الفتوى بغير علم
ماجد العتيبي
1431/09/10 - 2010/08/20 01:14AM
موضوع الخطبة الأولى: الفتوى بغير علم.
موضوع الخطبة الثانية: استغلال ما بقي من الشهر.
الخطبة الأولى:
أما بعد:
فاتقوا الله أيها المسلمون، فإن الله يحب المتقين، وعظموا يومَ صومِكم بالبعد عن الإثم والزور، واحذروا ما يُفْسِدُه ويبطله من المحرمات والمنكرات، فإن الصومَ من شعائر الله التي يجب أن تعظمَ وتصان، ﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾.
عباد الله، أيها الصائمون، تأملوا معيَ حكمةَ الله في فرض صيام شهر رمضان بالذات، ولم يجعل لكل واحدٍ الخيار في صيام أي شهر يريدُه، ثم كيف جعل الحجَّ إلى مكان مخصوص في زمن مخصوص، يجتمع فيه الحجاج، ثم تأملوا كيف فرض الصلاة في وقت معلوم، ومكان مخصوص، إنها حكمة ربانية، لجمع الكلمة وتوحيد الصف، كما قال: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾، إن الاجتماع ووحدة الصف غاية إسلامية كبرى، وإن التفرقة والاختلاف صفة مذمومة منبوذة عقلا وشرعًا.
إخوة الدين، لقد ظهر اليوم أمرٌ شتت المسلمين، وفرق الكلمة، ألا وهو ظاهرة الفتاوى الشاذة والأقوالِ المخالفة للكتاب والسنة، وإجماع سلف الأمة.
ففي عصر الفضائيات والإنترنت، أصبح كلٌ يتصدرُ للفتوى، قارئُ القرآن، وإمام المسجدُ، بل حتى الممثلين والمغنيين، أصبحوا مفتين، فظهرت الفتاوى الشاذة، والأقوالُ الغريبة، حملهم على ذلك إما هوىً، أو قلةُ علم.
إخوة الإيمان، هل يصح إذا أصيب أحدُنا بمرض أن يذهبَ لأي أحدٍ يدعى أنه طبيب، أم يتخيرُ أفضلَ المستشفيات، وأفضلَ الأطباء، كذلك إذا أراد أحدُنا أن يأكلَ ويشربَ فهل كل ما سمي طعامًا وشرابًا نطعمُه أم نختار الأفضل لأبداننا وصحتنا، كذلك عباد الله يجب علينا أن نختارَ لديننا من هو أهل للفتوى والقولِ على الله، فإن صحةَ الأديان أعظمُ من صحة الأبدان.
ولنحذر من السقطات والزلات، ولنتذكَّر يومَ العرضِ على بارئ الأرض والسّموات، فإن الذمةَ لا تسقط بسؤال أيِّ أحد؛ بل لا بد من سؤال أهل العلم العارفين، قال تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إن كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾.
لذلك سببت كثيرٌ من الفتاوى التي تخالفُ الكتابَ والسنة، وإجماعَ سلف الأمة، البلبلةَ والتفرقةَ بين المسلمين، وهذا ما حصل في بلدنا وبلادِ المسلمين، فمكنتِ الأعداءُ منا، وظهر الضعفُ فينا، وأصبحنا متفرقين مختلفين.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: (من أفتى الناسَ وليس بأهل للفتوى فهو آثمٌ عاص، ومن أقره من ولاة الأمور على ذلك فهو آثم أيضًا).
وقال ابن الجوزي رحمه الله: (ويلزم وليُّ الأمرِ منعهم كما فعل بنو أمية وهؤلاء بمنزلة من يدلُ الركبَ وليس له علمٌ بالطريق، وبمنزلة الأعمى الذي يرشدُ الناسَ إلى القبلة، وبمنزلةِ من لا معرفة له بالطب وهو يُطِبُّ الناس، بل هو أسوأ حالاً من هؤلاء كلِّهم).
لذلك فقد أمر خادم الحرمين الشريفين حفظه الله ورعاه بقصر الفتوى على أعضاء هيئة كبار العلماء، ومن هو مؤهل لذلك، حفاظًا للدين، والقولِ على رب العالمين، وحرصًا على اجتماع كلمةِ المسلمين.
وهذا من واجبات الراعي على الرعية، فقد كان الخلفاءُ يقصرون الفتوى على من تأهل لها، ففي زمن بني أمية يأمرون في الحج مناديًا يصيح: لا يفتي الناسَ إلا عطاءُ بنُ أبي رباح، وفي ترجمة مالك ذكر الخطيب أنه كان ينادَى: لا يفتي في مسجد رسول الله ﷺ سوى مالك.
اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنباه، اللهم وحدة كلمة المسلمين على الحق والهدى، أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين.
الخطبة الثانية
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.. أما بعد:
فها قد انقضى من شهرِكم ثلُثُه، والثلثُ كثير، والعمر قصير، فلنجتهد فيما بقي ولنتب عما فرطنا فيما مضى، واعمُرُوا هذه الأيامِ الفاضلة، بالتزويد بالطاعات، واجتناب المنكرات، واحذروا مجالس اللغو والباطل، والتي تجرحُ الصيام، وتجلبُ الآثام، خاصة ما يُلقى في الفضائيات، من سخرية بالدين، وبعبادِ الله المؤمنين، وتزويرٍ لتاريخ المسلمين، فقد حذرنا ربُّنا من هذه المجالسِ الآثمة فقال: ﴿وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِيْ الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ الله يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىَ يَخُوْضُوْا فِيْ حَدِيْثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللهَ جَامِعُ المُنَافِقِيْنَ وَالْكَافِرِيْنَ فِيْ جَهَنَّمَ جَمِيْعَاً﴾.
ولنجتهد في فكاك رقابنا من النار، فهذا شهر رمضان شهر العتق من النيران، ففي حديث أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: (للهِ عُتَقَاءُ مِنْ النَّارِ وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ) [رواه الترمذي].
ولنستمرَّ في الجود والعطاء، فما زالت أبوب الرحمة مفتَّحة، وأبواب العذاب مغلَّقة، والشياطين مصفَّدة، وربنا ذو رحمة واسعة، يحب التوابين، ويحب المتقين، ويحب رمضان، وقراءةَ القرآن، لذا أنزل القرآن في شهر رمضان، وغلق فيه أبواب النيران، وفتح فيه أبواب الجنان، فلنقابل هذا الإحسانُ بالشكر للرحمن، والتوبة من الذنوب والعصيان.
ماجد بن رفاع العتيبي
جامع الأمير سلمان
موضوع الخطبة الثانية: استغلال ما بقي من الشهر.
الخطبة الأولى:
أما بعد:
فاتقوا الله أيها المسلمون، فإن الله يحب المتقين، وعظموا يومَ صومِكم بالبعد عن الإثم والزور، واحذروا ما يُفْسِدُه ويبطله من المحرمات والمنكرات، فإن الصومَ من شعائر الله التي يجب أن تعظمَ وتصان، ﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾.
عباد الله، أيها الصائمون، تأملوا معيَ حكمةَ الله في فرض صيام شهر رمضان بالذات، ولم يجعل لكل واحدٍ الخيار في صيام أي شهر يريدُه، ثم كيف جعل الحجَّ إلى مكان مخصوص في زمن مخصوص، يجتمع فيه الحجاج، ثم تأملوا كيف فرض الصلاة في وقت معلوم، ومكان مخصوص، إنها حكمة ربانية، لجمع الكلمة وتوحيد الصف، كما قال: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾، إن الاجتماع ووحدة الصف غاية إسلامية كبرى، وإن التفرقة والاختلاف صفة مذمومة منبوذة عقلا وشرعًا.
إخوة الدين، لقد ظهر اليوم أمرٌ شتت المسلمين، وفرق الكلمة، ألا وهو ظاهرة الفتاوى الشاذة والأقوالِ المخالفة للكتاب والسنة، وإجماع سلف الأمة.
ففي عصر الفضائيات والإنترنت، أصبح كلٌ يتصدرُ للفتوى، قارئُ القرآن، وإمام المسجدُ، بل حتى الممثلين والمغنيين، أصبحوا مفتين، فظهرت الفتاوى الشاذة، والأقوالُ الغريبة، حملهم على ذلك إما هوىً، أو قلةُ علم.
إخوة الإيمان، هل يصح إذا أصيب أحدُنا بمرض أن يذهبَ لأي أحدٍ يدعى أنه طبيب، أم يتخيرُ أفضلَ المستشفيات، وأفضلَ الأطباء، كذلك إذا أراد أحدُنا أن يأكلَ ويشربَ فهل كل ما سمي طعامًا وشرابًا نطعمُه أم نختار الأفضل لأبداننا وصحتنا، كذلك عباد الله يجب علينا أن نختارَ لديننا من هو أهل للفتوى والقولِ على الله، فإن صحةَ الأديان أعظمُ من صحة الأبدان.
ولنحذر من السقطات والزلات، ولنتذكَّر يومَ العرضِ على بارئ الأرض والسّموات، فإن الذمةَ لا تسقط بسؤال أيِّ أحد؛ بل لا بد من سؤال أهل العلم العارفين، قال تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إن كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾.
لذلك سببت كثيرٌ من الفتاوى التي تخالفُ الكتابَ والسنة، وإجماعَ سلف الأمة، البلبلةَ والتفرقةَ بين المسلمين، وهذا ما حصل في بلدنا وبلادِ المسلمين، فمكنتِ الأعداءُ منا، وظهر الضعفُ فينا، وأصبحنا متفرقين مختلفين.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: (من أفتى الناسَ وليس بأهل للفتوى فهو آثمٌ عاص، ومن أقره من ولاة الأمور على ذلك فهو آثم أيضًا).
وقال ابن الجوزي رحمه الله: (ويلزم وليُّ الأمرِ منعهم كما فعل بنو أمية وهؤلاء بمنزلة من يدلُ الركبَ وليس له علمٌ بالطريق، وبمنزلة الأعمى الذي يرشدُ الناسَ إلى القبلة، وبمنزلةِ من لا معرفة له بالطب وهو يُطِبُّ الناس، بل هو أسوأ حالاً من هؤلاء كلِّهم).
لذلك فقد أمر خادم الحرمين الشريفين حفظه الله ورعاه بقصر الفتوى على أعضاء هيئة كبار العلماء، ومن هو مؤهل لذلك، حفاظًا للدين، والقولِ على رب العالمين، وحرصًا على اجتماع كلمةِ المسلمين.
وهذا من واجبات الراعي على الرعية، فقد كان الخلفاءُ يقصرون الفتوى على من تأهل لها، ففي زمن بني أمية يأمرون في الحج مناديًا يصيح: لا يفتي الناسَ إلا عطاءُ بنُ أبي رباح، وفي ترجمة مالك ذكر الخطيب أنه كان ينادَى: لا يفتي في مسجد رسول الله ﷺ سوى مالك.
اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنباه، اللهم وحدة كلمة المسلمين على الحق والهدى، أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين.
الخطبة الثانية
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.. أما بعد:
فها قد انقضى من شهرِكم ثلُثُه، والثلثُ كثير، والعمر قصير، فلنجتهد فيما بقي ولنتب عما فرطنا فيما مضى، واعمُرُوا هذه الأيامِ الفاضلة، بالتزويد بالطاعات، واجتناب المنكرات، واحذروا مجالس اللغو والباطل، والتي تجرحُ الصيام، وتجلبُ الآثام، خاصة ما يُلقى في الفضائيات، من سخرية بالدين، وبعبادِ الله المؤمنين، وتزويرٍ لتاريخ المسلمين، فقد حذرنا ربُّنا من هذه المجالسِ الآثمة فقال: ﴿وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِيْ الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ الله يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىَ يَخُوْضُوْا فِيْ حَدِيْثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللهَ جَامِعُ المُنَافِقِيْنَ وَالْكَافِرِيْنَ فِيْ جَهَنَّمَ جَمِيْعَاً﴾.
ولنجتهد في فكاك رقابنا من النار، فهذا شهر رمضان شهر العتق من النيران، ففي حديث أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: (للهِ عُتَقَاءُ مِنْ النَّارِ وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ) [رواه الترمذي].
ولنستمرَّ في الجود والعطاء، فما زالت أبوب الرحمة مفتَّحة، وأبواب العذاب مغلَّقة، والشياطين مصفَّدة، وربنا ذو رحمة واسعة، يحب التوابين، ويحب المتقين، ويحب رمضان، وقراءةَ القرآن، لذا أنزل القرآن في شهر رمضان، وغلق فيه أبواب النيران، وفتح فيه أبواب الجنان، فلنقابل هذا الإحسانُ بالشكر للرحمن، والتوبة من الذنوب والعصيان.
ماجد بن رفاع العتيبي
جامع الأمير سلمان
المشاهدات 2620 | التعليقات 2
شكر الله لك
عبدالله محمد الروقي
والله ونعم يابن رفاع وان كانت الخطبة فيها اختصار قليلا
تعديل التعليق