الكشتات وجه جميل وآخر قبيح ( نصية+وورد+بي دي إف) راشد البداح

راشد بن عبد الرحمن البداح
1439/04/24 - 2018/01/11 21:22PM

الحمد لله ربِّ كلِّ شيء ومليكِه؛ خلق الخلق فأحسن خلقهم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الحق المبين وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الصادقُ الأمين: أعلمُ الخلق بربه عز وجل، وأخشاهم وأتقاهم له، يخشى العذاب وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فصلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد:

فاتقوا الله حق تقواه، فإن مَن اتقى الله حفظه ووقاه، ومَن سأله منحه وأعطاه.

ها قد بدأت إجازة أسبوع لأولادنا ومعلميهم، وفرغت الجوارح من الأعمال، وكل الناس في الإجازة يغدو، فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها، ولكن كلنا قادرون على أن نجعل في الإجازات إنجازات."فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلاَ يَلُومَنَّ إِلاَّ نَفْسَهُ".

ومن حق الناس أن يتنزهوا ويتمتعوا بأنعُم الله- دون أشر أو بطر- ومن الذي يقول إن الاستقامة على دين الله مانعةٌ من الأنس والمرح، والتنزه والفرح؟!.

أيها المسلمون: هناك مظاهرُ إيجابيةٌ في حياة المرتحلين للبر حَرِيَّة بأن تُذكر فتُشكر، ومظاهر سلبية حَرِية بأن تُذكَر فتُحذَر.

ومن المظاهر الإيجابية عشرٌ جميلات جليلات:

  • ارتفاع الأذان عاليًا في البراري حتى يشهد الحجر والشجر، والأذان في الفلاة أجره عظيم، ويزداد الأمر جمالاً إذا كان فيه تعويد للصغار. قال e: ارْفَعْ صَوْتَكَ بِالنِّدَاءِ؛ فَإِنَّهُ لاَ يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلاَ إِنْسٌ وَلاَ شَىْءٌ إِلاَّ شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ([1]). رواه البخاري.
  • اصطفاف المتنزهين كالبنيان المرصوص لأداء الصلاة هو الآخر مشهد يفرح ويؤنس، ويؤكد حرص المسلمين على صلاة الجماعة أينما حلوا أو ارتحلوا. وليبشروا أن لصلاتهم في البر أجراً خاصًا عظيماً، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: إذا صلاها بأرض فلاة فأتم وضوءها وركوعها وسجودها، بلغت صلاته خمسين درجة. أبو داود وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي والزيلعي وابن حجر وحسنه ابن مفلح.
  • ومن المظاهر الإيجابية للرحلات أو الانتقال من البيوت للاستراحات تقارب بين الأقارب في جو من الأنس والاستمتاع، واسثمار أولياء الأسرة في توجيه هادف أو قصة تربوية، أو إكساب مهارة الطبخ، ، ومناسَبة مناسِبة لتدريب الفتيان على تحمل المسئولية.
  • تعاهد الأهل وتذكيرهم بذِكْرُ الدعاء عند قضاء الحاجة، وعند النزول في المتنزَّه، وتعويد الأطفال عليه، فقد صح عند ابن ماجة أنه قيل للنبي e: إن فلانًا لدغته عقرب، فلم ينم ليلتَه، فقال:أما إنه لو قال حين أمسى:أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خَلق، ما ضرَّه لَدْغُ عقربٍ حتى يصبح([2]).لكن هذا الدعاء لا يعني تركَ الأخذ بالأسباب الواقية من الأذى.
  • قيام ثلة مباركة بالاحتساب الرفيق، وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالتي هي أحسن عند رؤية سوء أو سماع منكر من القول.
  • لئن كانت قلة قليلة يرمون مخلفات الأكل الورقية والبلاستيكية. فإن الكثرة الكاثرة – بحمد الله – عندهم وعي شرعي وحضاري. فتجدهم يحرقون هذه المخلفات أو يدفنونها أو يحملونها بأكياس معهم قبل الارتحال؛ ليَسلمَ من أذاها من أتاها من إنسان أو حيوان.
  • ولئن أسرف قليلون في المطعم والمشرب فإنكم واجدون الأكثرين– بحمد الله – حافظين للنعم، ممن يطبخون قَدرَ حاجتهم، فإن زاد شيء صالح للإنسان أعطوه، وإلا للحيوان فأطعموه، ثم تجدهم يَلهجون بحمد الله على الأكلة والشربة بعد الفراغ مرارًا.
  • وثمت مظهر إيجابي لا تخطؤه العين، حين يتعطل أحد المتنزهين فإنك تجد أهل الشهامة والمروءة يتسابقون للإنقاذ والمساعدة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ومن المعروف أن تعين الرجل في دابته فتحملَه عليه أو تحملَ معه متاعه.
  • المحافظة على الوضوء برغم مشقة البرد، وترادف الملابس، فليبشر أولئك المتطهرون بقول رسول الله e: أَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟! قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الصَّلاَةِ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ([3]).
  • التفكر الذي يتبعه تذكر وذكر وتعظيم، فيا أيها المتنزه: ذكِّرهم بعظمة الله فيما خلق وأنت ترى أنواعًا من الدواب والزواحف والهوام {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ}. وتبصر ألوان الجبال والسهول والرمال، تذكر وأنت تجول في أرض الله الواسعة قوله تعالى: { وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ}. وذكِّرهم بسنة التكبير حين ترقون مرتفعًا وبالتسبيح حين تنحدرون منخفضًا.

وبعد: فهذه عشر وغيرها أضعافها، ولنبعث التفاؤل، ولنبرز هذه الإيجابيات، ولا نركز على السلبيات وكأنه لا يوجد إلا هي، ففي الناس خير وخوف من الله – والحمد لله-.

_________ 2 ________فيا أيها المتنزهون: لئن كنتم تراعون حق الله وحق الناس في البراري؛ فلتحذروا من خمس قبيحات أربأ بكم أن تكونوا من أهلهن:

  • أُولاهن الإسراف في استعمال الماء؛ اغتراراً بالرخاء والترف، بل بعضهم يغسِّل يديه وأوانيه بالمياه الصحية. قال تعالى: إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ، ومما يعين على حفظ الماء اتخاذ الأدوات التي ترشد الماء، وعدم ترك الصبيان يعبثون به.
  • إيذاء الناس بالمرور أمام النساء في البر والتعرض لهن فجأة، والله يقول [وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا] ورسول الله e يقول:من آذى المسلمين في طرقهم وجبَتْ عليه لعنتُهم([4]).أخرجه الطبراني بسند حسن. ويزداد الأمر سوءًا تهاوُن بعض ضعيفات النفس بحجابها في البر، وصعودهن الكثبان بحجة التصوير،  فليخفن الله ولْـ (يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ).
  • وفي هذه الكثبان الرملية يحصل من بعض المتهورين تفحيط وتطعيس واستعراض بسياراتهم بصعود تلك الكثبان، وكم حصلت من جرائها من حوادث وفواجع مروعة.
  • وقل مثل ذلك حين تسرف الأسرة في لعب أطفالها، ولاسيما اللعب بالدراجات النارية التي تشهد المستشفيات على ضحاياها، فتنزهوا ولكن حافظوا على فلذات أكبادكم ولا تعرضوهم للمخاطر.
  • هل تعلمون أن ناساً ترافقهم الملائكة إذا ارتحلوا، وآخرين ترافقهم الشياطين؟ نعم؛ فلقد قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَصْحَبُ الْمَلَائِكَةُ رُفْقَةً فِيهَا كَلْبٌ وَلَا جَرَسٌ. رواه مسلم([5]). وأشد من الجرس الغناءُ برفع صوت الموسيقى الصاخبة من السيارة، وبما يسمونه بـ: الشيلات، وهي – في الحقيقة – أغانٍ مطربة وداعية للتفاخر بالأنساب. وكل هذا وغيره ينافي شكر نعمة الله علينا بهذه الإجازة.

اللهم آمِنَّا في أوطاننا ودورنا،  وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، وافرج لهم في المضائق,  واكشف لهم وجوه الحقائق,  وأعنهم ببطانة ناصحة, تدلهم على الخير, وتحذرهم من الشر, واصرف عنهم بطانة السوء, وقالة السوء, ونقلة السوء, وأهل الغش والخديعة, والذمم الوضيعة.

([1])صحيح البخاري (609)

([2]) سنن ابن ماجه (3518)

([3])صحيح مسلم (610).

([4]) رواه الطبراني (2978)وحسنه المنذري(الترغيب والترهيب 1/ 81)والهيثمي(مجمع الزوائد1/ 252) والهيتمي(الزواجر1/ 239)والألباني(الصحيحة 5/ 372).

([5])صحيح مسلم (5668).

المرفقات

وجه-جميل-وآخر-قبيح

وجه-جميل-وآخر-قبيح

وجه-جميل-وآخر-قبيح-2

وجه-جميل-وآخر-قبيح-2

المشاهدات 951 | التعليقات 0