الغرب في قفص الاتّهام -رؤية من الداخل- د.عبد المعطي الدالاتي

الغرب في قفص الاتّهام -رؤية من الداخل- 1/2


د.عبد المعطي الدالاتي


" ترتقي الحضارة بالروح والفكر ، وتنحدر بالغريزة "
- المفكر مالك بن نبي -


تعاني الحضارة الغربية من الوقوع في مأزق كبير بدأ ينحدر بها إلى الهاوية ، سبّبت هذا المأزق عوامل كثيرة منها :

اختلال التوازن بين المادة والروح ، وانفصال العلم عن الإيمان والخلق والضمير ، وانفصال الحياة عن الهدف والمصير .

فلقد أثخنت الغربَ الجراح ، ورُبّ جرح أوقعَ في مَقتل .

ونحن المسلمين لا نتمنى لهذه الحضارة أن تسقط ، وإنما نرجو لها أن تؤمن بالله ورسله .

وإن الجوانب المضيئة من هذه الحضارة ، هي إرث إنساني وإسلامي بشكل خاص ، فلا مصلحة إذن لأي إنسان في أن يتهاوى صرح هذا الإرث .

على أن سقوط الأقوياء لن يُقوّي الضعفاء في شيء ! ولن ينقذهم من تخلفهم ، فليس ينفعنا أن نظل سادرين في غرف الانتظار ننتظر سقوط الحضارات!

وإنما الذي ينفعنا هو التزامنا بالأمر الإلهي الأول ((اِقرأ باسْمِ ربك)) .

ويبقى الدرس الذي نتعلّمه من الغربيين هو ألا نسقط فيما سقطوا فيه .

لقد تنبّه العقلاء من المفكرين الغربيين إلى السيرورة الهابطة لحضارتهم ، فراحوا ينبّهون أقوامهم ، ويقرعون أجراس الخطر لتجنب سقوط هذه الحضارة .

كما راحوا يدرسون آفات هذه الحضارة وأعراضها ، ويضعون الخطط و"الوصفات" في محاولة لإنقاذها قبل الاحتضار بنقل دم جديد في عروق متصلبة !

و فيما يأتي سنطلّ "برؤية داخلية" على مشاهد من الليل البهيم الذي يلف هذه الحضارة .

ترسم هذه المشاهدَ صرخاتُ الحيرة والعبث والاستلاب والاغتراب التي يُطلقها الإنسان الغربي ، كما ترسمها الصرخات المنذرة التي يطلقها المفكرون الذين يحاولون – ظنّوا – محوَ الظلام بمصابيح خافتة ، ناسين أو متناسين أن الظلام الحالك لا يكشفه إلا الفجر الساطع الذي بدأت طلائعه تتجلى في القلوب التي ملّت الظلام فأشرقت بنور الإسلام ..

مَنْ كانَ يحملُ في جوانحِهِ الضُّحى *** هَانَتْ عليهِ أشعةُ المصباح ِ

إن مثل هؤلاء المصلحين كمثل الزّراع الذين أبصروا شجرة عليلة ، فتوهموا أن منبع الفساد في بعض أغصانها ، فراحوا يُضيّعون وقتهم في قطع هذه الأغصان ، أو في طلائها بالألوان !

إنهم لا يعلمون أن منبع الفساد في جذور هذه الشجرة ! (( وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا ))(1).

ورُبّ ضارّة نافعة ، فهذا الليل الجاثم على صدر الغرب هو الذي حدا المهاجرين الجدد إلى الإسلام ، والعسرُ مقدّمة اليسر .. ومن رحِم الظلام يولد الفجر ! ولن تنبت الحبة إلا إذا دُفنت في التراب .

يقول الدكتور عبد الكريم بكار : "إن جزءاً من انتصار الإسلام لن يكون بالجري وراء العالم لإصلاحه ، ولكن بعودة العالم إليه بعد انسداد السبل أمامه ، وإن الوقت يعمل لصالح هذا الدين"(2).

وهذه نُقول غربية ملتقَطة من أقوال مشاهير الغربيين – حكماء وسفهاء – .
هذه الأقوال ترسم الملامح الحقيقية للإنسان الغربي والحضارة الغربية ، وهم بلا شك أعلم بأنفسهم منّا بهم .

تشوّقُ طيرٍ لم يُطعه جناحُ !

يقول الفيلسوف نيتشه : "بدأتُ مغامراتي الفكرية ، وفررتُ من الحيرة إلى الإلحاد ، فازدادت حيرتي ! فإلى أين أتجه ! أفلا يجدر بي أن أعود أدراجي إلى الإيمان ، أو أن أوفّق لإيمان جديد ؟!

ويقول :" أنا لا أريد أن أكون نوراً لأبناء هذا الزمان ، بل أريد إيراثهم العمى!…

وكل مولود جديد يأتي برجس إلى العالم ! فإياكم وممارسة الفضائل ! ولنكن أعداء فيما بيننا ، وليحشد كل منا قواه ليحارب الآخرين !

فخير السلام ما قَصُرت مدته !! وإن من الخير أن تكون الأقذار كثيرة في هذا العالم ! فلا معنى للوجود ، والحكمة قاتلة !"(3).

ولعل الدكتور محمد إقبال لم يكن مُبعِداً إذا وصف نيتشه بقوله : "مجنون ولج مصانع الزجاج ! إذا ابتغيت نغمة ففرّ منه ، فليس في نايه إلا قصف الرعد ، وقد دفع مبضعه في قلب الغرب!" .

لمثل كلامك حُمِد السكوت

وفيلسوف غربي آخر ! هو جان بول سارتر ، الوجودي الذي ساهم في تشكيل عقول الملايين من الغربيين وأذيالهم ، يقول : " الجحيم هم الآخرون ، وإنني أطلب العار والدمار والاحتقار، لأن الإنسان خُلق ليقضي على الإنسان في داخله ، وليفتح روحه لجسد الليل المظلم(4)…

ويؤكد سارتر عواطفه الهابطة في سيرته الذاتية عندما يتكلم عن أبيه : " ليس هناك أب صالح، تلك هي القاعدة! كان ذلك المرحوم - يعني أباه - قليلاً ما يعنيني ، بل إن هذا الأب ليس حتى ظلاًّ - كل ما في الأمر أننا كلينا مشينا ردحاً من الزمن على الأرض نفسها(5)!!

كنتُ أملك حق العبوس في وجه الكون … كنت أتذوّق متعة الحقد " .

ثم يرتقي سارتر في (إنسانيته) ليقول : " إنني كلب أتثاءب والدموع تسيل ... إنني ذبابة أتسلق على الزجاج ثم أتدحرج ! وأعود إلى التسلق !

إنها منتنة ، تلك هي حُبكة حياتي ! وما من شك في أن نفس الكلب المعتمة أقدر بما لا يقاس على تلقّي ذبذات الفكر من نفسي ! إنني أنظر إلى حياتي عبر موتي ! فهل يُتصوّر أمني وسكوني؟!"(6).

"رأيت ذبابة على النافذة فقتلتها ، ما كان ينبغي لي أن أقتلها ، لقد كانت من جميع المخلوقات الكائن الوحيد الذي يخافني ! فأنا الآن لا أهمية لي بعدُ في نظر أحد ! إنني ذبابة ولقد كنت كذلك دائماً !"(7).

ويحاول سارتر أن يرتقي ويتحرر فيكتب : "كان يطلق النار على الناس ، على الفضيلة ، على العالم كله ، لقد كان رأسه ملتهباً … كانت الطلقات تنطلق حوله حرة في الهواء ! لقد أطلق الرصاص ! لقد اغتسل ! إنه قوي للغاية … إنه حر !"(8).

دعاةٌ على أبواب جهنم

وليست حال (ألبير كامو) صديق سارتر بأفضل منه ، فها هو يقول : " ينبغي ألا نؤمن بأي شيء في هذا العالم سوى الخمر!(9)

لو أني شجرة بين الشجر فقد يُصبح لهذه الحياة معنى ، ولعلها تصبح أفضل !(10) …

فالإنسان تناقُض وسُخف ولا معقول ، بلا غاية أو هدف ، مصيره الانتحار !" .

زهرة فوق قبر

ولعل ثالثة الأثافي ، الكاتبة الوجودية (سيمون دي بوفوار) ، كانت أصدق في التعبير وأقرب إلى البوصلة .

وها هي تكتب في إحدى تداعياتها : " إن الشيخوخة تترصّدني في قعر المرآة ، وسوف تستولي عليّ ، لقد فقدت تلك القدرة التي أملكها لفصل الظلمات عن النور … فسعادتي تصفّر وتنحلّ … والساعات العجلى تسوقني مسرعة نحو قبري ! وأنا الآن وحدي ، فواحد وواحد يساويان واحداً ! أي سوء تفاهم!"(11).

"كنا نشرب كثيراً لأن الخمر كانت متوفرة ! ثم لأننا كنا بحاجة إلى أن نتخلص من عُقدنا … لم يكن بوسع الاطمئنان أن يكون حليفنا ، كان العالم يعاكس أهواءنا المنكوسة ، فكان يجب علينا أن ننساه ، بل أن ننسى أننا ننساه!"(12).

أين المفرّ ؟

يقول الوجودي فتزجيرالد في "الضربة القاصمة":" أكره الليل لأنني لا أستطيع النوم ، وأكره النهار لأنه يقود إلى الليل"

سلاسل لا حُلي

" من نواح كثيرة يشبه إنسان العصر الحيوان البري المأسور في حديقة الحيوانات ، فالإنسان اليوم ليس غريباً عن أخيه الإنسان فحسب ، بل الأهم أنه غريب معزول عن أعماق ذاته"(13).

ولا نجمَ يبدو به يُهتدى

يقول سلا كروا في" ليالي الغضب" : " في داخل نفسي أحسّ بأنني ضال حائر ، ألهث وراء البحث عن فكرة غير مزيفة ، فكرة توازي في قيمتها ما أوازيه أنا في قيمتي … إني أحاول عبثاً أن أحتفظ بالأمل في أن أعيش سلاماً مع نفسي …

إنني أعيش في حالة عدم تفاهم مع عدم تفاهمي نفسه ! وإن عصر الانتحار قد فتح أبوابه"(14).

من عجز أن يعلو فلن يعجز أن يهبط

"على المرء أن يبحث عن طريقة يوجد بها علاقة بينه وبين شيء ! إذا لم تكن بينه وبين الناس ، فبينه وبين فراش … أو مرآة أو سجادة ! حقاً لقد أصبح الاتصال بالناس حُلماً بعيد المنال !"(15).

من تألّم تكلم

يقول الشاعر الالماني بروشرت:" نحن جيل بلا عمق ، فعمقنا هو الهاوية .. نحن جيل بلا دين ولا راحة .. حُبّنا وحشية ، وشبابنا بلا شباب !
إننا جيل بلا قيود ولا حدود ولا حماية من أحد" .

صراع الفأر في المصيدة

ويتساءل (تنسي وليامز) : "لماذا تبدِّد حياتك هباء يا بني ؟! وكأنها شيء كريه مزرٍ عثرت عليه في الطريق؟!" ويجيب شوبنهور : "إن الأصل في الحياة هو العذاب والألم ، إن الحياة احتضار مستمر!" .

لا تضرب نَفسك بالصفرِ

تقول الشاعرة الروسية بيلاّ لينا : " مُعظم شعراء روسيا الكبار ماتوا منتحرين، مارينا سفينا ماتت منتحرة ، أنا نفسي أفكر في هذا الموضوع" .
ولم يكن الانتحار وقفاً على الشعراء فهذه إلينور ابنة الشيوعي كارل ماركس بعد أن خدعها الاشتراكي (إدوارد أفلنج) انتحرت ، كما انتحرت أختٌ لها من قبل !(16) .

وهذا الكاتب البريطاني (آرثر كيسلر) وزوجته يتجرعان السم كي يكشفا الستار عن الحقيقة بالانتحار !! وامرأة إنجليزية انتحرت لأن كلبها أصيب بمرض عضال !

وثمة ظاهرة جديدة وهي انتحار بعض العلماء الذين يدرسون ويعالجون ظاهرة الانتحار !(17) .

أولاد المرابي أول لاعنيه

يقول الفيلسوف جبريل مارسيل : "لا أشك أن أحداً منا يشك في تفاهة وضياع هذه الحضارة"(18).

ويقول كولن ولسون : "أَنظر إلى حضارتنا نظري إلى شيء رخيص تافه ، باعتبار أنها تُمثل انحطاط جميع المقاييس العقلية(19)…

إن حضارتنا تسير في الاتجاه المعاكس، وأنا أعتقد أن تدهور حضارتنا أمر لا مفر منه ، كما يعتقد كل طبيب بأن موتنا لا مفر منه"(20).

الفأس في الرأس

يقول اشبنجلر في كتابه (أفول الغرب) : "لقد شاخت الثقافة الأوربية وحان موتها ، وهي تعاني سكرات وآلام الاحتضار ، وإن ساعة القضاء قد دقّت وإن المدنيّة الغربية يشيع فيها اليوم القلق والاضطراب ، وقد أخذت تنقلهما إلى الشرق …

ولا أرانا نمتلك أي هدف أو خطة أو فكرة أكثر من تلك التي يمتلكها صنف من الفراشات! "

خيمة السعادة لا تقوم على عمود واحد

يقول المؤرخ أرنولد توينبي – وهو من كبار المدافعين عن الحضارة الغربية!– :
" إن الحضارة الغربية مصابة بالخواء الروحي الذي يُحوّل الإنسان إلى قزم مشوّه يفتقد عناصر الوجود الإنساني ، فيعيش الحد الأدنى من حياته ، وهو حد وجوده المادي فحسب ، والذي يُحول المجتمع إلى قطيع يركض بلا هدف ، ويُحول حياته إلى جحيم مشوب بالقلق والحيرة والتمزق النفسي(21)…
وإذا كانت النفوس الغربية قد استبدّ بها قلق الفراغ الروحي ، فإلى متى نتحمل العيش بدون عقيدة دينية؟!"(22) .

ويبلغ الأسى واليأس مداهما في فؤاد توينبي إلى درجة يصرخ فيها : " إنني أكره الحضارة الغربية المعاصرة ، كراهية بعيدة عن التهويل ، فخلال حياتي عاصرتُ حربين عالميتين ، وكلما نظرت إلى هذا الإرهاب الغربي وجدته شيئاً مروعاً"(23)..

الهرم المقلوب

يقول الكاتب الإنجليزي جود : "إنكم تقدرون أن تطيروا في الهواء كالطيور وتسبحوا في الماء كالسمك ، ولكنكم إلى الآن لا تعرفون كيف تمشون على الأرض كإنسان !

وإن الحضارة الحديثة ليس فيها توازن بين القوة والأخلاق ، فالأخلاق متأخرة جداً عن العلم فقد منحتنا العلوم الطبيعية قوة هائلة ولكننا نستخدمها بعقل الأطفال والوحوش .. وإن سمّ الانحطاط هو خطأ الإنسان في فهم حقيقة مكانته في الكون ، وفي إنكاره عالم القيم ، الذي يشمل قيم الخير والحق والجمال "(24).

في أعماق الضياع

"مكّنتنا الكهرباء أن نخترق الأركان المظلمة المحيطة بنا ، ولكن الظلام مازال يخيم على كياننا الداخلي ، فنحن نتحكم في قوى الطبيعة ، ولكن طبيعتنا الحيوانية تتحكم فينا !"(25) .

ويقول فون بابر:" نحن الآن على حافة الهاوية ، ولم يبق لنا إلا بارقة أمل في النجاة ، هي أن نؤمن بأن لهذا الكون خالقاً ، وأنه قد وضع لنا قوانين ينبغي أن نسير عليها" ..

وتقول الكاتبة الفرنسية سانت بوانت: " لقد تعدى الغرب حدود الله وعبث بالشرائع ، وخالف تعاليم المسيح الذي أمر بمحبة الناس .

لقد أضاء الشرق دياجير أوربة بنور تعاليمه ، وما هذه العلوم التي يفخر بها الغرب إلا من علوم الشرق … إن الغرب مجرم ، وقد اختار الرذيلة على الفضيلة ، وأثبت أن مدنيته قد أفلست"(26).

ويتساءل هربرت ويلز : "هل بلغت البشرية نهايتها ؟ إن الإنسان في صورته الحالية صار شيئاً منهوكاً لا غناء فيه ، ولا بد أن يُخلي مكانه … وكم أتمنى أن أحضر الجنس البشري وهو يجود بأنفاسه!"(27).

ولكنّ الهدى رزقُ

يقول العلامة هنري دي كاستري : "الواقع أن الرذائل الفاضحة في باريس ولندن أكثر مما يحدث في الشرق بأجمعه … فلقد تولدت في المسلمين ملكات الحشمة والوقار ، عملاً بما جاء في القرآن الكريم والحديث ، والفرق بين الحشمة عند المسلم وعند غيره كما بين السماء والأرض"(28).

وأول خُبث الماء خُبث ترابهِ

والتربة التي ترعرعت فيها الأخلاق الغربية هي التربة الميكيافيلية، حيث يقول فيلسوف الفكر الغربي (ميكيا فيلي) : " إن من يتقن الخداع دائماً أولئك الذين هم على استعداد لأن تنطلي عليهم خديعته ! ومن الخير أن تتظاهر بالرحمة والشعور النبيل والإخلاص والتدين …

ولكن عليك أن تعدّ نفسك عندما تقضي الضرورة ، لتكون متّصفاً بعكسها !"(29) ..

ويؤكد نابليون هذا المعنى فيوصي قائلاً : "لا تنسَ أن تضع دائماً في الواجهة لصاً يتصرف تصرّف الشرفاء" .

ويقول ماكس نوردو : "اكذب واكذب وادّعِ، فلن يكتشف أمرك غير العقلاء ، وما أقلهم!" .

يطلبون أجور أنيابهم !

يقول الفيلسوف الفرنسي رينان : "خُلق الأوربي للقيادة ، كما خلق الصيني للعمل في ورشة العبيد !" .

ويقول ريلكة : "إن القوي يجب أن يبني إمبراطورية قوية على جثث الضعفاء !" .

أما عضو الكونغرس الأمريكي وليام فولرايت فيقول: "علينا أن نمتثل لما تُمليه علينا دماؤنا ! ! فنحتل أسواقاً جديدة ، لأن غاية الله النهائية تتمثل في حتمية اختفاء الحضارات والأجناس الضعيفة أمام الحضارات العظمى التي تنشئها الأجناس الأكثر نُبلاً وحيوية"(30).

أما فيلسوف الغرب نيتشه فيقول : "الضعفاء العجزة يجب أن يُفنوا ! هذا هو أول مبدأ من مبادئ حبنا للإنسانية ! ويجب أيضاً أن يُساعَدوا على هذا الفناء!!"(31)

ويقول مونتسكو في كتابه (روح القوانين) : "حاشا لله أن يكون قد أودع روحاً في جسد حالك السواد !!" .

تعالى الله عما يفتري المجرمون ..

ونتساءل مع ألكسيس كارليل : " لماذا نعزل المرضى بالأمراض المعدية ، ولا نعزل أولئك الذين ينشرون الأمراض الفكرية والأدبية والخلقية؟!"(32) .

ونقول مع ماكس نوردو : "إن أوربة راتعة في حديقة موت أسود من الانحطاط الخلقي ، ولم يخل من هذا الداء كثير من المفكرين والكتاب، إذ خرج جانب عظيم من مؤلفاتهم غاصاً بعاهات هذا الداء ومقاذره ، والجماهير الحمقى تسميهم قادة الفكر ومصابيح المستقبل ، وما هم في الحقيقة إلا فئة من المرضى المصابين، والمستشفى أولى بهم من المكتبات !"(33).

"من كتاب " ربحت محمدا ولم أخسر المسيح"




(1) سورة الأعراف (58) .
(2) (مقدمات للنهوض بالعمل الدعوي) د.عبد الكريم بكار (37) .
(3) (هكذا تكلم زرادشت) فريدريك نيتشه .
(4) (بين الفلسفة والأدب) سارتر (151) .
(5) (سيرتي الذاتية) سارتر (14) .
(6) نفسه (69-175) .
(7) نفسه ص(186) .
(8) (الحزن في النفس) سارتر (193) .
(9) عن (فوضى العالم في المسرح الغربي المعاصر) د. عماد الدين خليل (74) .
(10) عن (الإسلام بين الشرق والغرب) علي عزت بيغوفيتش (131) .
(11) (قوة الأشياء) سيمون دي بوفوار (ج2 / 476) .
(12) نفسه (ج 1 / 56) .
(13) (إنسانية الإنسان) رينيه دوبو (49) .
(14) نقلاً عن ( فوضى العالم في المسرح الغربي المعاصر) د. عماد الدين خليل .
(15) (حديقة الحيوان) إدوارد إلبي نقلاً عن (فوضى العالم في المسرح الغربي المعاصر) د. عماد الدين خليل .
(16) عن (برناردشو) للأديب عباس العقاد ص (33) .
(17) المسلم لا ينتحر لأنه يحسن السباحة على موج القدر ، فلا يجد في مصائب الدنيا ما يموت دونه الصبر الجميل ، ومهما تكفّأت عليه المصائب وانسدت أمامه السبل ، ففي جهة السماء يجد المسلم كل الرجاء ، وإن نعمة الرضا بالقدر هي إحدى النعم الكثيرة التي أفاء الله علينا بهذا الدين .
(18) عن (نظرات حول الإنسان) روجيه جارودي (16) .
(19) (سقوط الحضارة) كولن ولسون (5) .
(20) (اللا منتمي ) كولن ولسون (132) .
(21) عن (مقدمات العلوم والمناهج) أنور الجندي ( مجلد4 /ص 772) .
(22) عن (سبيل الدعوة) د. أمين المصري (163) .
(23) عن (مقدمات العلوم والمناهج) أنور الجندي مجلد (7) ص(231) .
(24) نفسه مجلد (4) ص (770) .
(25) أرنولد توينبي عن (مقدمات المناهج والعلوم) أنور الجندي ( مجلد4 / 764) .
(26) عن المصدر نفسه ص(765) .
(27) هربرت ويلز ، عن (بنية التخلف) إبراهيم البليهي (116) .
(28) عن (المرأة والأسرة المسلمة من منظور غربي) د. عماد الدين خليل (64-65) .
(29) (الأمير) مكيافيلي (150) .
(30) (غطرسة القوة) ص(47) .
(31) عن (ركائز الإيمان بين العقل والقلب ) للعلامة محمد الغزالي (318) .
(32) (الإنسان ذلك المجهول) ألكسيس كارليل (318) .
(33) عن (مقدمات العلوم والمناهج) أنور الجندي (مجلد 4 / 770) .

المصدر: صيد الفوائد
المشاهدات 3219 | التعليقات 2

الغرب في قفص الاتّهام -رؤية من الداخل- 2/2
د.عبد المعطي الدالاتي



"يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا"

يقول جان بيليت : "إن إنسان المجتمعات الصناعية اليوم لا يعرف من يكون! ولا يدري بماذا يؤمن ؟ وليس لديه وقت ليتساءل : من أين أتى ؟ وإلى أين يذهب؟ فالوضع القائم ليس له مثيل"(1).

ويتساءل مايكل هارنجتون : "هل هناك في مجتمعنا التكنولوجي ميثاق أخلاقي ينقذنا من عبقريتنا ؟"(2).

تبر أم تبن ؟

يقول مصطفى فالسان قنصل رومانيا : "إن لكل أمة خُلقاً تعرف به ، ومن أبرز أخلاق الغربيين النفاق في ادعاء الرحمة !" .

"إن الغرب اليوم يشبه قبيلة تعبد الشيطان ، وتعيش في قوانين قائمة على الشر والحقد والمادية البحتة التي تحرر الإنسان من كل مشاعر الإنسان ، فلا بد من السعي إلى تطهير فكر الإنسان المعاصر من هذه الأصنام الجديدة التي رفعتها الحضارة وعبدتها من دون الله"(3).


قتلة الأمل

يقول جارودي : "إن المدنية الغربية في طريقها إلى الموت لغياب الأهداف ، إننا نرى انتشار قتلة الأمل الذين يحاولون إقناع الشباب بأن حياتهم لا معنى لها(4)… ولا يمكن أن يترك المستقبل للعالم الغربي ، فقد هيمن خمسة قرون على مقدّرات البشرية فاتجه للإبادة أكثر جداً مما اتجه للتعمير"(5).


هم يسلبون النور من وجه القمر

يقول سيمونز : "جاء الرجل الأبيض إلى إفريقيا وبيده الإنجيل … ولكن بعد أن مرت عقود قليلة أصبحت الأرض للرجل الأبيض ، وأصبح الإنجيل بيد الزنجي!"(6).


أوربة ودورها في شقاء العالم

عنوان كتاب للسويدي جان ميردال يقول فيه : " قد اعتصرت أوربة ثروات العالم ، وسبحت في النعيم ، تاركة أهل تلك الموارد في فقر شديد ، ومتّهمة إياهم بأنهم متأخرون وملوّنون ولا يستحقون الحرية ! ثم حجبت عنهم عناصر التقدم وفي مقدمتها التكنولوجيا" .


داخل أوربة

كتاب للكاتب الأمريكي جون جنتر يقول فيه : "إن الغربيين يعبدون المادة وشهواتها ستة أيام في الأسبوع ، ثم يذهبون إلى الكنيسة ساعة في اليوم السابع !"


أمريكا من الداخل

تعاني المجتمعات الأمريكية من آفات كثيرة عبّر عنها بيل كلينتون بقوله : "إن مشاكل المخدرات والعنصرية والفقر لا تزال مقيمة بيننا ، ونحن نحتاج إلى جميع جهودنا لإبعاد مراهقينا عن العنف والمخدرات ، وإن الأفلام التي نراها إنما هي تعابير عن انحطاط الإنسان الفكري واللا أخلاقي ، وفساد الروح الإنسانية ، وعلينا أن نتذكر أن جميع الأمريكيين معرَّضون للجريمة والمخدرات والعنف المنزلي والحمل في سن المراهقة ، وإن في أمريكا حوالي مليون مراهقة تصبح حاملاً كل عام ، إنه عيب وإثم !!"(7) .

قلت : لا شك أنه قد كتب هذه العبارة "عيب وإثم!!" قبل أن يتعرف على اليهودية مونيكا لوينسكي ! .

وفيما يلي نُفصّل بالأرقام ما أجمله بيل كلينتون عن حال البيت الأمريكي :
- بلغت الخسائر الناجمة عن الخمور عام 1996 ما قيمته 136 مليون دولار .
- في كل 25 دقيقة تحدث جريمة قتل ، وفي كل 10 ثوان يتم السطو على منزل!.
- عدد ضحايا الانتحار 5000 في السنة(8).
- انتشرت بأعداد كبيرة محلات لتجميل وقص شعر الكلاب وكذلك العيادات النفسية لمعالجة اكتئاب الكلاب !
- بلغ عدد الأطفال الفارّين من بيوتهم أكثر من مليون ونصف .
المرأة في أمريكا
- تبلغ حالات الطلاق 1,2 مليون حالة في السنة .
- عدد النساء اللاتي يتعرضن للضرب ( 9 ) مليون امرأة(9) ، وكذلك الحال في إنكلترا وكندا إذ بلغت النسبة 25% .


المرأة العربية في عيون الغربيين

في كتابه (حياة محمد) يصف فيرجيل جيورجيو المرأة العربية فيقول : "للمرأة عند العربي مكانة لا يحظى بها أي شيء آخر … هي البساتين والأزهار ، والفواكه والأنهار … هي ينابيع الربيع وعطر الأعطار … المرأة عند العربي هي كل جمال وروائع الكون !" .

ويقول غوستاف لوبون : "ينظر الشرقيون إلى الأوربيين الذيم يُكرهون نساءهم على العمل ، كما ننظر إلى حصان أصيل يستخدمه صاحبه في جر عربة ! فعمل المرأة عند الشرقيين هو تربية الأسرة ، وأنا أشاركهم رأيهم مشاركة تامة ، فالإسلام لا النصرانية هو الذي رفع المرأة من الدرك الأسفل الذي كانت فيه ، وذلك خلافاً للاعتقاد الشائع !"(10).

ويقول مسيو دو فوجاني : "المسلم يحبو حريمه بكل ثمين وبكل جميل ، ثم يرضى لنفسه بالقليل"(11) ، ويقول درمنغم : "المرأة في الشرق لا تحسد عاملاتنا في المصانع وعجائزنا !!"(12).


في دائرة النار

في كتابه (الإنسان ذلك المجهول) يطيل مؤلفه ألكسيس كارليل نفسَه في تحليل عميق للإنسان الغربي وللحضارة الغربية : "في المدينة العصرية قلما نشاهد أفراداً يتبعون مَثلاً أخلاقياً ، مع أن جمال الأخلاق يفوق العلم والفن من حيث أنه أساس الحضارة … كما أن هذه المدنية هبطت بمستوى ذكاء الشعب ، بدليل وجود هذا العدد الكبير من المجانين بيننا . وحينما تنهار حضارتنا يجب أن تنشأ حضارة أخرى ، لكن هل يجب أن نعاني من آلام الاحتضار قبل أن نصل إلى النظام والسلام ؟! .. لقد حان الوقت الذي نبدأ فيه العمل لتجديد أنفسنا .. يجب أن نحرر أنفسنا من التكنولوجيا العمياء ، إننا لنرى خلال ضباب الفجر طريقاً يقودنا إلى النجاة … إن مصيرنا بين أيدينا … فيجب أن نسير قُدماً في الطريق الجديد"(13).


أزمة عصرنا

عنوان كتاب من تأليف عالم الاجتماع تيرم سوركن يقول فيه : " إن الثقافة الغربية معتلّة ، سقيمة الروح والجسم ، وتعاني أزمة حادة متغلغلة في كل نواحي الحياة ، وهي أزمة انهيار عام وتحلل شامل ، إننا نعيش في أواخر الليل الطويل للحضارة المادية ، بما يحوي من أشباح وظلام رهيب ، وإرهاب ووحشة .. ومن وراء هذا الليل المهول سيستقبل الناس القادمون صبحاً صادقاً لثقافة جديدة جامعة ومعنوية" .


بانتظار الفجر

ويتطلع العقلاء من مفكري الغرب إلى فجر صادق يمحو ظلم الغرب وظلامه ، فيكتب فرجيل جورجيو : "مما لا ريب فيه أن هذا الانهيار للمجتمعات المادية تعقبه نهضة القيم الإنسانية والروحية ، وأن هذا النور العظيم سيجيء من الشرق".

ويقول عالم النفس إرنست بيكر : "إذا كانت المسيحية قد فقدت فاعليتها ، فإن الحاجة قائمة لبروز تصور ديني نقي يحرر الإنسان من صنمية الموجودات ، ويخرجه إلى فضاء الحرية التي يوفرها الإله الذي ليس كمثله شيء"(14)، أما الفيلسوفة البريطانية كاثلين رين فتقول في بحثها (نحو كون حي) : "الغرب بحاجة إلى بدء عصر جديد ، تبدأه مقدمات فكرية جديدة تستعيد شمول المعرفة التي استبعدها العلم المادي ، بحيث يضاف إلى معرفة العالم المادي – الشهادة – معرفة عوالم التصور غير المادي – الغيب – التي تدور الآن في الشرق ، وتتخذ الروح والعقل أساساً للمعرفة"(15).

ويقول رانتو : "إن الليل يخيّم على أوربة ، ونحن نولّي وجوهنا شيئاً فشيئاً قِبَلَ المشرق"(16).

ونقول مع إقبال :

إنّ هذا العصر ليلٌ فأَنِرْ *** أيها المسلمُ ليلَ الحائرينْ
وسفينُ الحق في لُجّ الهوى *** لا يرى غيرَك رُبّان السفينْ(17)


الإسلام هو طوق النجاة

يفضح المفكر هيوستن سميث عجرفة الغرب وتكبره عن الاعتراف بقدرة الإسلام على إنقاذ الغرب المنهار فيقول : "إننا نحيا حالة دفاعية تعكس حيرتنا أمام إمكانية التصور بأن يكون هناك ما هو أحسن مما نحن فيه ، كدين الإسلام الذي يمكن أن يمدّنا (بالخير والقوة) معاً ، إذا ما فتحنا أنفسنا لتقبّله"(18).

ويحذّر عالم النفس البروفسور لويس روخاس المبهورين منا بالحضارة الغربية فيقول :
"احذروا يا عرب ، يا مسلمون أن تخلطوا تصوّراتكم بالتصورات الغربية ، فأنتم أهل حضارة عريقة لها مقومات لا تملكها حضارتنا …. لا تتطلعوا إلى الحضارة الغربية تطلّع الممجّد لها ، إنها ستبلى"(19).

"فالإسلام - يقول د. عماد الدين خليل - هو النظام الوحيد الذي يستطيع وحده بتكامله وتوازنه أن ينقذ الحضارة المعاصرة مما تعانيه ، دون أن يتخلى عن الانتصار التكنولوجي الذي أحرزه الإنسان ، بل يحتضنه ويُنمّيه وفق قيم أخلاقية روحية تضمن استمرارية الحضارة ، وسلام الإنسان في أعماقه ومجتمعه وعالمه وكونه ، "من كتاب " ربحت محمدا ولم أخسر المسيح"



(1) (عودة الوفاق) جان بيليت (40-144) .
(2) عن (الإسلام كبديل)د. مراد هوفمان (50) .
(3) الدوس هكسلي عن (مقدمات العلوم والمناهج) العلامةأنور الجندي مجلد (7) .
(4) (مستقبل الإنسان في الغرب) روجيه جارودي (18) .
(5) عن (الإسلام) د. أحمد شلبي (49) .
(6) عن (التنصير والاستعمار) عبد العزيز الكحلوت .
(7) (بين الأمل والتاريخ) بيل كلينتون (79-93-136) .
(8) يذكر أن شاباً أمريكياً شنق نفسه إلى جذع شجرة مخلّفاً هذه الكلمة : "يبدو لي أن الشجرة هي الشيء الوحيد الذي له جذور في العالم" .
(9) هذه الإحصاءات ملتقَطة من كتاب (أمريكا – السقوط والحل) مختار المسلاتي ص (35) .
(10) (حضارة العرب) غوستاف لوبون (403 – 413) .
(11) عن ( حضارة العرب) غوستاف لوبون (412) .
(12) عن (المرأة والأسرة المسلمة من منظور غربي) د. عماد الدين خليل (88) .
(13) (الإنسان ذلك المجهول) ألكسيس ص(153 – 313 – 359) .
(14) عن (مناهج التربية الإسلامية) د. ماجد عرسان الكيلاني ص(128) .
(15) عن المصدر نفسه ص(133) .
(16) عن (مقدمات العلوم والمناهج) أنور الجندي مجلد (10) ص(365) .
(17) (فلسفة إقبال) للصاوي شعلان ومحمد حسن الأعظمي (65) .
(18) عن (مناهج التربية الإسلامية) د. ماجد عرسان الكيلاني (382) .
(19) عن (مقدمات العلوم والمناهج) أنور الجندي (7 / 224) .

المصدر: صيد الفوائد


لقد صدق شاعرنا الكبير
فالغرب روحيا مفلس أيما إفلاس ينبغي الحجر عليه
تري فلاسفة الغرب حاولوا الدخول في أعماق الأشياء بمنظار مادي وبالتنالي سيعودون حتما بخفي حنين
قال الله تعالي (واتوا البيوت من أبوابها)
من أراد الراحة والسعادة وقيمة الدنيا والآخرةفعليه بالإسلام فليس هناك باب آخر.