العين حق

إبراهيم بن سلطان العريفان
1438/04/15 - 2017/01/13 07:22AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
إخوة الإيمان والعقيدة ... في إحدى ليالي الفرح والعرس قامت ظهرت العروسة على منصة العرس وهي بكامل زينتها ولباسها، وبرفقتها الأم .. ثم قالت الزوجة لأمها: أين الضيوف .. لا أرى شيئًا .. لا أرى إلا الظلام .. خرجت الأم من بنتها العريس إلى غرفة في صالة الفرح .. فانقلب الفرح إلى حزن. طلبت الأم من الضيوف أن يغتسلوا لعل أحد أصابها بعين. وتفاعل الضيوف مع الحدث وتوضؤوا .. وبقيت الفتاة لا ترى إلا الظلام. وافق الزوج على أن يستمر مع الفتاة بحالتها، وبدأوا رحلات العلاج من مستشفى إلى راق شرعي .. والوضع لم يتغير .. حتى قال لهم أحد المشائخ الرقاة الشرعية .. أن العين قوية، ولن تزول إلا بمعرفة العائن أو موته. فصبرت الفتاة .. ورزقها الله من البنين والبنات وهي على حالتها. وفي صباح يوم استقيظت الفتاة من نومها وهي تبصر، فزعت فرحة قامت للاتصال بأمها لتخبرها، فرد عليها أخوها ... فنبرة حزينة : أمي ماتت.
هل عرفتم أيها الاخوة من العائن ؟؟؟
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال ( العين حق، ولو كان شىء سابق القدر لسبقته العين، وإذا استغسلتم فاغتسلوا ) كذا قال المصطفى صل الله عليه وسلم.
جاءت الإشارة إلى العين فى القرآن الكريم على لسان يعقوب عليه السلام حين خاف على أبنائه فقال ( وَقَالَ يَا بَنِيَّ لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللّهِ مِن شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ ) وهكذا يفعل المؤمنون بالأسباب، ويبقى التوكل على الله ملاذا آمنا، ومعتقدا صادقا، يأخذون بالحيطة والحذر، ويؤمنون بالقضاء والقدر، ويثقون بقدرة الواحد الأحد ( وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللّهِ مِن شَيْءٍ )
وجاء فى القرآن أيضا إخبار من الله إلى رسوله صلى الله عليه وسلم عن حسد الكافرين له، ومحاولة إنفاذه بأبصارهم ( وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ ) ( لَيُزْلِقُونَكَ ) أى يعينونك بأبصارهم، بمعنى يحسدونك... وهذه الآية دليل على أن العين إصابتها وتأثيرها حق بأمر الله عز وجل .
إخوة الإيمان: وينبغى أن يعلم أن العين إنسية وجنية، بمعنى إنها تصيب من الجن كما تصيب من الإنس، أنَّ الرسولَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال لجاريةٍ ، في بيتِ أمِّ سلمةَ ، زوجِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ، رأى بوجهِها سَفْعَةً فقال " بها نظرةٌ . فاستَرْقوا لها " يعني بوجهِها صُفْرةٌ . والسفعة علامة من الشيطان، والمعنى: بها عين أصابتها نظرة من الجن أنفذ من أسنة الرماح. ولهذا ((كان صلى الله عليه وسلم يتعوذ من الجان، ومن عين الإنسان حتى إذا نزلت المعوذتان أخذ بهما، وترك ما سوى ذلك.
عباد الله: ومع ثبوت العين وأثرها بإذن الله، حتى قال عليه الصلاة والسلام ( أكثرُ مَن يموتُ من أُمَّتي بعدَ قضاءِ اللهِ و قدَرِه بالعيْنِ
) فلا ينبغى الإفراط ولا التفريط بشأنها .. فطائفة من الناس ممن قل نصيبهم من السمع والعقل أبطلوا أمر العين وقالوا: إنما ذلك أوهام لا حقيقة لها، وهؤلاء من أجهل الناس، وفي المقابل أناس المسرفون بأمر العين فتطاردهم الأوهام، ويحاصرهم القلق، ويضعف عندهم اليقين، ويختل ميزان التوكل. فينسبون كل إخفاق أو فشل إلى العين، لقد استدرجهم الشيطان فأمرضهم وما بهم مرض، وأقعدهم عن العمل وما بهم علة، ذلكم لأن نسبة العجز والكسل إلى الآخرين أسهل من الاعتراف به وتحمل لوم الآخرين.
وبين هؤلاء تقف طائفة من الناس موقفا وسطا، تؤمن بالعين وتصدق بآثارها نقلا وعقلا، ولا تغالى فتنسب كل شىء إليها، تتقى العين قبل وقوعها، وتفعل الأسباب المأذون بها شرعا بعد وقوعها.
أيها المسلمون .. يقال لكل مسلم: اتق الله، ولا تضر أحدا من إخوانك المسلمين، وإياك والحسد فإنه منفذ للعين، فكل عائن حاسد، وليس كل حاسد عائنا.
والعائن ربما فاتته نفسه أحيانا، فوقعت منه العين، وإن لم يردها، وقد يكون العائن صالحا، وربما أصاب أقرب الناس إليه، وإن لم يقصد، من والد أو ولد. ولذا يوصى المسلم عموما، بذكر الله والتبريك حينما يعجبه شىء، وتلك وصية من وصايا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ( إذا رأى أحدُكم من نفسِه أو مالِه أو من أخيِه ما يُعجبُه فلْيدعُ له بالبركةِ ، فإنَّ العينَ حقٌّ ) إن النفوس المؤمنة لا يفارقها الذكر، ولا ترضى للآخرين بالضر، ويصاحبها الدعاء والتبريك والشكر ( وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ )
على أن المسلم نفسه ينبغى أن يحتاط لنفسه، ويدفع غوائل الشر عنه ما استطاع، وإذا كانت العين سهما تخرج من نفس الحاسد أو العائن نحو المحسود والمعين فهى تصيب تارة وتخطئ تارة، فإن صادفته مكشوفا لا وقاية عليه أثرت فيه لابد، وإن صادفته حذرا شاكى السلاح لا منفذ فيه للسهام لم تؤثر فيه ... كذا قال العارفون.
نعوذ بالله من كل عين حاسد .. ونسأل الله أن يشفي مرضانا ومرضى المسلمين.
أقول ما تسمعون، واستغفر الله ...

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
معاشر المؤمنين ... الأذكار والأوراد الشرعية من أعظم ما يحفظ الله بها الإنسان، فاسم الله الأعلى لا يضر معه شىء، و قل أعوذ برب الفلق و قل أعوذ برب الناس ما تعوذ متعوذ بمثلهما، وقراءة آية الكرسى والآيتين الأخيرتين من سورة البقرة يحفظ الله بهما عباده المؤمنين، ولا ننس اذكار الصباح والمساء التى بسطها العلماء فى كتب الأذكار.
ومما يدفع به إصابة العين قول: ماشاء الله لا قوة إلا بالله. ومنها رقية جبريل عليه السلام للنبى صلى الله عليه وسلم ( بسمِ اللهِ أرقِيكَ من كلِّ شيٍء يُؤذيكَ ، من شرِّ كلِّ نفسٍ ، أو عينِ حاسدٍ ، اللهُ يشفيكَ ، بسمِ اللهِ أرقيكَ )
ومن أدكار اتقاء العين أيضا التبريك، وهو قولك: (اللهم بارك عليه) للشىء تراه أو يذكر لك فيعجبك، إذ قد تقع منك العين وإن لم تردها، مرَّ عامرُ بنُ ربيعةَ بسَهلِ بنِ حنيفٍ وَهوَ يغتسلُ فقالَ لم أرَ كاليومِ ولا جِلدَ مُخبَّأةٍ فما لبثَ أن لُبِطَ بِهِ فأتيَ بِهِ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ فقيلَ لَهُ أدرِك سَهلًا صريعًا قالَ من تتَّهمونَ بِهِ قالوا عامرَ بنَ ربيعةَ قالَ علامَ يقتلُ أحدُكم أخاهُ إذا رأى أحدُكم من أخيهِ ما يعجبُهُ فليدعُ لَهُ بالبرَكةِ ثمَّ دعا بماءٍ فأمرَ عامرًا أن يتوضَّأَ فيغسلَ وجْهَهُ ويديْهِ إلى المرفقينِ ورُكبتيْهِ وداخلةَ إزارِهِ وأمرَهُ أن يصبَّ عليْهِ.
عباد الله: وإذا كان التبريك سببا واقيا بإذن الله عن وقوع العين، فإن اغتسال العائن ووضوءه بماء يصب على المعين شفاء له بإذن الله لقوله صلى الله عليه وسلم ( وإذا استغسلتم فاغتسلوا ) فينبغي للمسلم ألا يمتنع عن الاغتسال إذا اتهمه أهل المعين، أو أحس هو من نفسه أنه عان أحدا من المسلمين.
أيها المسلمون: وثمة وقاية من العين، بإذن الله، يغفل عنها كثير من الناس، ألا وهى: ستر محاسن الشخص والاهل والمال خوفًا من أن يردها عين أو حسد ... إلى كل من ابتلي بالمفاخرة وتصوير المنازل والسيارات والأبناء والأكل وغيرها من الأمور؛ ومن ثم نشرها في مواقع التواصل الاجتماعي ..قال العلامة ابن حزم الأندلسي رحمه الله : "كم رأينا من فاخر بما عنده من المتاع فكان ذلك سببا لهلاكه بعين حاسد أو كيد عدو فإياك وهذا الباب فإنه ضرٌّ محضٌ لامنفعة فيه أصلاً"
أيها المؤمنون ... ألا فاحتسبوا ما يقدر الله عليكم من المصائب والأسقام.. واستغفروا ربكم واشكروه، ولا تحيلوا كل شىء للعين وإن كانت العين حقا.عصمنى الله وإياكم من الذنوب والأثام، وعافانا والمسلمين من كيد الفجار، وحسد الحساد
وصلى الله عليه وسلم على نبينا محمد ...
المشاهدات 1000 | التعليقات 0