الْقُرْآنُ العَظِيمُ : فَضَائِلُ وَمَسَائِلُ 10 رمضان 1434 هـ
محمد بن مبارك الشرافي
1434/09/10 - 2013/07/18 04:30AM
الْقُرْآنُ العَظِيمُ : فَضَائِلُ وَمَسَائِلُ 10 رمضان 1434 هـ
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ , وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ , وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)
أَمَّا بَعْدُ : فَإِنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَهُوَ النُّورُ الْمُبِينُ , أَعْظَمُ كِتَابٍ وَأَصْدَقُ خِطَابٍ وَأَحْسَنُ جَوَابٍ , نِعْمَةٌ أَنْعَمَ اللهُ بِهَا عَلَيْنَا وَمِنَّةٌ تَفَضَّلَ الْمَوْلَى بِهَا بَيْنَ يَدَيْنَا , فَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالشُّكْرُ وَلَهُ الثَّنَاءُ وَالْعَظَمَةُ .
قَالَ اللهُ تَعَالَى (قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ , وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ)
وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ( اقْرَؤُوا القُرْآنَ , فَإِنَّهُ يَأتِي يَوْمَ القِيَامَةِ شَفِيعاً لأَصْحَابِهِ ) رَوَاهُ مُسْلِم . وعَنِ النَّوَّاسِ بنِ سَمْعَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْه ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ ( يُؤْتَى يَوْمَ القِيَامَةِ بِالقُرْآنِ وَأَهْلِهِ الذينَ كَانُوا يَعْمَلُونَ بِهِ في الدُّنْيَا تَقْدُمُه سورَةُ البَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ ، تُحَاجَّانِ عَنْ صَاحِبِهِمَا ) رَوَاهُ مُسْلِم . وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ . وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ ( إِنَّ اللهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الكِتَابِ أَقْوَاماً وَيَضَعُ بِهِ آخرِينَ ) رَوَاهُ مُسْلِم .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : هَذَا بَعْضُ فَضَائِلِ الْقُرْآنِ مِنَ السُّنَّةِ وَالْقُرْآنِ , وَأَمَّا أَقْوَالُ السَّلفِ عَلَيْهِمْ مِنَ اللهِ الرَّحْمَةُ وَالرِّضْوانُ فَاسْتَمِعُوا طَرَفَاً مِنْهُا : قَالَ عَلِىُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ نَبَأُ مَا قَبْلَكُمْ وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ ، وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ ، وَهُوَ الفَصْلُ لَيْسَ بِالهَزْلِ ، مَنْ تَرَكَهُ مِنْ جَبَّارٍ قَصَمَهُ اللَّهُ ، وَمَنِ ابْتَغَى الهُدَى فِي غَيْرِهِ أَضَلَّهُ اللَّهُ ، وَهُوَ حَبْلُ اللَّهِ المَتِينُ ، وَهُوَ الذِّكْرُ الحَكِيمُ ، وَهُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ ، هُوَ الَّذِي لَا تَزِيغُ بِهِ الأَهْوَاءُ ، وَلَا تَلْتَبِسُ بِهِ الأَلْسِنَةُ ، وَلَا يَشْبَعُ مِنْهُ العُلَمَاءُ ، وَلَا يَخْلَقُ عَلَى كَثْرَةِ الرَّدِّ، وَلَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ ، هُوَ الَّذِي لَمْ تَنْتَهِ الجِنُّ إِذْ سَمِعَتْهُ حَتَّى قَالُوا (إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ)
مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ ، وَمَنْ عَمِلَ بِهِ أُجِرَ ، وَمَنْ حَكَمَ بِهِ عَدَلَ ، وَمَنْ دَعَا إِلَيْهِ هَدَى إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ .
وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ : عَلَيْكُمْ بِالْقُرْآنِ فَتَعَلَّمُوهُ وَعَلِّمُوهُأَبْنَاءَكَمُ , فَإِنَّكُمْ عَنْهُ تُسْأَلُونَ , وَبِهِ تُجْزَوْنَ وَكَفَى بِهِ وَاعِظَاً لِمَنْ عَقِل .
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي أَخْلَاقِ حَمَلَةِ الْقُرْآنِ : يَنْبَغِي لِقَارِئِ الْقُرْآنِ أَنْ يُعْرَفَ بِلَيْلِهِإِذَا النَّاسُ نَائِمُونَ , وَبِنَهَارِهِ إِذَا النَّاسِ مُفْطِرُونَ , وَبِبُكَائِهِ إِذَا النَّاسُ يَضْحَكُونَ , وَبِوَرَعِهِ إِذَاالنَّاسُ يُخَلِّطُونَ , وَبِصَمْتِهِ إِذَا النَّاسُ يَخُوضُونَ , وَبِخُشُوعِهِ إِذَا النَّاسِ يَخْتَالُونَ , وَبِحُزْنِهِ إِذَاالنَّاسُ يَفْرَحُونَ .
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : إِنَّ شَهْرَ رَمَضَانَ شَهْرُ الْقُرْآنِ أَنْزَلَهُ اللهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ , وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَنِي بِالْقُرْآنِ طُوَالَ حَيَاتِهِ فَكَيْفَ بِرَمَضَانَ ! فَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقْرِئُنَا الْقُرْآنَ عَلَى كُلِّ حَالٍ مَالَمْ يَكُنْ جُنَبَاً . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ : حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ .
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَّكِئُ فِي حِجْرِي , فَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَأَنَا حَائِضٌ . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . فَهَكَذَا حَالُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَائِمَاً , فَإِذَا جَاءَ رَمَضَانُ أَقْبَلَ عَلَيْهِ إِقْبَالاً خَاصَّاً , حَتَّى إِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ كُلَّ لَيْلَةٍ يُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ . فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ , وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ , فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . أ كك
وَأَمَّا السَّلَفُ الصَّالِحُ عَلَيْهِمْ رَحْمَةُ اللهِ فَلَهُمْ فِي ذَلِكَ قَصَبُ السَّبْقِ , حَيْثُ كَانُوا يُولُونَ الْقُرْآنَ عِنَايَةً عَظِيمَةً فِي التِّلَاوَةِ وَالتَّدَبُّرِ وَالْقِيَامِ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ , وَكَانَ عَامَّتُهُمْ يَخْتِمُونَ الْقُرْآنَ كُلَّ سَبْعِ لَيَالٍ , فَعَنْ أَوْسِ بْنِ حُذَيْفَةَرَضِيَ اللهُ عَنْهُ - وَهُوَ صَحَابِيٌّ أَسْلَمَ مُتَأَخِّرَاً - قَالَ : سَأَلْتُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ يُحَزِّبُونَ الْقُرْآنَ ؟ قَالُوا : ثَلاَثٌ وَخَمْسٌ وَسَبْعٌ وَتِسْعٌ وَإِحْدَى عَشْرَةَ وَثَلاَثَ عَشْرَةَ وَحِزْبُ الْمُفَصَّلِ وَحْدَهُ . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَجَوَّدَ إِسْنَادَهُ الْحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ .
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَّكِئُ فِي حِجْرِي , فَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَأَنَا حَائِضٌ . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . فَهَكَذَا حَالُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَائِمَاً , فَإِذَا جَاءَ رَمَضَانُ أَقْبَلَ عَلَيْهِ إِقْبَالاً خَاصَّاً , حَتَّى إِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ كُلَّ لَيْلَةٍ يُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ . فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ , وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ , فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . أ كك
وَأَمَّا السَّلَفُ الصَّالِحُ عَلَيْهِمْ رَحْمَةُ اللهِ فَلَهُمْ فِي ذَلِكَ قَصَبُ السَّبْقِ , حَيْثُ كَانُوا يُولُونَ الْقُرْآنَ عِنَايَةً عَظِيمَةً فِي التِّلَاوَةِ وَالتَّدَبُّرِ وَالْقِيَامِ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ , وَكَانَ عَامَّتُهُمْ يَخْتِمُونَ الْقُرْآنَ كُلَّ سَبْعِ لَيَالٍ , فَعَنْ أَوْسِ بْنِ حُذَيْفَةَرَضِيَ اللهُ عَنْهُ - وَهُوَ صَحَابِيٌّ أَسْلَمَ مُتَأَخِّرَاً - قَالَ : سَأَلْتُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ يُحَزِّبُونَ الْقُرْآنَ ؟ قَالُوا : ثَلاَثٌ وَخَمْسٌ وَسَبْعٌ وَتِسْعٌ وَإِحْدَى عَشْرَةَ وَثَلاَثَ عَشْرَةَ وَحِزْبُ الْمُفَصَّلِ وَحْدَهُ . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَجَوَّدَ إِسْنَادَهُ الْحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ .
وَأَمَّا فِي رَمَضَانَ فَكَانَ لَهُمْ مِنَ الْعِنَايَةِ مَا يَنْبَهِرُ الإِنْسَانُ أَمَامَ تِلْكَ الأَخْبَارِ , فَكَانَ قَتَادَةُ بْنُ دِعَامَةَ السَّدُوسِيِّ رَحِمَهُ اللهُ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ كُلَّ سَبْعِ لَيَالٍ , فَإِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ خَتَمَ كُلَّ ثَلاثٍ , فَإِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ الأَوَاخِرُ مِنْ رَمَضَانَ خَتَمَ كُلَّ لَيْلَةٍ .
وَكَانَ الْبُخَارِيُّ يَخْتِمُ فِي رَمَضَانَ كُلَّ لَيْلَةٍ , بَلْ إِنَّ الشَّافِعِيَّ مُحَمَّدَ بْنَ إِدْرِيسَ الإِمَامَ الْمَعْرُوفَ كَانَ لَهُ خَتْمَةٌ بِالنَّهَارِ وَخَتْمَةٌ بِاللَّيْلِ , وَهَذَا شَيْءٌ لا يَكَادُ يُصَدَّقُ , لَكِنْ إِذَا عَرَفْنَا أَنَّهُمْ حَفَظَةٌ لِلْقُرْآنِ وَكَانُوا مُتَفَرَّغِينَ لَهُ تَمَامًا اتَّضَحَ الأَمْرُ .
وَمَعَ هَذَا فَيَنْبَغِي لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا أَنْ يَجْتَهِدَ مَا اسْتَطَاعَ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إِلَى مَنَازِلِ أُولَئِكَ , لَكِنْ يَعْمَلُ الْعَمَلَ الذِي يَسْتَطِيعُ الْمُدَاوَمَةَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ انْقِطَاعٍ , فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ : سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ ؟ قَالَ (أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ) وَقَالَ (اكْلَفُوا مِنَ الْأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ .
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ .
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ .
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا , وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ .
أَمَّا بَعْدُ : فَإِنَّ مِنْ حُقُوقِ تِلاوَةِ الْقُرْآنِ أَنْ يَكُونَ الْقَارِئُ عَلَى طَهَارَةٍ , فَإِنْ كَانَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مِنْ حِفْظِهِ فَالطَّهَارَةُ مُسْتَحَبَّةٌ , وَإِنْ كَانَ يَقْرَأَ مِنَ الْمُصْحَفِ فَالطَّهَارَةُ وَاجِبَةٌ , فَإِنْ كَانَ الإِنْسَانُ عَلَى جَنَابَةٍ فَلا يَجُوزُ لَهُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ مُطْلَقَاً لا مِنَ الْمُصْحَفِ وَلا مِنْ حِفْظِهِ .
وَأَمَّا الْحَائِضُ فَإِنَّ الصَّحِيحَ مِنْ أَقْوَالِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ لَهَا أَنْ تَقْرَأَ الْقُرْآنَ , وَهَذَا اخْتَيَارُ الشَّيْخُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ بَازٍ رَحِمَهُ اللهُ .
أَمَّا بَعْدُ : فَإِنَّ مِنْ حُقُوقِ تِلاوَةِ الْقُرْآنِ أَنْ يَكُونَ الْقَارِئُ عَلَى طَهَارَةٍ , فَإِنْ كَانَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مِنْ حِفْظِهِ فَالطَّهَارَةُ مُسْتَحَبَّةٌ , وَإِنْ كَانَ يَقْرَأَ مِنَ الْمُصْحَفِ فَالطَّهَارَةُ وَاجِبَةٌ , فَإِنْ كَانَ الإِنْسَانُ عَلَى جَنَابَةٍ فَلا يَجُوزُ لَهُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ مُطْلَقَاً لا مِنَ الْمُصْحَفِ وَلا مِنْ حِفْظِهِ .
وَأَمَّا الْحَائِضُ فَإِنَّ الصَّحِيحَ مِنْ أَقْوَالِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ لَهَا أَنْ تَقْرَأَ الْقُرْآنَ , وَهَذَا اخْتَيَارُ الشَّيْخُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ بَازٍ رَحِمَهُ اللهُ .
وَتُسْتَحَبُّ الاسْتِعَاذَةُ عِنْدَ بِدَايَةِ الْقِرَاءَةِ لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيم) ثُمَّ إِنْ كَانَ يَقْرَأُ مِنْ أَوَّلِ السُّورَةِ قَرَأَ الْبَسْمَلَةَ إِلَّا سُوْرَةَ التَّوْبَةِ , وَإِنْ كَانَ مِنْ وَسَطِ السُّورَةِ فَلا حَاجَةَ لِلْبَسْمَلَةِ وَلا تُشْرَعُ لِعَدَمِ الدَّلِيلِ , ثُمَّ إِذَا انْتَهَى مِنَ الْقِرَاءَةَ سَكَتَ , وَلا يَقُولُ : صَدَقَ اللهُ الْعَظِيم , بَلْ قَدْ نَصَّ الشَّيْخَانُ ابْنُ بَازٍ وَالْعُثَيْمِينُ رَحِمَهُمَا اللهُ عَلَى أَنَّهَا بِدْعَةٌ , لِعَدَمِ الدَّلِيلِ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : وَيَنبَغِي لِلْقَارِئِ اسْتِحْضَارُ عَظَمَةِ الْقُرْآنِ وَأَنَّهُ كَلامُ رَبِّ الْعَالَمِينَ , فُيُرَتِّلُ وَيُحَسِّنُ صَوْتَهَ قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا)
وَلا يَصْلُحُ أَنْ يَعْبَثَ بِنَظَرِهِ يَمِينَاً وَشِمَالاً أَثْنَاءَ الْقِرَاءَةِ وَيَرَى الْغَادِيَ وَالرَّائِحَ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ يُطَالِعُ فِي الْجَوَّالِ لِيَقْرَأَ الرَّسَائِلَ أَوْ يَرُدُّ عَلَى الْمُكَالَمَاتِ إِلَّا لِحَاجَةٍ شَدِيدَةٍ أَوْ ضَرُورَةٍ , فَلَيْسَ هَذَا مِنَ احْتِرَامِ الْقُرْآنِ .
فَإِذَا مَرَّ بِسَجْدِةِ تِلاوَةٍ سَجَدَ , وَقَالَ : سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَعْلَى , كَسُجُودِ الصَّلاةِ , وَإِنْ حَفِظَ شَيْئَاً مِنَ الأَدْعِيَةِ الْوَارِدَةِ قَالَهَا وَإِلَّا كَفَاهُ التَّسْبِيحُ .
وَيَنْبَغِي لِلْقَارِئِ أَنْ يَتَدَبَّرَ مَعَانِيَ كَلامِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَيَتَأَثَّرَ بِهِ , فَإِذَا مَرَّ بِآيَاتٍ فِيهَا رَحْمَةٌ سَأَلَ أَوْ عَذَابٌ اسْتَعَاذَ باِللهِ مِنْهُ , َعَنْ حُذَيفَةَ بنِ اليَمَانِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ ، يَقرَأُ مُتَرَسِّلاً : إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسبيحٌ سَبَّحَ ، وَإذَا مَرَّ بسُؤَالٍ سَأَلَ ، وَإذَا مَرَّ بتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ . رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
وَلا يَصْلُحُ أَنْ يَعْبَثَ بِنَظَرِهِ يَمِينَاً وَشِمَالاً أَثْنَاءَ الْقِرَاءَةِ وَيَرَى الْغَادِيَ وَالرَّائِحَ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ يُطَالِعُ فِي الْجَوَّالِ لِيَقْرَأَ الرَّسَائِلَ أَوْ يَرُدُّ عَلَى الْمُكَالَمَاتِ إِلَّا لِحَاجَةٍ شَدِيدَةٍ أَوْ ضَرُورَةٍ , فَلَيْسَ هَذَا مِنَ احْتِرَامِ الْقُرْآنِ .
فَإِذَا مَرَّ بِسَجْدِةِ تِلاوَةٍ سَجَدَ , وَقَالَ : سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَعْلَى , كَسُجُودِ الصَّلاةِ , وَإِنْ حَفِظَ شَيْئَاً مِنَ الأَدْعِيَةِ الْوَارِدَةِ قَالَهَا وَإِلَّا كَفَاهُ التَّسْبِيحُ .
وَيَنْبَغِي لِلْقَارِئِ أَنْ يَتَدَبَّرَ مَعَانِيَ كَلامِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَيَتَأَثَّرَ بِهِ , فَإِذَا مَرَّ بِآيَاتٍ فِيهَا رَحْمَةٌ سَأَلَ أَوْ عَذَابٌ اسْتَعَاذَ باِللهِ مِنْهُ , َعَنْ حُذَيفَةَ بنِ اليَمَانِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ ، يَقرَأُ مُتَرَسِّلاً : إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسبيحٌ سَبَّحَ ، وَإذَا مَرَّ بسُؤَالٍ سَأَلَ ، وَإذَا مَرَّ بتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ . رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
فَاللَّهُمَّ اجْعَلِ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قُلُوبِنَا وَنُورَ صُدُورِنَا وَذَهَابَ غُمُومِنَا وَهُمُومِنَا , اللَّهُمَّ عَلِّمْنَا مِنْهُ مَا جَهِلْنَا وَذَكِّرْنَا مِنْهُ مَا نُسِّيْنَا , اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنْ أَحَلَّ حَلالَهُ وَحَرَّمَ حَرَامَهُ , وَعَمِلَ بِمُحْكَمِهِ وَآمَنَ بِمُتَشَابِهِهِ , اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ شَاهِدَاً لَنَا لا شَاهِداً عَلَيْنَا , اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ شَفِيعاً لَنَا يَوْمَ نَلْقَاكَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ .
اللَّهُمَّ اهْدِ شَبَابَ الْمُسْلِمِينَ وَشيَّابَهُمْ , اللَّهُمَّ أَصْلِحْ رِجَالَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ , اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَ الإِسْلامَ وَالْمُسْلِمِينَ بِسُوءٍ فَأَشْغِلْهُ بِنَفْسِهِ , اللَّهُمَّ رُدَّ كَيْدَهُ فِي نَحْرِهِ , اللَّهُمَّ اجْعَلْ تَدْبِيرَهُ تَدْمِيرَاً لَهُ يَا قَوِيُّ يَا عَزِيزُ .
اللَّهُمَّ أَصْلِحْ شَأْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ , وَأَصْلِحْ لَهُمْ وُلاتَهُمْ وَأَصْلِحْ لِوُلاتِهِمْ بِطَانَتَهُمْ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ .
اللَّهُمَّ أَصْلِحْ شَأْنَ إِخْوَانَنَا فِي مِصْرَ وَاحْقِنْ دِمَاءَهُمْ وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِهِمْ وَوَلِّ عَلَيْهِمْ خَيَارَهُمْ وَاكْفِهِمْ شِرَارَهُمْ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ .
اللَّهُمَّ كُنْ لِإخْوَانِنَا الْمُسْتَضْعَفِينَ فِي سُورِيَا عَوْناً وَنَصِيراً , اللَّهُمَّ انْصُرْهُمْ عَلَى عَدُوِّكَ وَعَدُوِّهِم , اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِمَوْتَاهُمْ وَاشْفِ مَرْضَاهُمْ وَسُدَّ جَوْعَاتِهِمْ وَارْحَمْهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْ عِنْدِكَ تُغْنِيهِمْ بِهَا عَمَّنْ سِوَاكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ! اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ اللَّهُمَّ ارْضَ عَنْ صَحَابَتِهِ وَعَنِ التَّابِعِينَ وَتَابِعِيْهِم إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَعَنَّا مَعَهُم بِعَفْوِكَ وَمَنِّكَ وَكَرَمِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ , وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .
المرفقات
الْقُرْآنُ العَظِيمُ فَضَائِلُ وَمَسَائِلُ 10 رمضان 1434 هـ.doc
الْقُرْآنُ العَظِيمُ فَضَائِلُ وَمَسَائِلُ 10 رمضان 1434 هـ.doc
المشاهدات 3187 | التعليقات 3
اللَّهُمَّ اجْعَلِ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قُلُوبِنَا وَنُورَ صُدُورِنَا وَذَهَابَ غُمُومِنَا وَهُمُومِنَا ,*.بارك الله فيك ياشيخ محمد ووفقك وسدد خطاك.آمين
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله كل خير ونفع بك
زياد الريسي - مدير الإدارة العلمية
جزى الله الشيخ محمد خيرا فقد أحيا عظمة القرآن في نفوسنا فمزاياه لا تحصى وفضائله لا تعد وعجائبه لا تنتهي ومعجزاته لا تنحصر لأن المتكلم به علمه لا يحد ومراده لا يمكن أن يوقف على حدوده.
فالحمد لله أن جعلنا من أهل القرآن كما أسأله أن يجعله شفيعا وحجة لنا يوم نلقاه .
تعديل التعليق