الْعِصْمَةُ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ
محمد البدر
1440/06/02 - 2019/02/07 12:40PM
الْخُطْبَةِ الأُولَى:
أمّا بَعْدُ عِبَادَ اللَّهِ: قَالَ تَعَالَى :﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ﴾.وَقَالَ تَعَالَى :﴿ يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا ﴾] الأحزاب: 63 [.
وَعَنْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَفَاتِيحُ الْغَيْبِ خَمْسٌ ثُمَّ قَرَأَ ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ﴾» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « مَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أَرْبَعُونَ قَالَ: أَرْبَعُونَ يَوْمًا قَالَ: أَبَيْتُ قَالَ: أَرْبَعُونَ شَهْرًا قَالَ: أَبَيْتُ قَالَ: أَرْبَعُونَ سَنَةً قَالَ: أَبَيْتُ قَالَ: ثُمَّ يُنْزِلُ اللهُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً، فَيَنْبُتُونَ كَمَا يَنْبُتُ البَقْلُ، لَيْسَ مِنَ الإِنْسَانِ شَيْءٌ إِلاَّ يَبْلَى، إِلاَّ عَظْمًا وَاحِدًا، وَهُوَ عَجْبُ الذَّنَبِ، وَمِنْهُ يُرَكَّبُ الْخَلْقُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ » مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ، وَعَلَا صَوْتُهُ، وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ، حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ يَقُولُ: «صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ»، وَيَقُولُ: «بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ»، وَيَقْرُنُ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ، وَالْوُسْطَى» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَعَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِىِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ اطَّلَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ فَقَالَ « مَا تَذَاكَرُونَ ».قَالُوا نَذْكُرُ السَّاعَةَ. قَالَ « إِنَّهَا لَنْ تَقُومَ حَتَّى تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ ». فَذَكَرَ الدُّخَانَ وَالدَّجَّالَ وَالدَّابَّةَ وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَنُزُولَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَيَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَثَلاَثَةَ خُسُوفٍ خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَآخِرُ ذَلِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنَ الْيَمَنِ تَطْرُدُ النَّاسَ إِلَى مَحْشَرِهِمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
عِبَادَ اللَّهِ: ما من نبي إلا حذر أمته الدَّجَّالَ ولقد بين نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر الدَّجَّالَ بياناً وافياً شافياً قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الدجال : « إِنَّهُ خَارِجٌ خَلَّةً بَيْنَ الشَّأْمِ وَالْعِرَاقِ فَعَاثَ يَمِينًا وَعَاثَ شِمَالاً يَا عِبَادَ اللَّهِ فَاثْبُتُوا » رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ فَأَنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ وَإِنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُ فِيكُمْ فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نَفْسِهِ وَاللَّهُ خَلِيفَتِى عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ » رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
عِبَادَ اللَّهِ: إن فتنة الدجال فتنة عظيمة ،فمن فتنته أنه يأتي على القوم فيدعوهم إلى عبادته فيستجيبون له فيأمر السماء فتمطر والأرض فتنبت ويأتي على القوم فيردون قوله فينصرف عنهم ممحلين مجدبين،ومن فتنته أن معه جنة وناراً يفتن بهما الناس ومع هذا وغيره من أسباب الفتنة إلا أن الله يثبت الذين آمنوا ،و من الصفات والعلامات التي تدل على كذب الدجال ، أنه أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « إِنَّ اللَّهَ لاَ يَخْفَى عَلَيْكُمْ ،إِنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ وَإِنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
عِبَادَ اللَّهِ: ومن صفات وعلامات الدجال أنه مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ أو (ك ف ر ) وهي علامة يقرؤها كل مؤمن كاتب أو غير كاتب. ومن علاماته الدالة على كذبه أن أكثر أتباعه من اليهود قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « يَتْبَعُ الدَّجَّالَ مِنْ يَهُودِ أَصْبَهَانَ سَبْعُونَ ألْفاً عَلَيْهِم الطَّيَالِسَةُ » رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
إن مدة هذه الفتنة أربعون يوماً: « أَرْبَعُونَ يَوْمًا يَوْمٌ كَسَنَةٍ وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ » رَوَاهُ مُسْلِمٌ .وإن أول نهايته وهزيمته أنه « يَأْتِي الدَّجَّالُ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ نِقَابَ الْمَدِينَةِ ، فَيَنْزِلُ بَعْضَ السِّبَاخِ الَّتِي تَلِي الْمَدِينَةَ ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ وَهْوَ خَيْرُ النَّاسِ أَوْ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ ،فَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّكَ الدَّجَّالُ الَّذِي حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثَهُ ، فَيَقُولُ الدَّجَّالُ أَرَأَيْتُمْ إِنْ قَتَلْتُ هَذَا ثُمَّ أَحْيَيْتُهُ ، هَلْ تَشُكُّونَ فِى الأَمْرِ فَيَقُولُونَ لاَ . فَيَقْتُلُهُ ثُمَّ يُحْيِيهِ فَيَقُولُ وَاللَّهِ مَا كُنْتُ فِيكَ أَشَدَّ بَصِيرَةً مِنِّي الْيَوْمَ . فَيُرِيدُ الدَّجَّالُ أَنْ يَقْتُلَهُ فَلاَ يُسَلَّطُ عَلَيْهِ » مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ثم يأذن الله لأهل الإيمان بالفرج « فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ فَأَمَّهُمْ فَإِذَا رَآهُ عَدُوُّ اللَّهِ ذَابَ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ فَلَوْ تَرَكَهُ لاَنْذَابَ حَتَّى يَهْلِكَ وَلَكِنْ يَقْتُلُهُ اللَّهُ بِيَدِهِ فَيُرِيهِمْ دَمَهُ فِي حَرْبَتِهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا...
الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ:
عِبَادَ اللَّهِ: يوصينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للعصمة مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ الاعتصام بالله والتمسك بالسنة والاستعاذة من فتنته قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « إِذَا فَرَغَ أَحَدُكُمْ مِنَ التَّشَهُّدِ الآخِرِ فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ وَمِنْ شَرِّ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ » رَوَاهُ مُسْلِمٌ. كذلك حفظ عشرِ آيات من أول سورة الكهف قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الكَهْفِ عُصِمَ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ »رَوَاهُ مُسْلِمٌ. قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ كِتَابَ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنّي فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ » قَالُوا نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ...إلخ الحديث» رَوَاهُ مُسْلِمٌ ..ألا وصلوا.