الحمد لله الذي هدانا للإسلام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك الملك القدوس السلام، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله النبي المصطفى ،عليه وأصحابه من ربه أزكى الصلوات والسلام أما بعد فإن الفوزَ تَمَّ وتمَّتِ الآمالُ، فوزٌ تحقق.. فتحققت للفائزين مغانِمُ، فوزٌ له الأعناق اشرأبت، وله النفوس تشوفت، وبه الأرواح استراحت، وبه الوجوه استبشرت.
كم عاشـــقٍ للفــوزِ أفنى عمــرَه ** لم يخطُ خطواً للمقام الأفضل
* الفوز: بلوغُ الهدفِ المنشودِ بعد طول جِدٍّ وعناء، وعند الصباح يحمد القومُ السرى. ومن يتهيب صعود الجبالِ ** يعش أبد الدهر بين الحفر
ومن له نفس أبيه.. عَشِقَ الصعودَ وكابد الصَّعبَ.. * والفوز: نيلٌ لمقامٍ عليٍّ.. عجزت عن إدراكِه القاعداتُ..
وعلى قدر عقلِ المرءِ يعقِلُ أمرَه ** وكم جاهلٍ تاهت به الأهواءُ
ومن يطلبِ الفوزِ في أمرٍ دنيءٍ ** تبدد حُلْمُهُ في السافلينَ
والفائزون نفوسهم.. دوماً تتوق إلى بلوغ السؤددِ.. لا ينشدون تفاهةً، لا يطلبون سفاهةً، لا يحرقون حياتَهم في باطِلِ. عَزُّوا فَعَزَّت في الورى أفعالُهُم.. يسعون نحو الفوزِ بالباقياتِ.. عزمٌ عزيزٌ، وغِزَّةٌ لا تنثني.. والجِدُّ في طلبِ المَرَام شديدُ
فاز الطموحُ ومن له نفسٌ أبية ** تأبى القعودَ وتمتطي ظهر المنية
إذا غامَرْتَ في شَرَفٍ مَرُومِ ** فَلا تَقنَعْ بما دونَ النّجومِ
فطَعْمُ المَوْتِ في أمْرٍ حَقِيرٍ ** كطَعْمِ المَوْتِ في أمْرٍ عَظيمِ
ونحن أناسٌ لا توسطَ بيننا ** لنا الصدرُ دون العالمين أو القبر
تَهونُ علينا في المعالي نفوسُنا ** ومن يَخْطُب الحسناءَ لم يُغْلِها المهر
عباد الله: وغايةُ الكرامةِ، ومنتهى الفوز.. أن يكون العبدُ سباقاً إلى تحقيق رضوان الله، مسارعاً إلى نيل القربى لديه، يبيع ما يهوى ويشري من الله الرضا {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ}
ومنتهى الهوانُ.. أن يعرضَ العبدُ النفسَ النفيسة في مزاد التائهين، ينادى عليه في ملأِ الأذكياء.. لِيَحُثَّ السير في طريق الفائزين، فَتَثْقُلُ عن الطريق خُطاه، وَيَثَّاقَلُ إلى الأرضِ جَسَدُه، ليرتع في ملاهي الهوى في زُمْرَة المُخَلَّفين.
* هل الفوزُ أن تُفني حياةً.. خلف لهوٍ أو سراب؟ خلفَ راياتِ الأماني.. خلف دارٍ من تُراب؟! قد حَسِبْتَ الأمر هزلاً؟؟ لم تر الأمرَ جلياً؟!.. فاستفق بان الصواب، إنما الفوز يقيناً يوم نأتي داخرين، يوم يُدعى فائزٌ.. خذ كتاباً باليمين.. عش رضياً.. عش علياً.. وارتقي في الفائزين.. آمناً من كُلِّ هولٍ.. هانئاً في طِيبِ عيشٍ.. خالداً في الخالدين.. قد أتى بالذكرِ وحيٌ.. قال رب العالمين{فأما من أوتي كتابة بيمينه فيقول هاؤم اقرؤوا كتابيه* إن ظننت أني ملاقٍ حسابيه* فهو في عيشة راضية* في جنة عاليه..}
* وغايةُ الكرامةِ، ومنتهى الفوز.. أن يفوزَ العبدُ بما أسماه الله فوزاً.. {ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} {وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ} {وذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ} آياتٌ.. ترسُم للمؤمن معنى الفوزِ الحقيقي الذي في سبيلِه تُرْخَصُ الأرواحُ، وتبذلُ الأموالُ، وتقضى الأوقات.{فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ}
من نجا من النار فاز.. {مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ} ومن أُدُخِلَ الجنةَ فاز.. {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} ومن رَكَنَ إلى الدُّنْيَا رَكَن إلى غرور.
أيها المسلمون: وحين يُكْشَفُ عن العبدِ الغطاءُ.. ويرى عند الموتِ ما كان يوعَد.. يَعْلم حقاً.. أ أدركَ فوزاً أم خَسِر. لما قُتِلَ الصحابيُ الجليلُ حرامُ بنُ ملحانَ رضي الله عنه غدراً.. وقد كان في القراء السبعينَ الذين بعثهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى حي من أحياء العربِ يعلمونهم القرآن والسنة..قال أنسٌ رضي الله عنه (وَأَتَى رَجُلٌ حَرَاماً مِنْ خَلْفِهِ، فَطَعَنَهُ بِرُمْحٍ حتى أَنْفَذَه، فقال حرام : فُزْتُ وربِّ الكعبة) رواه البخاري ومسلم (فُزْتُ وربِّ الكعبة) كلمةٌ قالها في موقفٍ به النفس تُحتَضَر، فلا الكذبُ يخالطها، ولا النفاقُ يغشاها ولا التدليس..
ولئن تزاحمت الأقوامُ يوماً في ساحاتٍ بها القدرُ والدينُ يُنْتَقَص، فما حققوا فوزاً وإن صَفَقَ الكونُ
ما الفوز أن تسعى لكل تفاهةٍ ** وتزاحمُ الأقزام في الميدانِ
ما الفوز إلا أن تُرى مستمسكاً ** بالدين تحمِلُ رايةَ القرآن
لتزاحمَ الملأ الكريم بمدخلٍ ** يفضي إلى الجنات والغفرانِ
قال عتبةُ بنُ غزوانَ رضي الله عنه (وَلَقدْ ذُكِرَ لَنَا أنَّ مَا بَيْنَ مِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ مَسيرَةُ أرْبَعِينَ عَامًا، وَليَأتِيَنَّ عَلَيْهَا يَوْمٌ وَهُوَ كَظِيظٌ مِنَ الزِّحَامِ) رواه مسلم ذاك هو الفوزُ..أن تمشي كريماً مبجلاً .. بوسطِ زحامٍ زمرةَ الإيمانِ وخذ آيةً.. جاء الكتاب بذكرها.. تهدي الصوابَ.. فلا تكن متواني{إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ} لمثل هذا فليعملِ العاملون.. بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة ونفعني الله وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين هُوَ الرَّحْمَٰنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.. بشريعته استمسكنا وبسنته اهتدينا. صلى الله وبارك عليه وعلى آله وأصحابه،وسلم تسليماً.. أما بعد : فاتقوا الله معاشر المسلمين لعلكم ترحمون.
عباد الله: من أبصر حقيقة الفوزِ.. لم يَحُم حول الوحل.. وجَدَّ في حُسنِ المسيرِ.. وعن بُنياتِ الطريقِ رحل.
* كريمٌ.. أن يُربى النشءُ في أحضانِ دينِ.. يُقَوِّمُ أمرَهم، ويُصَحِّحُ دربَهم، ويُعلِي في كل مقامٍ هِمَمَهم. * كريمٌ.. أن يَعِيْ الجيلُ الحقيقةَ في زمانِ المرجفات.. في زمان البلايا في زمان التُّرهات.. أن يعي الجيلُ الحقيقةَ في زمانٍ.. عصفت به الفتنُ الكبارُ.. وخلفها فتنٌ تلوحُ. * الفوزُ أن تبقى تقياً.. كي تلاقي الله رضياً.. * الفوزُ أن تأتي قوياً.. حينَ يُدعى للصلاة.. حين يُدعى للصيامِ حين يُدعى للزكاة.. * الفوزُ أن تختار صحباً.. ترتضيهم في الحياةِ.. للتُّقَى فيهم مقامٌ.. للمكارمِ هم دعاة.. * الفوزُ أن تخشى عقوقاً.. والبِرُّ تمشي في حِماه.. * الفوزُ أن تتلو كتاباً.. مُنْزَلاً تبغي النجاة.. تحفظ القرآن ترجو.. مرتقىً في دارِ خلدٍ حين يعلو من تلاه.. عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآن : اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ ، كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا ، فَإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا (رواه الترمذي وأبو داود
* الفوزُ أن تسعى حثيثاً.. مصلحاً في كل حين.. آمرا بالعُرْفِ صدقاً.. ناهياً عن كل سوء.. ناصحاً في الله ترجو.. أن يخيب المبطلون.. أن يقومَ الدينُ يعلو في قلوب العالمين.. * فوزٌ ينالُه.. من كانت في لله آمالُه.. فهنيئاً للفائزين. وتتهاوى دعاوى الفوزِ إن لم يُنَل بها هذا المقام.. {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}اللهم اجعلنا من عبادك الفائزين في الدارين هذا، وصلوا وسلموا على نبيكم محمد بن عبد الله كما أمركم الله بذلك في قوله(يا أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما)اللّهم صلّ وسلّم وبارك على عبدك ورسولك محمد الأمين، وعلى آله الطيّبين الطاهرين، وارضَ اللّهمّ عن الصحب أجمعين وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين اللهم اعز الإسلام والمسلمين اللهم أذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين واحم حوزة الدين واجعل هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى وخذ بناصيته للبر والتقوى اللهم احفظ جنودنا واحفظ حدودنا وآمن روعاتنا واسترعوراتنا واخواننا المسلمين يارب العالمين اللهم أنت الله لا إله إلا أنت الغني ونحن عبادك الفقراء أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين... سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
تعديل التعليق
تسجيل دخول
إذا لم يكن لديك حساب بالفعل قم بالضغط على إنشاء حساب جديد
مبارك مبارك
بسم الله الرحمن الرحيم
الفوز الحقيقي2-4-1441هـ
الخطبة الأولى
الحمد لله الذي هدانا للإسلام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك الملك القدوس السلام، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله النبي المصطفى ،عليه وأصحابه من ربه أزكى الصلوات والسلام أما بعد فإن الفوزَ تَمَّ وتمَّتِ الآمالُ، فوزٌ تحقق.. فتحققت للفائزين مغانِمُ، فوزٌ له الأعناق اشرأبت، وله النفوس تشوفت، وبه الأرواح استراحت، وبه الوجوه استبشرت.
فوزٌ تحققَ.. وحُقَّ لفائزٍ أن يفرحَ ** فــالفوزُ ســبقٌ للمقامِ الأمثلِ
كم عاشـــقٍ للفــوزِ أفنى عمــرَه ** لم يخطُ خطواً للمقام الأفضل
* الفوز: بلوغُ الهدفِ المنشودِ بعد طول جِدٍّ وعناء، وعند الصباح يحمد القومُ السرى. ومن يتهيب صعود الجبالِ ** يعش أبد الدهر بين الحفر
ومن له نفس أبيه.. عَشِقَ الصعودَ وكابد الصَّعبَ.. * والفوز: نيلٌ لمقامٍ عليٍّ.. عجزت عن إدراكِه القاعداتُ..
وعلى قدر عقلِ المرءِ يعقِلُ أمرَه ** وكم جاهلٍ تاهت به الأهواءُ
ومن يطلبِ الفوزِ في أمرٍ دنيءٍ ** تبدد حُلْمُهُ في السافلينَ
والفائزون نفوسهم.. دوماً تتوق إلى بلوغ السؤددِ.. لا ينشدون تفاهةً، لا يطلبون سفاهةً، لا يحرقون حياتَهم في باطِلِ. عَزُّوا فَعَزَّت في الورى أفعالُهُم.. يسعون نحو الفوزِ بالباقياتِ.. عزمٌ عزيزٌ، وغِزَّةٌ لا تنثني.. والجِدُّ في طلبِ المَرَام شديدُ
فاز الطموحُ ومن له نفسٌ أبية ** تأبى القعودَ وتمتطي ظهر المنية
إذا غامَرْتَ في شَرَفٍ مَرُومِ ** فَلا تَقنَعْ بما دونَ النّجومِ
فطَعْمُ المَوْتِ في أمْرٍ حَقِيرٍ ** كطَعْمِ المَوْتِ في أمْرٍ عَظيمِ
ونحن أناسٌ لا توسطَ بيننا ** لنا الصدرُ دون العالمين أو القبر
تَهونُ علينا في المعالي نفوسُنا ** ومن يَخْطُب الحسناءَ لم يُغْلِها المهر
عباد الله: وغايةُ الكرامةِ، ومنتهى الفوز.. أن يكون العبدُ سباقاً إلى تحقيق رضوان الله، مسارعاً إلى نيل القربى لديه، يبيع ما يهوى ويشري من الله الرضا {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ}
ومنتهى الهوانُ.. أن يعرضَ العبدُ النفسَ النفيسة في مزاد التائهين، ينادى عليه في ملأِ الأذكياء.. لِيَحُثَّ السير في طريق الفائزين، فَتَثْقُلُ عن الطريق خُطاه، وَيَثَّاقَلُ إلى الأرضِ جَسَدُه، ليرتع في ملاهي الهوى في زُمْرَة المُخَلَّفين.
* هل الفوزُ أن تُفني حياةً.. خلف لهوٍ أو سراب؟ خلفَ راياتِ الأماني.. خلف دارٍ من تُراب؟! قد حَسِبْتَ الأمر هزلاً؟؟ لم تر الأمرَ جلياً؟!.. فاستفق بان الصواب، إنما الفوز يقيناً يوم نأتي داخرين، يوم يُدعى فائزٌ.. خذ كتاباً باليمين.. عش رضياً.. عش علياً.. وارتقي في الفائزين.. آمناً من كُلِّ هولٍ.. هانئاً في طِيبِ عيشٍ.. خالداً في الخالدين.. قد أتى بالذكرِ وحيٌ.. قال رب العالمين{فأما من أوتي كتابة بيمينه فيقول هاؤم اقرؤوا كتابيه* إن ظننت أني ملاقٍ حسابيه* فهو في عيشة راضية* في جنة عاليه..}
* وغايةُ الكرامةِ، ومنتهى الفوز.. أن يفوزَ العبدُ بما أسماه الله فوزاً.. {ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} {وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ} {وذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ} آياتٌ.. ترسُم للمؤمن معنى الفوزِ الحقيقي الذي في سبيلِه تُرْخَصُ الأرواحُ، وتبذلُ الأموالُ، وتقضى الأوقات.{فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ}
من نجا من النار فاز.. {مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ} ومن أُدُخِلَ الجنةَ فاز.. {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} ومن رَكَنَ إلى الدُّنْيَا رَكَن إلى غرور.
أيها المسلمون: وحين يُكْشَفُ عن العبدِ الغطاءُ.. ويرى عند الموتِ ما كان يوعَد.. يَعْلم حقاً.. أ أدركَ فوزاً أم خَسِر. لما قُتِلَ الصحابيُ الجليلُ حرامُ بنُ ملحانَ رضي الله عنه غدراً.. وقد كان في القراء السبعينَ الذين بعثهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى حي من أحياء العربِ يعلمونهم القرآن والسنة..قال أنسٌ رضي الله عنه (وَأَتَى رَجُلٌ حَرَاماً مِنْ خَلْفِهِ، فَطَعَنَهُ بِرُمْحٍ حتى أَنْفَذَه، فقال حرام : فُزْتُ وربِّ الكعبة) رواه البخاري ومسلم (فُزْتُ وربِّ الكعبة) كلمةٌ قالها في موقفٍ به النفس تُحتَضَر، فلا الكذبُ يخالطها، ولا النفاقُ يغشاها ولا التدليس..
ولئن تزاحمت الأقوامُ يوماً في ساحاتٍ بها القدرُ والدينُ يُنْتَقَص، فما حققوا فوزاً وإن صَفَقَ الكونُ
ما الفوز أن تسعى لكل تفاهةٍ ** وتزاحمُ الأقزام في الميدانِ
ما الفوز إلا أن تُرى مستمسكاً ** بالدين تحمِلُ رايةَ القرآن
لتزاحمَ الملأ الكريم بمدخلٍ ** يفضي إلى الجنات والغفرانِ
قال عتبةُ بنُ غزوانَ رضي الله عنه (وَلَقدْ ذُكِرَ لَنَا أنَّ مَا بَيْنَ مِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ مَسيرَةُ أرْبَعِينَ عَامًا، وَليَأتِيَنَّ عَلَيْهَا يَوْمٌ وَهُوَ كَظِيظٌ مِنَ الزِّحَامِ) رواه مسلم ذاك هو الفوزُ..أن تمشي كريماً مبجلاً .. بوسطِ زحامٍ زمرةَ الإيمانِ وخذ آيةً.. جاء الكتاب بذكرها.. تهدي الصوابَ.. فلا تكن متواني{إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ} لمثل هذا فليعملِ العاملون.. بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة ونفعني الله وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين هُوَ الرَّحْمَٰنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.. بشريعته استمسكنا وبسنته اهتدينا. صلى الله وبارك عليه وعلى آله وأصحابه،وسلم تسليماً.. أما بعد : فاتقوا الله معاشر المسلمين لعلكم ترحمون.
عباد الله: من أبصر حقيقة الفوزِ.. لم يَحُم حول الوحل.. وجَدَّ في حُسنِ المسيرِ.. وعن بُنياتِ الطريقِ رحل.
* كريمٌ.. أن يُربى النشءُ في أحضانِ دينِ.. يُقَوِّمُ أمرَهم، ويُصَحِّحُ دربَهم، ويُعلِي في كل مقامٍ هِمَمَهم. * كريمٌ.. أن يَعِيْ الجيلُ الحقيقةَ في زمانِ المرجفات.. في زمان البلايا في زمان التُّرهات.. أن يعي الجيلُ الحقيقةَ في زمانٍ.. عصفت به الفتنُ الكبارُ.. وخلفها فتنٌ تلوحُ. * الفوزُ أن تبقى تقياً.. كي تلاقي الله رضياً.. * الفوزُ أن تأتي قوياً.. حينَ يُدعى للصلاة.. حين يُدعى للصيامِ حين يُدعى للزكاة.. * الفوزُ أن تختار صحباً.. ترتضيهم في الحياةِ.. للتُّقَى فيهم مقامٌ.. للمكارمِ هم دعاة.. * الفوزُ أن تخشى عقوقاً.. والبِرُّ تمشي في حِماه.. * الفوزُ أن تتلو كتاباً.. مُنْزَلاً تبغي النجاة.. تحفظ القرآن ترجو.. مرتقىً في دارِ خلدٍ حين يعلو من تلاه.. عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآن : اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ ، كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا ، فَإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا (رواه الترمذي وأبو داود
* الفوزُ أن تسعى حثيثاً.. مصلحاً في كل حين.. آمرا بالعُرْفِ صدقاً.. ناهياً عن كل سوء.. ناصحاً في الله ترجو.. أن يخيب المبطلون.. أن يقومَ الدينُ يعلو في قلوب العالمين.. * فوزٌ ينالُه.. من كانت في لله آمالُه.. فهنيئاً للفائزين. وتتهاوى دعاوى الفوزِ إن لم يُنَل بها هذا المقام.. {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}اللهم اجعلنا من عبادك الفائزين في الدارين هذا، وصلوا وسلموا على نبيكم محمد بن عبد الله كما أمركم الله بذلك في قوله(يا أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما)اللّهم صلّ وسلّم وبارك على عبدك ورسولك محمد الأمين، وعلى آله الطيّبين الطاهرين، وارضَ اللّهمّ عن الصحب أجمعين وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين اللهم اعز الإسلام والمسلمين اللهم أذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين واحم حوزة الدين واجعل هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى وخذ بناصيته للبر والتقوى اللهم احفظ جنودنا واحفظ حدودنا وآمن روعاتنا واسترعوراتنا واخواننا المسلمين يارب العالمين اللهم أنت الله لا إله إلا أنت الغني ونحن عبادك الفقراء أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين... سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
تعديل التعليق