اللهم أصلحْ لنا ديننا
HAMZAH HAMZAH
{ اللهم أصلحْ لنا ديننا..}
جامع الفهد - محايل عسير
د . حمزة آل فتحي
الحمدُ لله تعالى، إليه صلاحُنا ومنتهى آمالِنا ، والحمدُ الذي هدانا وجعلنا مسلمين ، والحمدُ لله بيده أرزاقُنا وإليه مآبُنا ..
نحمدُه على أفضاله ، ونشكره على نعمه وأنواله...
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمدًا عبدُه ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آلهِ وصحبه وسلم تسليمًا مزيدا .
أما بعد :
معاشر المسلمين :
كثيرونَ همُ السائلون عن الأدعية الجوامع، والكلمات المؤثرة ، والابتهالات العزيزة ..!
واليوم جئناكم "بكنزٍ نبوي"، ودعاءٍ جامع ، وكلماتٍ باهرة، وخلاصةٍ مباركة، إنْ حققتَها نلتَ الفضلَ كله، وأصبتَ الأجر جُله، وتنفست نسائمَ السعادة، وبلغتَ منتهى الراحِ والحياة الطيبة ..
" اللهم أصلحْ لنا دينَنا الذي هو عصمةُ أمرِنا ... ".
هل فكرتَ في صلاحِ دينك، ومدى حالكَ مع الله..؟!
وهل تحبُّ العيشَ بلا دين، أو دينٍ مزيفٍ مغشوش..؟!
كلنا نعي أن صلاحَ ديننا ، فيه صلاحُ دنيانا، وغايةُ سعادتِنا ..!
ومَن الذي لا يرجو صلاحَ دينه، أو يرضى بتعثرِ استقامته، وأن تتسلطَ عليه الذنوب، وتأتيه الشياطينُ من كل مكان...؟!!
جاء في الحديث الصحيح عند مسلم رحمه الله ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : { اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي، وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي، وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ }.
إذا صلُح دينُنا، طابت أمورُنا ، وراقبنا خالقَنا، وعُصمنا من الشرور والغوائل .
صلاحُ دينِكَ أنوارٌ مجللةٌ... وفي المعاشِ له عونٌ وترتيبُ
فأصلح النفسَ يصلحْ دينُها أبداً...ولا تخوننَّ فالدنيا أعاجيبُ
وصلاحُه بحُسنِ التمسك، وجميلِ الاتباع، والعملِ بالوحيين، والتباعدِ عن كل ما يُضادُّ ذلك { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم }. سورة آل عمران . وذلك سببٌ للحياة الطيبة، وراحةِ البال، فقد طابت النفس، واستقام سلوكُها ، فنالت سعادتها، بفضل ذلك الإيمان الصالح، والدين القويم .
قال شيخُ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله -: " ليس في الدنيا نعيمٌ يشبه نعيمَ الآخرة ، إلا نعيمَ الإيمان ".
فحسّنوا دينَكم عبادَ الله، وأَصلِحوا سلوكَكم بالمراقبة ، وحُسن العمل { من يطع الرسولِ فقد أطاعَ الله } سورة النساء .
قال بعضُ العلماء : "قد جمعَ في هذه الثلاثة: صلاحَ الدنيا، والدين، والمعاد، وهي أصولُ مكارمِ الأخلاق الذي بُعث لإتمامها، فاستقى من هذا اللفظِ الوجيز ، صلاحَ هذه الجوامع الثلاث التي حلّت في الأولينَ بداياتُها، وتمت غاياتُها ".
ولذلك لا تزلُّ النفوس إلا من خلال دينٍ هيّن، أو استقامةٍ جوفاء، أو تدينٍ بارد، ..!
لابد أن يقوى الإيمانُ في قلبك، ويُعظّمَ الحيُّ القيوم، وأن تعتقدَ فساد الطريق بلا دين ولا تقوى..!
فإذا تغيرت حياتُك فراجع صلاحَ دينك... قال الإمام أحمد - رحمه الله -: "إن أحببتَ أن يدوم اللهُ لك على ما تحبٌّ ، فدمْ له على ما ُيحبٌّ ".
{ وأصلحْ لي دنياي التي فيها
معاشي }: أي أصلح لي معيشتي في هذه الدار، بأن أُعْطَى الكفاف والصلاح، وأسلمَ الكدرَ والتعب ، ويسر لي أسبابَ الرزقِ الحلال ، المعين على طاعاتك، على الوجه الذي ترضاه عني، وأسألك صلاحَ الأهل والأبناء ، من الزوجة والذرية ، والحياة الآمنة الطيبة .
ثم قال : " وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي " : وصلاحُها بعملٍ صالح موفق، وطاعةٍ حسنة مسددة، وقرباتٍ مباركات ميمونة .
وأن استعدَ لآخرةِ الجزاء، وآخرة الحساب، وآخرة التغابن، حينما يتغابن الفريقان ، أي: يظهر فيه التغابن والتفاوت بين الخلائق، ويغبنُ المؤمنون الفاسقين، ويعرفُ المجرمون أنهم على غير شيء، وأنهم هم الخاسرون، جزاء تفريطهم وكفرهم بالله واليوم الآخر ..!
قوله: { واجعل الحياة زيادةً لي في كل خير): أي اجعل -يا ربَّنا - الحياة سبباً في زيادة كل خير ، ومضاعفةً لكل فضيلة، وبركةً لكل حسنة. ترضيك عنا، وتقربنا إليك ، وتمنحنا رحمتكَ وفضلك...!
قوله: { واجعلِ الموتَ راحة لي من كل شر): أي اجعل الموت راحة لي من كل هموم الدنيا وغمومها وفتنها، لا سيما وقتُ الاشتداد وانتشار الضلالات ، والتباسُ الأمور .
وفي الموت حينها راحةٌ لأهل الإيمان من الفتن والأنكاد، ويتمناه كلُّ ذي عقلٍ وبصيرة . كما جاء في الصحيحين: أن رسول اللَّهِ مُرَّ عَلَيْهِ بِجِنَازَةٍ فَقَالَ: { مُسْتَرِيحٌ، وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ } قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا المُسْتَرِيحُ وَالمُسْتَرَاحُ مِنْهُ؟ قَالَ: { الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا وَأَذَاهَا إِلَى رَحْمَةِ اللهِ، وَالْعَبْدُ الْفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ الْعِبَادُ، وَالْبِلَادُ، وَالشَّجَرُ، وَالدَّوَابّ }.
اللهم وفّقنا للخيرات ، وجنبنا الغفلة والحسرات ...
أقولُ قولي هذا وأستغفر .....
———-
الحمدُ لله وكفى، وسلاما على عباده الذين اصطفى، وعلى نبينا محمدٍ خير رسولٍ مقتفى، وعلى آلهِ وصحبهِ ، أربابِ المجدِ والوفا
وبعد:
باللهِ عليكم هل سمعتُم بأجلِّ من هذه الكلمات ، أو أحسن من هذه الدعوات..؟!
يا من تبحثُ عن صلاح الدين، أو طيب المعاش، أو السلامة من الفتن، وحُسن الختام في الدار الآخرة.. تشبثْ بمثل هذه الكلمات، ورددها في الصلواتِ وساعات المناجاة ، وعلِّمها أبناءك، وفقههم في جمالياتها، وطيب نهايتها....
"اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمةُ أمري..."
وطلبُ الإصلاح في هذه الأمور: الدين والدنيا ، والآخرة والممات ، يشيرُ إلى بلوى الحياة الدنيا ، وأنها منطويةٌ على بلايا ومفاسد، ومثلُ ذلك يتطلبُ المدافعةَ والمجاهدة ...!
ومن وسائلِها : لزومُ الدعاء الصالح، وتقفّي الخيرات ، والتباعدُ عن المنهيات، ومجاهدةُ النفس ، والرغبةُ الأكيدةُ في المعالجة ، وعدمُ الاغترار بالدنيا، والتفكرُ فيما عند الله، فما أتيَ أكثرُنا إلا من جهة إيمانه وضعف علاقته بربه والآخرة...!! قال تعالى :{ والذين جاهدوا فينا لنَهدينَّهم سُبلَنا وإنّ الله لمعَ المحسنين }. سورة العنكبوت .
وفِي هذا الدعاء اعتدالٌ بين مطالب الدنيا والآخرة ، وأن الإسلامَ جاء لعمارة الدنيا لأجل الآخرة، خلافَ ما يُشيعه الأعداء والخصوم .
وصلوا وسلموا يا مسلمون على الرحمة المهداة...