القلب الحي و يقظة الضمير
الغزالي الغزالي
1434/04/05 - 2013/02/15 21:46PM
القلب الحي و يقظة الضمير الجمعة 5 ربيع الآخر 1434هـ
الحمد لله عالم السر والنجوى، المطلع على الضمائر وكل ما يخفى، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، نحمده سبحانه وعد المخلصين الدرجات العلى، وحذر المشركين نارًا تلظى، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} ، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده رسوله، أكمل الخلق توحيدًا، وأبرهم عملاً، وأتقاهم لله تعالى ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأتْبَاعِهِ، وعلى رسل الله وأنبيائه،وسلم تسليما دائما متواصلا الى يوم لقائه.. (أَمَّا بَعْدُ) أيها الناس: اتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيْعُوْهُ.. اتَّقُوْهُ فِيْ دِينِكُمْ فَتَمَسَّكُوْا بِهِ، وَاتَّقُوهُ فِيْ أنفسكُمْ فألزموْهَا بِالْطَّاعَاتِ، وَلَا تُهلكُوْهَا بِالمعَاصِي والخطيئات؛ (معاشر المسلمين) يقول ربنا جل وعلا: (وما أبرئ نفسى إن النفس لامارة بالسوء إلا ما رحم ربى إن ربى غفور رحيم). فالنفس تَسعَى لشَهواتها، وتركُض وَراء ملذَّاتها، ولكن صوت الفِطرة النقي الداخلي يُحاوِل أنْ يُوقِفها ويمنَعَها ويصدَّها في زمنٍ كثُرت فيه الفِتَن، وزادَتْ به المِحَن. نسعى لرُقِيٍّ أخلاقي ودِيني،ونُواجه أمواجًا عاتية من تناقُضاتٍ فكريَّة في هذا العالم المُتناقِض. قد يُزيِّن الشيطان لنا صُورة فاتنة كصورة امرأةٍ كاسية عارية مُتبرِّجة، فتَمِيل النفس لنظْرةٍ من عينٍ خائنة، وتأمُل وتُفكِّر بقلبٍ غافل، فيَصرُخ الصوت الفطري مُردِّدًا قولَه - تعالى -: ( أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى). الفقر مُزعِجٌ، والحاجة مؤلمةٌ، والمال قليلٌ، والنفس تطمح للمزيد، فيُخاطِبها الشيطان بلسان الناصح الأمين: سرقة لمال، أو سطو على دارٍ، لمرَّة واحدة فقط، تزيدُ المال، وتصلحُ الحال، فيصرخ الصوت الفطري مُردِّدًا قولَه - تعالى -: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ، وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ). فترتعد النفس، وتترك الفعل. موظف عادي في ملبسه، منتظمٌ في وظيفته، قَنُوع براتبه، يَرَى حوله كما من التجاوزات والمخالفات، ومَن كان في نفس مرتبته أصبح من ذوي المال والجاه وأرفع المستويات، والسبب بسيط؛ رِشوات واختلاسات بشكلٍ مُرتَّب ومُنظَّم، والنفس تطمع لزيادة الدخل، وترغب في بناء المنزل، ولكنَّ الصوت الفطري يَصرُخ ويُذكِّره بقول الله - تعالى -: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ، وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ، إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ، قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا). وآخرما يزال في أوَّل الطريق، لم يكمل بعد دراسته، والنفس تَتُوق للزواج، ولكن ضِيق ذات اليد والفقريمنعه، فعليه بالصبر، ولكنَّه أخرق؛ أغرَقَ نفسَه في خُطوات هي خُطوات شيطانية، تقودُه للرذيلة بين مُعاكسات هاتفيَّة، ومغامرات إباحيَّة؛ فمرَّة يُقلِّد، ومرَّة يُجرِّب، فأحرق نفسَه بنار الشهوات، فدعاه الناصح الشيطاني للزنا بعد أنْ سار في هذا الطريق خطوات، لكنَّ الصوت الداخلي الفطري ناداه: (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا، إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا). وانسان آخر، المرض أرهَقَه، والعجز أتعَبَه، تردَّد بين المستشفيات، وزار كثيرًا من العِيادات، فلا جديدَ ولا تقدُّم، والحال نفس الحال، فظن أن ما أصابَه هو سحر شيطاني. ضعُفتْ نفسُه أمام نصائح شيطانيَّة، قد تكون من صديق غافل أو جاهل، يدعوه لفكِّ ما أصابه بالشعوذة والسحر فلا ضَيْرَ في ذلك؛ فهو في حال اضطرارٍ ويجوز له ما لا يجوزُ لغيره! فصرخ صوته الداخلي يُذكِّره بقول الحبيب - صلَّى الله عليه وآله وسلَّم -: (مَن أتى كاهنًا فصدَّقَه بما يقول، فقد كفَر بما أُنزِل على محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم)؛ رواه أبو داود. وآخركان له صديق، نمى ماله وزاد، وذلك عن طريق الربا الذي يمحَقُ البركات، فدعَتْه النفس الأمَّارة بالسوء أنْ يُحاكِي صديقَه، فلدَيْه مبلغٌ مالي كبير، والفرصة مواتية أنْ يجعله ينمو بالربا،ويعظم بالاستغلال، والنفس ترغب في زيادة المال، فناداه الواعظ الداخلي،يذكره بقوله الله سبحانه: (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ). وآخر تُوفِّي أخوه الأكبر، بعد أنْ خلف العيال، وترَك لهم الكثير من المال، تكفَّل العمُّ بتدبير الأمور ومُتابعة الأبناء، فالمال كثير والأبناء لا يعقلون، فدعَتْه النفس أنْ يأخُذ ما يَشاء، ويعيشُ بمال أخيه في رغد ونعماء، ولكنَّ صوت الفطرة الداخلي دعاه: (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا). وآخريُقوِّي صلته مع جميع الناس، يتميَّز بحبِّه لهم،ودَماثة خلقه معهم، ولكنَّ صلته بربه ضعيفة.يتكاسل في العبادة،ويتنازل عن الطاعة، فكيف تكون علاقته بالله قويَّة وهو مبتعدٌ عن الصلاة التي هي صلته مع الكريم - جلَّ في علاه - ضاقَتْ نفسه ببُعدِه عن ربِّه، فردَّد صوته الفطري،قول النبي(ص): (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاةُ، فمَن ترَكَها فقد كفر). وآخريتأخَّر دومًا عن مدرسته، ويُعاقَب في كلِّ مرَّة بسبب تأخُّره، فدعَتْه نفسه يومًا للكذب على مُدرِّسه؛ مرضُ الوالد سبب، وتعطُّل الحافلة سبب، وموت قريب سبب،تعددت الأسباب، والنتيجة الغياب.. ولكن في الأخير، ردَّدها الضمير: " عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا ، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا ". وابن يَصرُخ ويَضجَر من طلبات الأم الحَنُون،ويُشاكِس دومًا الأبَ العطوف، ساءَت الأحوال، وفسدت الأخلاق، والتوفيق لا يُحالِفه، جلس مع نفسه لحظةً يُحادِثها ويُكلِّمها، فقال له صوت الفطرة: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا، إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا، وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا). (عباد الله) ان الصوت الفطري، والضمير الحي، هو صدًى لما غَرَسْناه نحن بداخِلنا، فالقُرآن والسنَّة النبويَّة الشريفة مصدرَا التشريعِ الذي لا بُدَّ أنْ نتشرَّب من مَنهَلهما الصافي صِغارًا وكِبارًا، ولا بُدَّ أنْ تكون لنا وقفاتٌ صادقةٌ لنَغرِس الرقابة الذاتية والآلية داخل أنفُسنا. هي دعوةٌ صادقةٌ لنا جميعا- لأنْ نُقوِّي الضمير الحي، و الصوت الداخلي،صوت القلب والعقل،قال تعالى: ( لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ). وعن الحسن البصري: "إنَّ المؤمن والله ما تَراه إلا يلومُ نفسه: ما أردت بكلمتي؟ ما أردت بأكلتي؟ ما أردت بحديث نفسي؟ وإنَّ الفاجر يَمضِي قدمًا ما يُعاتِب نفسه".وفي الحديث: { والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني } [رواه أحمد والترمذي]. اللهمّ اهدِنا صراطك المستقيم ، وانفعنا بالقرآن العظيم ، وأعذنا من نزغات الشياطين. (آمين) وأقول قولي هَذَا ..
الحمد لله الذي خلق كل شيء فقدره تقديراً، عالم السر والخفيات، الذي لايعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولافي السموات، وهو بكل شيء خبير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العلي الكبير، وأشهد أن نبينامحمداً عبده ورسوله البشيرالنذير، والسراج المنير. صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، وعلى أنبياء الله ورسله.. (أما بعد) أيهاالمؤمنون الكرام: فإن من فقه الرجل أن يعرف مواطن الإيمان فيزداد منها ، وأن يعرف أسباب نقص الإيمان فيبتعد عنها ، وأن يعرف مواضع نزغات الشيطان فيتعوذ بالله منها ، ومن هذه المنطلقات اليكم هذه الخواطر الإيمانية ؛ لأن القلوب بحاجة إلى التذكير بالله عزوجل،والى الإرشاد ليقوم المسلم بعبادة ربه - سبحانه وتعالى - كما جاء بها رسوله - صلى الله عليه وسلم – ، وليطيع الله ويتقرب اليه ما بين الخوف والرجاء والمحبة. فاعلموا - رحمكم الله- أن الله - عز وجل - ذكر في كتابه العظيم، الدنيا الملهية عن ذكره - سبحانه- ،ذكرها بصفات الذم بأمثال عديدة ، وصور متنوعة ؛ لبيان أنها مزرعة للخير أو الشر ، وحصاده عندما تُنتزع الروح من أخمص القدمين إلى الساقين ، إلى الحقوين(منتصف القامة) ، إلى الصدر وفيه حشرجة ، وإلى القلب فيُضغط ضغطة تُخرج ما فيه ، وينطق اللسان ، وتخرج الروح فيتبعها البصر إلى السماء ، فتعرف مصيرها إما كونها من أهل الإيمان، أو من أهل العصيان ، ثم ترد في القبر إلى الجسد ، فإما جنة ونعيم ، وإما عذاب أليم إلى أن يقوم الناس لرب العالمين. واعلم - رعاك الله - أنك تنادى في الدنيا بأحب الأسماء إليك ، فإذا فارقت الروح البدن تُرك اسمك، ونسي ذكرك ، فتسمى جثةً ، فإذا غُسِّلتَ وكُفِّنتَ وصُلِّي عليك وحُملتَ على الأكتاف تسمى جنازة - نسبة إلى الخشبة التي تُحمل عليها - ، فإذا وضعتَ في اللحد وصُفَّتْ عليك اللبنات، وحُثي عليك التراب، وتركوكَ في القبر تسمى ميتاً، فهنيئاً لمن نُوديتْ روحه في السماء بأطيب الأسماء ، وطُيبتْ بأطيب ريح ، وتنعم بأطيب نعيم ، وفُسح له في قبره، مدَّ بصره، من النعيم العظيم،فيقول: رب أقم الساعة. واعلموا – عباد الله - أن الله - جل وعلا - إذا أراد أمراً عظيماً قدم له مقدمات عظيمة ، فيوم القيامة- الذي تنوّعت أسماؤه وصفاته- يبدأ بنفخ الصور إيذاناً بنهاية الحياة على الأرض ، وفيه تجري الأهوال والأحداث والتغيرات العظيمة في الآيات الكونية - العلوية والسفلية- ويقف الناس في موقف عظيم، أمام رب العالمين ، وليس بين العبد وبين ربه - جل وعلا - ترجمان ، فهل تزودت لهذا الموقف العظيم بالإيمان والأعمال الصالحة ؟ ان من أعظم الحسرة والندامة، أن يأتي العبد يوم القيامة، وهو محمَّل بالذنوب والمعاصي ، ويعتقد المسكين أنه قد أحسن عملاً،قال تعالى: (قل هل ننبؤكم بالاخسرين اعمالا، الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا). ولهذا فإن أشد ما يحمله العبد يوم القيامة الأوزار ، وهي من أسباب دخول النار دار البوار،قال تعالى: (مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا) ، وفي هذا الوقت لا ينفع الندم ؛ فليحرص العبد على أن يزداد من الخير للقاء رب الأرباب يوم التناد ، يقول - سبحانه - : (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى). تأمل – يارعاك الله - إذا صرت على الصراط ، ونظرت إلى جهنم تحتك سوداء مظلمة ، وعلا لهيبها، وارتفع صوت زفيرها ، وأنت تمشي أحياناً وتزحف أحياناً ، فلا نجاة لك من ذلك الموقف العظيم والحدث الرهيب إلا بالمسارعة في الأعمال الصالحة ، ولزوم تقوى الله تعالى. وختاماً ... من أراد أنْ يتعظ ، ويرق قلبه ، وتدمع عينه ، وتخشع جوارحه ، ويزداد في العبادات ؛ فعليه بالقرآن العظيم، فهو كلام العزيز الحكيم ، وخاصةً الآيات التي يتكلم الله - عز وجل - فيها عن نفسه ، فأي شيءٍ أعظم من الله - تبارك وتعالى- ؟ فكيف إذا كان الكلام كلامه، يصف به نفسه ؟ قال تعالى: (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ). فاللهم ثبتنا على الحق.. وثبت المسلمين،ووفقنا لكل خير في الدنيا والدين. اللهم صل على محمد وآل محمد... اللهم اختم لنا بخير، وافتح لنا بخير. اللهم اهدنا واهد بنا ، ووسـّع خُـلُــقـنا، وطيّب كسـبنا، وقنـِّعـنا بما رزقـتنا، ولاتـذهِب قـلوبـَـنا اٍلى شيءٍ صرفـتَـه عـنـّـا. اللهم اغـفـر ذنـبنا، واخسِيء شيطـاننا، وفـُـك رهـاننا، وثـقـّـل ميزاننا .. واجعـلنا في موقف القيامة من الآمنين، وإلى أعالي جناتك سابقين. اللهم لا تدع لنا في مقامنا هذا ذنباً إلا غفرته، ولا هم إلا فرجته، ولا كرباً إلا نفسته، ولا عسير إلا يسرته، ولا دين إلا قضيته، ولا مبتلا إلا عافيته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا ميتاً من اموات المسلمين إلا رحمته، ولا ضالاً إلا هديته، ولا إيماً إلا زوجته، ولا عقيماً إلا ولدً صالحاً وهبته، ولا مظلوماً إلا نصرته وأيدته، ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة هي لك رضاء ولنا فيها صلاح، إلا أعنتنا على قضائها ويسرتها لنا برحمتك يا ارحم الراحمين. اللهم انك تعـلم سرنا وعلانيتنا، فأقـبل معـذرتنا.. وتعـلم حاجتنا، فأعـطِـنا سؤالنا ..وتعـلم ما في نفـوسنا ، فاغـفِـر لنا ذنوبنا . اللهم اغـفـر لموتى المسلمين،الذين شهـِـدوا لك بالوحدانية، ولنبيك بالرسالة، وماتوا على ذلك .. اللهم اغـفر لنا ولهُم، وارحمنا واياهُم، وعافهم وأعـفـو عنهم .. اللهم وأنزل على قبورهم الضياء والنور، والفسحة والسرور. وجازهم بالحسنات إحسانا، ويالسيئات عفوا وغفرانا. حتى يكونوا في بطون الألحاد مطمئنين، وعند قيام الأشهاد آمنين، وبجودك ورضوانك واثقين، وإلى أعلى علو درجاتك سابقين، برحمتك يا ارحم الراحمين. اللهم وارحمنا برحمتك اذا صرنا الى ما صاروا اٍليه .. تحت الجنادل والتراب وحـدنا. اللهم ارحمنا اذا أتانا اليقين، وعرق منا الجبين. وبكى علينا الحبيب والغريب.. اللّهم ارحمنا اذا وُورينا التراب، وغُلِّقَتِ من القبورِ الأبواب، فاذا الوحشةُ و الوحدةُ وهوّنِ الحساب. اللّهم ارحمنا اذا حُمِلنا على الأعناقِ، وبلغتِ التراقِ، وقيل من راق.. اللّهم ارحمنا فانَّك بِنا رحيم ، و لا تُعذِّبنا وأنتَ علينا قدير، و الْطُف بنا يا مَولانا فيما جَرَت بِهِ المَقادير. ربنا اغفر لنا ولوالدينا ولمن.. ربنا آتنا في .. (آمين) والحمد لله رب العالمين.
الحمد لله عالم السر والنجوى، المطلع على الضمائر وكل ما يخفى، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، نحمده سبحانه وعد المخلصين الدرجات العلى، وحذر المشركين نارًا تلظى، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} ، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده رسوله، أكمل الخلق توحيدًا، وأبرهم عملاً، وأتقاهم لله تعالى ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأتْبَاعِهِ، وعلى رسل الله وأنبيائه،وسلم تسليما دائما متواصلا الى يوم لقائه.. (أَمَّا بَعْدُ) أيها الناس: اتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيْعُوْهُ.. اتَّقُوْهُ فِيْ دِينِكُمْ فَتَمَسَّكُوْا بِهِ، وَاتَّقُوهُ فِيْ أنفسكُمْ فألزموْهَا بِالْطَّاعَاتِ، وَلَا تُهلكُوْهَا بِالمعَاصِي والخطيئات؛ (معاشر المسلمين) يقول ربنا جل وعلا: (وما أبرئ نفسى إن النفس لامارة بالسوء إلا ما رحم ربى إن ربى غفور رحيم). فالنفس تَسعَى لشَهواتها، وتركُض وَراء ملذَّاتها، ولكن صوت الفِطرة النقي الداخلي يُحاوِل أنْ يُوقِفها ويمنَعَها ويصدَّها في زمنٍ كثُرت فيه الفِتَن، وزادَتْ به المِحَن. نسعى لرُقِيٍّ أخلاقي ودِيني،ونُواجه أمواجًا عاتية من تناقُضاتٍ فكريَّة في هذا العالم المُتناقِض. قد يُزيِّن الشيطان لنا صُورة فاتنة كصورة امرأةٍ كاسية عارية مُتبرِّجة، فتَمِيل النفس لنظْرةٍ من عينٍ خائنة، وتأمُل وتُفكِّر بقلبٍ غافل، فيَصرُخ الصوت الفطري مُردِّدًا قولَه - تعالى -: ( أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى). الفقر مُزعِجٌ، والحاجة مؤلمةٌ، والمال قليلٌ، والنفس تطمح للمزيد، فيُخاطِبها الشيطان بلسان الناصح الأمين: سرقة لمال، أو سطو على دارٍ، لمرَّة واحدة فقط، تزيدُ المال، وتصلحُ الحال، فيصرخ الصوت الفطري مُردِّدًا قولَه - تعالى -: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ، وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ). فترتعد النفس، وتترك الفعل. موظف عادي في ملبسه، منتظمٌ في وظيفته، قَنُوع براتبه، يَرَى حوله كما من التجاوزات والمخالفات، ومَن كان في نفس مرتبته أصبح من ذوي المال والجاه وأرفع المستويات، والسبب بسيط؛ رِشوات واختلاسات بشكلٍ مُرتَّب ومُنظَّم، والنفس تطمع لزيادة الدخل، وترغب في بناء المنزل، ولكنَّ الصوت الفطري يَصرُخ ويُذكِّره بقول الله - تعالى -: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ، وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ، إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ، قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا). وآخرما يزال في أوَّل الطريق، لم يكمل بعد دراسته، والنفس تَتُوق للزواج، ولكن ضِيق ذات اليد والفقريمنعه، فعليه بالصبر، ولكنَّه أخرق؛ أغرَقَ نفسَه في خُطوات هي خُطوات شيطانية، تقودُه للرذيلة بين مُعاكسات هاتفيَّة، ومغامرات إباحيَّة؛ فمرَّة يُقلِّد، ومرَّة يُجرِّب، فأحرق نفسَه بنار الشهوات، فدعاه الناصح الشيطاني للزنا بعد أنْ سار في هذا الطريق خطوات، لكنَّ الصوت الداخلي الفطري ناداه: (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا، إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا). وانسان آخر، المرض أرهَقَه، والعجز أتعَبَه، تردَّد بين المستشفيات، وزار كثيرًا من العِيادات، فلا جديدَ ولا تقدُّم، والحال نفس الحال، فظن أن ما أصابَه هو سحر شيطاني. ضعُفتْ نفسُه أمام نصائح شيطانيَّة، قد تكون من صديق غافل أو جاهل، يدعوه لفكِّ ما أصابه بالشعوذة والسحر فلا ضَيْرَ في ذلك؛ فهو في حال اضطرارٍ ويجوز له ما لا يجوزُ لغيره! فصرخ صوته الداخلي يُذكِّره بقول الحبيب - صلَّى الله عليه وآله وسلَّم -: (مَن أتى كاهنًا فصدَّقَه بما يقول، فقد كفَر بما أُنزِل على محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم)؛ رواه أبو داود. وآخركان له صديق، نمى ماله وزاد، وذلك عن طريق الربا الذي يمحَقُ البركات، فدعَتْه النفس الأمَّارة بالسوء أنْ يُحاكِي صديقَه، فلدَيْه مبلغٌ مالي كبير، والفرصة مواتية أنْ يجعله ينمو بالربا،ويعظم بالاستغلال، والنفس ترغب في زيادة المال، فناداه الواعظ الداخلي،يذكره بقوله الله سبحانه: (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ). وآخر تُوفِّي أخوه الأكبر، بعد أنْ خلف العيال، وترَك لهم الكثير من المال، تكفَّل العمُّ بتدبير الأمور ومُتابعة الأبناء، فالمال كثير والأبناء لا يعقلون، فدعَتْه النفس أنْ يأخُذ ما يَشاء، ويعيشُ بمال أخيه في رغد ونعماء، ولكنَّ صوت الفطرة الداخلي دعاه: (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا). وآخريُقوِّي صلته مع جميع الناس، يتميَّز بحبِّه لهم،ودَماثة خلقه معهم، ولكنَّ صلته بربه ضعيفة.يتكاسل في العبادة،ويتنازل عن الطاعة، فكيف تكون علاقته بالله قويَّة وهو مبتعدٌ عن الصلاة التي هي صلته مع الكريم - جلَّ في علاه - ضاقَتْ نفسه ببُعدِه عن ربِّه، فردَّد صوته الفطري،قول النبي(ص): (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاةُ، فمَن ترَكَها فقد كفر). وآخريتأخَّر دومًا عن مدرسته، ويُعاقَب في كلِّ مرَّة بسبب تأخُّره، فدعَتْه نفسه يومًا للكذب على مُدرِّسه؛ مرضُ الوالد سبب، وتعطُّل الحافلة سبب، وموت قريب سبب،تعددت الأسباب، والنتيجة الغياب.. ولكن في الأخير، ردَّدها الضمير: " عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا ، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا ". وابن يَصرُخ ويَضجَر من طلبات الأم الحَنُون،ويُشاكِس دومًا الأبَ العطوف، ساءَت الأحوال، وفسدت الأخلاق، والتوفيق لا يُحالِفه، جلس مع نفسه لحظةً يُحادِثها ويُكلِّمها، فقال له صوت الفطرة: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا، إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا، وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا). (عباد الله) ان الصوت الفطري، والضمير الحي، هو صدًى لما غَرَسْناه نحن بداخِلنا، فالقُرآن والسنَّة النبويَّة الشريفة مصدرَا التشريعِ الذي لا بُدَّ أنْ نتشرَّب من مَنهَلهما الصافي صِغارًا وكِبارًا، ولا بُدَّ أنْ تكون لنا وقفاتٌ صادقةٌ لنَغرِس الرقابة الذاتية والآلية داخل أنفُسنا. هي دعوةٌ صادقةٌ لنا جميعا- لأنْ نُقوِّي الضمير الحي، و الصوت الداخلي،صوت القلب والعقل،قال تعالى: ( لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ). وعن الحسن البصري: "إنَّ المؤمن والله ما تَراه إلا يلومُ نفسه: ما أردت بكلمتي؟ ما أردت بأكلتي؟ ما أردت بحديث نفسي؟ وإنَّ الفاجر يَمضِي قدمًا ما يُعاتِب نفسه".وفي الحديث: { والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني } [رواه أحمد والترمذي]. اللهمّ اهدِنا صراطك المستقيم ، وانفعنا بالقرآن العظيم ، وأعذنا من نزغات الشياطين. (آمين) وأقول قولي هَذَا ..
الحمد لله الذي خلق كل شيء فقدره تقديراً، عالم السر والخفيات، الذي لايعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولافي السموات، وهو بكل شيء خبير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العلي الكبير، وأشهد أن نبينامحمداً عبده ورسوله البشيرالنذير، والسراج المنير. صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، وعلى أنبياء الله ورسله.. (أما بعد) أيهاالمؤمنون الكرام: فإن من فقه الرجل أن يعرف مواطن الإيمان فيزداد منها ، وأن يعرف أسباب نقص الإيمان فيبتعد عنها ، وأن يعرف مواضع نزغات الشيطان فيتعوذ بالله منها ، ومن هذه المنطلقات اليكم هذه الخواطر الإيمانية ؛ لأن القلوب بحاجة إلى التذكير بالله عزوجل،والى الإرشاد ليقوم المسلم بعبادة ربه - سبحانه وتعالى - كما جاء بها رسوله - صلى الله عليه وسلم – ، وليطيع الله ويتقرب اليه ما بين الخوف والرجاء والمحبة. فاعلموا - رحمكم الله- أن الله - عز وجل - ذكر في كتابه العظيم، الدنيا الملهية عن ذكره - سبحانه- ،ذكرها بصفات الذم بأمثال عديدة ، وصور متنوعة ؛ لبيان أنها مزرعة للخير أو الشر ، وحصاده عندما تُنتزع الروح من أخمص القدمين إلى الساقين ، إلى الحقوين(منتصف القامة) ، إلى الصدر وفيه حشرجة ، وإلى القلب فيُضغط ضغطة تُخرج ما فيه ، وينطق اللسان ، وتخرج الروح فيتبعها البصر إلى السماء ، فتعرف مصيرها إما كونها من أهل الإيمان، أو من أهل العصيان ، ثم ترد في القبر إلى الجسد ، فإما جنة ونعيم ، وإما عذاب أليم إلى أن يقوم الناس لرب العالمين. واعلم - رعاك الله - أنك تنادى في الدنيا بأحب الأسماء إليك ، فإذا فارقت الروح البدن تُرك اسمك، ونسي ذكرك ، فتسمى جثةً ، فإذا غُسِّلتَ وكُفِّنتَ وصُلِّي عليك وحُملتَ على الأكتاف تسمى جنازة - نسبة إلى الخشبة التي تُحمل عليها - ، فإذا وضعتَ في اللحد وصُفَّتْ عليك اللبنات، وحُثي عليك التراب، وتركوكَ في القبر تسمى ميتاً، فهنيئاً لمن نُوديتْ روحه في السماء بأطيب الأسماء ، وطُيبتْ بأطيب ريح ، وتنعم بأطيب نعيم ، وفُسح له في قبره، مدَّ بصره، من النعيم العظيم،فيقول: رب أقم الساعة. واعلموا – عباد الله - أن الله - جل وعلا - إذا أراد أمراً عظيماً قدم له مقدمات عظيمة ، فيوم القيامة- الذي تنوّعت أسماؤه وصفاته- يبدأ بنفخ الصور إيذاناً بنهاية الحياة على الأرض ، وفيه تجري الأهوال والأحداث والتغيرات العظيمة في الآيات الكونية - العلوية والسفلية- ويقف الناس في موقف عظيم، أمام رب العالمين ، وليس بين العبد وبين ربه - جل وعلا - ترجمان ، فهل تزودت لهذا الموقف العظيم بالإيمان والأعمال الصالحة ؟ ان من أعظم الحسرة والندامة، أن يأتي العبد يوم القيامة، وهو محمَّل بالذنوب والمعاصي ، ويعتقد المسكين أنه قد أحسن عملاً،قال تعالى: (قل هل ننبؤكم بالاخسرين اعمالا، الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا). ولهذا فإن أشد ما يحمله العبد يوم القيامة الأوزار ، وهي من أسباب دخول النار دار البوار،قال تعالى: (مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا) ، وفي هذا الوقت لا ينفع الندم ؛ فليحرص العبد على أن يزداد من الخير للقاء رب الأرباب يوم التناد ، يقول - سبحانه - : (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى). تأمل – يارعاك الله - إذا صرت على الصراط ، ونظرت إلى جهنم تحتك سوداء مظلمة ، وعلا لهيبها، وارتفع صوت زفيرها ، وأنت تمشي أحياناً وتزحف أحياناً ، فلا نجاة لك من ذلك الموقف العظيم والحدث الرهيب إلا بالمسارعة في الأعمال الصالحة ، ولزوم تقوى الله تعالى. وختاماً ... من أراد أنْ يتعظ ، ويرق قلبه ، وتدمع عينه ، وتخشع جوارحه ، ويزداد في العبادات ؛ فعليه بالقرآن العظيم، فهو كلام العزيز الحكيم ، وخاصةً الآيات التي يتكلم الله - عز وجل - فيها عن نفسه ، فأي شيءٍ أعظم من الله - تبارك وتعالى- ؟ فكيف إذا كان الكلام كلامه، يصف به نفسه ؟ قال تعالى: (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ). فاللهم ثبتنا على الحق.. وثبت المسلمين،ووفقنا لكل خير في الدنيا والدين. اللهم صل على محمد وآل محمد... اللهم اختم لنا بخير، وافتح لنا بخير. اللهم اهدنا واهد بنا ، ووسـّع خُـلُــقـنا، وطيّب كسـبنا، وقنـِّعـنا بما رزقـتنا، ولاتـذهِب قـلوبـَـنا اٍلى شيءٍ صرفـتَـه عـنـّـا. اللهم اغـفـر ذنـبنا، واخسِيء شيطـاننا، وفـُـك رهـاننا، وثـقـّـل ميزاننا .. واجعـلنا في موقف القيامة من الآمنين، وإلى أعالي جناتك سابقين. اللهم لا تدع لنا في مقامنا هذا ذنباً إلا غفرته، ولا هم إلا فرجته، ولا كرباً إلا نفسته، ولا عسير إلا يسرته، ولا دين إلا قضيته، ولا مبتلا إلا عافيته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا ميتاً من اموات المسلمين إلا رحمته، ولا ضالاً إلا هديته، ولا إيماً إلا زوجته، ولا عقيماً إلا ولدً صالحاً وهبته، ولا مظلوماً إلا نصرته وأيدته، ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة هي لك رضاء ولنا فيها صلاح، إلا أعنتنا على قضائها ويسرتها لنا برحمتك يا ارحم الراحمين. اللهم انك تعـلم سرنا وعلانيتنا، فأقـبل معـذرتنا.. وتعـلم حاجتنا، فأعـطِـنا سؤالنا ..وتعـلم ما في نفـوسنا ، فاغـفِـر لنا ذنوبنا . اللهم اغـفـر لموتى المسلمين،الذين شهـِـدوا لك بالوحدانية، ولنبيك بالرسالة، وماتوا على ذلك .. اللهم اغـفر لنا ولهُم، وارحمنا واياهُم، وعافهم وأعـفـو عنهم .. اللهم وأنزل على قبورهم الضياء والنور، والفسحة والسرور. وجازهم بالحسنات إحسانا، ويالسيئات عفوا وغفرانا. حتى يكونوا في بطون الألحاد مطمئنين، وعند قيام الأشهاد آمنين، وبجودك ورضوانك واثقين، وإلى أعلى علو درجاتك سابقين، برحمتك يا ارحم الراحمين. اللهم وارحمنا برحمتك اذا صرنا الى ما صاروا اٍليه .. تحت الجنادل والتراب وحـدنا. اللهم ارحمنا اذا أتانا اليقين، وعرق منا الجبين. وبكى علينا الحبيب والغريب.. اللّهم ارحمنا اذا وُورينا التراب، وغُلِّقَتِ من القبورِ الأبواب، فاذا الوحشةُ و الوحدةُ وهوّنِ الحساب. اللّهم ارحمنا اذا حُمِلنا على الأعناقِ، وبلغتِ التراقِ، وقيل من راق.. اللّهم ارحمنا فانَّك بِنا رحيم ، و لا تُعذِّبنا وأنتَ علينا قدير، و الْطُف بنا يا مَولانا فيما جَرَت بِهِ المَقادير. ربنا اغفر لنا ولوالدينا ولمن.. ربنا آتنا في .. (آمين) والحمد لله رب العالمين.