الغيبة
محمد الأحمد
1433/06/27 - 2012/05/18 07:11AM
الغيبة
الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد.
فاتقوا الله أيها المسلمون الكرام،، واعلموا أن في كتابِ الله، نداءاتٌ من الربِّ الملك الحكيم.. نداءاتٌ تتوجّه إلى عباده الموحّدين، نداءاتٌ أراد الله بها أن تكون طريقاً لهداية عباده المؤمنين..
فيَا سَعْدَ من استجاب، ويا ويل من أعرض وارتاب ..
عبادُ اللهِ المؤمنين .. يفرحون حينما يسمعون كلام الله يُناديهم ..
إذا سمع المؤمن قول الله تعالى ((يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا)) تشوفت نفسُه للاستماع إلى هذا النداء، يُروى عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه أنه قال: ((إِذَا سَمِعْتَ اللَّهَ يَقُولُ : "يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا" فَأَصْغِ لَهَا سَمْعَكَ ، فَإِنَّهُ خَيْرٌ تُؤْمَرُ بِهِ ، أَوْ شَرٌّ تُصْرَفُ عَنْهُ))( ).
وإن الله سبحانه وتعالى يقول لكم: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ))
يُحذّرنا الله من عدةٍ أخطار، ويؤكّد سبحانه على عِظَم الغيبة وخطرها على المسلم الذي يُحب أن يستمع لكلام الله ..
هذه الآفة وهي الغيبة.. هي مرضٌ منتشرٌ في مجالسنا .. وآفةٌ تفتك بحسناتنا ، ومعصيةٌ توعّدنا الله عليها ..
في غفلةٍ من مؤمنٍ –ولو كانت بينك وبينه خصومة- في غفلةٍ من هذا المؤمن .. ومن وراءِ ظهره.. وبكُلِّ دناءةٍ يُصرُّ البعض على أن ينهشَ من عِرْض أخيه، فيبدءُ بذمّه وذِكْر معايبه..
أما عَلِم هذا المغتاب أن الله ورسوله قد نهوا عن الغيبة.. وأجمع العلماء على ذلك ؟
كيف يستمتع المؤمنُ بمثل هذا الذنب .. واللهُ سُبحانه صوّره لنا في أبشعِ صورةٍ يتخيّلها بشر: ((أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ)) .. يستقذر الإنسانُ أن يأكلَ لحماً قديماً مكشوفاً، فكيف بأكل الحيوان الميت.. وماذا لو كان اللحم الذي أمامه هو لحمُ إنسان ميت ؟
أيها المسلم الكريم.. هل شعرتَ بهذا التقزز في نفسك ؟
إن قُبحَ الغيبة أشدُّ من ذلك..
فما بالنُا قد استهنا فيها واستمرأت نفسونا على هذا القبيح من الأخلاق ؟
بعض الناسِ يُسوِّغُ لنفسه أنه لم يَقل إلا حقاً وواقعاً ؟ أو أنّه يقولُ شيئاً لو كان من قيل فيه حاضراً لقيل هذا الكلام بحضرته ؟ فما هو رأي الإسلام في هذا التبرير والتسويغ ؟
هذه حيلةٌ شيطانية لكسب السيئات ومحو الحسنات
كانت عائشةُ أمُّ المؤمنين بحضرةِ النبي صلى الله عليه وسلم تتجاذب معه أطرافَ الحديث، فوصفت عائشةُ صفيةَ رضي الله عنها وقال عنها: ((حَسْبُكَ مِنْ صَفِيَّةَ كَذَا وَكَذَا)) تَعْنِي قَصِيرَةً !!
ما رأيكم بهذا الوصف البدني فقط ؟ غالبنا للأسف قد يقول: هذا وصفٌ لا شيء فيه.
ولكن هذا الكلام في ميزان الشريعة لها شأن آخر .. قال لها النبي صلى الله عليه وسلم: ((لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَتْ بِمَاءِ الْبَحْرِ لَمَزَجَتْهُ )) أي لخلطته وغلبته وأفسدته.
لا إله إلا الله .. نتكلّم بكلمات لا ندري عن عواقبها ، ونغتاب الناس ولا نعلم أنها تعصف بحسناتنا عصفاً.
ثم نُبرر ذلك أننا قلنا ما هو واقع فيه .. مع أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أَتَدرُونَ مَا الغِيبَةُ؟!"، قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعلَمُ. قَالَ: "ذِكرُكَ أَخَاكَ بما يَكرَهُ"، قِيلَ: أَفَرَأَيتَ إِن كَانَ في أَخِي مَا أَقُولُ؟! قَالَ: "إِن كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغتَبتَهُ، وَإِن لم يَكُنْ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَد بَهَتَّهُ".
ويزداد الأمر إن صدرت الغيبةُ مغلفةً بالنصحِ وهو يريد الغيبة، أو أن تصدر من عاقل أو عالِم وهو يريد الانتقاصَ من غيرِه، وما درى المسكين أن حسناتُه قد أهديت لغيره.
أيها المسلمون الكرام .. إذا أتينا يوم القيامة.. ذهبت حسناتُ صلاتنا وقراءتُنا للقرآن وصدقاتُنا وبرُّنا بوالدينا إلى ذلك الرجل الذي اغتبنا .. فنكونَ يوم القيامة من المفلسين والعياذ بالله
((وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ)) كما قال صلى الله عليه وسلم.
وقد عقّب الله على أمره في آية النهي عن الغيبة بقوله: (واتقوا الله) تذكير من الله وأمرٌ حازم بأن نجعل بيننا وبين عذاب الله وقاية.. ما أعظم عقاب الله للمستسهل في الغيبة وللمستطيل في أعراض الناس..
وَقَالَ -عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ-: " يا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ فَإِنَّهُ مَنْ يَتَّبِعْ عَوْرَاتِهِمْ يَتَّبِعْ اللَّهُ عَوْرَتَهُ وَمَنْ يَتَّبِعْ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ "( ).
خاب وخسر والله .. من تتبع الله عورته ..
أيها المسلمون الكرام: يحكي لنا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ إحدى صور العقابات الأخروية، والتي رآها حينما عرج به إلى السماء، فيقول: "لَمَّا عُرِجَ بي مَرَرتُ بِقَومٍ لَهُم أَظفَارٌ مِن نُحَاسٍ، يَخمِشُونَ وُجُوهَهُم وَصُدُورَهُم، فَقُلتُ: مَن هَؤُلاءِ يَا جِبرِيلُ؟! قَالَ: هَؤُلاءِ الَّذِينَ يَأكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ وَيَقَعُونَ في أَعرَاضِهِم"( ).
اللهم طهرنا ألسنتنا من الوقيعة في إخواننا ومن غيبتهم إنك سميع مجيب.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحَمْدُ للهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ، كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ. أما بعد:
فيا أيها المسلمون الكرام .. إن أعراض المسلمين في شريعةِ الإسلام مُصانة، وأذيتُهم كبيرةٌ مُهابَةٌ، و((إنَّ دِمَاءَكُم وَأَموَالَكُم وَأَعرَاضَكُم عَلَيكُم حَرَامٌ)) كما قال الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم.
ولنبادر جميعاً من هذا اليوم معاهدين أنفسنا .. وقبل ذلك ربَّنا أن نُطهِّر ألسنتنا من الغيبة وأن نترك تتبع عيوبِ الآخرين.. وأن نتوب إلى الله منها، وأن نحفظ حسناتنا القليلة من أنْ تذهب إلى غيرنا في يوم عظيمٍ نحن أفقرُ فيه ما نكون للحسنات.
ولنتعاهد جميعاً على أننا إذا جلسنا في مجلسٍ بدأ فيه أحدُهم بالغيبة أن ننهى عن منكر الغيبة، وأن نأمر بالمعروف بصرفِ حديثِ المجلسِ إلى كلامٍ حسن، لتنجوا من عقوبة هذا الفعلِ في الآخرة، ولنكسب وعدَ الله لنا بأن يرد عن وجوهنا النار كما ردننا عن عرض أخينا، فقد قال صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ رَدَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ رَدَّ اللَّهُ عَنْ وَجْهِهِ النَّارَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ))( ).
اللهم إنا نعوذ بك من الغيبة والنميمة، اللهم طهر ألسنتنا وقلوبنا عن الباطل،
اللهم اكفنا شرَّ أنفسنا..اللهم إنَّا نعوذ بك من أذية إخواننا المؤمنين..
ووفقنا اللهم للعمل الصالح، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها.
اللهم ارزقنا الإخلاص في القول والعمل، اللهم طهر قلوبنا من الرياء .....
اللهم اجعلنا مفاتيح للخير مغاليق للشر،
اللهم اغفر لنا ذنوبنا، واغفر لوالدينا ولجميع المسلمين . اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل.
اللهم احفظ المسلمين في سوريا .. اللَّهُمَّ احْفَظْ دِمَاءَهُمْ، وَصُنْ أَعْرَاضَهُمْ، وَقَوِّ عَزَائِمَهُمْ، وَاخْذُلْ أَعْدَاءَهُمْ، اللهم مكّن لهم يا رب العالمين.
اللهم اخذل النصيريين والبعثيين .. اللهم إنهم سفكوا الدماء وقتلوا العُزَّل والمدنيين .. فاللهم خذهم أخذ عزيز منتصر، ولا تُقِم لهم دولة يا رب العالمين .
عباد الله إن الله وملائكته يصلون ... إلخ
الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد.
فاتقوا الله أيها المسلمون الكرام،، واعلموا أن في كتابِ الله، نداءاتٌ من الربِّ الملك الحكيم.. نداءاتٌ تتوجّه إلى عباده الموحّدين، نداءاتٌ أراد الله بها أن تكون طريقاً لهداية عباده المؤمنين..
فيَا سَعْدَ من استجاب، ويا ويل من أعرض وارتاب ..
عبادُ اللهِ المؤمنين .. يفرحون حينما يسمعون كلام الله يُناديهم ..
إذا سمع المؤمن قول الله تعالى ((يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا)) تشوفت نفسُه للاستماع إلى هذا النداء، يُروى عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه أنه قال: ((إِذَا سَمِعْتَ اللَّهَ يَقُولُ : "يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا" فَأَصْغِ لَهَا سَمْعَكَ ، فَإِنَّهُ خَيْرٌ تُؤْمَرُ بِهِ ، أَوْ شَرٌّ تُصْرَفُ عَنْهُ))( ).
وإن الله سبحانه وتعالى يقول لكم: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ))
يُحذّرنا الله من عدةٍ أخطار، ويؤكّد سبحانه على عِظَم الغيبة وخطرها على المسلم الذي يُحب أن يستمع لكلام الله ..
هذه الآفة وهي الغيبة.. هي مرضٌ منتشرٌ في مجالسنا .. وآفةٌ تفتك بحسناتنا ، ومعصيةٌ توعّدنا الله عليها ..
في غفلةٍ من مؤمنٍ –ولو كانت بينك وبينه خصومة- في غفلةٍ من هذا المؤمن .. ومن وراءِ ظهره.. وبكُلِّ دناءةٍ يُصرُّ البعض على أن ينهشَ من عِرْض أخيه، فيبدءُ بذمّه وذِكْر معايبه..
أما عَلِم هذا المغتاب أن الله ورسوله قد نهوا عن الغيبة.. وأجمع العلماء على ذلك ؟
كيف يستمتع المؤمنُ بمثل هذا الذنب .. واللهُ سُبحانه صوّره لنا في أبشعِ صورةٍ يتخيّلها بشر: ((أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ)) .. يستقذر الإنسانُ أن يأكلَ لحماً قديماً مكشوفاً، فكيف بأكل الحيوان الميت.. وماذا لو كان اللحم الذي أمامه هو لحمُ إنسان ميت ؟
أيها المسلم الكريم.. هل شعرتَ بهذا التقزز في نفسك ؟
إن قُبحَ الغيبة أشدُّ من ذلك..
فما بالنُا قد استهنا فيها واستمرأت نفسونا على هذا القبيح من الأخلاق ؟
بعض الناسِ يُسوِّغُ لنفسه أنه لم يَقل إلا حقاً وواقعاً ؟ أو أنّه يقولُ شيئاً لو كان من قيل فيه حاضراً لقيل هذا الكلام بحضرته ؟ فما هو رأي الإسلام في هذا التبرير والتسويغ ؟
هذه حيلةٌ شيطانية لكسب السيئات ومحو الحسنات
كانت عائشةُ أمُّ المؤمنين بحضرةِ النبي صلى الله عليه وسلم تتجاذب معه أطرافَ الحديث، فوصفت عائشةُ صفيةَ رضي الله عنها وقال عنها: ((حَسْبُكَ مِنْ صَفِيَّةَ كَذَا وَكَذَا)) تَعْنِي قَصِيرَةً !!
ما رأيكم بهذا الوصف البدني فقط ؟ غالبنا للأسف قد يقول: هذا وصفٌ لا شيء فيه.
ولكن هذا الكلام في ميزان الشريعة لها شأن آخر .. قال لها النبي صلى الله عليه وسلم: ((لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَتْ بِمَاءِ الْبَحْرِ لَمَزَجَتْهُ )) أي لخلطته وغلبته وأفسدته.
لا إله إلا الله .. نتكلّم بكلمات لا ندري عن عواقبها ، ونغتاب الناس ولا نعلم أنها تعصف بحسناتنا عصفاً.
ثم نُبرر ذلك أننا قلنا ما هو واقع فيه .. مع أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أَتَدرُونَ مَا الغِيبَةُ؟!"، قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعلَمُ. قَالَ: "ذِكرُكَ أَخَاكَ بما يَكرَهُ"، قِيلَ: أَفَرَأَيتَ إِن كَانَ في أَخِي مَا أَقُولُ؟! قَالَ: "إِن كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغتَبتَهُ، وَإِن لم يَكُنْ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَد بَهَتَّهُ".
ويزداد الأمر إن صدرت الغيبةُ مغلفةً بالنصحِ وهو يريد الغيبة، أو أن تصدر من عاقل أو عالِم وهو يريد الانتقاصَ من غيرِه، وما درى المسكين أن حسناتُه قد أهديت لغيره.
أيها المسلمون الكرام .. إذا أتينا يوم القيامة.. ذهبت حسناتُ صلاتنا وقراءتُنا للقرآن وصدقاتُنا وبرُّنا بوالدينا إلى ذلك الرجل الذي اغتبنا .. فنكونَ يوم القيامة من المفلسين والعياذ بالله
((وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ)) كما قال صلى الله عليه وسلم.
وقد عقّب الله على أمره في آية النهي عن الغيبة بقوله: (واتقوا الله) تذكير من الله وأمرٌ حازم بأن نجعل بيننا وبين عذاب الله وقاية.. ما أعظم عقاب الله للمستسهل في الغيبة وللمستطيل في أعراض الناس..
وَقَالَ -عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ-: " يا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ فَإِنَّهُ مَنْ يَتَّبِعْ عَوْرَاتِهِمْ يَتَّبِعْ اللَّهُ عَوْرَتَهُ وَمَنْ يَتَّبِعْ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ "( ).
خاب وخسر والله .. من تتبع الله عورته ..
أيها المسلمون الكرام: يحكي لنا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ إحدى صور العقابات الأخروية، والتي رآها حينما عرج به إلى السماء، فيقول: "لَمَّا عُرِجَ بي مَرَرتُ بِقَومٍ لَهُم أَظفَارٌ مِن نُحَاسٍ، يَخمِشُونَ وُجُوهَهُم وَصُدُورَهُم، فَقُلتُ: مَن هَؤُلاءِ يَا جِبرِيلُ؟! قَالَ: هَؤُلاءِ الَّذِينَ يَأكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ وَيَقَعُونَ في أَعرَاضِهِم"( ).
اللهم طهرنا ألسنتنا من الوقيعة في إخواننا ومن غيبتهم إنك سميع مجيب.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحَمْدُ للهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ، كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ. أما بعد:
فيا أيها المسلمون الكرام .. إن أعراض المسلمين في شريعةِ الإسلام مُصانة، وأذيتُهم كبيرةٌ مُهابَةٌ، و((إنَّ دِمَاءَكُم وَأَموَالَكُم وَأَعرَاضَكُم عَلَيكُم حَرَامٌ)) كما قال الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم.
ولنبادر جميعاً من هذا اليوم معاهدين أنفسنا .. وقبل ذلك ربَّنا أن نُطهِّر ألسنتنا من الغيبة وأن نترك تتبع عيوبِ الآخرين.. وأن نتوب إلى الله منها، وأن نحفظ حسناتنا القليلة من أنْ تذهب إلى غيرنا في يوم عظيمٍ نحن أفقرُ فيه ما نكون للحسنات.
ولنتعاهد جميعاً على أننا إذا جلسنا في مجلسٍ بدأ فيه أحدُهم بالغيبة أن ننهى عن منكر الغيبة، وأن نأمر بالمعروف بصرفِ حديثِ المجلسِ إلى كلامٍ حسن، لتنجوا من عقوبة هذا الفعلِ في الآخرة، ولنكسب وعدَ الله لنا بأن يرد عن وجوهنا النار كما ردننا عن عرض أخينا، فقد قال صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ رَدَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ رَدَّ اللَّهُ عَنْ وَجْهِهِ النَّارَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ))( ).
اللهم إنا نعوذ بك من الغيبة والنميمة، اللهم طهر ألسنتنا وقلوبنا عن الباطل،
اللهم اكفنا شرَّ أنفسنا..اللهم إنَّا نعوذ بك من أذية إخواننا المؤمنين..
ووفقنا اللهم للعمل الصالح، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها.
اللهم ارزقنا الإخلاص في القول والعمل، اللهم طهر قلوبنا من الرياء .....
اللهم اجعلنا مفاتيح للخير مغاليق للشر،
اللهم اغفر لنا ذنوبنا، واغفر لوالدينا ولجميع المسلمين . اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل.
اللهم احفظ المسلمين في سوريا .. اللَّهُمَّ احْفَظْ دِمَاءَهُمْ، وَصُنْ أَعْرَاضَهُمْ، وَقَوِّ عَزَائِمَهُمْ، وَاخْذُلْ أَعْدَاءَهُمْ، اللهم مكّن لهم يا رب العالمين.
اللهم اخذل النصيريين والبعثيين .. اللهم إنهم سفكوا الدماء وقتلوا العُزَّل والمدنيين .. فاللهم خذهم أخذ عزيز منتصر، ولا تُقِم لهم دولة يا رب العالمين .
عباد الله إن الله وملائكته يصلون ... إلخ
المرفقات
الغيبة.doc
الغيبة.doc
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق