العيد وفرحته
د صالح بن مقبل العصيمي
1436/09/27 - 2015/07/14 13:50PM
العيد وفرحته
الْخُطْبَةُ الْأُولَى
إنَّ الحمدُ للهِ،نَحْمَدُهُ، ونستعينُهُ،ونستغفِرُهُ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا . أمَّا بَعْدُ ... فَاتَّقُوا اللهَ- عِبَادَ اللهِ- حقَّ التَّقْوَى؛ واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى. وَاِعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثُاتُهَا ، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ .
عِبَادَ اللهِ: هَا هُوَ الْعِيدُ يَعُودُ، وَيُطِلُّ عَلَى الأُمَّةِ وَيَكْسُو الْمُسْلِمَ الْيَوْمَ فَرْحَةٌ عَظِيمَةٌ، يَشْعُرُ بِهَا بَيْنَ جَوَانِحِهِ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(للصَّائِمِ فرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ) فَيُعَبِّرُ عَنْهَا الْمُؤْمِنُ بِاحْتِفَالِهِ فِي هَذَا الْيَوْمِ الْمَجِيدِ0
عِبَادَ اللهِ: تَذَكَّرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْنَا بِأَنْ رَزَقَنَا الأَمْنَ وَالأَمَانَ، بِإِقَامَتِنَا لِشَرْعِهِ ، وَاِتِبَاعِنَا لِنَهْجِ نَبِيِّهِ، عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ؛ فَالْحَذَرَ الْحَذَرَ مِنْ دُعَاةِ الْفِتْنَةِ وَالشَّرِّ ، الَّذِينَ يَسْعَوْنَ لإِبْدَالِ نِعْمَةِ اللهِ عَلَيْنَا بِالأَمْنِ وَالاِسْتِقْرَارِ، إِلَى التَّفَرُّقِ وَالتَّشَتُّتِ وَالضَّيَاعِ، (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ)
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ، بِمُجَرَّدِ دُخُولِ الْعِيدِ لَهَجَتِ الأَلْسُنَ بِتَكْبِيرِ اللهِ، فِي بُيوتِ اللهِ ، وبُيوتِ المؤمِنينَ، وفِي مُصلياتِ العيدِ، والطرقاتِ وَفِي الأَسْوَاقِ ،يَأْتَـمِرُ الْـمُكَبِّـُرونَ بِأَمْرِ اللهِ تَعَالَى:(وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) لَقَدْ تَشَنَّفَتِ الأَسمَاعُ ، وعِبادُ الرَّحمَنِ يُحْيُونَ سُنَّةً عَظِيمَةً، سُنَّةَ التَّكْبِيرِ، يَلهَجُونَ بِالتَّكْبِيرِ فِي كُلِّ فِجَاجِ الأَرْضِ، فَشِعَارُنَا مِنْ لَيلِ العِيدِ التَّكبيرُ:(اللهُ أَكْبَرُ ، اللهُ أَكْبَرُ ،اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا.)، اللهُ أَكْبَرُ، تَوْحِيدًا خَالِصًا ، اللهُ أَكْبَرُ، تَوَجُّهًا صَادِقًا نَحْوَ تَعْظِيمِ اللهِ وَتَوْقِيرِهِ .
أَيُّهَا المُسلِمُونَ : لَا إِسْلَامَ بِلَا عَقِيدَةٍ وَتَوْحِيدٍ؛ فَالشِّرْكُ مَعَ التَّوْحِيدِ ضِدَّانِ، لَا يَجْتَمِعَانِ .فَكَمْ مِنْ مُسْلِمٍ لَطَّخَ إِيمَانُهُ بِلَوْثَاتِ الشِّرْكِ، وَدَنَّسَ قَلْبَهُ بِسَيِّئَةِ البِدْعَةِ؟ (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) . يَا عبدَ اللهِ ،اُنْظُرْ مَاذَا صَرَّفْتَ للهِ تَعَالَى مِنْ عَمَلِكَ، فَهَلْ أَخْلَصْتَ وَاِتَّبَعْتَ فَتَسْعَى لِلْمَزِيدِ، أَمَا اِبْتَدَعْتَ وَرَاءَيْتَ فَتَتُوبُ قَبْلَ يَوْمِ الوَعِيدِ؟
عِبَادَ اللهِ: الصَّلاةُ قُرَّةُ عُيونِ المُوَحِّدِينَ، وَدَأْبُ الصَّالِحِينَ، قَالَ تَعَالَى:(وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾وَقَالَ تَعَالَى: (وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا )وَقَالَ تَعَالَى:(حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ)،وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ تَرْكُ الصَّلاةِ ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ "،(وعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: كَانَ مِنْ آخِرِ وَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ....) فَكَمْ فَرَّطَ مُفَرِّطٌ فَي صَلَاتَيِّ الظُّهْرِ وَالعَصْرِ، خَاصَّةً فِي العَشْرِ الأواخر، وأيام الأعياد ! فَاِحْذَرْ أَنْ تَكونَ مِنْهُمْ! وَكَمْ غَفَلَ غَافِلٌ عَنِ الصَّلَاةِ، فَمَا عَرَفَهَا إِلَّا بِرَمَضَانَ! فَخَابَ وَخَسِرَ مَنْ تَوَقَّفَ عَنْ أَدَائِهَا؛ فَالفَلَّاحُ فِي المحافظة والمواظبة عليها، وَالخُسْرَانُ فِي تَرْكِهَا.
عِبَادَ اللهِ: بِعِيدِنَا هَذَا اِسْتَقْبَلنَا أَوَّلَ أَيَّامِ مَوَاقِيتِ الحَجِّ الزَّمَانِيةِ ، وَالحَجُّ تَذْكِيرٌ عَظِيمٌ بِيومِ الحَشْرِ المَهِيبِ، وَفَضْلُهُ عَظِيمٌ، وَجَاءَ فِي الحَدِيثِ:(مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَومِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ)،رواه البخاري.
عِبَادَ اللهِ: بِرِّوُا بِآبَائِكُمْ وَاُمَّهَاتِكُمْ، وَقُومُوا عَلَى مَصَالِحِهِمْ ،وَتَوَدَّدُوا لَهُمْ، وَطَيَّبُوا بِمَعْسُولِ الكَلَامِ، وَطِيبِ الفِعَالِ أَنْفُسَهِمْ، فَهُمْ رَأْسُ المَالِ فِي الدُّنْيَا ، وَبَابَانِ مفتوحان لَكُمْ إِلَى الجَنَّةِ، وَرِضَاهُمْ بَعْدَ رِضَا اللهِ سُبْحَانَهُ مِفْتَاحٌ مِنْ مَفَاتِيحِ الرِّزْقِ وَالتَّوْفِيقِ وَالسَّدَادِ فِي الدُّنْيَا ،وَالسَّعَادَةِ الدَّائِمَةِ فِي الآخِرَةِ، قال تعالى : " وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً" . فَإِنْ كَانَا أَوْ أَحَدَهُمَا مَيِّتٌ، فَبِرُّوا بِأَهْلِ وُدِّهِ، وَأَكْثِرُوا مِنْ الدُّعَاءِ لَهُمَا بِالرَّحْمَةِ، اِسْتِجَابَةً لِأَمْرِ اللهِ (وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) وَعَلَيْكُمْ بِالصَّدَقَةِ عَنْهُمَا.
عِبَادَ اللهِ: رَبُّوا أَبْنَاءَكُمْ عَلَى اِتِّبَاعِ سُنَّةِ المُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلَى اِتِّبَاعِ مَنْهَجِ السَّلَفِ الصَّالِحِ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ الطَّيِّبَةِ الخَيِّرَةِ، عَلَّمُوهُمْ أَنَّ فَهْمَ السَّلَفِ الصَّالِحِ مُقَدَّمٌ عَلَى أَفْهَامِنَا، فَهُمْ أَقْرَبُ لِلتَّنْزِيلِ، وَأَفْهَمُ لِلتَّأْوِيلِ، وَكُونُوا مَعَهُمْ فِي جَمِيعِ مَرَاحِلِ حَيَاتِهِمْ ،حَتَّى لَا تَذْهَبَ بِهِمْ الأَهْوَاءُ وَالأَمْزِجَةُ لِمُخَالَفَةِ مَنْهَجِ السَّلَفِ الصَّالِحِ، ،بِاِتِّبَاعِ مَنَاهِجِ الْخَلَفِ الَّتِي تَقُودُ إِلَى الهَلَاكِ وَالتَّلَفِ، الْحَذَرَ الْحَذَرَ! أَنْ تَلْعَبَ بِهِمْ الْحَمَاسَةُ غَيْرُ الْمُنْضَبِطَةِ ،وَالعَوَاطِفُ الهَوْجَاءُ، فَتَقُودُهُمْ لِلْبُعْدِ عَنْ السُّنَّةِ، وَمُقَارَفَةُ البِدْعَةِ ، تَحْتَ تَأْثِيراتٍ خَارِجِيَّةٍ أَوْ دَاخِلِيَّةٍ، تَعْبَثُ بِأَفْكَارِهِمْ وَتَقُودُهُمْ لِزَرْعِ الفِتْنَةِ فِي بِلَادِهِمْ ، وَتُغَيِّرُ سُلُوكِهِمْ، ، فَيُصبِحُوا بَدَلًا أَنْ يَكُونُوا لَبِنَاتٍ صَالِحَةً نَافِعَةً لِأَنْفُسِهِمْ وَلِمُجْتَمَعِهِمْ وَلِدِينِهِمْ، شَرًّا وَوَبَالًا وَنِقْمَةً عَلَيْكُمْ وَعَلَى مُجْتَمَعَاتِهِمْ.
عِبَادَ اللهِ: العِيدُ فُرْصَةٌ عَظِيمَةٌ لِلتَّصَافُحِ وَالتَّسَامُحِ، وَنَبْذِ الشَّحْنَاءِ مِنَ القُلُوبِ، فَلْتَتَصَافَحِ الْأَيَادِي، وَتَتَطَهَّرِ الْقُلُوبُ وَتُسَلُّ مِنْهُ السَّخِيمَةُ ، وَيُنْزَعُ مِنْهَا دَاءُ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ الحَسَدُ وَالبَغْضَاءُ، كَمَا صَحَّ عَنِ الرَّحْمَةِ الْمُهْدَاةِ ،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حيث قَالَ:" دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الأُمَمِ قَبْلَكُمُ : الْحَسَدُ وَالْبَغْضَاءُ ، وَهِيَ الْحَالِقَةُ ،لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعْرَ ، وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا ، وَلا تُؤْمِنُونَ حَتَّى تَحَابُّوا، أَفَلا أُنَبِّئُكُمْ بِمَا يُثَبِّتُ ذَلِكَ لَكُمْ ؟ أَفْشُوا السَّلامَ بَيْنَكُمْ) رواهُ الإمامُ أحمدُ بسندٍ صحيحٍ .
عِبَادَ اللهِ: صِلُوا أَرْحَامَكُمْ ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ) رواهُ البخاريُّ ومسلمٌ. وَاِحْذَرُوا قَطِيعَةَ الرَّحِمِ، قَالَ تَعَالَى:(فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوليْتُم أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ)، فَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ مُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ.
عِبَادَ اللهِ: عَلَى كُلٍّ مِنَّا الأَمْرُ بِالمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ المُنْكَرِ ،بِالْحِكْمَةِ والْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ، اِسْتِجَابَةً لأَمْرِ اللهِ، { وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }
الْحَذَرَ الْحَذَرَ أَخَا الْإِسْلَامِ، أَنْ تُفْسِدَ فَرْحَةَ الْعِيدَ بِمُفَارَقَةِ الْجَمَاعَةِ، وَقَطْعِ الْعِلَاقَةِ مَعَ الْجِيرَانِ، أَوْ قَطْعِ أَوَاصِرِ الْقَرَابَةِ ، الْحَذَرَ الْحَذَرَ ! أَنْ تُرْتَكِبَ الْمَعْصِيَةَ بِحُضُورِكَ أَوْ حُضُورِ أَهْلِكَ الْاِحْتِفَالَاتِ الْمُخْتَلَطَةَ ، فَفِيهَا تُقَارِفُ الْمَعْصِيَةَ، فَلَيْسَ بِمِثْلِ هَذَا تُشْكَرُ النِّعْمَةُ، واللهُ يَقُولُ: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
عِبَادَ اللهِ: اِحْرِصُوا - كُلَّ الحِرْصِ- عَلَى الْمُبَادَرَةِ بِقَضَاءِ رَمَضَانَ، لِمَنْ كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ، فعليه بالمبادرة فيه ، وَعَلَيْكُمْ بِالمُبَادَرَةِ بِصِيامِ السِّتِّ مِنْ شَوَّالِ، فَمَنْ صَامَهَا فَأَجْرُهُ كَمَنْ صَامَ الدَّهْرَ كُلَّهُ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَأَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهرِ)،رَوَاهُ مُسلِمٌ . أَيْ العَامَ كُلَّهُ ،وَالصحيح من أقوال أهل العلم ألا تُصَامُ السِّتُّ إِلَّا بَعْدَ قَضَاءِ مَا أَفْطَرَ فِيهِ الْعَبْدُ مِنْ رَمَضَانَ، فَالفَرْضُ أَوْلَى مِنَ النَّفْلِ، فَاللهُ يَقُولُ فَي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ:(وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا اِفْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَلاَ يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَّرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ) رواهُ البُخَارِيُّ. وَالقَضَاءُ هُوَ الفَرْضُ، الْمُحَبَّبُ إِلَى الرَّبِّ جَلَّ في عُلَاهُ.
عِبَادَ اللهِ: اِحْذَرُوا البِدَعَ وَالمُحْدَثَاتِ، كَتَبَادُلِ التَّعَازِي عِنْدَ فِرَاقِ رَمَضَانَ، فَاللهُ شَرَعَ لَنَا الفَرْحَةَ، وَخَلَقَ لنَا العيدَ، لنفرَحَ فيهَ ونَسْعَدَ، فَاللهُ تَعَالَى قَالَ:( وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) وَالشُّكْرُ يَكُونُ بِالسَّرَّاءِ ، والعيدُ مِنَ السَّرَّاءِ. وَالتَّعْزِيَةُ لا تكون إلا في المَصَائِبِ، وَهَلِ العِيدُ مِنَ الـمَصَائِبِ حَتَّـى نُعَزِّيَ عِنْدَ دُخُولِهِ ؟
عِبَادَ اللهِ: اِحْذَرُوا التَّهْنِئَةَ بِمَا يُسَمَّى عِيدَ الأَبْرَارِ، عِنْدَ الْاِنْتِهَاءِ مِنْ صِيَامِ السِّتِّ مِنْ شَوَّالِ، فَلَيْسَ فِي الإسلامِ إِلَّا عِيدَانِ: الفِطْرُ وَالأَضْحَى، وَقَدْ نَصَّ شَيْخُ الإِسلامِ عَلَى بِدْعِيَّتِهَا.
عِبَادَ اللهِ: لَا تَنْسَوا فِي عِيدِكُمْ هَذَا ،الفُقَرَاءَ وَالمَسَاكِينَ، تَصَدَّقُوا عَلَيْهِمْ، وَأَحسِنُوا إِلَيْهِمْ، وأَطْعِمُوهُمْ وَاِكْسُوهُمْ، اِرْحَمُوا العُمَّالَ، وَأَشْرِكُوهُمْ فَرْحَتَكُمْ وَلَا تُحَمِّلُوهُمْ مَا لا يَطِيقُونَ، فَتَتَعَامَلُوا مَعَهُمْ وَكَأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ جِنْسِ الْبَشَرِ، فَلَا فَرْحَةٌ لَهُمْ عِنْدَ بَعْضِنَا هَدَانَا اللهُ وَإِيَّاهُ، فَلَا لِبَاسٌ جَدِيدٌ لهم، وَلَا حَتَّى تَهْنِئَةٌ بِالعيدِ، فَمَا أَطْيَبَ أَنْ تُطْعِمَ خَادِمَكَ وَعَامِلَكَ مِنْ طَعَامِكَ ،وَتُهَنِّأَهُ بِالعِيدِ، يَسِّرْ لَهُ الاِتِّصَالَ بِأَهْلِهِ، لِيُهَنِّأّهُمْ وَيُهَنِّؤُهُ، فَلَا تَبْخَلْ عَليهِ وَلا عَلَى نَفْسِكَ، بِدَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ لإِسْعَادِهِ، تُخَفِّفْ عَنْهُ بِعَطْفِكَ وَرَحْمَتِكَ فِرَاقَهُ أَهْلَهُ، فَالرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمْ اللهُ، فَتَخَيَّلْ اِبْنَكَ غَلَبَتْهُ الظُّرُوفُ الحَيَاتِيَّةُ القَاسِيَةُ، وَالمَعِيشِيَّةُ الصَّعْبَةُ،فَرَحَلَ لِطَلَبِ الرَّزْقَ فِي بُلْدَانِهِمْ،تَخَيَّلْهُ فِي يَوْمِ العِيدِ وَحِيدً شَرِيدًا، يَرَى الآبَاءُ مَعَ الأَبْنَاءِ، مُجْتَمِعِينَ، وَهُوَ يَعِيشُ فِي خَيَالِهِ مَعَ أَهْلِهِ، تَـخْنُقُ العَبَرَاتُ حَلْقَهُ، وَتَمْلَئُ الدُّمُوعُ مَآقِيهِ، وَيَحْرِقُ الفِرَاقُ كَبِدَهُ ، وَلِسَانُ حَالِهِ يَقُولُ:
عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ بمَا مَضَى أمْ بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ
أمّا الأحِبّةُ فالبَيْداءُ دونَهُمُ فَلَيتَ دونَكَ بِيدًا دونَهَا بِيدُ
فَخَفِّفْ من حُزْنِهِ وَاِرْحَمْهُ، فَالرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمْ اللهُ، وَقُلْ مِثْلَ هَذَا عَنِ العَامِلَاتِ فِي الْمَنَازِلِ، الَّلوَاتِي مَا دَفَعَهُنَّ لِلْعَمَلِ عِنْدَنَا إِلَّا الْعَوَزُ وَالْحَاجَةُ، وَشَظَفُ الْعَيْشِ، وَالْفَقْرُ وَالفَاقَةُ فِي بِلَادِهِمْ .
لَقِيتُها لَيْتَنِـي مَا كُنْتُ أَلْقَاهَـا تَمْشِي وَقَدْ أَثْقَلَ الإمْلاقُ مَمْشَاهَـا
أَثْوَابُـهَا رَثَّـةٌ والرِّجْلُ حَافِيَـةٌ وَالدَّمْعُ تَذْرِفُهُ في الخَدِّ عَيْنَاهَـا
بَكَتْ مِنَ الفَقْرِ فَاحْمَرَّتْ مَدَامِعُهَا وَاصْفَرَّ كَالوَرْسِ مِنْ جُوعٍ مُحَيَّاهَـا
مَنْظَرُ الحُزْنِ مَشْهُودٌ بِمَنْظَرِهَـا وَالبُؤْسُ مَرْآهُ مَقْرُونٌ بِمَرْآهَـا
كَرُّ الجَدِيدَيْنِ قَدْ أَبْلَى عَبَاءَتَهَـا فَانْشَقَّ أَسْفَلُهَا وَانْشَقَّ أَعْلاَهَـا
تَمْشِي بِأَطْمَارِهَا وَالبَرْدُ يَلْسَعُهَـا كَأَنَّهُ عَقْرَبٌ شَالَـتْ زُبَانَاهَـا
مَا أَنْسَى لا أنْسَى أَنِّي كُنْتُ أَسْمَعُهَا تَشْكُو إِلَى رَبِّهَا أوْصَابَ دُنْيَاهَـا
يَكَادُ يَنْقَدُّ قَلْبِي حِينَ أَنْظُرُهَـا تَبْكِي وَتَفْتَحُ لِي مِنْ جُوعِهَا فَاهَـا
عِبَادَ اللهِ: تَذَكَّرُوا الأَيْتَامَ وَاِرْحَمُوهُمْ؛ فَبِرَحْمَتِهِمْ تَلِينُ القلوبُ القاسيةُ، وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ : وَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَشْكُو قَسْوَةَ قَلْبِهِ، فَقَالَ لَهُ: (أَتُحِبُّ أَنْ يَلِينَ قَلبُكَ، وَتُدْرِكَ حَاجَتَكَ؟ اِرْحَمِ الْيَتِيمَ، وَاِمْسَحْ رَأْسَهُ، وَأَطْعِمْهُ مِنْ طَعَامِكَ)وَفِي رِوَايَةٍ: (وَأَطْعِمِ الْمِسْكِينَ) رواهُ أحمدُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ .
عِبَادَ اللهِ:اِسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا،وَعَاشِرُوهُنَّ بِـالمَعْرُوفِ،وَأَدُّوا حَقَّ اللهِ لَهُنَّ، وَاِعْلَمُوا أَنَّهُنَّ خُلِقْنْ مِنْ ضِلَعٍ أَعْوَجٍ ،إِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تُقِيمُوهُ كَسَرْتُمُوهُ، وَكُونُوا عَلَى رِقَابَةٍ بِتَرْبِيَةِ بَنَاتِكُمْ تَرْبِيَةً عَلَى نَهْجِ نِسَاءِ وَبَنَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بَارَكَ اللهُ لِي ولَكُمْ فِي القرآنِ العَظِيمِ .
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ،وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ،وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ،تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ،وَخَلِيلَهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ،وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ،وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً . أمَّا بَعْدُ ...... فَاِتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى،وَاِسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى،وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى .
أَيَّتُهَا الأَخَوَاتُ الْمُؤْمِنَاتُ، اِتَّقِينَ اللهَ بِأَنْفُسِكُنَّ وَحَافِظْنَ عَلَى بُيُوتُكُنَّ، وَحَافِظْنَ عَلَى الْجِلْبَابِ الْأَسْوَدِ الْمَهِيبِ، وَاِحْذَرْنَ دُعَاةِ الْفَسَادِ وَأَرْبَابِ الشَّهَوَاتِ، الدَّاعِيـنَ إِلَى نَزْعِهِ. أَطِعْنَ الْأَزْوَاجَ بِغَيْرِ مَعْصِيَةِ اللهِ، أَيَّتُهَا الْأُخْتُ الْـمُسْلِمَةُ، الْـحَذَرَ الْحـذَرَ مِنَ اللِّبَاسِ الْعَارِي بَيـنَ الْمَحَارِمِ أَوْ النِّسَاءِ؛ فَبَعْضُ النِّسَاءِ لَا تُبَالِي؛ فَتَخْرُجُ فِي مُـجَتَمَعَاتِ النِّسَاءِ وَبَيْنَ مَـحَـارِمِهَا وَقَدْ كَشَفَتْ عَنْ فَخِذِهَا، أَوْ عَنْ بَعْضٍ مِنْهُ، وَبَعْضُهُنَّ تَكْشِفُ مَا بَيْـنَ سُرَّتِـهَا إِلَى صَدْرِهَا ، وَبَعْضُهُنَّ تَكْشِفُ بَعْضَ صَدْرِهَا فَأَصْبَحَ لِبَاسُهَا أَقْرَبَ مَا يَكُونُ مِنْ لِبَاسِ نِسَاءِ الْغَرْبِ . وَبَعْضُهُنَّ تَلْبَسُ الْـمَلَابِسَ الضَّيِّقَةَ الَّتِـي تُـحَجِّمُ جَسَدَهَا؛ وَقَدْ نَـهَى الإِسْلَاُم عَنْ ذَلِكَ؛ حَيْثُ نَـهَى عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ ذَلِكَ؛ فَقِيلَ لَهْ : يَا أَمِيـرَ الْـمُؤْمِنِيـنَ، إِنَّـهَا لَا تَشِفُّ ! أَيْ : إِنَّـهَا لَا تُظْهِرُ لَوْن الْبَشْرَةِ ، فَقَالَ : لَكِنَّهَا تَصِفُ . فَمَا بَالَكَم بِلِبَاسٍ يَصِفُ وَيَشِّفُ ! تَدَّعِي صُوَيْحِبَاتُ هَذَا اللِّبَاسِ أَنَّ هَذَا هَوَ التَّقَدُّمُ والتَّمَدُّنُ ، بَل والعَجِيْبُ أَنَّ المُحَافِظَةَ عَلَى اللِّبَاسِ المُحْتَشِمِ يَصِفْنَهَا بِالمُتَخَلِّفَةِ والقَرَوِيَّةِ، أَو كَبِيْرَةِ السِّنِ الجَّاهِلَة بِمَعْرِفَةِ المُوضَاتِ؛ فَأَصْبَحَ المَعْرُوفُ عِنْدَ بَعْضِهِنَّ مُنْكَرًا، وَالمُنْكَرُ مَعْرُوفًا، وَلَا َحَولَ وَلَا ُقُوَّةَ إِلَّا ِبالله ! وَيَتَحَمُّلَ الآبَاءِ وَالأَزوَاجِ وَالأُمَّهَاتِ جُزءًا مِنَ المَسؤُولِيةِ، وَكَذَلِكَ التُّجَارِ الَّذِينَ يَتَسَابَقُونَ لِبِيْعْ هَذِهِ المَلَابِسِ، وَيُحْجِمُونَ عَن بَيْعِ المَلَابِسِ المُحْتَشِمَةِ، وَأَخْشَى -وِاللهِ - أَنْ يَنْطَبِقَ عَلَى بَعْضِ النِّسِاءِ قَوْلُه،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا، قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ، وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ
أُخْتِي المُسْلِمَةَ، أَمَامَ زَوجِكِ؛ اِلْبَسِي مَا شِئْتِ، وَاِكْشُفِي مِا شِئْتِ، وِأَمَّا أَمَامَ غَيْرِهِ؛ إِنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا فَلَا َيَرَى مِنْكِ شَيْئًا، وَإِنْ كَانَ مَحْرَمًا فَالحَيَاءَ الحَيَاءَ؛ فَلَا تَلْبَسِي الضَّيقَ كَالبِنْطَالِ، وَلَا تَلْبَسِيْ مَا يَكْشِفُ جُزْءًا كَبِيْرًا مِنْ جَسَدِكِ ؛ فَلَكِ أَمَامَ المَحَارِمِ وَالنِّسَاءِ كَشْفُ الوَجْهِ، وَالسَّاعِدِ، واليَدِينِ، واَلقَدميِن، وَجُزْءٍ مِنَ السَّاقِ، بِلِبَاس ٍمُحْتَرَمٍ يَجْلِبُ لَكِ وِلِمُجَالِسِيكِ الوَقَارَ؛ فَمَا جَلَبَتْ هَذِهِ الأَلبِسَةُ لَبِلِاِدِ الغَربِ؛ إِلَّا مَزِيدًا مِنَ الضَّياَعِ، وَاِحْذَرِي التَّقْلِيدَ، وَاِسْعِي إِلَى إِرْضَاءِ رَبِّ الْعَبِيدِ .
حَمَاكِ اللهُ مِنْ كُلِّ شَرٍّ، وَوَقَاكِ مِنْ كُلَّ فِتْنِةٍ، وَأَصْلَحَ لَكِ الزَّوجَ وَالْوَلَدَ، وَجَعَلَكِ صَالِحَةً تَقِيَّةً .
اللهُمَّ تقَبَّلْ مِنَّا الصِّيَامَ وَالْقِيَامِ. الَّلهُمَّ اِحْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ مِنَ الفِتَنِ، وَالمِحَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن، الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، الَّلهُمَّ اجْعَلْهُ سِلْمًا لِأْوْلِيَائِكَ، حَرْباً عَلَى أَعْدَائِكَ، الَّلهُم ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ، وَأَقْمَعْ رَايَةَ البِدْعَةِ، الَّلهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ أَهْلِ الإِسْلَامِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، «اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ». اللهُمَّ أَكْثِرْ أَمْوَالَ مَنْ حَضَرَ، وَأَوْلَادَهُمْ، وَأَطِلْ عَلَى الْخَيْرِ أَعْمَارَهُمْ، وَأَدْخِلْهُمُ الْجَنَّةَ. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.
وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...
الْخُطْبَةُ الْأُولَى
إنَّ الحمدُ للهِ،نَحْمَدُهُ، ونستعينُهُ،ونستغفِرُهُ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا . أمَّا بَعْدُ ... فَاتَّقُوا اللهَ- عِبَادَ اللهِ- حقَّ التَّقْوَى؛ واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى. وَاِعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثُاتُهَا ، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ .
عِبَادَ اللهِ: هَا هُوَ الْعِيدُ يَعُودُ، وَيُطِلُّ عَلَى الأُمَّةِ وَيَكْسُو الْمُسْلِمَ الْيَوْمَ فَرْحَةٌ عَظِيمَةٌ، يَشْعُرُ بِهَا بَيْنَ جَوَانِحِهِ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(للصَّائِمِ فرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ) فَيُعَبِّرُ عَنْهَا الْمُؤْمِنُ بِاحْتِفَالِهِ فِي هَذَا الْيَوْمِ الْمَجِيدِ0
عِبَادَ اللهِ: تَذَكَّرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْنَا بِأَنْ رَزَقَنَا الأَمْنَ وَالأَمَانَ، بِإِقَامَتِنَا لِشَرْعِهِ ، وَاِتِبَاعِنَا لِنَهْجِ نَبِيِّهِ، عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ؛ فَالْحَذَرَ الْحَذَرَ مِنْ دُعَاةِ الْفِتْنَةِ وَالشَّرِّ ، الَّذِينَ يَسْعَوْنَ لإِبْدَالِ نِعْمَةِ اللهِ عَلَيْنَا بِالأَمْنِ وَالاِسْتِقْرَارِ، إِلَى التَّفَرُّقِ وَالتَّشَتُّتِ وَالضَّيَاعِ، (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ)
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ، بِمُجَرَّدِ دُخُولِ الْعِيدِ لَهَجَتِ الأَلْسُنَ بِتَكْبِيرِ اللهِ، فِي بُيوتِ اللهِ ، وبُيوتِ المؤمِنينَ، وفِي مُصلياتِ العيدِ، والطرقاتِ وَفِي الأَسْوَاقِ ،يَأْتَـمِرُ الْـمُكَبِّـُرونَ بِأَمْرِ اللهِ تَعَالَى:(وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) لَقَدْ تَشَنَّفَتِ الأَسمَاعُ ، وعِبادُ الرَّحمَنِ يُحْيُونَ سُنَّةً عَظِيمَةً، سُنَّةَ التَّكْبِيرِ، يَلهَجُونَ بِالتَّكْبِيرِ فِي كُلِّ فِجَاجِ الأَرْضِ، فَشِعَارُنَا مِنْ لَيلِ العِيدِ التَّكبيرُ:(اللهُ أَكْبَرُ ، اللهُ أَكْبَرُ ،اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا.)، اللهُ أَكْبَرُ، تَوْحِيدًا خَالِصًا ، اللهُ أَكْبَرُ، تَوَجُّهًا صَادِقًا نَحْوَ تَعْظِيمِ اللهِ وَتَوْقِيرِهِ .
أَيُّهَا المُسلِمُونَ : لَا إِسْلَامَ بِلَا عَقِيدَةٍ وَتَوْحِيدٍ؛ فَالشِّرْكُ مَعَ التَّوْحِيدِ ضِدَّانِ، لَا يَجْتَمِعَانِ .فَكَمْ مِنْ مُسْلِمٍ لَطَّخَ إِيمَانُهُ بِلَوْثَاتِ الشِّرْكِ، وَدَنَّسَ قَلْبَهُ بِسَيِّئَةِ البِدْعَةِ؟ (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) . يَا عبدَ اللهِ ،اُنْظُرْ مَاذَا صَرَّفْتَ للهِ تَعَالَى مِنْ عَمَلِكَ، فَهَلْ أَخْلَصْتَ وَاِتَّبَعْتَ فَتَسْعَى لِلْمَزِيدِ، أَمَا اِبْتَدَعْتَ وَرَاءَيْتَ فَتَتُوبُ قَبْلَ يَوْمِ الوَعِيدِ؟
عِبَادَ اللهِ: الصَّلاةُ قُرَّةُ عُيونِ المُوَحِّدِينَ، وَدَأْبُ الصَّالِحِينَ، قَالَ تَعَالَى:(وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾وَقَالَ تَعَالَى: (وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا )وَقَالَ تَعَالَى:(حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ)،وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ تَرْكُ الصَّلاةِ ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ "،(وعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: كَانَ مِنْ آخِرِ وَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ....) فَكَمْ فَرَّطَ مُفَرِّطٌ فَي صَلَاتَيِّ الظُّهْرِ وَالعَصْرِ، خَاصَّةً فِي العَشْرِ الأواخر، وأيام الأعياد ! فَاِحْذَرْ أَنْ تَكونَ مِنْهُمْ! وَكَمْ غَفَلَ غَافِلٌ عَنِ الصَّلَاةِ، فَمَا عَرَفَهَا إِلَّا بِرَمَضَانَ! فَخَابَ وَخَسِرَ مَنْ تَوَقَّفَ عَنْ أَدَائِهَا؛ فَالفَلَّاحُ فِي المحافظة والمواظبة عليها، وَالخُسْرَانُ فِي تَرْكِهَا.
عِبَادَ اللهِ: بِعِيدِنَا هَذَا اِسْتَقْبَلنَا أَوَّلَ أَيَّامِ مَوَاقِيتِ الحَجِّ الزَّمَانِيةِ ، وَالحَجُّ تَذْكِيرٌ عَظِيمٌ بِيومِ الحَشْرِ المَهِيبِ، وَفَضْلُهُ عَظِيمٌ، وَجَاءَ فِي الحَدِيثِ:(مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَومِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ)،رواه البخاري.
عِبَادَ اللهِ: بِرِّوُا بِآبَائِكُمْ وَاُمَّهَاتِكُمْ، وَقُومُوا عَلَى مَصَالِحِهِمْ ،وَتَوَدَّدُوا لَهُمْ، وَطَيَّبُوا بِمَعْسُولِ الكَلَامِ، وَطِيبِ الفِعَالِ أَنْفُسَهِمْ، فَهُمْ رَأْسُ المَالِ فِي الدُّنْيَا ، وَبَابَانِ مفتوحان لَكُمْ إِلَى الجَنَّةِ، وَرِضَاهُمْ بَعْدَ رِضَا اللهِ سُبْحَانَهُ مِفْتَاحٌ مِنْ مَفَاتِيحِ الرِّزْقِ وَالتَّوْفِيقِ وَالسَّدَادِ فِي الدُّنْيَا ،وَالسَّعَادَةِ الدَّائِمَةِ فِي الآخِرَةِ، قال تعالى : " وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً" . فَإِنْ كَانَا أَوْ أَحَدَهُمَا مَيِّتٌ، فَبِرُّوا بِأَهْلِ وُدِّهِ، وَأَكْثِرُوا مِنْ الدُّعَاءِ لَهُمَا بِالرَّحْمَةِ، اِسْتِجَابَةً لِأَمْرِ اللهِ (وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) وَعَلَيْكُمْ بِالصَّدَقَةِ عَنْهُمَا.
عِبَادَ اللهِ: رَبُّوا أَبْنَاءَكُمْ عَلَى اِتِّبَاعِ سُنَّةِ المُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلَى اِتِّبَاعِ مَنْهَجِ السَّلَفِ الصَّالِحِ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ الطَّيِّبَةِ الخَيِّرَةِ، عَلَّمُوهُمْ أَنَّ فَهْمَ السَّلَفِ الصَّالِحِ مُقَدَّمٌ عَلَى أَفْهَامِنَا، فَهُمْ أَقْرَبُ لِلتَّنْزِيلِ، وَأَفْهَمُ لِلتَّأْوِيلِ، وَكُونُوا مَعَهُمْ فِي جَمِيعِ مَرَاحِلِ حَيَاتِهِمْ ،حَتَّى لَا تَذْهَبَ بِهِمْ الأَهْوَاءُ وَالأَمْزِجَةُ لِمُخَالَفَةِ مَنْهَجِ السَّلَفِ الصَّالِحِ، ،بِاِتِّبَاعِ مَنَاهِجِ الْخَلَفِ الَّتِي تَقُودُ إِلَى الهَلَاكِ وَالتَّلَفِ، الْحَذَرَ الْحَذَرَ! أَنْ تَلْعَبَ بِهِمْ الْحَمَاسَةُ غَيْرُ الْمُنْضَبِطَةِ ،وَالعَوَاطِفُ الهَوْجَاءُ، فَتَقُودُهُمْ لِلْبُعْدِ عَنْ السُّنَّةِ، وَمُقَارَفَةُ البِدْعَةِ ، تَحْتَ تَأْثِيراتٍ خَارِجِيَّةٍ أَوْ دَاخِلِيَّةٍ، تَعْبَثُ بِأَفْكَارِهِمْ وَتَقُودُهُمْ لِزَرْعِ الفِتْنَةِ فِي بِلَادِهِمْ ، وَتُغَيِّرُ سُلُوكِهِمْ، ، فَيُصبِحُوا بَدَلًا أَنْ يَكُونُوا لَبِنَاتٍ صَالِحَةً نَافِعَةً لِأَنْفُسِهِمْ وَلِمُجْتَمَعِهِمْ وَلِدِينِهِمْ، شَرًّا وَوَبَالًا وَنِقْمَةً عَلَيْكُمْ وَعَلَى مُجْتَمَعَاتِهِمْ.
عِبَادَ اللهِ: العِيدُ فُرْصَةٌ عَظِيمَةٌ لِلتَّصَافُحِ وَالتَّسَامُحِ، وَنَبْذِ الشَّحْنَاءِ مِنَ القُلُوبِ، فَلْتَتَصَافَحِ الْأَيَادِي، وَتَتَطَهَّرِ الْقُلُوبُ وَتُسَلُّ مِنْهُ السَّخِيمَةُ ، وَيُنْزَعُ مِنْهَا دَاءُ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ الحَسَدُ وَالبَغْضَاءُ، كَمَا صَحَّ عَنِ الرَّحْمَةِ الْمُهْدَاةِ ،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حيث قَالَ:" دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الأُمَمِ قَبْلَكُمُ : الْحَسَدُ وَالْبَغْضَاءُ ، وَهِيَ الْحَالِقَةُ ،لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعْرَ ، وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا ، وَلا تُؤْمِنُونَ حَتَّى تَحَابُّوا، أَفَلا أُنَبِّئُكُمْ بِمَا يُثَبِّتُ ذَلِكَ لَكُمْ ؟ أَفْشُوا السَّلامَ بَيْنَكُمْ) رواهُ الإمامُ أحمدُ بسندٍ صحيحٍ .
عِبَادَ اللهِ: صِلُوا أَرْحَامَكُمْ ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ) رواهُ البخاريُّ ومسلمٌ. وَاِحْذَرُوا قَطِيعَةَ الرَّحِمِ، قَالَ تَعَالَى:(فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوليْتُم أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ)، فَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ مُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ.
عِبَادَ اللهِ: عَلَى كُلٍّ مِنَّا الأَمْرُ بِالمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ المُنْكَرِ ،بِالْحِكْمَةِ والْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ، اِسْتِجَابَةً لأَمْرِ اللهِ، { وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }
الْحَذَرَ الْحَذَرَ أَخَا الْإِسْلَامِ، أَنْ تُفْسِدَ فَرْحَةَ الْعِيدَ بِمُفَارَقَةِ الْجَمَاعَةِ، وَقَطْعِ الْعِلَاقَةِ مَعَ الْجِيرَانِ، أَوْ قَطْعِ أَوَاصِرِ الْقَرَابَةِ ، الْحَذَرَ الْحَذَرَ ! أَنْ تُرْتَكِبَ الْمَعْصِيَةَ بِحُضُورِكَ أَوْ حُضُورِ أَهْلِكَ الْاِحْتِفَالَاتِ الْمُخْتَلَطَةَ ، فَفِيهَا تُقَارِفُ الْمَعْصِيَةَ، فَلَيْسَ بِمِثْلِ هَذَا تُشْكَرُ النِّعْمَةُ، واللهُ يَقُولُ: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
عِبَادَ اللهِ: اِحْرِصُوا - كُلَّ الحِرْصِ- عَلَى الْمُبَادَرَةِ بِقَضَاءِ رَمَضَانَ، لِمَنْ كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ، فعليه بالمبادرة فيه ، وَعَلَيْكُمْ بِالمُبَادَرَةِ بِصِيامِ السِّتِّ مِنْ شَوَّالِ، فَمَنْ صَامَهَا فَأَجْرُهُ كَمَنْ صَامَ الدَّهْرَ كُلَّهُ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَأَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهرِ)،رَوَاهُ مُسلِمٌ . أَيْ العَامَ كُلَّهُ ،وَالصحيح من أقوال أهل العلم ألا تُصَامُ السِّتُّ إِلَّا بَعْدَ قَضَاءِ مَا أَفْطَرَ فِيهِ الْعَبْدُ مِنْ رَمَضَانَ، فَالفَرْضُ أَوْلَى مِنَ النَّفْلِ، فَاللهُ يَقُولُ فَي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ:(وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا اِفْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَلاَ يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَّرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ) رواهُ البُخَارِيُّ. وَالقَضَاءُ هُوَ الفَرْضُ، الْمُحَبَّبُ إِلَى الرَّبِّ جَلَّ في عُلَاهُ.
عِبَادَ اللهِ: اِحْذَرُوا البِدَعَ وَالمُحْدَثَاتِ، كَتَبَادُلِ التَّعَازِي عِنْدَ فِرَاقِ رَمَضَانَ، فَاللهُ شَرَعَ لَنَا الفَرْحَةَ، وَخَلَقَ لنَا العيدَ، لنفرَحَ فيهَ ونَسْعَدَ، فَاللهُ تَعَالَى قَالَ:( وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) وَالشُّكْرُ يَكُونُ بِالسَّرَّاءِ ، والعيدُ مِنَ السَّرَّاءِ. وَالتَّعْزِيَةُ لا تكون إلا في المَصَائِبِ، وَهَلِ العِيدُ مِنَ الـمَصَائِبِ حَتَّـى نُعَزِّيَ عِنْدَ دُخُولِهِ ؟
عِبَادَ اللهِ: اِحْذَرُوا التَّهْنِئَةَ بِمَا يُسَمَّى عِيدَ الأَبْرَارِ، عِنْدَ الْاِنْتِهَاءِ مِنْ صِيَامِ السِّتِّ مِنْ شَوَّالِ، فَلَيْسَ فِي الإسلامِ إِلَّا عِيدَانِ: الفِطْرُ وَالأَضْحَى، وَقَدْ نَصَّ شَيْخُ الإِسلامِ عَلَى بِدْعِيَّتِهَا.
عِبَادَ اللهِ: لَا تَنْسَوا فِي عِيدِكُمْ هَذَا ،الفُقَرَاءَ وَالمَسَاكِينَ، تَصَدَّقُوا عَلَيْهِمْ، وَأَحسِنُوا إِلَيْهِمْ، وأَطْعِمُوهُمْ وَاِكْسُوهُمْ، اِرْحَمُوا العُمَّالَ، وَأَشْرِكُوهُمْ فَرْحَتَكُمْ وَلَا تُحَمِّلُوهُمْ مَا لا يَطِيقُونَ، فَتَتَعَامَلُوا مَعَهُمْ وَكَأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ جِنْسِ الْبَشَرِ، فَلَا فَرْحَةٌ لَهُمْ عِنْدَ بَعْضِنَا هَدَانَا اللهُ وَإِيَّاهُ، فَلَا لِبَاسٌ جَدِيدٌ لهم، وَلَا حَتَّى تَهْنِئَةٌ بِالعيدِ، فَمَا أَطْيَبَ أَنْ تُطْعِمَ خَادِمَكَ وَعَامِلَكَ مِنْ طَعَامِكَ ،وَتُهَنِّأَهُ بِالعِيدِ، يَسِّرْ لَهُ الاِتِّصَالَ بِأَهْلِهِ، لِيُهَنِّأّهُمْ وَيُهَنِّؤُهُ، فَلَا تَبْخَلْ عَليهِ وَلا عَلَى نَفْسِكَ، بِدَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ لإِسْعَادِهِ، تُخَفِّفْ عَنْهُ بِعَطْفِكَ وَرَحْمَتِكَ فِرَاقَهُ أَهْلَهُ، فَالرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمْ اللهُ، فَتَخَيَّلْ اِبْنَكَ غَلَبَتْهُ الظُّرُوفُ الحَيَاتِيَّةُ القَاسِيَةُ، وَالمَعِيشِيَّةُ الصَّعْبَةُ،فَرَحَلَ لِطَلَبِ الرَّزْقَ فِي بُلْدَانِهِمْ،تَخَيَّلْهُ فِي يَوْمِ العِيدِ وَحِيدً شَرِيدًا، يَرَى الآبَاءُ مَعَ الأَبْنَاءِ، مُجْتَمِعِينَ، وَهُوَ يَعِيشُ فِي خَيَالِهِ مَعَ أَهْلِهِ، تَـخْنُقُ العَبَرَاتُ حَلْقَهُ، وَتَمْلَئُ الدُّمُوعُ مَآقِيهِ، وَيَحْرِقُ الفِرَاقُ كَبِدَهُ ، وَلِسَانُ حَالِهِ يَقُولُ:
عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ بمَا مَضَى أمْ بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ
أمّا الأحِبّةُ فالبَيْداءُ دونَهُمُ فَلَيتَ دونَكَ بِيدًا دونَهَا بِيدُ
فَخَفِّفْ من حُزْنِهِ وَاِرْحَمْهُ، فَالرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمْ اللهُ، وَقُلْ مِثْلَ هَذَا عَنِ العَامِلَاتِ فِي الْمَنَازِلِ، الَّلوَاتِي مَا دَفَعَهُنَّ لِلْعَمَلِ عِنْدَنَا إِلَّا الْعَوَزُ وَالْحَاجَةُ، وَشَظَفُ الْعَيْشِ، وَالْفَقْرُ وَالفَاقَةُ فِي بِلَادِهِمْ .
لَقِيتُها لَيْتَنِـي مَا كُنْتُ أَلْقَاهَـا تَمْشِي وَقَدْ أَثْقَلَ الإمْلاقُ مَمْشَاهَـا
أَثْوَابُـهَا رَثَّـةٌ والرِّجْلُ حَافِيَـةٌ وَالدَّمْعُ تَذْرِفُهُ في الخَدِّ عَيْنَاهَـا
بَكَتْ مِنَ الفَقْرِ فَاحْمَرَّتْ مَدَامِعُهَا وَاصْفَرَّ كَالوَرْسِ مِنْ جُوعٍ مُحَيَّاهَـا
مَنْظَرُ الحُزْنِ مَشْهُودٌ بِمَنْظَرِهَـا وَالبُؤْسُ مَرْآهُ مَقْرُونٌ بِمَرْآهَـا
كَرُّ الجَدِيدَيْنِ قَدْ أَبْلَى عَبَاءَتَهَـا فَانْشَقَّ أَسْفَلُهَا وَانْشَقَّ أَعْلاَهَـا
تَمْشِي بِأَطْمَارِهَا وَالبَرْدُ يَلْسَعُهَـا كَأَنَّهُ عَقْرَبٌ شَالَـتْ زُبَانَاهَـا
مَا أَنْسَى لا أنْسَى أَنِّي كُنْتُ أَسْمَعُهَا تَشْكُو إِلَى رَبِّهَا أوْصَابَ دُنْيَاهَـا
يَكَادُ يَنْقَدُّ قَلْبِي حِينَ أَنْظُرُهَـا تَبْكِي وَتَفْتَحُ لِي مِنْ جُوعِهَا فَاهَـا
عِبَادَ اللهِ: تَذَكَّرُوا الأَيْتَامَ وَاِرْحَمُوهُمْ؛ فَبِرَحْمَتِهِمْ تَلِينُ القلوبُ القاسيةُ، وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ : وَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَشْكُو قَسْوَةَ قَلْبِهِ، فَقَالَ لَهُ: (أَتُحِبُّ أَنْ يَلِينَ قَلبُكَ، وَتُدْرِكَ حَاجَتَكَ؟ اِرْحَمِ الْيَتِيمَ، وَاِمْسَحْ رَأْسَهُ، وَأَطْعِمْهُ مِنْ طَعَامِكَ)وَفِي رِوَايَةٍ: (وَأَطْعِمِ الْمِسْكِينَ) رواهُ أحمدُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ .
عِبَادَ اللهِ:اِسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا،وَعَاشِرُوهُنَّ بِـالمَعْرُوفِ،وَأَدُّوا حَقَّ اللهِ لَهُنَّ، وَاِعْلَمُوا أَنَّهُنَّ خُلِقْنْ مِنْ ضِلَعٍ أَعْوَجٍ ،إِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تُقِيمُوهُ كَسَرْتُمُوهُ، وَكُونُوا عَلَى رِقَابَةٍ بِتَرْبِيَةِ بَنَاتِكُمْ تَرْبِيَةً عَلَى نَهْجِ نِسَاءِ وَبَنَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بَارَكَ اللهُ لِي ولَكُمْ فِي القرآنِ العَظِيمِ .
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ،وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ،وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ،تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ،وَخَلِيلَهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ،وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ،وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً . أمَّا بَعْدُ ...... فَاِتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى،وَاِسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى،وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى .
أَيَّتُهَا الأَخَوَاتُ الْمُؤْمِنَاتُ، اِتَّقِينَ اللهَ بِأَنْفُسِكُنَّ وَحَافِظْنَ عَلَى بُيُوتُكُنَّ، وَحَافِظْنَ عَلَى الْجِلْبَابِ الْأَسْوَدِ الْمَهِيبِ، وَاِحْذَرْنَ دُعَاةِ الْفَسَادِ وَأَرْبَابِ الشَّهَوَاتِ، الدَّاعِيـنَ إِلَى نَزْعِهِ. أَطِعْنَ الْأَزْوَاجَ بِغَيْرِ مَعْصِيَةِ اللهِ، أَيَّتُهَا الْأُخْتُ الْـمُسْلِمَةُ، الْـحَذَرَ الْحـذَرَ مِنَ اللِّبَاسِ الْعَارِي بَيـنَ الْمَحَارِمِ أَوْ النِّسَاءِ؛ فَبَعْضُ النِّسَاءِ لَا تُبَالِي؛ فَتَخْرُجُ فِي مُـجَتَمَعَاتِ النِّسَاءِ وَبَيْنَ مَـحَـارِمِهَا وَقَدْ كَشَفَتْ عَنْ فَخِذِهَا، أَوْ عَنْ بَعْضٍ مِنْهُ، وَبَعْضُهُنَّ تَكْشِفُ مَا بَيْـنَ سُرَّتِـهَا إِلَى صَدْرِهَا ، وَبَعْضُهُنَّ تَكْشِفُ بَعْضَ صَدْرِهَا فَأَصْبَحَ لِبَاسُهَا أَقْرَبَ مَا يَكُونُ مِنْ لِبَاسِ نِسَاءِ الْغَرْبِ . وَبَعْضُهُنَّ تَلْبَسُ الْـمَلَابِسَ الضَّيِّقَةَ الَّتِـي تُـحَجِّمُ جَسَدَهَا؛ وَقَدْ نَـهَى الإِسْلَاُم عَنْ ذَلِكَ؛ حَيْثُ نَـهَى عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ ذَلِكَ؛ فَقِيلَ لَهْ : يَا أَمِيـرَ الْـمُؤْمِنِيـنَ، إِنَّـهَا لَا تَشِفُّ ! أَيْ : إِنَّـهَا لَا تُظْهِرُ لَوْن الْبَشْرَةِ ، فَقَالَ : لَكِنَّهَا تَصِفُ . فَمَا بَالَكَم بِلِبَاسٍ يَصِفُ وَيَشِّفُ ! تَدَّعِي صُوَيْحِبَاتُ هَذَا اللِّبَاسِ أَنَّ هَذَا هَوَ التَّقَدُّمُ والتَّمَدُّنُ ، بَل والعَجِيْبُ أَنَّ المُحَافِظَةَ عَلَى اللِّبَاسِ المُحْتَشِمِ يَصِفْنَهَا بِالمُتَخَلِّفَةِ والقَرَوِيَّةِ، أَو كَبِيْرَةِ السِّنِ الجَّاهِلَة بِمَعْرِفَةِ المُوضَاتِ؛ فَأَصْبَحَ المَعْرُوفُ عِنْدَ بَعْضِهِنَّ مُنْكَرًا، وَالمُنْكَرُ مَعْرُوفًا، وَلَا َحَولَ وَلَا ُقُوَّةَ إِلَّا ِبالله ! وَيَتَحَمُّلَ الآبَاءِ وَالأَزوَاجِ وَالأُمَّهَاتِ جُزءًا مِنَ المَسؤُولِيةِ، وَكَذَلِكَ التُّجَارِ الَّذِينَ يَتَسَابَقُونَ لِبِيْعْ هَذِهِ المَلَابِسِ، وَيُحْجِمُونَ عَن بَيْعِ المَلَابِسِ المُحْتَشِمَةِ، وَأَخْشَى -وِاللهِ - أَنْ يَنْطَبِقَ عَلَى بَعْضِ النِّسِاءِ قَوْلُه،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا، قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ، وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ
أُخْتِي المُسْلِمَةَ، أَمَامَ زَوجِكِ؛ اِلْبَسِي مَا شِئْتِ، وَاِكْشُفِي مِا شِئْتِ، وِأَمَّا أَمَامَ غَيْرِهِ؛ إِنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا فَلَا َيَرَى مِنْكِ شَيْئًا، وَإِنْ كَانَ مَحْرَمًا فَالحَيَاءَ الحَيَاءَ؛ فَلَا تَلْبَسِي الضَّيقَ كَالبِنْطَالِ، وَلَا تَلْبَسِيْ مَا يَكْشِفُ جُزْءًا كَبِيْرًا مِنْ جَسَدِكِ ؛ فَلَكِ أَمَامَ المَحَارِمِ وَالنِّسَاءِ كَشْفُ الوَجْهِ، وَالسَّاعِدِ، واليَدِينِ، واَلقَدميِن، وَجُزْءٍ مِنَ السَّاقِ، بِلِبَاس ٍمُحْتَرَمٍ يَجْلِبُ لَكِ وِلِمُجَالِسِيكِ الوَقَارَ؛ فَمَا جَلَبَتْ هَذِهِ الأَلبِسَةُ لَبِلِاِدِ الغَربِ؛ إِلَّا مَزِيدًا مِنَ الضَّياَعِ، وَاِحْذَرِي التَّقْلِيدَ، وَاِسْعِي إِلَى إِرْضَاءِ رَبِّ الْعَبِيدِ .
حَمَاكِ اللهُ مِنْ كُلِّ شَرٍّ، وَوَقَاكِ مِنْ كُلَّ فِتْنِةٍ، وَأَصْلَحَ لَكِ الزَّوجَ وَالْوَلَدَ، وَجَعَلَكِ صَالِحَةً تَقِيَّةً .
اللهُمَّ تقَبَّلْ مِنَّا الصِّيَامَ وَالْقِيَامِ. الَّلهُمَّ اِحْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ مِنَ الفِتَنِ، وَالمِحَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن، الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، الَّلهُمَّ اجْعَلْهُ سِلْمًا لِأْوْلِيَائِكَ، حَرْباً عَلَى أَعْدَائِكَ، الَّلهُم ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ، وَأَقْمَعْ رَايَةَ البِدْعَةِ، الَّلهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ أَهْلِ الإِسْلَامِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، «اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ». اللهُمَّ أَكْثِرْ أَمْوَالَ مَنْ حَضَرَ، وَأَوْلَادَهُمْ، وَأَطِلْ عَلَى الْخَيْرِ أَعْمَارَهُمْ، وَأَدْخِلْهُمُ الْجَنَّةَ. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.
وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...
المرفقات
مَشْكُولَةٌ .docx
مَشْكُولَةٌ .docx
غير مشكولة .docx
غير مشكولة .docx
المشاهدات 2932 | التعليقات 2
بارك الله فيك د صالح ونفع الله بك على ما كتبت وتكتب ونشكر لكم كرم الحضور والتواجد وتقبل الله منا ومنكم.
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق