الغناء والموسيقى طريقان يفسد الشيطان بهما القلوب

محمد البدر
1443/04/27 - 2021/12/02 01:30AM

الْخُطْبَةِ الأُولَى:

إنَّ الحَمْدَ لله، نَحْمَدُه، ونستعينُه، ونستغفرُهُ، ونعوذُ به مِن شُرُورِ أنفُسِنَا، وَمِنْ سيئاتِ أعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِه الله فَلا مُضِلَّ لَهُ، ومن يُضْلِلْ، فَلا هَادِي لَهُ.

وأَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبْدُه ورَسُولُه.﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾.

﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾.

﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا (70)يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.

عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ﴾الغناء هو صوت الشيطان.

وَقَالَ تَعَالَى:﴿وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا﴾.قال التابعي مُحَمَّدِ بْنِ الحَنَفِيَّةِ رَحِمَهُ اللهُ: الزُّورَ هنا الغناء .وَقَالَ تَعَالَى:﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾.قَالَ مُجَاهِدٍ«هُوَ اشْتِرَاءُ الْمُغَنِّي وَالْمُغَنِّيَةَ بِالْمَالِ الْكَثِيرِ، وَالِاسْتِمَاعُ إِلَيْهِمْ، وَإِلَى مِثْلِهِ مِنَ الْبَاطِلِ»إلخ. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ وَعِكْرِمَةَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالُوا:لَهْوُ الْحَدِيثِ هُوَ الْغِنَاءُ وَالْآيَةُ نَزَلَتْ فِيهِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ:يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ أَيْ يَسْتَبْدِلُ وَيَخْتَارُ الْغِنَاءَ وَالْمَزَامِيرَ وَالْمَعَازِفَ عَلَى الْقُرْآنِ، قَالَ أبو الصهباء الْبَكْرِيُّ سَأَلْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ:هُوَ الْغِنَاءُ وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، يُرَدِّدُهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.وَقَالَ قَتَادَةُ:هُوَ كُلُّ لَهْوٍ وَلَعِبٍ، لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ، يعني يَفْعَلُهُ عَنْ جَهْلٍ قَالَ قَتَادَةُ: بِحَسْبِ الْمَرْءِ مِنَ الضَّلَالَةِ أَنْ يَخْتَارَ حَدِيثَ الْبَاطِلِ عَلَى حَدِيثِ الْحَقِّ.

عِبَادَ اللَّهِ:كَانَ النَّاس فِيمَا مضى يتستر أحدهم بالمعصية اذا وَاقعهَا ثمَّ يسْتَغْفر الله وَيَتُوب اليه مِنْهَا ثمَّ كثر الْجَهْل وَقل الْعلم وتناقص الْأَمر حَتَّى صَار أحدهم يَأْتِي بالمعصية جهارا ثمَّ ازْدَادَ الْأَمر إدبارا حَتَّى بلغنَا ان طَائِفَة من اخواننا الْمُسلمين -والعياذ بالله-استزلهم الشَّيْطَان واستغوى عُقُولهمْ فِي حب الأغاني وَاللَّهْو وَسَمَاع الألحان والرقص ثم استفحل الأمر وظهرت النساء كاسيات عاريات يجاهرن بالغناء والرقص ولا ندري الى اين يصل بهن اغواء الشيطان قَالَﷺ:«كُلُّ أُمَّتِي مُعَافى إلا المُجَاهِرِينَ»مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.ومن هذه المجاهرة ما يحدث من البعض هداهم الله من إسماع الناس لأصوات هذا الغناء والطرب المحرم من خلال أجهزة مكبرات الصوت في بعض البيوت وقصور الأفراح والمقاهي والسيارات والجوالات والتي لم يسلم منها حتى المساجد ودور التعليم كذلك في المهرجانات والاحتفالات والأسواق وغيرها.كذلك اعتقدته بعض الجماعات والفرق المخالفين للسنة أنه من الدّين الَّذِي يقربهُمْ إِلَى الله وجاهرت بِهِ وشاقت سَبِيل الْمُؤمنِينَ وخالفت الْفُقَهَاء وَالْعُلَمَاء وَحَملَة الدّين﴿وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً﴾.ولا يخفى أن وقوع مثل هذا في الأمة من حِكمة الله تعالى فن الفوائده:تثبيت قلوب أهل الحق على الحق الذي هداهم الله تعالى إليه؛ بمشاهدة ما أخبر عنهﷺعيانًا قَالَﷺ:«سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتُ، يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ»قِيلَ:وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ قَالَ:»الرَّجُلُ التَّافِهُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ»رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيّ.فتحقق هذا ورأينا عيانًا من يجادل ويماري بالباطل وبغير علم في تحريم سماع المعازف وآلات اللهو ويجتهدون في إظهار الأقوال الشاذة محتجًا بأن في المسألة خلاف .. قَالَﷺ:«وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ، كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا»رَوَاهُ مُسْلِمٌ.نسأل الله تعالى الثبات على الحق، والعصمة من الزلل. أَقُولُ قَوْلِي هَذَا..

الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ:

الحمدُ لله حمدًا كثيرًا طيّبًا مُباركًا فيهِ كَمَا يحِبّ ربّنا ويَرضَى، وأَشهَد أن لاَ إلهَ إلاَّ الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهَد أنّ محمّدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وصَحبه، وسلّم تسليمًا كثيرًا.

عِبَادَ اللهِ:عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ­­رضي الله عنه وَاللَّهِ مَا كَذَبَنِي ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُوْلَ اللهِﷺيَقُوْلُ:«لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ، يَسْتَحِلُّونَ الحِرَ وَالحَرِيرَ، وَالخَمْرَ وَالمَعَازِفَ، وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ، يَرُوحُ عَلَيْهِمْ بِسَارِحَةٍ لَهُمْ، يَأْتِيهِمْ-يَعْنِي الفَقِيرَ-لِحَاجَةٍ فَيَقُولُونَ:ارْجِعْ إِلَيْنَا غَدًا، فَيُبَيِّتُهُمُ اللَّهُ، وَيَضَعُ العَلَمَ، وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ»رَوَاهُ البُخَارِيُّ.

 وَقَالَﷺ:«صَوْتَانِ مَلْعُونَانِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، مِزْمَارٌ عِنْدَ نِعْمَةٍ، وَرَنَّةٌ عِنْدَ مُصِيبَةٍ»صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَﷺ:«لَيَشْرَبَنَّ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ، يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا، يُعْزَفُ عَلَى رُءُوسِهِمْ بِالْمَعَازِفِ، وَالْمُغَنِّيَاتِ، يَخْسِفُ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ، وَيَجْعَلُ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ»رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنها أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِﷺ:«نَهَى عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَالْكُوبَةِ وَالْغُبَيْرَاءِ،وَقَالَ:«كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ»رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.وَالْكُوبَةِ:قِيلَ: هِيَ:الطَّبْلُ.وَيَقُولُ الشَّيْخِ الإِمَامِ عَبْدِ المُحْسِنِ العَبَّادِ حَفِظَهُ اللهُ:والْكُوبَةِ هِيَ:الطَّبْلُ ، وذكر الطبل مع الخمر؛ لأنه يحصل مع السكر التلذذ بالقيان والمزامير والطرب وما إلى ذلك، فهناك شيء من التلازم بين أم الخبائث وبين آلات اللهو والطرب والكوبة.إلخ.

فالغناء والموسيقى طريقان يفسد الشيطان بهما القلوب، ويخرب النفوس يَقُولُ الإمَامِ ابنِ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ:ومن مكايد عدوّ الله ومصايده، التي كاد بها من قلَّ نصيبه من العلم والعقل والدِّين، وصاد بها قلوب الجاهلين والمبطلين:سماعُ المُكاء والتصدية، والغناء بالآلات المحرّمة، الذي يصدُّ القلوب عن القرآن، ويجعلها عاكفةً على الفسوق والعصيان، فهو قرآن الشيطان، والحجاب الكثيف عن الرحمن، وهو رُقية اللواط والزِّنى.إلخ.

وَقال الذَّهَبِيِّ رَحِمَهُ اللهُ:وَالمَعَازِفَ:اسْمٌ لِكُلِّ آلاَت الملاَهِي الَّتِي يُعزَف بِهَا، كَالزمر، وَالطنبور، وَالشّبّابَة، وَالصُّنوج.(سير أعلام النبلاء للذهبي جـ 21 صـ 158).
عِبَادَ اللهِ:إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ أَمَرَنَا بِأَمْرٍ بَدَأَ فِيهِ بِنَفْسِهِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد. وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن صحابته أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.اللّهمّ أعِزّ الإسلامَ والمسلمين، وأذِلَّ الشِّركَ والمشركين، ودمِّر أعداءَ الدّين.واحفظ اللّهمّ ولاةَ أمورنا، وأيِّد بالحق إمامنا ووليّ أمرنا، اللّهمّ وهيّئ له البِطانة الصالحة الناصحة الصادِقة التي تدلُّه على الخير وتعينُه عليه، واصرِف عنه بطانةَ السوء يا ربَّ العالمين، واللهم وفق جميع ولاة أمر المسلمين لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين يا ذا الجلال والإكرام.اللّهمّ واصرف عن بلادنا جائحة كورونا وعن سائر بلاد المسلمين﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾.عِبَادَ اللَّهِ:اذكروا الله يذكركم ، واشكروه على نعمه يزدكم﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾.

 

المرفقات

1638408625_الغناء والموسيقى طريقان يفسد الشيطان بهما القلوب، ويخرب النفوس.pdf

المشاهدات 876 | التعليقات 0