اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ علَيْنَا بِالأَمْنِ والإِيمَانِ،وَالسَّلامَةِ والإِسْلامِ

سعود المغيص
1444/08/22 - 2023/03/14 12:24PM

الخُطْبَةُ الأُولَى :

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

أمَّا بعدُ عباد الله :

اتَّقُوا اللهَ تعالى واعلمُوا أنَّ أعْظَمَ غنيمَةٍ يَغْنَمُها العَبْدُ، هي اسْتِغْلالُهُ أيَّامَ عُمُرِهِ في مُحاسَبَةِ نَفْسِهِ، والتَّزَوُّدِ بما يُقَرِّبُهُ إلى الله، خُصُوصًا عِنْدَما يُوَفَّقُ العَبْدُ لِإِدْراكِ الأزْمِنَةِ الفاضِلَةِ ومَواسِمِ الخيرِ.

وأيُّ زَمانٍ أفْضَلُ مِنْ رَمَضان؟

الذي يَنتَظِرُ المؤمنونَ قُدُومَه بِشَوْقٍ وفَرَح، ويَتَطَلَّعُونَ إلى دُخُولِه ورُؤْيَةِ هِلالِه. لأنَّ إدراكَه نِعْمَةٌ عَظيمةٌ، فَهُوً أفضلُ الشُّهُورِ وأكثرُها بَرَكةً.

هو شهرُ القرآنِ، وشَهْرُ التقوى، وشَهْرُ الصيامِ والقيامِ والعِبادةِ والدعاءِ والتَضَرُّعِ إلى الله. وشهرُ الْمَغْفرةِ والعِتقِ مِن النار.

فيَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَسْتَقْبِلَ رَمَضَانَ بِأُمُورٍ قَدْ جَاءَ بِهَا دِينُنَا وَعَمِلَ بِهَا سَلَفُنَا عَلَيْهِمْ رَحْمَةُ اللهِ .

فَمِنْ ذَلِكَ:  الدُّعَاءُ بِأَنْ يُبِلِّغَكَ اللهُ شَهْرَ رَمَضَانَ , فَإِذَا بَلَغْتَ رَمَضَانَ وَرَأَيْتَ الْهِلَالَ فَتَقُولُ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا رَأَى الْهِلالَ : (اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ علَيْنَا بِالأَمْنِ والإِيمَانِ، وَالسَّلامَةِ والإِسْلامِ، رَبِّي ورَبُّكَ اللَّه، هِلالُ رُشْدٍ وخَيْرٍ)

ثَانِيًا : الْحَمْدُ وَالشُّكْرُ عَلَى بُلُوغِهِ ، لِأَنَّهَا نِعْمَةٌ قَدْ تَجَدَّدَتْ لَكَ فَحَرِيٌّ بِكَ أَنْ تَشْكُرَ الْمُنْعِمَ الْمُتَفِضَّلَ لِيَزِيدَكَ وَيَحْفَظَهَا لَكَ . 

ثَالِثاً : الْفَرَحُ وَالابْتِهَاجُ ، فَقَدْ ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَّ أَنَّهُ كَانَ يُبَشِّرُ أَصْحَابَهُ بِمَجِيءِ شَهْرِ رَمَضَانَ , فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبَشِّرُ أَصْحَابَهُ فَيَقُولُ :( قَدْ جَاءَكُمْ شَهْرُ رَمَضَانَ شَهْرٌ مُبَارَكٌ , افْتَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ , يُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ , وَيُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ , وَتُغَلُّ فِيهِ الشَّيَاطِينُ , فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ )  .

رَابِعَاً : عَقْدُ الْعَزْمِ الصَّادِقِ عَلَى اغْتِنَامِهِ وَعِمَارَةِ أَوْقَاتِهِ بِالأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ ، فَمَنْ صَدَقَ اللهَ صَدَقَهُ وَأَعَانَهُ عَلَى الطَّاعَةِ وَيَسَّرَ لَهُ سُبُلَ الْخَيْرِ ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ )  .

خَامِسَاً : تَفَقَّهْ وَتَعَلَّمْ أَحْكَامَ رَمَضَانَ ، فَإِنَّ هَذَا مِنَ الْعِلْمِ الْوَاجِبِ , وَالْمُؤْمِنُ يَعْبُدُ اللهَ عَلَى بَصِيرَةٍ وَعِلْمٍ ، فَلا يُعْذَرُ بِجَهْلِ الْفَرَائِضِ التِي فَرَضَهَا اللهُ عَلَى الْعِبَادِ ، وَمِنْ ذَلِكَ صَوْمُ رَمَضَانَ فَيَنْبَغِي لَكَ أَخِي الْمُسْلِمَ أَنْ تَتَعَلَّمَ مَسَائِلَ الْصَّوْمِ وَأَحْكَامَهُ قَبْلَ مَجِيئِهِ ، لِيَكُونَ صَوْمُكَ صَحِيحَاً مَقْبُولاً عِنْدَ اللهِ تَعَالَى ,  

سَادِسَاً : عَلَيْنَا أَنْ نَسْتَقِبَلَهُ بِالْعَزْمِ عَلَى تَرْكِ الآثَامِ وَالسَّيِّئَاتِ وَالتَّوْبَةِ الصَّادِقَةِ مِنْ جَمِيعِ الذُّنُوبِ ، وَالإِقْلَاعِ عَنْهَا وَعَدَمِ الْعَوْدَةِ إِلَيْهَا ، فَهُوَ شَهْرُ التَّوْبَةِ فَمَنْ لَمْ يَتُبْ فِيهِ فَمَتَى يَتُوبُ ؟ قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعَاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَثِيرَ الاسْتِغْفَارِ فِي كُلِّ حِينٍ فَكَيْفَ بِرَمَضَانَ ؟ عَنِ الأَغَرِّ بْنِ يَسَار الْمُزَنِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، تُوبُوا إِلى اللهِ واسْتَغْفِرُوهُ ، فإنِّي أَتُوبُ في اليَومِ مائةَ مَرَّةٍ )  .  

سَابِعَاً : الْحِرْصُ التَّامُ عَلَى أَدَاءِ الْوَاجِبَاتِ , مِنَ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالتَّبْكِيرِ لِلْجُمَعِ وَالْجَمَاعَاتِ , وَأَدَاءِ حُقُوقِ الأَهْلِ , وَحُقُوقِ الْوَظِيفَةِ وَالْعَمَلِ , وَالإِكْثَارِ مِنَ نَوَافِلِ الصَّلَوَاتِ وَالذِّكْرِ وَالصَّدَقَةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ  .    

ثَامِناً : مِمَّا نَسْتَعِدُّ بِهِ لاسْتِقْبَالِ رَمَضَانَ :  تَفْطِيرِ الصَّائِمِينَ فَإِنَّ هَذَا عَمَلٌ صَالِحٌ فَعَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِىِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ الصَّائِمِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْتَقِصَ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا )  .

 

اللهمَّ اجعلنا من أهل الجنَّة العاملين لها ، الفائزين بمرضاتك يا أرحم الراحمين.


أَقُولُ قَوْلِي هَذَا  ..

 

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ :

الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَلاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوانِهِ، صَلَّى اللهُ عَليْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَعْوَانِهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

أمَّا بَعْدُ عباد الله  :

تاسعاً : شهر رمضان موسم التوبة والإنابة، وموطن الدعاء والإجابة، شهر الصلاة والصيام والصدقة، فتزودوا فيه من الصالحات واستكثروا من الحسنات ليُقال لكم غدًا في الدار الآخرة ( كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ ) 

قدِّموا لأنفسكم خيراً، فإن من الناسِ الفقراءُ والمساكين، وأصحابُ الديونِ العاجزين والغارمين، واليتامى والأيامى، ومن غيَّبَتهُم السجون وأُسَرِهم في حال يرثى لها ، يتكففونَ العيش ، ويتعففونَ عن المسألة ، وهم في أمسِ الحاجة إلى صدقاتكم وزكواتكم فالتمسوهم ومدوا لهم يدَ العون والمساعدة  ( فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى )

اللهم بلغنا بمنّك وكرمك شهر رمضان، اللهم أهلَّ علينا شهر رمضان بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، والتوفيق لما تحبه وترضاه ، اللهم اجعله شهر عزٍّ ونصرٍ للإسلام ولبلادنا ولولاة أمرنا والمسلمين في كل مكان ، اللهم وأعنا فيه على الصيام والقيام ، واجعلنا ممن يصومه ويقومه إيمانًا واحتسابًا، إنك خير مسؤول وأكرم مأمول .

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَحْفَظَنَا بِحِفْظِكَ، وَأَنْ تَكْلَأَنَا بِرِعَايَتِكَ، وَأَنْ تَدْفَعَ عَنَّا الغَلَاءَ وَالوَبَاءَ وَالرِّبَا وَالزِّنَا وَالزَّلَازِلَ وَالمِحَنَ وَسُوءَ الفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ يَا رَبَّ العَالَمِيْنَ.

اللَّهُمَّ احْفَظْنَا بِحِفْظِكَ، وَوَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى؛ وَاحْفَظْ لِبِلَادِنَا الْأَمْنَ وَالْأَمَانَ، وَالسَّلَامَةَ وَالْإِسْلَامَ، وَانْصُرِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى حُدُودِ بِلَادِنَا؛ وَانْشُرِ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِ أَعْدَائِنَا؛ وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيِّينَ غَيْرَ ضَالِّينَ وَلَا مُضِلِّينَ؛ 

اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين ، اللهم أغثنا. اللهم أغثنا، اللهم أغثنا.. اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدراراً ، برحمتك يا أرحم الراحمين.

(ربَّنا آتِنا في الدُّنيا حَسَنةً وفي الآخِرَةِ حَسَنةً وقِنَا عذابَ النار)

سُبحانَ ربِّكَ ربِّ العِزَّةِ عمَّا يصفون ، وسلامٌ على المرسلين، والحمدُ لله رب العالمين.

المشاهدات 919 | التعليقات 0