الغضب جماع الشر

الشيخ محمد بن حسن القاضي
1446/02/05 - 2024/08/09 11:42AM
الغضب جماع الشر خطبة (مفرغة) 27 محرم 1446هـ
 
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله.
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون} [سورة آل عمران:102].
{يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [سورة النساء:1]. {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71) } [سورة الأحزاب:70-71].
أما بعد:
اعلموا أنَّ خير الكلام كلام الله، وخير الهدى هدى محمد صلى عليه وعلى آله وصحبه وسلم, وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة في النار.
أما بعد معاشر المسلمين! تعلمون أن من الصفات الذميمة التي حذرت منها الشريعة الإسلامية، والتي بينت عواقبها الوخيمة، وأضرارها الكبيرة، هي صفة الغضب عياذاً بالله، ولهذا سأذكر في هذا المقام شيئا مما جاء في كتاب الله، وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم، الغضب والتحذير من الغضب وبيان أضراره وأخطاره.
معاشر المسلمين! روى الإمام البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً جاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام فقال: يا رسول الله أوصني قال: «لا تغضب فردد مراراً فقال له: لا تغضب» انظروا إلى هذه الوصية العظيمة الجامعة لخيري الدنيا والآخرة، فقوله لا تغضب من جوامع كَلِمه ونوابغ حكمه صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم، وقوله لا تغضب وصية قليلة المبنى عظيمة المعنى قد احتوت على كل خير وقد حذرت من كل شر، ولهذا جاء عند الإمام أحمد رحمه تعالى، أن هذا الصحابي قال: فتأملت في قوله لا تغضب فوجدتها جِماع الخير كله، وكذلك أيضا قال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى في فتح الباري وهكذا أيضا في جامع العلوم والحكم قال رحمه الله تعالى: الغضب جِماع الشر والتحرز منه جِماع الخير، فمن أراد الخير بحذافيره فليبتعد عن الغضب؛ لأن الغضب له أضرار وخيمة، والغضب عرفه الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى فقال: هو غليان دم القلب فينتج عن ذلك تغير في البدن، فمن ملك نفسه عند الغضب فإنه بإذن الله يسلم من شرور عظيمة ومن أخطار كبيرة.
 ولهذا كان أعظم الناس قوة وأشد الناس قوة هو الذي يملك نفسه عند الغضب، روى الإمام البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «ما تعدون الصُرع فيكم- أي من هو القوي الشديد عندكم- قال الصحابة رضي الله عنهم: الذي يصرع الناس، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: ليس الشديد بالصرعة- أي بالقوة الذي يصرع الناس- ولكن الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب» فهذا الذي يملك نفسه عند الغضب إنه يرغم شيطانه وينتصر على نفسه الأمارة بالسوء، ويحمي نفسه بإذن الله من أخطار عظيمة ومن أضرار كبيرة، قوله لا تغضب، قال ابن التين رحمه الله تعالى: عند شرحه لهذا الحديث، جمع النبي عليه الصلاة والسلام، في قوله لا تغضب، بين خيري الدنيا والآخرة؛ فإن الغضب مانع من الرقة وداع إلى التقاطع، ويؤول بالإنسان إلى ما لا تحمد عقباه، ولهذا من ملك نفسه عند الغضب فقد ملك زمام أمره بإذن الله رب العالمين، وهكذا قال وهب بن منبه رحمه الله تعالى: قالت الحكماء: أركان الكفر أربعة وذكر منها الغضب، فالغضب من أركان الكفر عياذاً بالله؛ لأن من يغضب ربما لا يستطيع السيطرة على نفسه، فيقع في سب الله أو سب دينه، أو يقع في القتل عياذاً بالله، أو يقع فيما يقع من البوائق والآثام، إذاً ينتبه المسلم ويزن نفسه، جاء رجل إلى النبي عليه الصلاة والسلام فقال: يا رسول الله أوصني وأقلل علي لعلي أعيها، فقال له: «اجتنب الغضب اجتنب الغضب اجتنب الغضب» وجاء من حديث ابن عمر رضي الله عنه، أنه قال: قلت يا رسول الله دلني على عمل يباعدني عن غضب الله، قال له: «لا تغضب» انظروا إلى هذه التوجيهات النبوية والإرشادات المحمدية، وهكذا جاء رجل إلى النبي عليه الصلاة والسلام فقال: يا رسول الله أوصني بكلمات لعلي أعيها فقال له الرسول عليه الصلاة والسلام:« لا تغضب ولك الجنة« إذاً يا معاشر المسلمين ينبغي أن نضبط أنفسنا.
 قال الإمام الخطابي رحمه الله تعالى: قوله لا تغضب أي اجتنب أسباب الغضب ودواعي الغضب وما يمليه عليك الغضب، الإنسان مبتلى في الحياة بالفتن وبالأمور التي تعرض له وقد يغضب، لكن معنى هذا الحديث أن الإنسان يجتنب الأسباب الموصلة إلى الغضب وهذا من الحكمة والفطنة والذكاء فيتغافل ويحاول أنه لا يستزل وأنه لا يثار بكلمة تجلب عليه الدبور عياذاً بالله، بل يتمالك نفسه، وكذلك أيضا إذا أغضبه شخص فإنه لا ينفذ ما يريده الغضب، بل يضبط نفسه ويحاول أنه لا يقع فيما يكون سببا بعد ذلك في الدبور والشقاء عياذاً بالله، بل يتمالك نفسه، ولهذا مدح الله عباده المؤمنين الذين يجتنبون الغضب، والذين لا ينفذون ما يدعو إليه الغضب، قال ربنا في كتابه الكريم: {وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُون} [سورة الشورى:37] وهكذا يقول الله في كتابه الكريم: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَمًا} [سورة الفرقان:63] أي إذا خاطبهم من لا يحسن الخطاب بكلام أغضبهم قالوا سلاما، فلم يدخلوا فيما يجلب عليهم الدبور والشقاء عياذاً الله، وكذلك أيضا، إن رأس الشر عياذاً بالله، القتل والزنا، والقتل غالباً يأتي عن طريق الغضب، ولهذا مدح الله المؤمنين الذين يجتنبون هذه الجريمة الشنعاء، قال ربنا مادحاً عبادة، {وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ } [سورة الفرقان:68] فالمسلم يبتعد عن الأسباب التي توصله إلى غضب الله وسخطه عياذاً بالله.
أستغفر الله إنه هو الغفور الرحيم
*الخطبة الثانية*
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، أما بعد:
أيها الإخوة كيف نجتنب الغضب، وما هو علاج الغضب، وما هي الأسباب التي تبعدنا عن الغضب، سأذكر شيئا مما جاء في الشريعة المطهرة في بيان هذا الأمر، ألا وإن من ذلك القول الحسن والكلمة الطيبة، فالكلمة الطيبة لها شأن وأي شأن، قال ربنا في كتابه الكريم {وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا} [سورة الإسراء:53] وقل لعبادي يقول التي هي أحسن أحسن أي أجمل وأكمل وأفضل وأزكى وأنقى وأطهر، فإن من الكلام ما هو حسن وما هو أحسن وأفضل وأعلى فيختار الإنسان الكلمة الطيبة، ولا يرد الصاع بصاعين ولا الغلطة بغلطتين، ولو أن شخصا أخطأ عليك فترد عليه بكلمة حسنة ولا ترد بكلمة سيئة؛ لأن الكلمة السيئة تجلب بعد ذلك ما هو أسوأ وما هو أعظم، وأول الحرب كلام، وأغلب الفتن الحاصلة بين الناس أصلها كلمة أو كلمات قالها أحد الناس وربما في حالة غضب، فيختار الإنسان الكلمة الطيبة.
 كان أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى، في الليل يمشي في المسجد فوطئ رجلاً نائما في الظلام لم يره، فقال هذا النائم عندما قام فزعاً قام وقال: أحمار أنت، فقال له عمر بن عبد العزيز: لا ومشى، فاستغرب بعض حراسه وبعض من معه وقالوا: يقول لك كذا وكذا قال لهم: سألني وأجبته، هكذا الإنسان العاقل يطفئ الفتنة ويإدها من بدايتها ولا يرد الصاع بصاعيين ولا الكيلة بكيلتين، وما أكثر من حصل منه القتل في حالة غضب، أو حصل منه ما لا يحمد عقباه في حالة غضب، يا عباد الله! كم من شخص طلق في حال غضب، كم من شخص قتل في حالة غضب، كم من شخص كسر في حالة غضب، كم شخص كفر في حالة غضب، يسير مع الغضب عياذاً بالله، لا يضبط نفسه، ولا يملك زمام نفسه عند الغضب، هذا من الضعف، ولهذا قال ابن حبان رحمه الله تعالى: سرعة الغضب من شيم الحمقى والبعد عن الغضب من صفات وزي العقلاء، فالعاقل يبتعد عن هذه الأسباب، في حالة الغضب اهدأ ولا تتكلم فهذا مما جاءت به الشريعة المطهرة أن من غضب لا يتكلم، جاء عند الإمام أحمد رحمه الله تعالى، أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «إذا غضب أحدكم فليسكت» لماذا فليسكت؛ لأنه لا يتكلم بشيء يضرك إذا سكت وأغلق فمه سلم بإذن الله من كثير من الفتن ومن كثير من البلايا والمحن.
 وكذلك أيضا من أسباب دفع الغضب الإستعاذ بالله من الشيطان الرجيم، فقد روى الإمام البخاري ومسلم، من حديث سليمان بن صرد رضي الله عنه، قال: كنا عند رسول الله عليه الصلاة والسلام فاستب رجلان حتى انتفخت أوداجهما واحمرت وجوههما فقال الرسول عليه الصلاة والسلام: «أما إني أعلم كلمة لو قالها لذهب عنه الذي يجد، لو قال أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» فالغضب من الشيطان فإذا استعان المسلم بالله دفع عن نفسه الغضب وأطفأ الغضب.
 وكذلك أيضا مما يطفئ الغضب أن الشخص يغير من حاله، فإذا كان قائما يجلس، وإذا لم يذهب عنه الغضب فإنه يضطجع، روى الإمام أحمد من حديث أبي ذر رضي الله عنه، أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «إذا غضب أحدكم وكان قائما فليجلس فإن ذهب عنه غضبه وإلا فليضطجع» لماذا لأنه لو قام ربما يتضارب مع هذا الذي أغضبه وربما يعمل له مشكلة، فلهذا دعاه الرسول عليه الصلاة والسلام، إلى أنه يجلس فإن لم يذهب عنه الغضب فإنه يضطجع؛ من باب إخماد نار الغضب عياذاً بالله.
 وكذلك أيضا مما جاء في ذلك أن الشخص إذا غضب يتوضأ لأن الغضب من الشيطان ولأن الغضب نار مشتعلة فيطفئها الوضوء بإذن الله رب العالمين، فهذه من الأشياء التي تزيل الغضب.
 وكذلك أيضا مما يزيل الغضب ومما يدفع الغضب، أن الشخص يتفكر في العواقب وينظر في مآل الأمور، فكم من شخص يقع في حالة الغضب في أشياء يندم عليها طول عمره وطول دهره، وكم من قضية في حال غضب أودت برقبة الإنسان، لو جئت إلى السجون وفتشت عن القضايا التي يكون فيها الناس، والتي أودت بكثير من الناس إلى السجون تجد أن مبدأها الغضب، وأنه ما تحمل في حالة غضب.
 يا مسلم وطن نفسك على الصبر وعلى الحلم ولا تغضب فإن وراءك والدين، وإن وراءك أولاد، وإن وراءك أُسر، فلا تفجع نفسك، وتفجع من وراءك زن نفسك واثق نفسك بضوابط الشريعة هذا هو المطلوب من المسلمين جميعاً الإنظباط بضوابط الشريعة والسير على ما يريده رب العالمين سبحانه وتعالى، إذا أردت أن تتكلم فانظر إلى كلمتك هل هذه الكلمة ستنفعك أم ستضرك، تنطق بكلمة تكون حسنة ونافعة، ولا تكون هذه الكلمة فيها ضرر لا عليك ولا على أحد فاضبط نفسك وتعلم قبل أن تتكلم وتعلم كيف تتكلم، لا تودي بنفسك إلى المآزق والمهالك، كم أشخاص يأتي يسأل عن حال الطلاق في حال الغضب، ويقول أنا طلَّقت وكنت غضبان ويجعل الغضب عذرا له في أن يطلق، ما الذي دهاك، وما الذي أرداك، زن نفسك بميزان الشريعة، وانضبط بضوابط الشريعة الإسلامية المطهرة، لا تكن متسرعاً، كم من شخص كان مزوجاً وفي نعمة فصار بعد ذلك أعزبا بكثرة ما يتلفظ بالطلاق، طَلَقَتْ زوجته، وذهبت منه زوجته.
 يا مسلم! تعقل واتزن بميزان الشريعة المطهرة، لا تكن طائشا ولا تكن مجنونا، إن الغضب شعبة من الجنون، فيا مسلم كن عاقلا بعيدا عن الغضب وعن دواعيه وأسبابه، وإذا جاء ما يثير الغضب فاعمل بما يكون سبباً في الإنضباط والهدوء والسكينة بإذن الله رب العالمين، هذا هو المطلوب من المسلمين.
أسأل الله بمنه وكرمه، وفضله وإحسانه، أن يوفقنا لما يحب ويرضى، وأن يجنبنا ما يكره وما يأبى، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين، اللهم احفظ يمن الإيمان والحكمة، ونجنا من كل ضائقة وفتنة، اللهم احم بلادنا برها وبحرها وجوها، اللهم ادفع عن بلادنا كيد الكائدين، ومكر الماكرين، وتآمر المتآمرين، وشر الأشرار، وكيد الفجار، اللهم عليك بأعداء الإسلام، اللهم عليك بأعداء الإسلام، اللهم عليك بأعداء الإسلام، اللهم خذهم من فوقهم ومن تحتهم واجعل الدائرة عليهم، اللهم أرنا في اليهود عجائب قدرتك وأنزل عليهم بأسك الذي لا ترده عن القوم المجرمين، اللهم عليك باليهود الغاصبين، والنصارى المتآمرين، اللهم كن لإخواننا في فلسطين، اللهم كن لهم خير معين، اللهم انصرهم على اعدائك واعدائهم يا رب العالمين، اللهم وحد كلمتهم، واجمع صفهم وأصلح ذات بينهم، وأصلح الحاكم والمحكوم، والقادة والرعية يا رب العالمين، اللهم كن للأطفال الرضع، والشيوخ الركع، اللهم رحماك بهم يا أرحم الراحمين، اللهم عليك بالمتآمرين على أهل الخير والفضل يا رب العالمين، اللهم عليك بمن يسعى في قتل عبادك وأوليائك ومن يسعى بالتخريب يا رب العالمين، اللهم عليك باليهود فإنهم قد عاثوا في الأرض فسادا، اللهم أنزل عليهم رجزك وأليم عقابك يا رب العالمين.
اللهم احفظنا بالإسلام قائمين، وقاعدين، وراقدين، وأقم الصلاة.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
المرفقات

1723192940_الغضب جِماع الشر خطبة في مسجد الميثالي بذمار 27 محرم 1446هـ.pdf

المشاهدات 377 | التعليقات 0