القدس الشريف

طلال شنيف الصبحي
1439/03/26 - 2017/12/14 01:11AM

القدس الشريف 27 / 3 / 1439 ه

الحمد لله الذي جعل بيت المقدس من خيار ديار المؤمنين, وربط مسجده الأقصى بعقيدة المسلمين, الحمد لله الذي بارك حوله, ومكن منه المؤمنين بعد صولة وجولة, الحمد الله الذي كتب الذلة على اليهود, وثقة المسلمين بربهم أن الأقصى إليهم سيعود, فسبحان الذي عرج بنبيه إلى السماء وبالصلاة أوصى, وسبحان الذي أسرى بعبده من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى, ثم الصلاة والسلام, على خير الأنام, ومصباح الظلام, من كشف الله به عن الأمة حجابها, ووعد بالعزة من أخذ أسبابها, فصلى الله عليه وسلم, وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا. أما بعد (يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون)                                            

عباد الله: المسجد الأقصى.. أولى القبلتين, والثالث بعد المسجدين, مهبط الرسالات, ومسرح النبوات, أرض المعراج وأرض المحشر والمنشر, ومجمع الأنبياء, وزهرة المدائن, قال أنس بن مالك رضي الله عنه: (إن الجنة تحن شوقًا إلى بيت المقدس, وصخرة بيت المقدس من جنة الفردوس, وهي صرة الأرض) إنها حكاية مكان قدَّسه الله وشرَّفه وعظَّمه وكرَّمه إنه (المسجد الأقصى) إرث الأمة الخالدة الذي يسكن قلب كل مسلم، ذكره الله في القرآن العظيم بلفظ التقديس والأرض المقدسة والمسجد الأقصى، وباركه الله، وبارك ما حوله؛ ففاضت بركته الدينية والدنيوية؛ حتى بورك الذي حوله لبركته. كان فتح بيت المقدس إحدى بشارته r -كما في صحيح البخاري. وفي السنة الخامسة عشر للهجرة؛ وفي عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه تحققت هذه البشارة ودخل المسلمون (بيت المقدس)، وقال البطارقة لا نُسلِّم مفاتيح بيت المقدس إلا للخليفة عمر بن الخطاب؛ فإنا نجد صفته في الكتب المقدسة.وجاء عمر -رضي الله عنه- من المدينة المنورة إلى فلسطين، وتسلم مفاتيح (بيت المقدس) تسلماً شريفاً في قصة تكتب تفاصيلها بمداد النور، وأشرف على مدينة القدس من (جبل المكبِّر) حيث كبَّر وكبر معه المسلمون.جاء على جملٍ أحمر يتعاقبه هو وغلامه، وأقبل وغلامه هو الراكب وعمر آخذٌ بخطام البعير، ومر على مخاضةٍ من ماءٍ وطين فخلع موقيه -أي خُفَّيه- فأمسكهما بيد، وأمسك خطام البعير باليد الأخرى.فاستقبله أبو عبيدة معاتباً يقول: "لقد فعلت شيئاً عظيماً أمام أهل الأرض"، فدفعه عمر بيده في صدره وقال: "لو غيرك قالها ياأبا عبيدة! فقد كنتم أذل الناس؛ فأعزكم الله بالإسلام، فمهما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله".هذا هو الطريق إلى فلسطين، دخل عمر بعزة الإسلام في يومٍ من أيام الله، ولقد كتب التاريخ بما لا مراء فيه: أنه لم يهدم صومعةً، ولا كنيسةً، ولا معبدًا، ولا داراَ، بل ترك للناس دور عبادتهم، وكتب لأهل البلد عهداً وأماناً وأشهد عليه. عباد الله: لقد فهم المسلمون الأوائل أن الله قد أكمل لهم دينهم فلم يرضَ المؤمنون منهم بأن ينتقص شيء من هذا الكمال في واقع الحياة؛ فأقام أبو بكر الدنيا ولم يقعدها على عقال لو فكر المرتدون أن يمنعوه من مال الزكاة، وطاف عبد الله بن الزبير سباحة حول الكعبة يوم أصابها السيل، وتحمل ابن حنبل كل أنواع الأذى والمهانة للدفاع عن القرآن، وسير المعتصم الجيوش لصرخة امرأة مسلمة في الأسر، وأبى صلاح الدين أن يبتسم والصليبيون يرتعون في بيت المقدس، أولئك فقط ومن سار على نهجهم هم الذين لا يسمحون بأي حال من الأحوال أن ينتقص من الدين شيء أو من شعائره أو من مقدساته وفيهم نفس وحياة ترضى بالذل والهوان!! وهم الطائفة الذين ذكرهم النبي r في الحديث "لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك" أخرجه البخاري, وفي زيادة عند الإمام أحمد: "قيل أين هم يا رسول الله؟ قال: في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم(وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا * فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا) بارك الله لي ولكم

الخطبة الثانية:

عباد الله: إن ما حدث من قرار الرئيس الأمريكي بنقل السفارة الأمريكية للقدس باعتبارها عاصمة لإسرائيل لهو قرار جائر وجريمة كبرى يأسف لها المسلمين عامة والشعب الفلسطيني خاصة, ولكننا على أمل وثقة بالله عز وجل بأن الليل مهما طال؛ فلن يستمر والقيد مهما ضاق؛ فلا بد أن ينكسر والجرح مهما أثخن؛ فلا بد أن ينجبر. عباد الله: إن الواجب المتحتم على الأمة جميعاً في هذا الزمن زمن الفتن والصراع؛ هو اليقظة والاجتماع، والعمل الجاد، والائتلاف وترك الخلاف.لا يليق بأمة الإسلام أن تغرق في خلافاتٍ جانبية، ونظراتٍ إقليمية؛ بينما اليهود يعملون ويخططون على هدم المسجد الأقصى, وبناء الهيكل المزعوم على أنقاضه, فيجب أن تقدمَ مصالـحُ الأمة الكبرى على كل مصلحة فرعية، وأن تُسمَعَ نداءاتُ الحق والعدل، ومبادرات الحزم والعقل؛ بأن تطرحَ الخلافات، وتتوحَّدَ الأمة في وجه الأزمات﴿ وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ  اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم اجمعهم على الحق والهدى، اللهم أحقن دماءهم وآمنهم في ديارهم، وأرغد عيشهم، واكبت عدوهم.يا من لا يُهزم جندك، ولا يخلفُ وعدك، سبحانك وبحمدك. اللهم إن الصهاينة قد بغوا وطغوا وأسرفوا في الطغيان. اللهم هيئ لهم يداً من الحق حاصدة؛ تكسر شكوتهم، وتستأصل شأفتهم، اللهم أنزل بهم بأسك ورجزك إله الحق.اللهم طهر المسجد الأقصى من دنس اليهود3, وارزقنا فيه يا ربنا صلاة آمنة قبل الممات,.

المشاهدات 1296 | التعليقات 1

المرفق هنا

المرفقات

https://khutabaa.com/forums/رد/290370/attachment/%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%82%d8%b5%d9%893-%e2%80%ab%e2%80%ac

https://khutabaa.com/forums/رد/290370/attachment/%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%82%d8%b5%d9%893-%e2%80%ab%e2%80%ac