العمالة السائبة المخالفة – المراقبون للأمطار ( مشكولة مع الدعاء - ثلاث صيغ)
راشد بن عبد الرحمن البداح
24/2/1440هـ الحمد لله، نحمده سبحانه ونثني عليه الخير كله، نشكره ولا نكفره، ونخلع ونترك من يفجره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بعثه الله بين يدي الساعة بشيراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، صلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أصحابه الغر الميامين. والتابعين إلى يوم الدين. أما بعد:
فاتقوا الله واشكروه؛ فإن الله أسبغ علينا نِعَمًا تترادف، ومنهن نعمة تسخير البشر بعضِهم لبعض:{وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}. ومما يدخل في هذه الآية إخواننا الذين قدموا لهذه البلاد؛ لتحصيل لقمة العيش، فنحن مسخرون لهم، وهم مسخرون لنا.
أيها الناس: ثمت أمور لابد من تذكّرها عند الحديث عن العمال:
الأول: مما يخطئ فيه مكاتب الاستقدام، ويتعاونون مع بعض ضعفاء الضمائر لاستجلاب من لا حاجة له، فيأتون بهم ثم يتركونهم سائحين في الطرقات؛ ليعملوا ما شاؤوا مقابل قسط من المال شهريّ يأخذونه من ذلك العامل، وهذا العامل إذا سُرّح في الطرقات، فعجز عن المكاسب ربّما سلك الطرق المُلتوية، فما أقبحه من مكسب! وما أرذله من مال! فبأي سبيل تستحلّه؟!.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: (من استقدم عاملاً، ووفر له السكن والمعيشة، وفتح له المحل، وقال:اشتغل وتعطيني-مثلاً- في الشهر ألف ريال فهذا لا يجوز لمخالفته النظام..ثانياً: فيها لمخالفته الشرع؛ لأن فيها جهالة وميسراً)([1]).
ثانيًا: مسألة يكثر السؤال عنها، ألا وهي إذا كان هذا العامل على كفالتك، وسوف يعمل عندك، فما حكم بيع الفيزة له؟
الجواب: أنه قد أفتى علماؤنا في اللجنة الدائمة للإفتاء بتحريم بيع الفِيَز لمن يتاجر بها؛ ( لأن في بيعها كذبًا ومخالفةً واحتيالاً على أنظمة الدولة، وأكلاً للمال بالباطل، قال الله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ}. وثمن الفيز التي بعتها كسب محرم، يجب عليك التخلص منه، بأن تنفقه في وجوه البر والخير، من فقراء وإنشاء وبناء مرافق تنفع المسلمين)([2]).
المسألة الثالثة: إيواء العمالة المتخلفين بلا إقامات، أو بلا تراخيص لمزاولة التجارة، وهذا مع تحمُّل فاعله للغرامات والجزاءات؛ فهو أيضًا إعانة على الفوضى، وشيوع السرقات، وانتشار الأحياء السكنية العشوائية، إضافة إلى ضعف الرقابة الصحية والأمنية.
فلنحافظ على أمن واقتصاد وصحة وطننا، ولنساهم في القضاء على هذه العمالة غير النظامية، والتبليغ عنهم.
اعلموا أيها الإخوة: أن الحرام خبيث لا يجوز إتيانه. ولكن أكثر الناس لا يفقهون ولا يتفقهون في الدين، بل بعضهم لا يبالون من حرام كان أم من حلال، ما دام أن هناك مكسباً. وفي صحيح البخاري أن النَّبِيَّ e قَالَ: لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَا يُبَالِي الْمَرْءُ بِمَا أَخَذَ الْمَالَ أَمِنْ حَلَالٍ أَمْ مِنْ حَرَامٍ.([3])
ومن أعجب الأحاديث المحذِّرة حديث قَالَ فيه رَسُولُ اللهِ e: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا يَكْسِبُ عَبْدٌ مَالًا مِنْ حَرَامٍ، فَيُنْفِقَ مِنْهُ فَيُبَارَكَ لَهُ فِيهِ، وَلَا يَتَصَدَّقُ بِهِ فَيُقْبَلَ مِنْهُ، وَلَا يَتْرُكُ خَلْفَ ظَهْرِهِ إِلَّا كَانَ زَادَهُ إِلَى النَّارِ،إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَمْحُو السَّيِّئَ بِالسَّيِّئِ، وَلَكِنْ يَمْحُو السَّيِّئَ بِالْحَسَنِ، إِنَّ الْخَبِيثَ لَا يَمْحُو الْخَبِيثَ([4]).
أيها المسلمون: إن في هذا الحديث لموعظةً لمن كان له قلب؛ فإنه يدل على أن كسب الحرام خسارة لا ربح فيه، فإن تصدق به لم يقبل منه، وإن أنفقه لم يبارك له فيه، وإن خلفه بعده كان زاده إلى النار، فكيف يليق بالمؤمن أن يُذهب دينه لأجل دنياه..ألم يعلم أن المال وسيلة لقيام الدين والدنيا، وأن اكتسابه بطريق محرم هدم للدين والدنيا([5]).
فقد امتلأت جوالات الناس مطلعَ هذا الأسبوع بتبشيرات الفلكيين والمتابعين بأمطار غزيرة، تمتد أيامًا، وتعم بلدانًا، فنزلت ولكن على بعض جهات، وإلى بضع ساعات، والحمد لله على ما أنزل، ونسأله مزيد غيثه، وعموم فضله، ذلك أن الفلكيين وأضرابَهم بشرٌ يخطؤون كغيرهم؛ لتبقى أقدار الله وحكمته، وليكون درسًا لهم ألا يجزموا، ولنا أن نقوي تعلقنا برحمة ربنا، لا بتقديرات البشر، ولأجل أن نلهج بمجاديح السماء: الاستغفارَ الاستغفار.
وأيضًا أن نستشعر أننا تعبدنا الله بعبادة عظيمة نغفل عنها، ألا وهي عبادة انتظار الفرج من مفرج الكُرَب –سبحانه-. قال نبينا e: عَجِبَ رَبُّنَا مِنْ قُنُوطِ عِبَادِهِ، وَقُرْبِ غَيْرِهِ، يَنْظُرُ إلَيْكُمْ أزْلين قَنِطين، فَيَظَلُّ يَضْحَكُ، يَعْلَمُ أَنَّ فَرَجَكُمْ قَرِيبٌ. رواه الحاكم وحسنه ابن تيمية([6]).
والله قد يجيء بالغيث حين يبلغ بالنفوس الإياس، حتى يقنط من نزوله الناس.يقول اللهY:{وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ} ويقول:﴿وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ﴾.
فلنقابل نعمَ الله بشكرِها، وبالثناءِ عليه لأجلها، ولنسأله المزيدَ من كرمِه، ولنجمع شكرًا وتفكرًا فيما آتانا؛ لنكون شاكرين متفكرين في هذا الغيث، متفكرين قبله في السحاب تحمله، والرياح تسوقه، وبرقًا ورعدًا وصواعقَ معه.
ونداء لأولئك المهايطين، والمهايَطة في لغة العرب الصِّياح والضَجيج بالشَرّ([7])، إنهم أولئكم المخاطرون بقطع عرض مجاري السيول؛ للاستعراض أو للتصوير –زعموا-.فيا أيها المخاطِرون المهايِطُون: إنكم بهذا الفعل آثمون، ولأهلهم مروِّعون. وإن أرواحهم أمانة، وعن هذه الأمانة الجليلة إنهم لمسئولون.
- اللهم اجعلنا في ضمانك وأمانك وإحسانك اللهم ارزقنا عيشاً قارَّاً, ورزقاً دارَّاً, وعملاً بارَّاً
- ربنا أوزعنا أن نشكر نعمتك التي أنعمت علينا وعلى والدينا وأن نعمل صالحاً ترضاه وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
- اللهم اجعل مليكَنا ونائبَه وأمراءَه ووزراءَه وجنودَنا في ضمانك وأمانك وإحسانك.
([1]) لقاءات الباب المفتوح [179 /27]
([2]) فتاوى اللجنة الدائمة (13 / 79)
([4]) مسند أحمد ط الرسالة ( 3672)
([5])الضياء اللامع من الخطب الجوامع لابن عثيمين (3 / 249)
المرفقات
السائبة-ترقب-الأمطار
السائبة-ترقب-الأمطار
السائبة-ترقب-الأمطار-2
السائبة-ترقب-الأمطار-2