العَرَاجِينُ للشَّيَاطِينِ ( الجمعة 1442/4/5هـ )
يوسف العوض
1442/04/02 - 2020/11/17 07:50AM
الخطبة الأولى
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : مَنْ ضِمنِ الْأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ الْمُعْجِزَةِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ أَبُودَاودَ في سُننِه يَقُولُ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّــمَ « إلَّا إنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَه مَعَهُ ، ألَّا يُوشِكُ رَجُلٌ شَبْعَانٌ عَلَى أَرِيكَتِهِ ، يَقُولُ : عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْقُرْآنِ ، فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلَالٍ فَأَحِلُّوهُ ، وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ وَأَنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ كَمَا حَرَّمَ اللَّهُ » . وَصَدَق رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ بَيَّنَ هَذَا الْحَدِيثُ مَا سَيَكُونُ عَلَيْهِ حَالُ بَعْضِ النَّاسِ سَوَاءٌ كَانُــــــوا مُسْلِمِينَ أَوْ مُستشرقِينَ وَمَا يبثونه مِنْ دَعَاوَى كَاذِبَةٍ عَنْ سُنَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يُرِيدُونَ مِنْ وَرَائِهَا هَـــــــدمَ الدِّينَ وَالْقُرْآنَ بِطَرِيقِةٍ غَيْرِ مُبَاشَرَةٍ ، فَهُم يَعْلَمُونَ أَنَّ الْقُرْآنَ الْكَرِيمَِلَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَقُولُوا فِيهِ شَيْئًا لحِفْـــــظِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَهُ وَتَعَهُّدِه بِذَلِكَ فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ « إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ » .
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ :وَدَعْوَةُ الْأَخْذِ بِالْقُرْآنِ وَالْعَمَلِ بِمَا فِيهِ فَقَطْ دُونَ السَّنَةِ قَوْلٌ مَغْلُوطٌ يُرَادُ بِهِ شَيئٌ فِي نَفْسِ دُعَاتِه وَمَن وَافَقَهُم بِجَهْلٍ وَمَنْ دُونِ عِلْمٍ فَالْقُرْآنُ الْكَرِيمُ وَالسُّنَّةُ النَّبَوِيَّةُ كِلَاهُمَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ ، وَالْفَارِقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْقُرْآنَ جَاءَ وحياً بِلَفْظِهِ وَمَعْنَاهُ ، أَمَّا السُّنَّةُ فَجَاءَت وَحيَاً بِمَعْنَاهَا مِنْ اللَّهِ إلَى رَسُولِهِ وَلِذَلِك فَــــــــإِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الدَّعْوَى يُضِلُّون النَّاسَ بِفَهْمِهِم الْخَاطِئِ لِحَقِيقَةِ الْإِسْلَامِ وَشَرِيعَتِهِ ، ولهذا يَجِبُ أَنْ نَعْلَمَ أَنَّ السُّـــــــــنَّةَ هِــــــــــي التَّطْبِيقُ الْعَمَلِيُّ لِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ ، وَقد جَاءَت بِأَحْكَامٍ لَا تُوجَدُ فِي الْقُرْآنِ وَلَمْ يَنُصَّ عَلَيْهَا فِـــــــيهِ ، وَقَدْ أَوْضَـــــحَ الْعُلَمَاءُ أَوْجُهَ السُّنَّةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ :
النَّوْعُ الْأَوَّلُ : أَنْ تَـــــــــــــــــــــــأْتِيَ مُؤَكَّــــــــــــــــــــــدَةً لِآيَــــــــــــــــــــــاتٍ مِنْ الْقُـــــــــــــــــــــــرْآنِ الْكَــــــــــــــــــــــــــرِيـــــــــــــــــــــــــــمِ .
وَالنَّوْعُ الثَّانِي : أَنْ تَأْتِيَ مُبَيِّنَةً لِكِتَابِ اللَّهِ ، قَالَ سُبْحَانَهُ : { وَأَنْزَلْنَا إلَيْك الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نَزَلَ إلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } .
وَأَمَّا النَّوْعُ الثَّالِثُ : أَنْ تَأْتِيَ السَّنَةُ بِأَحْكَامٍ زَائِدَةٍ عَلَى مَا فِي الْقُرْآنِ ، فَتُوجِبُ أمراً ، أَوْ تُـــــــحَرِمُ أمراً سَكَــــــتَ عَنْ تَحْرِيمِه ، وَهَذَا تَشْرِيعٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَجِبُ طَاعَتُهُ فِيهِ وَعَدَمُ مَعْصِيَتِه ، امتــــــثالاً لِأَمْــــرِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى : « مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاك عَلَيْهِمْ حفيظاً » .
الخطبة الثانية
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : رَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَازِمٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي تَمِيمٍ يُقَالُ لَهُ صَبِيغ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَكَانَتْ عِنْدَهُ كُتُبٌ ، فَجَعَلَ يَسْأَلُ عَنْ مُتَشَابِه الْقُرْآن ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرُ ، فَبَعَثَ إلَيْهِ وَقَدْ أَعَدَّ لَهُ عَرَاجِينِ النَّخْلِ ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ جَلَسَ ، فَقَال : مَنْ أَنْتَ ؟ قَال : أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَبِيغ قَـــال:
وَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ عُمَرُ ثُمَّ أَهْوَى إِلَيْهِ ، فَجَعَلَ يَضْرِبُهُ بِتِلْكَ العراجين فَمَا زَالَ يَضْرِبُه حَتَّى شَجَّه - يَعْنِي حَتَّى جَرَحَه - فَجَعَلَ الدَّمُ يَسِيلُ عَلَى وَجْهِهِ فَقَال:حَسْبُكَ
يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَقَدْ وَاَللّهِ ذَهَبَ الَّذِي كُنْتُ أَجِدُ فِي رَأْسِي ، يَعْنِي: يَكْفِي الضَّرْبُ ذَهَبَ مَا فِي رَأْسِي مِنْ الشُّبَهِ والشُّكُوكِ )) والفَــــــارُوقُ عُمَــــــرُ لَمَّا فَـــــهِمَ مِنْ
سؤالاتِه أَنَّهُ يُرِيدُ التَّعَنُّتَ وَالْعِنَادَ وَالِاعْتِرَاضَ ضَرَبَه مِائَةَ سَوْطٍ وأدَّبه .
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : صبيغٌ هذَاَ لَهُ أَمْثَالٌ كَثِيرُونَ فِي هَذَا الزَّمَنِ وَهُم فِي حَاجَةٍ إلَى أَنْ نَفْعَلَ بِهِمْ مِثْلَ مَا فُعِلَ بصَبيغٍ ، هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُشَبِّهُونَ وَيَلَبِّسُون ويَكتُبــــون
فِي الصُّحُفِ وَالْمَجَلاَّتِ ويَكْتُبُون في وَسَائلِ التَّواصُلِ المُختَلفةِ الشُّبَهَ ،ويَعتَرِضُونَ عَلَى الْأَحَادِيثِ وَعَلَى النُّصُوصِ وَعَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ ، فِي حَاجَةٍ لأنْ نَفْعَـــــــــلَ
بِهِم مِثْلَمَا فُعَلَ بِصَبيغٍ ، ولَوْ فُعِلَ بِهِمْ ذَلِكَ تَأَدَّبَوا وتَأَدَّبَ النَّاسُ ، وَلَمْ يَتَكَلَّمْ أحدٌ مِنَ الرُّوَيْبِضَةِ فَيَهْرِفُ بِمَا لاَ يَعْرِفُ .
المشاهدات 1721 | التعليقات 3
أحسنت
وشكر الله لك
شبيب القحطاني
عضو نشط
جزاك الله خيرا
أبو عبدالرحمن الدوسري
كتب الله أجركم
خطبة موفقة كما هو المعتاد من فضيلتكم.
الآية تحتاج تغيير التشكيل , قال سبحانه ( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ )
تعديل التعليق