العنايةِ باللُّغةِ العربيَّةِ
محمد البدر
1436/02/26 - 2014/12/18 18:21PM
[align=justify]الخطبة الأولى :
عباد الله :قال تعالى {وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا} (113) سورة طـه .
وقال تعالى { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا }
وقال تعالى { حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَدِمَ رَجُلاَنِ مِنَ الْمَشْرِقِ ، فَخَطَبَا ، فَعَجِبَ النَّاسُ لِبَيَانِهِمَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ« إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْرًا - أَوْ - إِنَّ بَعْضَ الْبَيَانِ لَسِحْرٌ » رواه البخاري .
عباد الله :فلنحمد الله عز وجل أن جعلنا مسلمين وارسل إلينا رسولاً وانزل عليه القرآنُ الكريمُ بلسانٍ عربِيٍّ مُبينٍ ، قال تعالى: { وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ }
لِيكونَ لنَا عزًّا ومجدًا، تَحدَّى اللهُ بهِ الفصحاءَ، وأفحمَ بِهِ البلغاءَ ، وأثنى بهِ على العلماءِ ، ضمنَ لهُ الغلبةَ والبقاءَ ، وَلِمَنْ عملَ بِهِ الفوزَ والفلاحَ والارتقاءَ، أنزلَهُ اللهُ باللِّسانِ العربِيِّ الْمُبينِ، وامتنَّ بِهِ علَى الناسِ أجمعينَ، يقولُ تعالَى : {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ } (النحل 103).
يقول الشيخ العلامة السعدي رحمه الله "
أي:جعلناه قرآنا عربيا، واضح الألفاظ، سهل المعاني، خصوصا على العرب. { غَيْرَ ذِي عِوَجٍ } أي: ليس فيه خلل ولا نقص بوجه من الوجوه، لا في ألفاظه ولا في معانيه، وهذا يستلزم كمال اعتداله واستقامته "
عباد الله :إنَّ للُّغةِ العربيَّةِ مكانةً تقصرُ عنْ وصْفِهَا العباراتُ، وقدسيَّةً انفرَدَتْ بِهَا عَنْ سائِرِ اللُّغاتِ، فهِيَ محفوظةٌ بِحفظِ كتابِ اللهِ الَّذِي حفظَ لَهَا وجوداً متميزاً خالداً، وهِيَ محفوفةٌ بعنايةِ أُولِي الألبابِ ، وملائمةٌ للعلومِ والآدابِ، فهِيَ عذبةُ الألفاظِ، جميلةُ المعانِي، حقًّا إِنَّهَا لغةُ القرآنِ العجيبةِ ، منْ دخلَ في جوفِ غزارتِها ، وجدَ المتعةَ البلاغيةَ ، والرحابةَ اللفظيةَ ، قال تعالى :{ إِنَّا أَنزلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } [سورة يوسف: 2]..
عبادَ اللهِ: مَا أعظمَ هذِهِ اللُّغةَ الَّتِي نزَلَ القرآنُ الكريمُ بِهَا، وحُقَّ لنا أنْ نفخرَ بها ، ونتمسَّكَ بِهَا، ونَعَضَّ عليهَا بالنَّواجذِ ، واللغة العربية كما هو معروف تتميز بسعتها وكثرة مدلولات ألفاظها وشمولها لمعان متقاربة،وقد جاء الشرع (القرآن الكريم والسنة النبوية) بألفاظ معينة لأحكام محددة ، وبين بشكل واضح المعنى المراد من كل لفظ وحدد المقصود منها مما أغنى - في هذا الموضع - عن الرجوع دائما إلى أصل اللغة ,وهي كما تعلمون لغة الدين الإسلامي، لغة القرآن المجيد، لغة الحديث الشريف، لغة التدوين والتأليف في الإسلام، لغة التخاطب والتفاهم بين سائر المسلمين ، فهي الصلة بين الله تعالى وعباده وبين رسوله وأمته وبين شرعه وعباده، وبين الأوائل والأواخر، وبين الغائبين والحاضرين.
يقول شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله: (اللغة العربية من الدين ومعرفتها فرض واجب؛ فإن فهم الكتاب والسنة فرض، ولا يفهم إلا بفهم اللغة العربية، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ثم منها ما هو واجب على الأعيان، ومنها ما هو واجب على الكفاية.
ويقول الإمام الشافعي (رحمه الله) : (ما جهل الناس ولا اختلفوا إلا لتركهم لسان العرب ، وميلهم إلى لسان أرسطوطاليس .. ).
وقال شيخ الإسلام رحمه الله : وأما اعتياد الخطاب بغير العربية التي هي شعار الإسلام ولغة القرآن حتى يصير ذلك عادة للمصر وأهله ولأهل الدار وللرجل مع صاحبه ولأهل السوق أو للأمراء أو لأهل الديوان أو لأهل الفقه فلا ريب أن هذا مكروه فإنه من التشبه بالأعاجم وهو مكروه" فإذا اعتاد الناس في بيوتهم وبلادهم التخاطب باللغة الأجنبية صارت اللغة العربية مهجورة لدى الكثير وعزّ عليهم فهم القرآن والإسلام وتركوا تدبر القرآن وقراءته .
عباد الله :تعلموا اللغة العربية بقواعدها وأحكامها وألفاظها حتى تفقهوا كلام ربكم الذي نزل بالعربية الفصيحة وتفقهوا سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم فتعملوا بهما .
أقول قولي هذا ....
الخطبة الثانية :
عباد الله: لماذا لا نعتز بلغتنا العربية ، كما يعتز غير العربي بلغته ولهجته ويرفض أن يتكلم بغيرها ، الا يكفينها شرفا أنها لغة القرآن وبها تكلم سيد الأنام صلى الله عليه وسلم ولا يستغني عنها فقيه ولا حافظ ولا عالم ولا داعية إلى الله ولا قارئ للقرآن .
فاتَّقُوا اللهَ تعالَى، وأحبُّوا لغةَ كتابِهِ المبينِ، واعلمُوا أنَّ منْ مقتضياتِ العنايةِ باللُّغةِ العربيَّةِ أنْ نربِّيَ أبناءَنَا علَى حبِّهَا والاعتزازِ بِهَا، والتَّحدثِ بِهَا، وأنْ نُلزِمَهُمْ بتعلُّمِ كتابِ اللهِ .
وعلَى المدرسينَ أنْ يغرِسُوا فِي نفوسِ الطُّلابِ الوعْيَ بأهميةِ هذِهِ اللُّغةِ، ويعمَلُوا علَى تنميةِ الذَّوقِ الأدبِيِّ فِي نفوسِهِمْ . الا وصلوا ...
[/align]
عباد الله :قال تعالى {وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا} (113) سورة طـه .
وقال تعالى { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا }
وقال تعالى { حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَدِمَ رَجُلاَنِ مِنَ الْمَشْرِقِ ، فَخَطَبَا ، فَعَجِبَ النَّاسُ لِبَيَانِهِمَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ« إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْرًا - أَوْ - إِنَّ بَعْضَ الْبَيَانِ لَسِحْرٌ » رواه البخاري .
عباد الله :فلنحمد الله عز وجل أن جعلنا مسلمين وارسل إلينا رسولاً وانزل عليه القرآنُ الكريمُ بلسانٍ عربِيٍّ مُبينٍ ، قال تعالى: { وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ }
لِيكونَ لنَا عزًّا ومجدًا، تَحدَّى اللهُ بهِ الفصحاءَ، وأفحمَ بِهِ البلغاءَ ، وأثنى بهِ على العلماءِ ، ضمنَ لهُ الغلبةَ والبقاءَ ، وَلِمَنْ عملَ بِهِ الفوزَ والفلاحَ والارتقاءَ، أنزلَهُ اللهُ باللِّسانِ العربِيِّ الْمُبينِ، وامتنَّ بِهِ علَى الناسِ أجمعينَ، يقولُ تعالَى : {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ } (النحل 103).
يقول الشيخ العلامة السعدي رحمه الله "
أي:جعلناه قرآنا عربيا، واضح الألفاظ، سهل المعاني، خصوصا على العرب. { غَيْرَ ذِي عِوَجٍ } أي: ليس فيه خلل ولا نقص بوجه من الوجوه، لا في ألفاظه ولا في معانيه، وهذا يستلزم كمال اعتداله واستقامته "
عباد الله :إنَّ للُّغةِ العربيَّةِ مكانةً تقصرُ عنْ وصْفِهَا العباراتُ، وقدسيَّةً انفرَدَتْ بِهَا عَنْ سائِرِ اللُّغاتِ، فهِيَ محفوظةٌ بِحفظِ كتابِ اللهِ الَّذِي حفظَ لَهَا وجوداً متميزاً خالداً، وهِيَ محفوفةٌ بعنايةِ أُولِي الألبابِ ، وملائمةٌ للعلومِ والآدابِ، فهِيَ عذبةُ الألفاظِ، جميلةُ المعانِي، حقًّا إِنَّهَا لغةُ القرآنِ العجيبةِ ، منْ دخلَ في جوفِ غزارتِها ، وجدَ المتعةَ البلاغيةَ ، والرحابةَ اللفظيةَ ، قال تعالى :{ إِنَّا أَنزلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } [سورة يوسف: 2]..
عبادَ اللهِ: مَا أعظمَ هذِهِ اللُّغةَ الَّتِي نزَلَ القرآنُ الكريمُ بِهَا، وحُقَّ لنا أنْ نفخرَ بها ، ونتمسَّكَ بِهَا، ونَعَضَّ عليهَا بالنَّواجذِ ، واللغة العربية كما هو معروف تتميز بسعتها وكثرة مدلولات ألفاظها وشمولها لمعان متقاربة،وقد جاء الشرع (القرآن الكريم والسنة النبوية) بألفاظ معينة لأحكام محددة ، وبين بشكل واضح المعنى المراد من كل لفظ وحدد المقصود منها مما أغنى - في هذا الموضع - عن الرجوع دائما إلى أصل اللغة ,وهي كما تعلمون لغة الدين الإسلامي، لغة القرآن المجيد، لغة الحديث الشريف، لغة التدوين والتأليف في الإسلام، لغة التخاطب والتفاهم بين سائر المسلمين ، فهي الصلة بين الله تعالى وعباده وبين رسوله وأمته وبين شرعه وعباده، وبين الأوائل والأواخر، وبين الغائبين والحاضرين.
يقول شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله: (اللغة العربية من الدين ومعرفتها فرض واجب؛ فإن فهم الكتاب والسنة فرض، ولا يفهم إلا بفهم اللغة العربية، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ثم منها ما هو واجب على الأعيان، ومنها ما هو واجب على الكفاية.
ويقول الإمام الشافعي (رحمه الله) : (ما جهل الناس ولا اختلفوا إلا لتركهم لسان العرب ، وميلهم إلى لسان أرسطوطاليس .. ).
وقال شيخ الإسلام رحمه الله : وأما اعتياد الخطاب بغير العربية التي هي شعار الإسلام ولغة القرآن حتى يصير ذلك عادة للمصر وأهله ولأهل الدار وللرجل مع صاحبه ولأهل السوق أو للأمراء أو لأهل الديوان أو لأهل الفقه فلا ريب أن هذا مكروه فإنه من التشبه بالأعاجم وهو مكروه" فإذا اعتاد الناس في بيوتهم وبلادهم التخاطب باللغة الأجنبية صارت اللغة العربية مهجورة لدى الكثير وعزّ عليهم فهم القرآن والإسلام وتركوا تدبر القرآن وقراءته .
عباد الله :تعلموا اللغة العربية بقواعدها وأحكامها وألفاظها حتى تفقهوا كلام ربكم الذي نزل بالعربية الفصيحة وتفقهوا سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم فتعملوا بهما .
أقول قولي هذا ....
الخطبة الثانية :
عباد الله: لماذا لا نعتز بلغتنا العربية ، كما يعتز غير العربي بلغته ولهجته ويرفض أن يتكلم بغيرها ، الا يكفينها شرفا أنها لغة القرآن وبها تكلم سيد الأنام صلى الله عليه وسلم ولا يستغني عنها فقيه ولا حافظ ولا عالم ولا داعية إلى الله ولا قارئ للقرآن .
فاتَّقُوا اللهَ تعالَى، وأحبُّوا لغةَ كتابِهِ المبينِ، واعلمُوا أنَّ منْ مقتضياتِ العنايةِ باللُّغةِ العربيَّةِ أنْ نربِّيَ أبناءَنَا علَى حبِّهَا والاعتزازِ بِهَا، والتَّحدثِ بِهَا، وأنْ نُلزِمَهُمْ بتعلُّمِ كتابِ اللهِ .
وعلَى المدرسينَ أنْ يغرِسُوا فِي نفوسِ الطُّلابِ الوعْيَ بأهميةِ هذِهِ اللُّغةِ، ويعمَلُوا علَى تنميةِ الذَّوقِ الأدبِيِّ فِي نفوسِهِمْ . الا وصلوا ...
[/align]
المرفقات
العنايةِ باللُّغةِ العربيَّةِ (1) (1).pdf
العنايةِ باللُّغةِ العربيَّةِ (1) (1).pdf
المشاهدات 2652 | التعليقات 2
جزيت الجنة ونفع الله بك وزادك من فضله علما ونفعا وخيرا شيخ محمد.
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق