُولُه،خَيرُ مَنْ تَعبَّدَ للهِ وَصَامَ, صلَّى الله وسَلَّمَ وبارَكَ عليه وعلى آلِهِ الطَّيِّبِنَ وَصَحْبَهِ الكِرامِ،أمَّا بعدُ:فيامُسلِمُونَ:بِالتَّقوى تَشرُفُ النَّفسُ،ويَثقُلُ المِيزانُ،وَيحصُلُ القُربُ مِن الرَّحمَنِ:فاتَّقُواْ ٱللَّهَ يٰأُوْلِى ٱلأَلْبَـٰبِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. يَامُؤمِنُونَ:غَدَاً والعِلْمُ عِنْدَ رَمَضَانُ,فَمَا أَسْعَدَنا بِقُدومِ الشَّهرِ الفَضِيلِ فَقَدْ هَبَّت رِيَاحُ الإيمانِ, وَأَشرَقَتْ نُفُوسُنا.نَحنُ واللهِ أَحوَجُ مَا نَكونُ إلى شَهْرِ الصِّيامِ والقِيامِ،شَهرِ التَّرتيلِ والقُرَآنِ,شَهرِ الرَّكُوعِ والسُّجُودِ،شَهرِ البُعدِ عن النَّزَعَاتِ والمَلَذَّاتِ،إنَّهُ واللهِ شَهرُ تَحقِيقِ التَّقوى لِلمَلِكِ العلاَّم القَائِلِ : (يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) . وفي الحديث عن أبي هريرةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ قَال:«إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ،فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ,وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ،وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ».مَا أَحوَجَنَا أنْ يَهَبَنا اللهُ من واسِعِ رَحمَتِهِ. عبادَ اللهِ:نَحنُ واقِفُونَ على أَبوابِ رَمَضَانَ،وكُلُّنا أَمَلٌ في عَفوِ الرَّحيمِ الرَّحمَنِ.وَقَفْنا وقد أَثقَلَتْنا ذُنُوبُنا وَغَلَبت عَلينا شِقْوتُنا،فَيَا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ لا تَجعلنا عن بَابِكَ مَطرُودِينَ،ولا مِن فَضلِكَ مَحرُومِينَ,آمنَّا بقَولِكَ : (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).وبِقَولِكَ في الحَدِيثِ القُدسِيِّ:«يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلاَ أُبَالِي،يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلاَ أُبَالِي،يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لاَ تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً».اللهُ أكْبَرُ فَأبْشِرُوا يَامُؤمِنُونَ:واستَفتِحُوا شَهرَكُم بِتَوبَةٍ صَادِقَةٍ نَصُوحٍ.فَمَنْ مِنَّا مَنْ لا يَعرِفُ فَضْلَ الشَّهرِ وَقَدْرَه؟ أَليس هُو سيِّدُ الشُّهورِ وخَيرُها؟ بلى والله ألم يَقُلِ اللهُ عنهُ: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ).وفِي الصَّحِيحَينِ عن النَّبِيِّأنَّهُ قَالَ:مَن صَامَ رمَضانَ إيمانًا واحتسابًا غُفِر لَهُ ما تَقدَّم مِن ذَنَّبِهِ،ومَنْ قَامَ رَمَضَانَ إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنَّبِهِ،وَمَن قَامَ لَيلةَ القَدْرِ إيمانًا واحتسابًا غُفِر لَهُ ما تَقدَّمَ مِن ذَنَّبِهِ.
شَهرٌ افتَرضَ اللهُ على عِبادِهِ صِيامـَهُ وجَعَلَهُ أَحَدَ أَرْكَانِ الإسلامِ!أمَّا ثَوابُ الصَّائِمِينَ فَذاكَ مَرَدُّهُ إلى أَكرَمِ الأَكرَمِينَ،ففي الصَّحيح أنَّ النَّبيَّقَالَ:«كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلاَّ الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِى بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِى لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ.وَلَخُلُوفُ فِيهِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ».حَقَّاً رَغِمَ أَنفُ مَن أَدرَكَهُ رَمَضَانُ فَلم يُغفَرْ لَهُ؛فِي الحَدِيثِ أنَّ جِبْرِيلَ عليهِ السَّلامُ أَتَى النَّبِيَّ،فقَالَ:يَا مُحَمَّدُ،مَنْ أَدْرَكَ رَمَضَانَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ،فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ،قُلْتُ:آمِينَ».شَهْرُنا يَاكِرَامُ :شَهْرُ القِيامِ والتَّرَاويحِ,فاعمُروهُ كُلَّهُ بالصَّلاةِ والدُّعاءِ وقِراءَةِ القُرآنِ,فقد جَعَلَ رَسُولُ اللهِمَغفِرَةَ الذُّنوبِ لِمَن قَامَهُ كُلَّهُ لا بعَضَهُ!فلا تُفرِّط ابْتِدَاءً مِنْ الليلَةِ إنْ أُعْلِنَ غَدَاً رَمَضَانُ!رَمَضَانُ يا مؤمنونَ:شهرُ القرآنِ فقد كان جِبريلُ عليه السَّلامُ يَلقى النَّبيَّ فيهِ كُلَّ لَيلَةٍ فَيُدَارِسُه القُرآنَ،فَرَطِّبوا ألسِنَتكم بِتِلاوتِهِ،وَزَكُّوا نُفُوسَكم بِتَدبُّرِهِ,أيُّها المُسلِمونَ:الجُودُ والإنفاقُ مُرتَبِط بِرَمَضَانَ،فقد كان نَبِيُّناأَجْوَدَ النَّاسِ،وكانَ أجودَ ما يَكُونُ في رمضانَ.فأطعِموا الطَّعامَ,وجُودوا على الفُقراءِ, وأغنُوهم عن المَسألَةِ,وفَطِّروا الصَّائِمينَ,وكونوا مِن المُنفِقينَ,وَلا تَسْمَعُوا لِقَولِ المُشَكِّكِينَ فِي كُلِّ عَمَلٍ خَيْريٍّ فَبَعْضُهُمْ والعِيَاذُ بِاللهِ يَنْطَبِقُ عليهِمْ أنَّهُمْ : (يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ).فَمَنْ لِفُقَراءِ المُسلِمينَ وَأَيتَامِهِم وَأَرَامِلِهِم بَعْدَ اللهِ إلاَّ أَنْتُم!مَنْ لِشُعُوبٍ قهَرَتها الخُطوبُ وأوهَنَتها الحُرُوبُ،بعدَ الله إلاَّ أنتم فَيَأهلَ الكَرَمِ والجُودِ,جُودُوا على إخوانِكم: (وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ). فَهَا هِيَ الجَمْعِيَّاتُ الخَيرِيَّةُ,والِّلجِانُ المَوثُوقَةُ بَينَكُمْ,فَلا تَبْخَلُوا على أنْفُسِكُمْ.فمن جَادَ على عِبادِ اللهِ جَادَ اللهُ عليهِ,وَأَخْلَفَ لَهُ خيرا.عِبادَ اللهِ:لا يَجُوزُ لَنا أنْ َنَتَقَدَّمَ رَمَضَانَ بِصِيامٍ.لِقَولِ نَبِيِّنا :«لاَ تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلاَ يَوْمَيْنِ إِلاَّ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ». عِبادَ اللهِ: وَمِنْ بَابِ جَمْعِ الكَلِمَةِ,وَطَرْدِ الوَسَاوِسِ والشُّكُوكِ فَقَدْ قَالَ عَمَّارٌ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:«مَنْ صَامَ الْيَوْمَ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى الله عَلَيْه وَسَلَّمَ».وَيَومُ الشَّكِّ هُوَ الثَّلاثِينُ مِنْ شَهْرِ شَعبَانَ.وَيَومُ الشَّكِّ لِعَامِنَا هَذَا هُوَ غَدَاً السَّبْتْ,فَإنْ لَمْ يُرَ هِلالُ رَمَضَانَ الليلةَ فَلا يَجُوزُ أنْ نَصُومَ غَدَاً.وَيَدْخلُ الشَّهرُ إمَّا بِرؤيةِ هِلالِ رَمَضَانَ أَو بِإكْمَالِ شَعْبَانَ ثَلاثِينَ يَوماً،ولا عِبْرَةَ بِالحِسَابِ الفَلَكِيِّ المُجَرَّدِ كَمَا قَرَّرَهُ أَهْلُ العِلْمِ لِقَولِ نَبِيَّنا :«صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ،فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاَثِينَ».إخْوَانِي:وَمَع وُضُوحِ تَوجِيهِ النَّبِيِّ حَيَالَ ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ مَعَ بِدَايَةِ كُلِّ رَمَضَانَ يَحْلُو لِبَعْضِ النَّاسِ التَّشْكِيكُ بِلا عِلْمٍ،يُصَوِّبُ وَيُخَطِّئُ وَهُوَ يَجْهَلُ أَبْسَطَ مَبَادِئِ الإثْبَاتِ!اللهم أَعنَّا جَمِيعَاً على صيامِ رمضانَ وقيامِه إيمَانَا واحتِسَابَا,أقولُ ما سَمِعتم واستغفرُ الله لي ولكم وللمسلمينَ فاستغفروه إنه هو الغفورُ الرَّحيمُ.
الخطبة الثانية:الحمدُ لله دائمِ الفَضلِ والإحسَانِ،أنعمَ علينا بِشهرِ الصِّيامِ،وجعلَهُ أحدَ أَركَانِ الإسلامِ،نشهدُ ألَّا إله إلَّا اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ الْمَلِكُ العَلاَّمُ,وَنَشهدُ أنَّ مُحمَّدا عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ نَبِيُّ اليُسْرِ والسَّلامِ,صلَّى اللهُ وسلَّمَ وبَارَكَ عليهِ وَعلى آلِهِ صَحْبِهِ الكِرامِ,وَمَنْ تَبِعَهم بِإحسَانٍ وإيمانٍ,أَمَّا بَعدُ:فَأوصِيكُم وَنَفْسي بِتقوى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ,كيفَ لا نَتَوَاصَى بالتَّقوى وما شُرِعَ الصِّيامُ إلاَّ لِتَحقِيقِهِ,أَلم يَقُلِ اللهُ تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).أيُّها الأَخُ الكريمُ:لمَّا كانَ الصَّيامُ أَحَدَ أَركَانِ الإسلامِ،كانَ لِزاماً على كُلِّ مُسلِمٍ أنْ يَتَعَلَّمَ مَا يَحتَاجُهُ مِن أَحكَامٍ وحِكَمٍ حتى يَعبُدَ اللهَ على عِلمٍ وَبَصِيرةٍ. وإليكم جُملَةً مِنْ أَحكَامِ الصِّيامِ التي لا غِنى لِلمُسلِمِ عَنها،فلو سُئلتَ عن معنى الصِّيامِ فَقُل:هو التَّعبُّدُ للهِ بِالامتِنَاعِ عن جَمِيعِ المُفَطِّراتِ مِن طُلوعِ الفَجرِ إلى غُرُوبِ الشَّمسِ.وَمِن الأَحكَامِ:أَنَّ مَنْ تَنَاوَلَ شَيئاً من المُفَطِّراتِ عَالِمَا عَامِداً ذَاكراً لِصومِهِ بَطَلَ صَومُهُ،أَمَّا النَّاسِيَ فَلا شَيءَ عليه، وصِيامُهُ صَحِيحٌ لِقَولِه :«مَنْ أَكَلَ نَاسِيًا وَهْوَ صَائِمٌ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاه». وَمَنْ رَأَى مَنْ يَأْكُلُ أو يَشرَبُ في نَهَارِ رَمَضَانَ وَجَبَ أنْ يُنَبـِّهَهُ قِياماً بِواجبِ النَّصِيحَةِ. واعلموا:أَنَّه يَجبُ الصِّيامُ على مَن تَوَفَّرت فيهِ شُرُوطٌ سِتَّةٌ،أَوَّلُها:أنْ يَكونَ مُسلِماً،فَلا تُقبَلُ عِبادَةٌ مِن كَافِرِ.ثَانِيهَا العَقلُ,فلا تُقبلُ من مَجنونٍ لِقوله :« رُفِعَ القَلَمُ عن ثَلاثَةٍ:ومِنهم عن المَجنُونِ المَغلُوبِ على عَقلِهِ حَتى يُفِيقَ».ثَالِثُ الشُّروطِ هو البُلوغُ،فلا يَجِبُ الصِّيامُ على الصَّغِيرِ حتى يَبلُغَ،أَمَّا الشَّرطُ الرَّابِعُ: فَهو القُدرَةُ على الصِّيامِ لأنَّ اللهَ تَعالى لا يُكلِّفُ نَفْساً إلاَّ وُسعَهَا. الخَامِسُ:الإقِامَةُ فَالمُسافِرُ لا يَجب عليهِ الصِّيامُ وَعَلَيهِ القَضَاءُ،وإنْ صَامَ حَالَ سَفَرِهِ أَجزَأَهُ ولا شَيءَ عليه.السَّادِسُ يَختَصُّ بالنِّساءِ وهو عَدَمُ الحَيضِ أو النِّفَاسِ،فَيحرُمُ عَليهما الصِّيامُ حالَهما وَيجِبُ عَلَيهِنَّ القَضَاءُ.عبادَ اللهِ:مَتى اجتمعت هذهِ الشُّرُوطُ وَجَبَ الصَّومُ،قَالَ سُبحانَهُ : (يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّامًا مَّعْدُودٰتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) .عبادَ اللهِ:لَعلَّنا فِي إقْبَالِ رَمَضَانَ أنْ نُجاهِدَ أَنفُسَنا ونُحَقِّقَ تَقوى اللهِ تَعالى بِالتَّغَلُّبِ على أَنفُسِنا بِالإكثَارِ مِن الطَّاعاتِ, وَالبُعْدِ عن أَنوَاعِ المُنكرَاتِ فإنَّ نَبِيَّنا قالَ:«مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ».وَهُناكَ سُرَّاقٌ لِرمَضَانَ،يَصُدُّونَ الخَلْقَ ويُضِلُّونَهم عن سَبِيلِ رَشَادِهم وهِدَايَتِهم،لم نَزَلْ نَرَاهُم عَبرَ الشَّاشَاتِ،والقَنَواتِ الهَابِطَةِ,فَيَا أَيُّها الكِرامُ:قَاطِعُوهُم قَطَعَهمُ اللهُ, واهجُروهم أَخْزَاهُمُ اللهُ,ومَلأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ وأَجْوَافَهُمْ ومَحَلاَّتِهم نَارًا كَمَا شَغَلُونَا عَنْ دِينِنا وأَفسَدُو أَبنَائَنا وبَنَاتِنا.وَسُبْحَانَ اللهِ : (وَٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوٰتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً). أيُّها المُعَلِّمونَ والمُعَلِّماتُ والطُّلاَّبُ والطَّالِباتُ:استَغِلُّوا رَمَضَانَكُمْ هَذا فَهُوَ فُرْصَةٌ قَدْ لا تَكَرَّرُ!فَكُلُّهُ إجَازَةٌ لَكُمْ!فَهُوَ غَنِيمَةٌ بَارِدَةٌ,فَاعْمُرُوهُ بالطَّاعَاتِ.أيُّها الأَخُ المُدَخِّنُ أَشْعِلْ عَزِيمَتَكَ وارمِي عُلْبَةَ دُخَانِكَ!فَهِيَ واللهِ فُرصَتُكَ بِأَنْ تَتَخَلَّصَ مِنْ أذَىً كَانَ على نَفْسِكَ وَمَالِكَ وَأولادِكَ!أعَانَكَ اللهُ وَقَوَّاكَ وَسَدَّدَكَ.يامُؤمِنُونَ:لا تُشْغِلَنَّكُمُ الأَجْهِزَةُ الكَفِّيَّةُ!فَقَدْ تَجُرَّكُمْ إلى المَهَالِكِ مِنْ حَيثُ لا تَشْعُرُونَ.فاعتَصِمُوا بِاللهِ وَأحْسِنوا التَّعَامُلَ مَعَهَا,فلا عَاصِمَ اليَومَ مِنْ أمْرِ اللهِ إلاَّ مَنْ رَحِمَ.فاللهمَّ أَعِنَّا على صِيامِ رَمَضَانَ وَقِيامِهِ إيمَانَا وَاحتِسَابَاً.اللهمَّ وَفْقْنَا لإدراكهِ وَنحنُ فِي صِحَّةٍ وَسَلامَةٍ وَأَمْنٍ وَأَمَانٍ.اللهمَّ أَعِنَّا غِيهِ على ذِكْرِكَ وَشُكرِكَ وَحُسنِ عِبادَتِكَ.وَاجعَلْ مُستَقْبَلنَا فِيهِ خَيرًا مِن مَاضِينَا وَتَوَفَّنَا وَأَنْتَ رَاضٍ عَنَّا غَيرَ غَضْبَانٍ.اللهم أعزَّ الإسلامَ والمسلمين وأذِلَّ الشِّرك والمشركينَ،ودمِّر أعداءَك أعداءَ الدِّينِ.اللهم وفِّق ولاةَ أمورنا لِمَا تُحبُّ وترضى وأعنهم على البرِّ والتقوى.اللهم أَعِنْ إخوَانَنَا في سُوريا وفي كُلِّ مَكَانٍ,ولا تُعِنْ عَلَيهم،وانصرهم على من بَغَى عَلَيهم.اللهم انصُرْ جُنُودَنا واحفظ حُدُودَنا والمُسلِمِينَ أجمَعينَ.اللَّهُمَّ اهْزِمِ طواغيتَ العصرِ وجُنْدَهم،اللَّهُمَّ اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ ياربَّ العالمين.اغفر لنا ولِوالِدينا والمُسلمينَ أجمعينَ.رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. وَلَذِكرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعلمُ مَا تَصْنَعونُ.
شَهرٌ افتَرضَ اللهُ على عِبادِهِ صِيامـَهُ وجَعَلَهُ أَحَدَ أَرْكَانِ الإسلامِ!أمَّا ثَوابُ الصَّائِمِينَ فَذاكَ مَرَدُّهُ إلى أَكرَمِ الأَكرَمِينَ،ففي الصَّحيح أنَّ النَّبيَّقَالَ:«كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلاَّ الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِى بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِى لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ.وَلَخُلُوفُ فِيهِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ».حَقَّاً رَغِمَ أَنفُ مَن أَدرَكَهُ رَمَضَانُ فَلم يُغفَرْ لَهُ؛فِي الحَدِيثِ أنَّ جِبْرِيلَ عليهِ السَّلامُ أَتَى النَّبِيَّ،فقَالَ:يَا مُحَمَّدُ،مَنْ أَدْرَكَ رَمَضَانَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ،فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ،قُلْتُ:آمِينَ».شَهْرُنا يَاكِرَامُ :شَهْرُ القِيامِ والتَّرَاويحِ,فاعمُروهُ كُلَّهُ بالصَّلاةِ والدُّعاءِ وقِراءَةِ القُرآنِ,فقد جَعَلَ رَسُولُ اللهِمَغفِرَةَ الذُّنوبِ لِمَن قَامَهُ كُلَّهُ لا بعَضَهُ!فلا تُفرِّط ابْتِدَاءً مِنْ الليلَةِ إنْ أُعْلِنَ غَدَاً رَمَضَانُ!رَمَضَانُ يا مؤمنونَ:شهرُ القرآنِ فقد كان جِبريلُ عليه السَّلامُ يَلقى النَّبيَّ فيهِ كُلَّ لَيلَةٍ فَيُدَارِسُه القُرآنَ،فَرَطِّبوا ألسِنَتكم بِتِلاوتِهِ،وَزَكُّوا نُفُوسَكم بِتَدبُّرِهِ,أيُّها المُسلِمونَ:الجُودُ والإنفاقُ مُرتَبِط بِرَمَضَانَ،فقد كان نَبِيُّناأَجْوَدَ النَّاسِ،وكانَ أجودَ ما يَكُونُ في رمضانَ.فأطعِموا الطَّعامَ,وجُودوا على الفُقراءِ, وأغنُوهم عن المَسألَةِ,وفَطِّروا الصَّائِمينَ,وكونوا مِن المُنفِقينَ,وَلا تَسْمَعُوا لِقَولِ المُشَكِّكِينَ فِي كُلِّ عَمَلٍ خَيْريٍّ فَبَعْضُهُمْ والعِيَاذُ بِاللهِ يَنْطَبِقُ عليهِمْ أنَّهُمْ : (يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ).فَمَنْ لِفُقَراءِ المُسلِمينَ وَأَيتَامِهِم وَأَرَامِلِهِم بَعْدَ اللهِ إلاَّ أَنْتُم!مَنْ لِشُعُوبٍ قهَرَتها الخُطوبُ وأوهَنَتها الحُرُوبُ،بعدَ الله إلاَّ أنتم فَيَأهلَ الكَرَمِ والجُودِ,جُودُوا على إخوانِكم: (وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ). فَهَا هِيَ الجَمْعِيَّاتُ الخَيرِيَّةُ,والِّلجِانُ المَوثُوقَةُ بَينَكُمْ,فَلا تَبْخَلُوا على أنْفُسِكُمْ.فمن جَادَ على عِبادِ اللهِ جَادَ اللهُ عليهِ,وَأَخْلَفَ لَهُ خيرا.عِبادَ اللهِ:لا يَجُوزُ لَنا أنْ َنَتَقَدَّمَ رَمَضَانَ بِصِيامٍ.لِقَولِ نَبِيِّنا :«لاَ تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلاَ يَوْمَيْنِ إِلاَّ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ». عِبادَ اللهِ: وَمِنْ بَابِ جَمْعِ الكَلِمَةِ,وَطَرْدِ الوَسَاوِسِ والشُّكُوكِ فَقَدْ قَالَ عَمَّارٌ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:«مَنْ صَامَ الْيَوْمَ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى الله عَلَيْه وَسَلَّمَ».وَيَومُ الشَّكِّ هُوَ الثَّلاثِينُ مِنْ شَهْرِ شَعبَانَ.وَيَومُ الشَّكِّ لِعَامِنَا هَذَا هُوَ غَدَاً السَّبْتْ,فَإنْ لَمْ يُرَ هِلالُ رَمَضَانَ الليلةَ فَلا يَجُوزُ أنْ نَصُومَ غَدَاً.وَيَدْخلُ الشَّهرُ إمَّا بِرؤيةِ هِلالِ رَمَضَانَ أَو بِإكْمَالِ شَعْبَانَ ثَلاثِينَ يَوماً،ولا عِبْرَةَ بِالحِسَابِ الفَلَكِيِّ المُجَرَّدِ كَمَا قَرَّرَهُ أَهْلُ العِلْمِ لِقَولِ نَبِيَّنا :«صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ،فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاَثِينَ».إخْوَانِي:وَمَع وُضُوحِ تَوجِيهِ النَّبِيِّ حَيَالَ ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ مَعَ بِدَايَةِ كُلِّ رَمَضَانَ يَحْلُو لِبَعْضِ النَّاسِ التَّشْكِيكُ بِلا عِلْمٍ،يُصَوِّبُ وَيُخَطِّئُ وَهُوَ يَجْهَلُ أَبْسَطَ مَبَادِئِ الإثْبَاتِ!اللهم أَعنَّا جَمِيعَاً على صيامِ رمضانَ وقيامِه إيمَانَا واحتِسَابَا,أقولُ ما سَمِعتم واستغفرُ الله لي ولكم وللمسلمينَ فاستغفروه إنه هو الغفورُ الرَّحيمُ.
الخطبة الثانية:الحمدُ لله دائمِ الفَضلِ والإحسَانِ،أنعمَ علينا بِشهرِ الصِّيامِ،وجعلَهُ أحدَ أَركَانِ الإسلامِ،نشهدُ ألَّا إله إلَّا اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ الْمَلِكُ العَلاَّمُ,وَنَشهدُ أنَّ مُحمَّدا عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ نَبِيُّ اليُسْرِ والسَّلامِ,صلَّى اللهُ وسلَّمَ وبَارَكَ عليهِ وَعلى آلِهِ صَحْبِهِ الكِرامِ,وَمَنْ تَبِعَهم بِإحسَانٍ وإيمانٍ,أَمَّا بَعدُ:فَأوصِيكُم وَنَفْسي بِتقوى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ,كيفَ لا نَتَوَاصَى بالتَّقوى وما شُرِعَ الصِّيامُ إلاَّ لِتَحقِيقِهِ,أَلم يَقُلِ اللهُ تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).أيُّها الأَخُ الكريمُ:لمَّا كانَ الصَّيامُ أَحَدَ أَركَانِ الإسلامِ،كانَ لِزاماً على كُلِّ مُسلِمٍ أنْ يَتَعَلَّمَ مَا يَحتَاجُهُ مِن أَحكَامٍ وحِكَمٍ حتى يَعبُدَ اللهَ على عِلمٍ وَبَصِيرةٍ. وإليكم جُملَةً مِنْ أَحكَامِ الصِّيامِ التي لا غِنى لِلمُسلِمِ عَنها،فلو سُئلتَ عن معنى الصِّيامِ فَقُل:هو التَّعبُّدُ للهِ بِالامتِنَاعِ عن جَمِيعِ المُفَطِّراتِ مِن طُلوعِ الفَجرِ إلى غُرُوبِ الشَّمسِ.وَمِن الأَحكَامِ:أَنَّ مَنْ تَنَاوَلَ شَيئاً من المُفَطِّراتِ عَالِمَا عَامِداً ذَاكراً لِصومِهِ بَطَلَ صَومُهُ،أَمَّا النَّاسِيَ فَلا شَيءَ عليه، وصِيامُهُ صَحِيحٌ لِقَولِه :«مَنْ أَكَلَ نَاسِيًا وَهْوَ صَائِمٌ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاه». وَمَنْ رَأَى مَنْ يَأْكُلُ أو يَشرَبُ في نَهَارِ رَمَضَانَ وَجَبَ أنْ يُنَبـِّهَهُ قِياماً بِواجبِ النَّصِيحَةِ. واعلموا:أَنَّه يَجبُ الصِّيامُ على مَن تَوَفَّرت فيهِ شُرُوطٌ سِتَّةٌ،أَوَّلُها:أنْ يَكونَ مُسلِماً،فَلا تُقبَلُ عِبادَةٌ مِن كَافِرِ.ثَانِيهَا العَقلُ,فلا تُقبلُ من مَجنونٍ لِقوله :« رُفِعَ القَلَمُ عن ثَلاثَةٍ:ومِنهم عن المَجنُونِ المَغلُوبِ على عَقلِهِ حَتى يُفِيقَ».ثَالِثُ الشُّروطِ هو البُلوغُ،فلا يَجِبُ الصِّيامُ على الصَّغِيرِ حتى يَبلُغَ،أَمَّا الشَّرطُ الرَّابِعُ: فَهو القُدرَةُ على الصِّيامِ لأنَّ اللهَ تَعالى لا يُكلِّفُ نَفْساً إلاَّ وُسعَهَا. الخَامِسُ:الإقِامَةُ فَالمُسافِرُ لا يَجب عليهِ الصِّيامُ وَعَلَيهِ القَضَاءُ،وإنْ صَامَ حَالَ سَفَرِهِ أَجزَأَهُ ولا شَيءَ عليه.السَّادِسُ يَختَصُّ بالنِّساءِ وهو عَدَمُ الحَيضِ أو النِّفَاسِ،فَيحرُمُ عَليهما الصِّيامُ حالَهما وَيجِبُ عَلَيهِنَّ القَضَاءُ.عبادَ اللهِ:مَتى اجتمعت هذهِ الشُّرُوطُ وَجَبَ الصَّومُ،قَالَ سُبحانَهُ : (يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّامًا مَّعْدُودٰتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) .عبادَ اللهِ:لَعلَّنا فِي إقْبَالِ رَمَضَانَ أنْ نُجاهِدَ أَنفُسَنا ونُحَقِّقَ تَقوى اللهِ تَعالى بِالتَّغَلُّبِ على أَنفُسِنا بِالإكثَارِ مِن الطَّاعاتِ, وَالبُعْدِ عن أَنوَاعِ المُنكرَاتِ فإنَّ نَبِيَّنا قالَ:«مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ».وَهُناكَ سُرَّاقٌ لِرمَضَانَ،يَصُدُّونَ الخَلْقَ ويُضِلُّونَهم عن سَبِيلِ رَشَادِهم وهِدَايَتِهم،لم نَزَلْ نَرَاهُم عَبرَ الشَّاشَاتِ،والقَنَواتِ الهَابِطَةِ,فَيَا أَيُّها الكِرامُ:قَاطِعُوهُم قَطَعَهمُ اللهُ, واهجُروهم أَخْزَاهُمُ اللهُ,ومَلأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ وأَجْوَافَهُمْ ومَحَلاَّتِهم نَارًا كَمَا شَغَلُونَا عَنْ دِينِنا وأَفسَدُو أَبنَائَنا وبَنَاتِنا.وَسُبْحَانَ اللهِ : (وَٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوٰتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً). أيُّها المُعَلِّمونَ والمُعَلِّماتُ والطُّلاَّبُ والطَّالِباتُ:استَغِلُّوا رَمَضَانَكُمْ هَذا فَهُوَ فُرْصَةٌ قَدْ لا تَكَرَّرُ!فَكُلُّهُ إجَازَةٌ لَكُمْ!فَهُوَ غَنِيمَةٌ بَارِدَةٌ,فَاعْمُرُوهُ بالطَّاعَاتِ.أيُّها الأَخُ المُدَخِّنُ أَشْعِلْ عَزِيمَتَكَ وارمِي عُلْبَةَ دُخَانِكَ!فَهِيَ واللهِ فُرصَتُكَ بِأَنْ تَتَخَلَّصَ مِنْ أذَىً كَانَ على نَفْسِكَ وَمَالِكَ وَأولادِكَ!أعَانَكَ اللهُ وَقَوَّاكَ وَسَدَّدَكَ.يامُؤمِنُونَ:لا تُشْغِلَنَّكُمُ الأَجْهِزَةُ الكَفِّيَّةُ!فَقَدْ تَجُرَّكُمْ إلى المَهَالِكِ مِنْ حَيثُ لا تَشْعُرُونَ.فاعتَصِمُوا بِاللهِ وَأحْسِنوا التَّعَامُلَ مَعَهَا,فلا عَاصِمَ اليَومَ مِنْ أمْرِ اللهِ إلاَّ مَنْ رَحِمَ.فاللهمَّ أَعِنَّا على صِيامِ رَمَضَانَ وَقِيامِهِ إيمَانَا وَاحتِسَابَاً.اللهمَّ وَفْقْنَا لإدراكهِ وَنحنُ فِي صِحَّةٍ وَسَلامَةٍ وَأَمْنٍ وَأَمَانٍ.اللهمَّ أَعِنَّا غِيهِ على ذِكْرِكَ وَشُكرِكَ وَحُسنِ عِبادَتِكَ.وَاجعَلْ مُستَقْبَلنَا فِيهِ خَيرًا مِن مَاضِينَا وَتَوَفَّنَا وَأَنْتَ رَاضٍ عَنَّا غَيرَ غَضْبَانٍ.اللهم أعزَّ الإسلامَ والمسلمين وأذِلَّ الشِّرك والمشركينَ،ودمِّر أعداءَك أعداءَ الدِّينِ.اللهم وفِّق ولاةَ أمورنا لِمَا تُحبُّ وترضى وأعنهم على البرِّ والتقوى.اللهم أَعِنْ إخوَانَنَا في سُوريا وفي كُلِّ مَكَانٍ,ولا تُعِنْ عَلَيهم،وانصرهم على من بَغَى عَلَيهم.اللهم انصُرْ جُنُودَنا واحفظ حُدُودَنا والمُسلِمِينَ أجمَعينَ.اللَّهُمَّ اهْزِمِ طواغيتَ العصرِ وجُنْدَهم،اللَّهُمَّ اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ ياربَّ العالمين.اغفر لنا ولِوالِدينا والمُسلمينَ أجمعينَ.رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. وَلَذِكرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعلمُ مَا تَصْنَعونُ.
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق