العين حق

سامي عيضه المالكي
1442/07/07 - 2021/02/19 01:45AM

الحمد لله خالق كل شيء، ورازق كل حي، أحاط بكل شيء علماً، وكل شيء عنده بأجلٍ مسمى، أحمده - سبحانه - وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره وهو بكل لسان محمود، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وهو الإله المعبود.

وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، صاحب المقام المحمود، والحوض المورود، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه الركع السجود، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى اليوم الموعود، وسلم تسليماً كثيراً.

﴿ قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [الزمر: 10].

أما بعد:

حديثُنا اليومَ عن العينِ، وما أدراكَ ما العينُ؟ "الْعَيْنُ حَقٌّ" كما أخبرَ نبيُنا - عليه الصلاة والسلام -؛ فإليكم بعضُ الوقائعِ والحقائقِ، وسُبُلِ الوقايةِ، والعلاجِ.

ودعوني أبدأُ بهذه الواقعةِ التي تكشفُ لنا جانباً من حقيقةِ العينِ؛ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ: أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ وَسَارُوا مَعَهُ نَحْوَ مَكَّةَ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِشِعْبِ الْخَزَّارِ مِنَ الْجُحْفَةِ، اغْتَسَلَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ وَكَانَ رَجُلاً أَبْيَضَ حَسَنَ الْجِسْمِ وَالْجِلْدِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ وَهُوَ يَغْتَسِلُ، فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ وَلا جِلْدَ مُخَبَّأَةٍ - أي عذراءٍ -، فَلُبِطَ سَهْلٌ - أي صُرعَ وسَقطَ على الأرضِ - فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ لَكَ فِي سَهْلٍ وَاللَّهِ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَمَا يُفِيقُ؟ قَالَ: "هلْ تَتَّهِمُونَ فِيهِ مِنْ أَحَدٍ؟" قَالُوا: نَظَرَ إِلَيْهِ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَامِرًا فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ، وَقَالَ: "عَلامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، هَلا إِذَا رَأَيْتَ مَا يُعْجِبُكَ بَرَّكْتَ "- أَيْ دعوتَ له بالبركةِ -، ثُمَّ قَالَ لَهُ: "اغْتَسِلْ لَهُ" فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمِرْفَقَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَأَطْرَافَ رِجْلَيْهِ وَدَاخِلَةَ إِزَارِهِ فِي قَدَحٍ، ثُمَّ صُبَّ ذَلِكَ الْمَاءُ عَلَيْهِ يَصُبُّهُ رَجُلٌ عَلَى رَأْسِهِ وَظَهْرِهِ مِنْ خَلْفِهِ يُكْفِئُ الْقَدَحَ وَرَاءَهُ فَفَعَلَ بِهِ ذَلِكَ، فَرَاحَ سَهْلٌ مَعَ النَّاسِ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.

يبدو للجميعِ واضحاً من هذه الحادثةِ: أن من أعظمِ أسبابِ العينِ هو التعري وكشفُ العوراتِ؛ فها هو سهلٌ - رضي الله عنه - يغتسلُ مُستتراً بعيداً عن نظرِ الناسِ، ولما وقعتْ عينُ عامرِ بنِ ربيعةَ عليه دونَ عمدٍ، ورأى حُسنَ جلدِه، وقالَ ما قالَ، وهو الصديقُ المُحب، صُرعَ سهلٌ، وسقطَ مَغشياً عليه.

فهذه رسالةٌ إلى من لا يُبالونَ بسترِ عوراتِ الأبناءِ والبناتِ، وإلى الذين يتساهلونَ في كشفِ أفخاذِهم وصدورِهم، وإلى النساءِ اللاّتي يكشفن أجسادَهنّ في الأعراسِ بلبسِ الفاضحِ من اللباسِ؛ فهذا رجلٌ كبيرٌ قويٌ أصابَه ما أصابَه من صديقٍ بسببِ رؤيةِ جُزءٍ من جسمِه، فكيفَ بحاسدٍ ينظرُ إلى محاسنِ الضُعفاءِ من النساءِ والصغارِ.

عبادَ اللهِ:

قبل أن نبدأ في هذا الموضوعِ يجبُ أن نقرِّرَ أصلاً عظيماً، وهو أنه لا يقعُ شيءٌ في هذا الكونِ إلا بإذنِ اللهِ - تعالى -؛ كما قالَ تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ﴾ [الحج: 1].

وكما قالَ عليه الصلاة والسلام:" وَاعْلَمْ أَنَّ الأمة لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتْ الْأَقْلاَمُ، وَجَفَّتْ الصُّحُفُ".

ولو كانَ شيءٌ يسبقُ القدرَ لكانَ العينُ؛ كما في الحديثِ:" وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابَقَ القَدَرَ لَسَبَقَتْهُ العَيْنُ".

وحذر الرسول - صلى الله عليه وسلم - من تأثيرها على المعيون، وأن عين الحاسد تجلب الشرور والأحزان، فقال: "الْعَيْنُ تُدْخِلُ الرَّجُلَ الْقَبْرَ وَتُدْخِلُ الجَمَلَ الْقِدْرَ" (حسنه الألباني برقم : 4144 في صحيح الجامع).

ومع ذلك هي من قدرِ اللهِ - تعالى - الذي جعلَ لها أسباباً وموانعَ معروفةً في الكتابِ والسنةِ مصفوفةً.

ومن أعظمِ الأسبابِ التي يُتقى بها العينُ والحسدُ، هو: ذكرُ اللهِ تعالى؛ كما جاءَ في الحديثِ: "وَآمُرُكُمْ أَنْ تَذْكُرُوا اللَّهَ، فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ خَرَجَ الْعَدُوُّ فِي أَثَرِهِ سِرَاعًا حَتَّى إِذَا أَتَى عَلَى حِصْنٍ حَصِينٍ فَأَحْرَزَ نَفْسَهُ مِنْهُمْ، كَذَلِكَ الْعَبْدُ لَا يُحْرِزُ نَفْسَهُ مِنْ الشَّيْطَانِ إِلَّا بِذِكْرِ اللَّهِ".

فيحافظُ الإنسانُ على أذكارِ الصباحِ والمساءِ، ومنه قولُ النبيِ -صلى الله عليه وسلم - : "مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ فِي صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ: بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ إلَّا لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ".

ويحافظُ على الأذكارِ الواردةِ في جميعِ الأحوالِ، فكلها بركةٌ وخيرٌ؛ مثلُ دعاءِ الخروجِ من المنزلِ، قالَ رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ قَالَ إذا خَرَجَ مِنْ بيْتِهِ: بِسْم اللَّهِ، توكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ، ولا حوْلَ ولا قُوةَ إلاَّ بِاللَّهِ، يقالُ لهُ هُديتَ وَكُفِيتَ ووُقِيتَ، وتنحَّى عنه الشَّيْطَانُ، فيقولُ الشَّيْطَانُ لِشَيْطانٍ آخرٍ: كيْفَ لك بِرجُلٍ قَدْ هُدِيَ وَكُفي وَوُقِيَ".

فإذا وقاكَ ربُ العالمينَ، فلا يضرُكَ بعدَ ذلكَ بلاءٌ ولا سِحرٌ ولا عَينٌ.

وأما الصِغارُ فيُعوَّذونَ باللهِ - تعالى - من شرِ العينِ؛ كما كانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُعَوِّذُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ - رضي الله عنهما - يَقُولُ: " أُعِيذُكُمَا بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ". وَيَقُولُ: "كَانَ إِبْرَاهِيمُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَوِّذُ بِهِمَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ".

فالصِغارُ هم أكثرُ عُرضةً للعينِ؛ فعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ وَلَدَ جَعْفَرٍ تُسْرِعُ إِلَيْهِم الْعَيْنُ أَفَأَسْتَرْقِي لَهُمْ؟ فَقَالَ : نَعَمْ".

وعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لِجَارِيَةٍ صَغِيرَةٍ فِي بَيْتِها، وَقَدْ رَأَى بِوَجْهِهَا سَفْعَةً - يَعْنِي صُفْرَةً - فَقَالَ: "بِهَا نَظْرَةٌ -أي عينٌ - فَاسْتَرْقُوا لَهَا".

ومن الاحتياطاتِ التي جاءتْ وقايةً من العينِ: عدمِ إظهارِ النِعمِ الخاصةِ التي يُحسدُ على مثلِها، ومنه قولُ يعقوبَ - عليه السلام - لبنيه: ﴿ وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ ﴾ [يوسف: 67].

قالَ أهلُ التفسيرِ: "أَنَّهُ خَافَ عَلَيْهِمُ الْعَيْنَ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا أُعْطُوا جَمَالًا وَقُوَّةً وَامْتِدَادَ قَامَةٍ، وَكَانُوا أَحَدَ عَشَرَ رَجُلًا لِرَجُلٍ وَاحِدٍ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَتَفَرَّقُوا فِي دُخُولِهِمْ لِئَلَّا يُصَابُوا بِالْعَيْنِ، فَإِنَّ الْعَيْنَ حَقٌّ".

فهذا العددُ من الأبناءِ ليسَ نعمةً عاديةً، بل هو فضلُ اللهِ - تعالى - يؤتيه من يشاءُ من عبادِه.

وكانَ محمدُ بنُ ظَفَرٍ الكندي من أحسنِ الناسِ وجهاً، وأمدَّهم قامةً، وأكملَهم خَلْقاً، فكان إذا كشف وجهَه مَرِضَ، وأُوذيَ بسببِ العينِ، فكان لا يمشي إلا مُقَنَّعاً - أي مُتلَثِماً -، ولذلك سُميَ بالمُقنّعِ الكِنْدي.

يا أهلَ الإيمانِ:

ينبغي على من رأى ما يُعجبُه فيما أُعطيَ الناسُ أن يدعوا لهم بالبركةِ؛ كما جاءَ في قصةِ سهلٍ - رضي الله عنه -: "عَلامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مِنْ أَخِيهِ مَا يُعْجِبُهُ فَلْيَدْعُ لَهُ بِالْبَرَكَةِ" فيقولُ: "اللهم باركْ له، أو باركْ فيه، أو باركْ عليه".

وأما إذا رأى ما يُعجبُه فيما أنعمَ اللهُ - تعالى - عليه، فيقولُ: ما شاءَ اللهُ لا قوةَ إلا باللهِ؛ كما في قولِ الرجلِ الصالحِ لصاحبِ الجنتينِ: ﴿ وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا ﴾ [الإسراء: 13].

وكذلك يدعُو بالبركةِ عليه كما قالَ رَسُولُ اللَّهُ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ وَلَدِهِ مَا يُعْجِبُهُ فَلْيَدْعُ بِالْبَرَكَةِ فَإِنَّ الْعَيْنَ حَقٌّ".

فقد يُصيبُ الإنسانُ مالَه أو ولدَه أو حتى نفسَه بالعينِ، فلا يُشترطُ في العينِ حاسدٌ ولا عدوٌ، بل قد تكونُ من شخصٍ قريبٍ وحبيبٍ، والواقعُ يشهدُ بذلكَ...نفعني اللهُ وإياكم بهديِ الكتابِ، وسنةِ المصطفى -عليه السلام.

أقول قولي هذا....

♦♦♦♦♦

الحمدُ للهِ الواحدِ القهارِ، العزيزِ الجبارِ، مُقدرِ الأقدارِ، الحمدُ للهِ لا يخيُّبُ من أمَّلَه ورجاه، ولا يُفلحُ من قنطَ من رحمتِه وما دعاه، والصلاةُ والسلامُ على خيرِ خلقِ اللهِ وعلى آلهِ وصحبِه ومن والاه.

أما بعد:

فقد جاءَ في الحديثِ: "مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلاَّ أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً".

ومن ذلك العينُ، فكما جعلَ اللهُ - تعالى - لها وسائلَ لدفعِها قبلَ أن تقع، جعلَ لها أيضاً وسائلَ لرفعِها بعد أن تقعَ.

ومنها: اغتسالُ العائنِ أو وضوءُه كما في قصةِ سهلٍ - رضي الله عنه -، وكما جاءَ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها - قَالَتْ : "كَانَ يُؤْمَرُ الْعَائِنُ فَيَتَوَضَّأُ ثُمَّ يَغْتَسِلُ مِنْهُ الْمَعِينُ".

وهذ إذا كانَ العائنُ معروفاً. وأما إذا كانَ العائنُ لا يُعرفُ، فإن من أفضلِ وسائلِ العلاجِ هو الرُقيةُ بكتابِ اللهِ - تعالى -، وما جاءِ في أحاديثِ النبيِ - صلى الله عليه وسلم-؛ عَنْ عائشة قَالَتْ: "أَمَرَنِي النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، أَوْ أَمَرَ أَنْ نَسْتَرْقِيَ مِنَ الْعَيْنِ".

واعلمْ أن أفضلَ من يرقي المَعِينَ هم والدَاه أو أقاربُه المُحبونَ؛ كما جاء في حديثِ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ -رضي الله عنها - أن النبيَ -صلى الله عليه وسلم - لمَا رأى أبناءَ جعفرِ بنِ أبي طالبٍ - رضيَ اللهُ عنه - قالَ لها: "مَا لِي أَرَى أَجْسَامَ بَنِي أَخِي ضَارِعَةً؟ - أي نحيفةً - تُصِيبُهُمْ الْحَاجَةُ؟"

قَالَتْ: لَا، وَلَكِنْ الْعَيْنُ تُسْرِعُ إِلَيْهِمْ، قَالَ: "ارْقِيهِمْ" قَالَتْ: فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: "ارْقِيهِمْ" فأمرَها النبيُ - عليه الصلاة والسلام - أن ترقيَهم بنفسِها؛ لأنّها أشفقُ الناسِ عليهم، وهذا له أثرٌ كبيرٌ في الرقيةِ.

فيقرأُ عليه الفاتحةَ سبعاً، وآيةَ الكُرسي، ويقرأُ سورَ الإخلاصِ والمعوَّذتينِ، ثلاثاً، ثم ينفثُ عليه، ويعيذُه باللهِ - تعالى - بما جاءَ في السنةِ؛ كقولِه : "أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ " ونحوِها من الأذكارِ، وسيجدُ لذلكَ أثراً عظيماً - بإذنِ اللهِ -.

وَاعْلَم - أيها العبدُ المُبتلى -: أن مَا أَخطأكَ لَمْ يَكُن لِيُصيبَكَ، وَمَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُن لِيُخطِئَكَ، وَاعْلَمْ أنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الفَرَجَ مَعَ الكَربِ، وَأَنَّ مَعَ العُسرِ يُسراً، فإذا يئسَ الأطباءُ المَهرةُ، وعجزَ الرُقاةُ البَرَرةُ، وطَرقتَ جميعَ الأبوابِ، وأحزنَ حالكَ الأحبابُ، فتذكر: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ﴾ [الحج: 1].

ألا صلوا وسلموا..اللهم صلِّ على رسول الله صلى الله عليه وسلم.. اللهم أعز الإسلام والمسلمين.. اللهم انصر اخواننا المسلمين في كل مكان.. اللهم ول على المسلمين خيارهم.. اللهم احفظ ولاة أمرنا وعلماءنا.. اللهم ارزقهم البطانة الصالحة..

اللهم اشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، اللهم اجعله طهورًا لهم، وارفع منزلتَهم، وأبدلهم من بعد المرضِ صحةً، ومن بعد البلاءِ عافيةً.

اللهم كنْ لأهلِنا المُستضعفينَ في كلِ مكانٍ، اللهم اجعل لهم فرجاً ومخرجاً، اللهم احقِنْ دماءَهم، واحفظ أعراضَهم، وآمنهم في أوطانِهم، اللهم واكشفْ عنهم البلاءَ، والطف بعبادِك المسلمينَ في كلِ مكانٍ يا ربَ العالمينَ.

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات.. اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا وما أنت أعلم به منا يا رب العالمين..

ربنا ظلمنا أنفسنا كثيراً.. ربنا آتنا في الدنيا حسنة.. سبحان ربك رب العزة عما يصفون..

المشاهدات 883 | التعليقات 0