اللهم احفظ عوراتنا

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
إخوة الإيمان والعقيدة ... دعا الإسلام إلى الفضيلة والعفاف وستر العورات، وحثَّ على التزين باللباس الساتر حماية للأخلاق وحفظاً للأعراض وصيانة للمجتمع من الانحلال والفساد، وتكريماً للإنسان وصوناً له.
قال الله تعالى ( يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ )
دلت على أن اللباس خصيصة خص الله بها بني آدم دون غيرهم من سائر المخلوقات، فقد أنعم الله على بني آدم باللباس دون غيرهم من المخلوقات، فقد سخر لهم نعمة اللباس يستر أجسامهم ويواري سوءاتهم وعوراتهم عن أعين الناس.
عباد الله ... إن من الفطرة السليمة ستر العورات عن أعين الخلق، وهذا ما أمر الله به عباده، بخلاف الشيطان فإنه يريد من بني آدم التعري والتكشف، قال تعالى ( يَا بَنِي ءادَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا ).
قال تعالى عن آدم وحواء ( فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ) فانظروا إلى الفطرة السليمة، فعندما تبدل الأمر على سيدنا آدم أقبلا يغطيان العورة بورق الجنة. إنه الحياء من الله تعالى.
ذلك الذي خلق يبعث على فعل كل مليح وترك كل قبيح، الحياء خلق الكرام وسمة أهل المرؤة والفضل. قال صلى الله عليه وسلم ( إن الله عز وجل حيي ستير يحب الحياء والستر فإذا اغتسل أحدكم فليستتر )
كان بنو إسرائيل كانوا يغتسلون وهم عراة، إلا أن نبي الله موسى كان حييا يتستر إذا اغتسل ، فطعنوا فيه بعورة، قالوا : ما يحمله على ذلك إلا عيب في فرجه يكره أن يرى، فأراد الله أن يبرئه مما قالوا ، فخرج ذات يوم يغتسل ، فوضع ثيابه على صخرة ، فخرجت الصخرة تشتد بثيابه ، وخرج يتبعها عريانا ضربا بعصاه ويقول: ثوبي يا حجر ، ثوبي يا حجر ، حتى انتهت إلى ملإ من بني إسرائيل، فنظروا إلى موسى فرأوه أحسن الناس خلقا وأعدله مروءة فقال الملأ : قاتل الله أفاكي بني إسرائيل ( فبرأه الله مما قالوا ) ما منع موسى من الاغتسال عريانا معهم إلا الحياء ، لأنه الفطرة السليمة سترة العورة.
عباد الله ... عُرف الإسلام واشتهر بين الأديان السماوية بخلق الحياء، فقد قال صلى الله عليه وسلم ( إِنَّ لِكُلِّ دِينٍ خُلُقًا، وَخُلُقُ الإِسْلاَمِ الْحَيَاءُ ) وإذا كان الإسلام قد اشتهر بخلق الحياء بين الأديان فقد اشتهر به أيضًا بين أبناء هذه الملة، منهم ذو النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه فكأن عثمان بن عفان رضي الله عنه يمثل الإسلام وحده بخلق الحياء الذي فطره الله عليه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أَرْحَمُ أُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهَا فِي دِينِ اللَّهِ عُمَرُ، وَأَصْدَقُهَا حَيَاءً عُثْمَانُ ) كان عثمان بن عفان رضي الله عنه إذا اغتسل لم ينزع لباسه، حتى لا تقع عينه على عورته ، فلم يكن حياء عثمان رضي الله عنه حياء مفتعلاً أو متكلفًا، بل كان حياء صادقًا، وكأنما مازج الحياء دمه ولحمه، فصار كالنَّفَس يفعله بلا إرادة رضي الله عنه، قال عليه الصلاة والسلام ( ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة )
عباد الله ... لقد جاء الأمر بستر العورة وتغطيتها ، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك ) قلت: فإذا كان القوم بعضهم في بعض؟ قال ( إن استطعت ألا يراها أحد فلا يراها ) قلت: يا رسول الله! فإذا كان أحدنا خالياً؟ قال ( فالله أحق أن يستحيا منه من الناس) ولما رأى صلى الله عليه وسلم رجلاً قد كشف فخذه، قال ( غط فخذك؛ فإن الفخذ عورة ) أمره بالتغطية والستر.
وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ( اللهم احفظ عوراتنا ... )
أقول ما تسمعون، ,استغفر الله لي ولكم ولسائرالمسلمين من كل ذنب، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم



الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين،والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آلح وصحبه أجمعين
معاشر المؤمنين ... جاءت الشريعة بمحاسن الأمور ومنها ستر العورة، لكن الناس تساهلوا في هذا الأمر بشكل كبير، صغاراً وكباراً، نساءً ورجالاً ، لما خالفت البشرية شرع الله؛ عمتها النكبات، وانتشرت فيها الرذائل، وصارت في الهاوية، ونزلت إلى الحضيض، ولا شك أننا في زماننا هذا قد حصل فيه من هذا الشيء الكثير.
لقد نهانا رسولنا الأكرم صلى الله عليه وسلم عن النظر إلى عورة الغير سواء كان رجالا أو نساء ، فقال عليه الصلاة والسلام ( لا ينظر الرجل إلى عورة رجل ، ولا تنظر المرأة إلى عورة المرأة ) لقد بينت لنا التقنيات الحديثة من برامج ومواقع التواصل أخلاق المسلمين من شباب وفتيات . شباب وفتيات يقومون بتصوير سوءاتهم ونشرها عبر برامج التواصل.
فتاة اليوم ضيعت الصوابا *** وألقت عن مفاتنها الحجابا
و لم تأبه حياءٌ من رقيب *** ولم تخشى من الله الحسابا
إذا سارت بدا ساق وردف *** ولو جلست ترى العجب العجابا
بربك هل سألت العقل يوماً *** أهذا طبع من رام الصوابا
أهذا طبع طالبة لعلم *** إلى الإسلام تنتسب إنتساباً
ما كان التقدم صبغ وجه *** وما كان السفور إليه باباً
بل للأسف وصل الأمر حتى للكبار، فقد تمكنت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من القبض على أربعيني كان يعرض نفسه على الجوال يبدي رغبته بممارسة الشذوذ.
ولقد طالعتنا صحفنا المحلية هذه الأيام خروج مجموعة من الشباب بالتعري فوق سيارتهم في شارع أمام الناس ، والتصوير ونشرها عبر برامج التواصل، وقد تمكنت السلطات بتوفيق من الله من القبض عليهم وإحالتهم للقضاء جراء ما فعلوا.
إننا نخشى من سخط الله علينا بفعل سفهائنا، لقد استخدموا هذه البرامج والتقنيات بما يخدش الحياء ، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا لم تستح فاصنع ما شئت )
إذا رزق الفتى وجهاً وقاحاً *** تقلب في الأمور كما يشاء
فمالك في معاتبة الذي لا *** حياء لوجهه إلا العناء
أيها الآباء والأمهات ... اتقوا الله في أولادكم ، راقبوهم ، ارشدوهم ... أنتم مسؤولون عن أخلاق أبنائكم وبناتكم ( فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته )






المشاهدات 3123 | التعليقات 2

جزاك الله خيرا يا شيخ رشيد
وأسأل الله أن ينفع بتعليقك


جزيت خيرًا أستاذ إبراهيم ، اللّباسُ نعمةٌ فضّلَ اللهُ بها الإنسانَ على الحيوان ، فسترَ به عورتَهُ ، وجمّل به بشرتَهُ ، ووقاهُ به شدّة الحرّ والبرد ، فإذا ما رأيتَ العبدَ يستغلُّ تلكَ النّعمةِ في عكسِ ما ميّزَهُ اللهُ به فاعلم أنَّهُ قَضى على حكمةِ التميزِ بينه وبين الحيوان ! . نسأل الله لنا ولكم العافية .