العَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ { لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ }

محمد البدر
1435/09/20 - 2014/07/17 09:29AM
[align=justify]الخطبة الاولى:
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ , وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ } .
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا }.
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا }.
أَمَّا بَعْدُ :عباد الله : يقول تعالى :{إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ } .
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
عباد الله : ها هي العشر الأواخر من رمضان قد أقبلت فأحيوها بكثرة الطاعات والقربات طلبا لنيل رضا الرحمن وإن مما يزيد العشرَ الأواخر فضلاً وبركة أن فيها ليلة القدر، وهي ليلة عظيمة وشريفة، تعدل عبادتُها ثلاثًا وثمانين سنة وأربعة أشهر .
فمن فضائل ليلة القدر : أنها ليلة أنزل الله فيها القرآن ، قال تعالى : { إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ } .
وأنها ليلة مباركة : قال تعالى : {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ}
ويكتب الله تعالى فيها الآجال والأرزاق خلال العام ،قال تعالى : { فِيهَا يُفَرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ } .
وانها خير من ألف شهر :فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ، لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
عباد الله :إن ليلة القدر تُطلب في أوتار العشر الأواخر من رمضان، فإن ضعُف العبدُ أو عجَزَ عن قيام العشر كلها، فلا يُغْلَبَنَّ على السبع الأواخر؛ فعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ - يَعْنِي لَيْلَةَ الْقَدْرِ - فَإِنْ ضَعُفَ أَحَدُكُمْ أَوْ عَجَزَ، فَلَا يُغْلَبَنَّ عَلَى السَّبْعِ الْبَوَاقِي» رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
فاجتهدوا -يا عباد الله - في هذه البواقي من ليالي الشهر، وأكثروا فيها من الصلاة والأذكار، والدعاء والاستغفار وتلاوة القرآن، كما كان نبيُّكم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفعل، فَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ : أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيَّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ الْقَدْرِ, مَا أَقُولُ فِيهَا ? قَالَ قُولِي : «اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي » رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
عباد الله: كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يجتهد في العشر مالا يجتهد في غيره فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :« إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ وَأَحْيَا لَيْلَهُ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ » مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
ولنا في رسول الله أسوة حسنة ،وهذا شامل بالاجتهاد فيها بكل طاعة وكل عبادة تقرِّب إلى الله - جلّ وعلا - بقراءة القرآن الكريم، والإكثار من ذكر الله تعالى والصلاة والاعتكاف والصدقة، وبذل الخير وصلة الأرحام، والإحسان إلى عباد الله، وغير ذلك من الأعمال الصالحات، والطاعات المقربة إلى الله - جلّ وعلا - وقد كان صلوات الله وسلامه عليه يتفرَّغ في هذه العشر لتلك الأعمال، فينبغي علينا الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، كما ينبغي - عباد الله - العناية بإيقاظ الأهل والأولاد، العناية بإيقاظ الأهل والأولاد وحثهم وتشجيعهم؛ ليشاركوا المسلمين في إظهار هذه الشعيرة، ويشتركوا معهم في الأجر، ويتربوا على طاعة الله وعبادة الله.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُم فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم .......

الخطبة الثانية :
أما بعد : عباد الله: وقد غفل كثير من الناس عن أولادهم فتركوهم يهيمون في الشوارع، ويسهرون للعب والسفه، ولا يحترمون هذه الليالي ولا يعرفون حرمتها ومكانتها عند الله، ولا تكون لها مكانة في نفوسهم ، وهذا - عباد الله - من الحِرْمان الواضح والخسران المبين، أن تأتي هذه الليالي المباركة، وتنتهي وكثير من الناس في غفلة معرضون، لا يهتمون لها ولا يستفيدون منها، يسهرون الليل كله أو معظمه في مالا فائدة فيه أو فيه فائدة محدودة يمكن حصولها في وقت آخر، ويعطلون هذه الليالي عمّا خصصت له، وبعضهم ربما شغل هذه الليالي الشريفة الفاضلة المباركة بارتكاب الخطايا والآثام، والوقوع في المعاصي والذنوب، بل رُبَّما في الوقوع في الكبائر والإجرام، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
عباد الله: وكانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخصُّ الليالي العشر من رمضان بالاعتكاف طلبًا لليلة القدر .
فعَنْ عَائِشَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ » مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ عباد الله :وفي العشر كان عليه الصَّلاة والسَّلام يجتهد في التَّهجد في هذه اللَّيالي أكثر من تهجده في أوَّل الشَّهر.‏
فينبغي للإنسان في هذه اللَّيالي العشر: أنْ يحرص علىٰ قيام اللَّيل، ويُطيل فيه القراءة، والرُّكوع والسُّجود، وإذا كان مع الإمام فليُلازمه حتَّىٰ ينصرف، لأنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ « إِنَّهُ مَنْ قَامَ مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ » رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
عباد الله: صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه فقال عز من قائل: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً } [الأحزاب56]
اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على نبيِّنا محمد، وارضَ اللهم عن الخلفاء الراشدين وعن الصحابة أجمعين، وعن الآلِ ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أذِلَّ الشركَ والمُشركين، اللهم أصلِح أحوالَنا وأحوالَ المُسلمين، اللهم فرِّج هُمومَنا وهمومَ المسلمين، اللهم اكشِف كُرُبات المسلمين في كل مكانٍ.
اللهم هيِّئ للمسلمين في ليبيا وفي سُوريا وفي مصر وفي اليمن حياةً طيبةً آمِنة ولسائر بلاد المسلمين.
اللهم اجمع المسلمين على الحق والتقوى، اللهم اجمع المسلمين على الحق والتقوى، اللهم اجعلهم مُتعاوِنين على البرِّ والخير يا ذا الجلال والإكرام، اللهم اجعلهم إخوةً مُتحابِّين في الله وفي محبَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
اللهم احفظ هذه البلاد من كل سوءٍ ومكروهٍ وسائر بلاد المسلمين، اللهم احفظ بلادَ المسلمين جميعًا من كل سوءٍ ومكروهٍ يا ذا الجلال والإكرام، اللهم عُمَّ بالأمن والرخاء سائر بلاد المسلمين، اللهم اجعل المسلمين في أمنٍ ورخاءٍ واستقرارٍ.
اللهم فرِّح قلوبَنا بنُصرة الإسلام والمسلمين، اللهم فرِّح قلوبَنا بنُصرة الإسلام والمسلمين في كل مكان، اللهم من أرادنا وأراد المسلمين بسوءٍ فأشغِله في نفسه، واجعل تدميرَه في تدبيره يا رب العالمين.
اللهم احفظ خادمَ الحرمين، اللهم ازرقه الصحةَ والعافيةَ، والعُمر المَديد ولنائبيْه يا ذا الجلال والإكرام بمثل ذلك، إنك على كل شيءٍ قدير.
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، المسلمين والمسلمات.
اللهم يا حيُّ يا قيُّوم نسألُك أن تغفِر لنا ذنوبَنا، وأن تُكفِّر عنَّا سيئاتنا، وأن تُصلِح أحوالَنا، وأن تشفِيَ مرضانا ومرضى المُسلمين.
عباد الله:
اذكروا الله ذكرًا كثيرًا، وسبِّحُوه بُكرةً وأصيلاً، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
[/align]
المرفقات

العَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ .pdf

العَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ .pdf

المشاهدات 2290 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا