الغناء ... أحق هو أم باطل !!

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

إخوة الإيمان والعقيدة ... سلاح من الأسلحة الهدامة، كان يستخدمه شرُّ أعداء المسلمين، كانوا يَكيدون به لهذا الدين وأهلهِ؛ ليخرجوهم عن دينهم أو يقتلوا فيهم دينهم الذي ارتضاه الله لهم. إنه سلاح لقتل الإيمان وإحلال النفاق محله، إنه سلاح استعمله من قبل وما زال يستعمله اليهود والنصارى والمشركون ضدّ أمتنا، ومن قبلهم استعمله الشيطان لإغواء بني آدم؛ لأنه صوته الذي يستفزّ به الناس، ولأنه مزماره الذي يهلكهم به، قال تعالى متوعّدا إياه ( قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا * وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا ).

قال جمعٌ من المفسرين الأعلام: إن صوت الشيطان هو الغناء. ولما دخل أبو بكر الصديق رضي الله عنه على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وعندها جاريتان صغيرتان تغنيان، قال: أمزمار شيطان في بيت رسول الله؟!

لقد غزا اليهود والنصارى بهذا السلاح ودعَوْا إلى الغناء بأقوالهم وبأفعالهم وبأموالهم؛ لعلمهم ويقينهم أنه سبب رئيسي في انحراف المسلمين، فأنشؤوا القنوات والإذاعات الخاصة بالغناء لإفساد المسلمين، شبابا وشيبا، رجالا ونساءً.

ولقد كان المشركون مع الغناء أنهم كانوا يصفقون ويصفرون ويقولون: لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون، كما أخبرنا ربنا عنهم ( وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاءً وَتَصْدِيَةً ) والمكاء هو الصفير، والتصديةُ التصفيق.

أيها الإخوة الأكارم، بعد هذه الغزوات على أمة القرآن، على أمة الإسلام، على أمة محمد، بعد هذا الغزو انتصر أناس على أهوائهم وشهواتِهم، فحرّموا الغناء على أسماعهم، وللأسف هناك أُناسٌ آخرون انهزموا أمام أهوائهم وملذاتهم؛ فآثروا ما عند عدوّهم وكرهوا ما نزَّل الله جل في علاه وتبارك وتقدس، فأطلقوا العنان لأسماعهم حتى فتك الغناء بالقلوب، وأصبحت قلوبهم قاسيةً بعيدةً كل البعد عن الله؛ لأنها بعيدة عن الحق قريبة إلى الباطل، ولأنها لا تفقه ولا تسمع ولا تبصر. وقد توعّد الله تلك القلوب القاسية بالويل فقال ( فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ).

الغناء هو الذي صدَّ عن ذكر الله فأعرض أهلُه عن الله، ومن أعرض عن الله أعرض الله عنه. بالغناء اشتغلت الألسن بالكلام الذي لا يرضي الله، فأجدبت الألسن عن منهج الله، بالغناء عزف بعض الناس عن كلام الله تعالى؛ لأنهما متضادان، والمتضادان لا يجتمعان أبد.

حب الكتاب وحب ألْحان الغنا **** في قلب عبد ليسا يَجتمعان  

لأن القرآن كلام الله والغناء صوت الشيطان، ولأن القرآن ربحٌ والغناء خسارة، ولأن كلام الله حقٌ والغناء باطل، قال ابن عباس وقد سأله رجل عن الغناء: أرأيت الحقّ والباطل إذا جاءَا يوم القيامة، أين يكون الغناء؟ فقال الرجل: يكون مع الباطل.

الغناء يصد عن الصلاة؛ لأن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، والغناء يأمر بهما. مجالس الغناء همٌّ وغم، تحفّها الشياطين وتعقبها الحسرة والندامة، قال ﷺ ( مَا جَلَسَ قوْمٌ مجلسًا لم يذكُرُوا اللهَ تعالى فِيهِ ، ولَمْ يُصلُّوا علَى نَبِيِّهِمْ ، إلَّا كانَ علَيْهِمْ تِرَةٌ ، فإِنْ شاءَ عذَّبَهم ، وإِنْ شاءَ غفَرَ لَهُمْ ) أي: حسرة وندامة. ومجالس الغناء مجالس فتنة لبعدها عن طاعة الله وقربها إلى معصيته.

واعلموا - أيها المؤمنون - أن الله تعالى حرَّم الغناء في كتابه وفي سنة رسوله ﷺ، والواجب أن نقول: سمعنا وأطعنا وانتهينا. قال الله تعالى ( وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ) فذم الله تبارك وتقدس أهل الغناء الذين يشترون الباطل والمعصية، ونسوا أنهم مسؤولون أمام الله عن ذلك.

ولقد قال ابن مسعود رضي الله عنه: والله الذي لا إله إلا هو، إنَّ لهو الحديث الغناء. وسُمِّيَ الغناء لهوا لأنه يُلهي عن طاعة الله ويلهي عن الآخرة.

وقال الله تعالى ( أَفَمِنْ هَٰذا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59) وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ (60) وَأَنتُمْ سَامِدُونَ ) قال ابن عباس: السمود هو الغناء في لغة حِميَر. وقد ذم الله هؤلاء القوم الذين يضحكون من القرآن وحالهم الغناء والإعراض.

قال رسول الله ﷺ ( لَيَكونَنّ أقوامٌ من أمتي يستحلُّون الحِرَ والحرير والخمر والمعازف ) أي: يجعلون الحرام حلالاً، وقرن الغناء بالزنا ولبس الحرير للرجال والخمر وهي من الكبائر فهو كبيرة.

وقال رسول الله ﷺ (نُهِيتُ عن صوتين أحمقين فاجرين : صوتٍ عندَ مصيبةٍ ؛ خمشِ وجوهٍ ، وشقِّ جيوبٍ ، ورنةِ الشيطانِ ) سمَّاه صوتًا أحمق لأنه للحمقى، وصوتًا فاجرًا لأنه لأهل الفجور.

فنسأل الله تعالى أن يرحمنا برحمته، وأن لا يعاقبنا بما فعل السفهاء الحمقى منَّا.

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ....

معاشر المؤمنين ... لقد توعَّد النبي ﷺ بوعيد شديد لأعل الغناء، فقال ﷺ ( في هذه الأمَّةِ خسفٌ ومسخٌ وقذفٌ قال رجلٌ من المسلمين يا رسولَ اللهِ متَى ذلك قال إذا ظهرت القِيانُ والمعازفُ وشُرِبت الخمورُ ) وهذا وعيد شديد لأهل الغناء بالمسخ والخسف والقذف، ونرى اقتران الغناء بالخمر؛ لأن الخمر يخامر العقول، والغناء يخامر العقول والقلوب والجوارح.

وإذا عُلِمَ هذا فلا بد أن تستيقظ الأمة من سباتها وغفلاتها؛ لأنه كثر انتشار الأغاني واستحلالُها بين الناس، وهذا يعني إعلان مجاهرة بمعصية الله؛ الأمر الذي يُبعِدُ عنا رحمته ويجلب سخطه، وما أحوجنا اليوم لأن نقترب من رحمة الله ونبتعد عن سخطه.

انظروا إلى أولئك الشباب صغار العقول أحداث الأسنان، يجوب أحدهم الأسواق وقد رفع الغناءِ بأعلى صوته ليُغضِبَ ربّ الأرباب ويؤذي المؤمنين والمؤمنات، بل والأدهى من ذلك صرف آلاف ريالات لاستقطاب المغنيين والمغنيات لإقامة حفلات غنائية في حفلات وأعراس.

وبهذا يُعلم إجماعُ الصحابة والتابعين وتابعيهم وهم القرون المفضلة على تحريم الغناء ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) والمسلم العاقل هو الذي يجتنب سماع الباطل، وهو الذي يُطَهِّرُ سمعه وقلبه ومنزله وسيارته من الغناء المحرم؛ رضا بأمر الله وتسليما لنهيه.

اللهم أعز الإسلام و المسلمين وأذل الشرك والمشركين وانصر عبادك الموحدين، ودمر أعداءك أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين. اللهم انصر من نصر الدين، واخذل من خذل عبادك المؤمنين.

اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين. اللهم وفق ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين لما تحبه وترضاه من الأقوال والأعمال يا حي يا قيوم. اللهم أصلح له بطانته يا ذا الجلال والإكرام.

 

المشاهدات 887 | التعليقات 0