القبر
خالد الذيابي
1433/10/24 - 2012/09/11 14:34PM
يا أيها المسلمون : أتقوا الله حق تقواه وأنيبوا إليه في السر والنجوى فتقواه سبحانه من أعظم ما ينجي من عذابه، وأعظم ما يقرب إلى جنته ومرضاته (وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) (الزمر : 61 )
أيها الإخوة:
سنة من السنن ،قدرها الله كونا على عباده ،ذكرها أزعج قلوب الصالحين ،والحديث عنها أرهب قلوب المفرطين ، بها يعرف حقيقية العيش ،وحقارة الدنيا ،وعظيم ما أعد من العذاب والنعيم ، يمر عليها الصغير والكبير ، والغني والفقير ، والعظيم والحقير, والرئيس والمرؤوس ، بها تحقق معادلة ذكرها الله في كتابه وأكد عليها نبيه في صحيح بيانه (مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى) (طه : 55 )
إنها حفرة القبر ، تلك الحفرة المظلمة ، تلك الحفرة الموحشة ، تلك الحفرة الضيقة ، ذات الهوام والديدان ، فيها يثبت الله المؤمنين ويضل الظالمين ، روى البخاري ومسلم عن البراء بن عازب ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ) (إبراهيم : 27 )
أنزلت في عذاب القبر يقال له: من ربك ؟
فيقول ربي الله ونبي محمد فذلك قوله عزوجل : (يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ) (إبراهيم : 27 )....(1)
تقول أسماء ـ رضي الله عنها ـ : ((قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا فذكر فتنة القبر التي يفتن فيها المرء فلما ذكر ذلك ضج المسامون ضجة))(2) حالت بيني وبين أن أفهم كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما سكنت ضجتهم قلت لرجل قريب مني : أي بارك الله فيك ، ماذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أخر قوله ؟
قال قد أوحي إلي : أنكم تفتنون في القبور قريبا من فتنة الدجال))(3)
كان عثمان ـ رضي الله عنه ـ اذا وقف على قبر بكى حتى تبل لحيته فقيل له : تذكر الجنة والنار فلا تبكي ، ويذكر القبر فتبكي ؟! فقال : إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ((القبر أول منازل الآخرة فإن ينج منه فما بعده أيسر منه ، وان لم ينج منه فما بعده أشر منه )) (4)
انظر لنفسك يا مسكين في مهل
مادام ينفــــعك التفكير والنظر
قف بالمقابر وانظر إن وقفت بها
لله درك مــــــــاذا تستر الحفر
ففيهم لك يا مغرور موعــــظة
وفيهم لـــــــــك يا مغتر معتبر
كم في هذه الحفر ؟؟ كم لنا من أصحاب وأحباب ، نقلوا من قصورهم إلى قبورهم ،ومن ضياء مهودهم إلى ظلمة اللحود ، نقلوا من ملاينة الأهل والولدان إلى مقاسمة الهوام والديدان..(6)
ومن التنعم بالطعام والشراب إلى التمرغ في الثرى والتراب ، نقلوا من أنس العشرة إلى وحشة الوحدة ، ومن المضجع الوثير إلى المصرع الوبيل ، فأخذهم الموت على غرة ، وسكنوا القبور بعد الحياة والترف واللذة ،
فاللهم إنا نسألك أن تجعل قبورنا وقبورهم من رياض الجنة اللهم اجعل قبورنا وقبورهم من رياض الجنة..
أيها الإخوة :.
إذا وضع العبد في القبر وتولى عنه الأصحاب والأحباب ((يسمع قرع نعالهم فيأتيه ملكان فيقعدانه فيقولان : ما كنت تقول في هذا الرجل ؟ لمحمد صلى الله عليه وسلم ، فأما المؤمن فيقول أشهد أنه عبد الله ورسوله.
فيقول له : انظر الى مقعدك من النار قد أبدلك الله به مقعدا في الجنة فيراهما جميعا
وأما المنافق والكافر فيقال له : ما كنت تقول في هذا الرجل؟
فيقول لا أدري ، كنت أقول ما يقول الناس ، فيقال لا دريت ولا تليت ويضرب بمطارق من حديد ضربة فيصيح صيحة يسمعها من يليه غير الثقلين )) (7)
إن المؤمن إذا كان في القبر كانت الصلاة عن رأسه والصيام عن يمينه ، والزكاة عن شماله ، وفعل الخيرات من الصدقة والاحسان عند رجليه ، فيؤتى من قبل رأسه فتقول الصلاة : ما قبلي مدخل ، ثم يؤتى عن يمينه فيقول الصيام : ما قبلي مدخل ، ثم يؤتى عن شماله فتقول الزكاة: ما قبلي مدخل، ثم يؤتى عن قبل رجليه فتقول فعل الخيرات:
ما قبلي مدخل(8)
فهذه صيحة نذير ! الله الله فيما افترض الله للنجاة من فتنة القبور والسعة يوم تضيق اللحود ..
وكم من فتى يمسي ويصبح لاهيا
وقد نسجت أكفانه وهو لايـــدري
وكم من ساكن عند الصباح بقصره
وعند المسا قد كان من ساكن القبر
فكن مخلصا واعمل الخير دائما
لعلك تحظــــى بالمثوبــــة والأجر
وداوم على تقوى الإله فإنها أمان
من الأهوال في موقف الحشر(9)
أيها الأحبة::
قال صلى اله عليه وسلم (( مارأيت منظر الا والقبر أفظع منه ))(10)
وقف عمر بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ يوما واعظا فقال : إذا مررتم بأصحاب القبور فسلوا غنيهم ما بقي من غناه ؟
وسلوا قويهم أين قوته وجبروته, سلوهم عن الألسن التي كانوا بها يتكلمون ، سلوهم عن الأعين التي كانوا بها ينظرون ، سلوهم عن الجلود الرقيقة ، والوجوه الحسنه ، والأجساد الناعمة ، ما صنع بها الديدان تحت الأكفان ؟!!
أكلت الألسن ، وعفرت الوجوه ، ومحيت المحاسن ، وكسرت الفقار ، وبانت الأعضاء ، ومزقت الأشلاء ، فأين الحجاب والقباب ؟! وأين الخدم والعبيد ؟ّ!
وأين الجمع والكنوز ؟!
قد حيل بينهم وبين العمل ، وفارقوا الأحبة والمال والأهل(11)
فيا ساكن القبر غدا !! ما الذي غرك من الدنيا ؟؟
أين دارك الفيحاء؟!
أين ثمارك اليانعة ؟ أين رقاق ثيابك ؟ أين طيبك وبخورك ؟ أين كسوتك للصيف والشتاء ؟
ليت شعري بأي الخدين يبدأ البلى ؟ ليت شعري بأي جنب يبدأ الدود؟ فيا من حارب ربه بالمعاصي,ألا تخاف القبر وضمته؟يا من انغمس في الشهوات ألاتخاف ضمة في القبر لو نجا منها أحد لنجا منها سعد بن معاذ,,يا من نام عن الفجر ,, وتكاسل عن الظهر,,وتهاون بالعصر,, ولعب بين المغرب والعشاء..(12)
(ألا فكرت في يوم مصرعك,, وانتقالك من موضعك إلى قبرك ,, يوم تنقل من سعة إلى ضيق ,, يوم يخونك الصاحب والرفيق,, ويهجرك الأخ والصديق يوم تؤخذ من فراشك وغطائك إلى غرر,,وتغطى من بعد لين اللحاف بتراب ومدر,, يوم تترك لمن لا يحمدك,, وتقدم بأوزارك على من لا يعذرك,, يوم يقدم عليك منكر ونكير ,, ماذا تقول لهم ؟؟ يوم السؤال عن الصلاة .. أتريد الإجابة نمت عنها !! يوم السؤال عن البصر ,, أطلقته في محارم المسلمين والنظر إلى الكاسيات العاريات .. يوم السؤال عن اللسان,, نهشت به لحوم الأقارب والأباعد.. يوم السؤال عن الأذن ,, هجرت سماع القرآن واستعظت بمزامير الشيطان..يوم السؤال عن المال ,,خبطت به خبط عشواء في الحلال والحرام ولكت بلسانك الخبيث والطيب..يوم السؤال عن الصغير والكبير..ماذا أعددت من جواب؟!
وماذا قدمت من صالح القربات ؟؟فارجع لربك وتب إليه وعد قبل حشرجة الصدور..
قدم لنفسك توبة مــــــرجوة
قبل الممات وقبل حبس الألسن
بادر بها غلق النفوس فإنها
ذخر وغنم للمنيب المحســن(13)
أيها المسلمون :.
إن عذاب القبر ونعيمه حقيقة واقعة يجب الإيمان بها,,
ولا يشك فيها إلا مرتاب ضال ,, فكل من فاضت روحه ,, واعتبر من الأموات .. حصلت له فتنة القبر ,, وأدركه عذابه أو نعيمه ,, فمن دفن في الأرض حصل له عذاب القبر أو نعيمه,,ومن أكلته السباع أو غرق في البحار, أو ذرته الرياح, أو مات ولم يدفن..حصل له عذاب القبر أو نعيمه,,حقيقة يجب الإيمان بها .. وعقد القلب على اليقين بها ,, ولايستخفنكم الذين لايوقنون وعن آيات الله مستكبرون ..
نفعني الله وإياكم بالقرآن....
أيها المسلمون :.
ورد في السنة الصحيحة أحاديث تبين أسبابا موجبة لعذاب القبر وهي يجمعها الجهل بالله وإضاعة أوامره وارتكاب معاصيه التي توجب سخطه وغضبه على العبد ومن ثم يكون عذاب القبر أثرا من أثار سخط الله ونقمته
ومن هذه الأعمال :
عدم الاستتار والاستنزاه من البول والنميمة،، روى البخاري ومسلم عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : مر النبي صلى الله عليه وسلم على قبرين ، فقال : (( إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير ، أما أحدهما فكان يسعى بالنميمة وأما الآخر فكان لا يستتر أو لا يستنزه من بوله ))
وقال صلى الله عليه وسلم (( عامة عذاب القبر من البول ))
وهو سبب عدم ستر العورة عند البول وعدم التطهر منه ..
ومن الذنوب التي يعذب صاحبها في القبر الغلول !!
أهدى رجل الرسول صلى الله عليه وسلم غلاما يقال له مدعم فبيمنا مدعم يحط رحلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم
إذ أصابه سهم عائر فقتله فقال الناس هنيئا له الجنة، فقال الرسول الله صلى الله عليه وسلم :
: (( كلا والذي نفسي بيديه إن الشملة التي أخذها يوم خيبر من الغنائم لم تصبها المقاسم لتشتعل عليه نارا )) (14)
ولا يظن ظان أن الغلول مقتصر على من غّل من الغنائم بل يدخل فيه أخذ الأموال العامة التي يشترك فيها عامة المسلمين ومن ذلك أموال الدوائر العامة وممتلكاتها فاحذر يا من ولاك الله أمر المسلمين أن تخبط في أموالهم وتلطخ يدك بما حرم الله عليك ..
ومن الذنوب التي ورد الوعيد لصاحبها في القبر أكل الربا
فلقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم رؤيا أنه أتاه رجلان فأخذاه إلى بيت المقدس حتى أتى على نهر من دم فيه رجل قائم ، وعلى شط النهر رجل بين يديه حجارة وكلما أراد الرجل الذي في النهر أن يخرج رماه الذي على شط النهر بحجر في فيه فرده حيث كان وجعل كلما أراد أن يخرج رمى في فيه بحجر فيرجع كما كان ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للرجلين من هذا ؟!قالا : هذا آكل الربا..
ومن الذنوب التي ورد الوعيد لصاحبها الزنا أعاذنا الله وإياكم فلقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم في الرؤيا السابقة أنه مر مع رجلين حتى أتوا على ثقب مثل التنور أعلاه ضيق وأسفله واسع يتوقد تحته نارا ، فإذا اقترب ارتفعوا حتى كادوا أن يخرجوا ـ أي من التنور ـ فإذا أخمدت رجعوا فيها ، وفيها رجال ونساء عراة ))
فسأل النبي صلى الله عليه وسلم الرجلين عن هؤلاء فقالا: هم الزناة والزواني ..
أجارنا الله وإياكم من الخزي والعار
وقبل ختم الكلام وطوي الصفحة ألمح إلى أمر عظيم فيه حياة للقلوب ألا وهو زيارة القبور فإن فيها تزهيد في الدنيا وتذكير بالآخرة وهي سنة قل فعلها في الأزمنة المتأخرة نسأل الله الهداية والتوفيق ....
أيها الإخوة:
سنة من السنن ،قدرها الله كونا على عباده ،ذكرها أزعج قلوب الصالحين ،والحديث عنها أرهب قلوب المفرطين ، بها يعرف حقيقية العيش ،وحقارة الدنيا ،وعظيم ما أعد من العذاب والنعيم ، يمر عليها الصغير والكبير ، والغني والفقير ، والعظيم والحقير, والرئيس والمرؤوس ، بها تحقق معادلة ذكرها الله في كتابه وأكد عليها نبيه في صحيح بيانه (مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى) (طه : 55 )
إنها حفرة القبر ، تلك الحفرة المظلمة ، تلك الحفرة الموحشة ، تلك الحفرة الضيقة ، ذات الهوام والديدان ، فيها يثبت الله المؤمنين ويضل الظالمين ، روى البخاري ومسلم عن البراء بن عازب ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ) (إبراهيم : 27 )
أنزلت في عذاب القبر يقال له: من ربك ؟
فيقول ربي الله ونبي محمد فذلك قوله عزوجل : (يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ) (إبراهيم : 27 )....(1)
تقول أسماء ـ رضي الله عنها ـ : ((قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا فذكر فتنة القبر التي يفتن فيها المرء فلما ذكر ذلك ضج المسامون ضجة))(2) حالت بيني وبين أن أفهم كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما سكنت ضجتهم قلت لرجل قريب مني : أي بارك الله فيك ، ماذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أخر قوله ؟
قال قد أوحي إلي : أنكم تفتنون في القبور قريبا من فتنة الدجال))(3)
كان عثمان ـ رضي الله عنه ـ اذا وقف على قبر بكى حتى تبل لحيته فقيل له : تذكر الجنة والنار فلا تبكي ، ويذكر القبر فتبكي ؟! فقال : إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ((القبر أول منازل الآخرة فإن ينج منه فما بعده أيسر منه ، وان لم ينج منه فما بعده أشر منه )) (4)
انظر لنفسك يا مسكين في مهل
مادام ينفــــعك التفكير والنظر
قف بالمقابر وانظر إن وقفت بها
لله درك مــــــــاذا تستر الحفر
ففيهم لك يا مغرور موعــــظة
وفيهم لـــــــــك يا مغتر معتبر
كم في هذه الحفر ؟؟ كم لنا من أصحاب وأحباب ، نقلوا من قصورهم إلى قبورهم ،ومن ضياء مهودهم إلى ظلمة اللحود ، نقلوا من ملاينة الأهل والولدان إلى مقاسمة الهوام والديدان..(6)
ومن التنعم بالطعام والشراب إلى التمرغ في الثرى والتراب ، نقلوا من أنس العشرة إلى وحشة الوحدة ، ومن المضجع الوثير إلى المصرع الوبيل ، فأخذهم الموت على غرة ، وسكنوا القبور بعد الحياة والترف واللذة ،
فاللهم إنا نسألك أن تجعل قبورنا وقبورهم من رياض الجنة اللهم اجعل قبورنا وقبورهم من رياض الجنة..
أيها الإخوة :.
إذا وضع العبد في القبر وتولى عنه الأصحاب والأحباب ((يسمع قرع نعالهم فيأتيه ملكان فيقعدانه فيقولان : ما كنت تقول في هذا الرجل ؟ لمحمد صلى الله عليه وسلم ، فأما المؤمن فيقول أشهد أنه عبد الله ورسوله.
فيقول له : انظر الى مقعدك من النار قد أبدلك الله به مقعدا في الجنة فيراهما جميعا
وأما المنافق والكافر فيقال له : ما كنت تقول في هذا الرجل؟
فيقول لا أدري ، كنت أقول ما يقول الناس ، فيقال لا دريت ولا تليت ويضرب بمطارق من حديد ضربة فيصيح صيحة يسمعها من يليه غير الثقلين )) (7)
إن المؤمن إذا كان في القبر كانت الصلاة عن رأسه والصيام عن يمينه ، والزكاة عن شماله ، وفعل الخيرات من الصدقة والاحسان عند رجليه ، فيؤتى من قبل رأسه فتقول الصلاة : ما قبلي مدخل ، ثم يؤتى عن يمينه فيقول الصيام : ما قبلي مدخل ، ثم يؤتى عن شماله فتقول الزكاة: ما قبلي مدخل، ثم يؤتى عن قبل رجليه فتقول فعل الخيرات:
ما قبلي مدخل(8)
فهذه صيحة نذير ! الله الله فيما افترض الله للنجاة من فتنة القبور والسعة يوم تضيق اللحود ..
وكم من فتى يمسي ويصبح لاهيا
وقد نسجت أكفانه وهو لايـــدري
وكم من ساكن عند الصباح بقصره
وعند المسا قد كان من ساكن القبر
فكن مخلصا واعمل الخير دائما
لعلك تحظــــى بالمثوبــــة والأجر
وداوم على تقوى الإله فإنها أمان
من الأهوال في موقف الحشر(9)
أيها الأحبة::
قال صلى اله عليه وسلم (( مارأيت منظر الا والقبر أفظع منه ))(10)
وقف عمر بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ يوما واعظا فقال : إذا مررتم بأصحاب القبور فسلوا غنيهم ما بقي من غناه ؟
وسلوا قويهم أين قوته وجبروته, سلوهم عن الألسن التي كانوا بها يتكلمون ، سلوهم عن الأعين التي كانوا بها ينظرون ، سلوهم عن الجلود الرقيقة ، والوجوه الحسنه ، والأجساد الناعمة ، ما صنع بها الديدان تحت الأكفان ؟!!
أكلت الألسن ، وعفرت الوجوه ، ومحيت المحاسن ، وكسرت الفقار ، وبانت الأعضاء ، ومزقت الأشلاء ، فأين الحجاب والقباب ؟! وأين الخدم والعبيد ؟ّ!
وأين الجمع والكنوز ؟!
قد حيل بينهم وبين العمل ، وفارقوا الأحبة والمال والأهل(11)
فيا ساكن القبر غدا !! ما الذي غرك من الدنيا ؟؟
أين دارك الفيحاء؟!
أين ثمارك اليانعة ؟ أين رقاق ثيابك ؟ أين طيبك وبخورك ؟ أين كسوتك للصيف والشتاء ؟
ليت شعري بأي الخدين يبدأ البلى ؟ ليت شعري بأي جنب يبدأ الدود؟ فيا من حارب ربه بالمعاصي,ألا تخاف القبر وضمته؟يا من انغمس في الشهوات ألاتخاف ضمة في القبر لو نجا منها أحد لنجا منها سعد بن معاذ,,يا من نام عن الفجر ,, وتكاسل عن الظهر,,وتهاون بالعصر,, ولعب بين المغرب والعشاء..(12)
(ألا فكرت في يوم مصرعك,, وانتقالك من موضعك إلى قبرك ,, يوم تنقل من سعة إلى ضيق ,, يوم يخونك الصاحب والرفيق,, ويهجرك الأخ والصديق يوم تؤخذ من فراشك وغطائك إلى غرر,,وتغطى من بعد لين اللحاف بتراب ومدر,, يوم تترك لمن لا يحمدك,, وتقدم بأوزارك على من لا يعذرك,, يوم يقدم عليك منكر ونكير ,, ماذا تقول لهم ؟؟ يوم السؤال عن الصلاة .. أتريد الإجابة نمت عنها !! يوم السؤال عن البصر ,, أطلقته في محارم المسلمين والنظر إلى الكاسيات العاريات .. يوم السؤال عن اللسان,, نهشت به لحوم الأقارب والأباعد.. يوم السؤال عن الأذن ,, هجرت سماع القرآن واستعظت بمزامير الشيطان..يوم السؤال عن المال ,,خبطت به خبط عشواء في الحلال والحرام ولكت بلسانك الخبيث والطيب..يوم السؤال عن الصغير والكبير..ماذا أعددت من جواب؟!
وماذا قدمت من صالح القربات ؟؟فارجع لربك وتب إليه وعد قبل حشرجة الصدور..
قدم لنفسك توبة مــــــرجوة
قبل الممات وقبل حبس الألسن
بادر بها غلق النفوس فإنها
ذخر وغنم للمنيب المحســن(13)
أيها المسلمون :.
إن عذاب القبر ونعيمه حقيقة واقعة يجب الإيمان بها,,
ولا يشك فيها إلا مرتاب ضال ,, فكل من فاضت روحه ,, واعتبر من الأموات .. حصلت له فتنة القبر ,, وأدركه عذابه أو نعيمه ,, فمن دفن في الأرض حصل له عذاب القبر أو نعيمه,,ومن أكلته السباع أو غرق في البحار, أو ذرته الرياح, أو مات ولم يدفن..حصل له عذاب القبر أو نعيمه,,حقيقة يجب الإيمان بها .. وعقد القلب على اليقين بها ,, ولايستخفنكم الذين لايوقنون وعن آيات الله مستكبرون ..
نفعني الله وإياكم بالقرآن....
أيها المسلمون :.
ورد في السنة الصحيحة أحاديث تبين أسبابا موجبة لعذاب القبر وهي يجمعها الجهل بالله وإضاعة أوامره وارتكاب معاصيه التي توجب سخطه وغضبه على العبد ومن ثم يكون عذاب القبر أثرا من أثار سخط الله ونقمته
ومن هذه الأعمال :
عدم الاستتار والاستنزاه من البول والنميمة،، روى البخاري ومسلم عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : مر النبي صلى الله عليه وسلم على قبرين ، فقال : (( إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير ، أما أحدهما فكان يسعى بالنميمة وأما الآخر فكان لا يستتر أو لا يستنزه من بوله ))
وقال صلى الله عليه وسلم (( عامة عذاب القبر من البول ))
وهو سبب عدم ستر العورة عند البول وعدم التطهر منه ..
ومن الذنوب التي يعذب صاحبها في القبر الغلول !!
أهدى رجل الرسول صلى الله عليه وسلم غلاما يقال له مدعم فبيمنا مدعم يحط رحلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم
إذ أصابه سهم عائر فقتله فقال الناس هنيئا له الجنة، فقال الرسول الله صلى الله عليه وسلم :
: (( كلا والذي نفسي بيديه إن الشملة التي أخذها يوم خيبر من الغنائم لم تصبها المقاسم لتشتعل عليه نارا )) (14)
ولا يظن ظان أن الغلول مقتصر على من غّل من الغنائم بل يدخل فيه أخذ الأموال العامة التي يشترك فيها عامة المسلمين ومن ذلك أموال الدوائر العامة وممتلكاتها فاحذر يا من ولاك الله أمر المسلمين أن تخبط في أموالهم وتلطخ يدك بما حرم الله عليك ..
ومن الذنوب التي ورد الوعيد لصاحبها في القبر أكل الربا
فلقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم رؤيا أنه أتاه رجلان فأخذاه إلى بيت المقدس حتى أتى على نهر من دم فيه رجل قائم ، وعلى شط النهر رجل بين يديه حجارة وكلما أراد الرجل الذي في النهر أن يخرج رماه الذي على شط النهر بحجر في فيه فرده حيث كان وجعل كلما أراد أن يخرج رمى في فيه بحجر فيرجع كما كان ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للرجلين من هذا ؟!قالا : هذا آكل الربا..
ومن الذنوب التي ورد الوعيد لصاحبها الزنا أعاذنا الله وإياكم فلقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم في الرؤيا السابقة أنه مر مع رجلين حتى أتوا على ثقب مثل التنور أعلاه ضيق وأسفله واسع يتوقد تحته نارا ، فإذا اقترب ارتفعوا حتى كادوا أن يخرجوا ـ أي من التنور ـ فإذا أخمدت رجعوا فيها ، وفيها رجال ونساء عراة ))
فسأل النبي صلى الله عليه وسلم الرجلين عن هؤلاء فقالا: هم الزناة والزواني ..
أجارنا الله وإياكم من الخزي والعار
وقبل ختم الكلام وطوي الصفحة ألمح إلى أمر عظيم فيه حياة للقلوب ألا وهو زيارة القبور فإن فيها تزهيد في الدنيا وتذكير بالآخرة وهي سنة قل فعلها في الأزمنة المتأخرة نسأل الله الهداية والتوفيق ....
المرفقات
القبر.doc
القبر.doc