العام الهجري الجديد
فايق البصري
1435/12/29 - 2014/10/23 00:42AM
إن الحمد لله : (( العام الهجري الجديد ))
يومنا هذا هو آخر يوم في عامنا الهجري ، وغدا يبدأ عام هجري جديد، عام انقضت أيامه من أعمارنا،ومضى بأفراحه وأتراحه،انتهت مرحلة من مراحل حياتنا، لنستقبل مرحلة جديدة ، فحياة الإنسان مراحل ، والناس في هذه الدنيا ما بين مستعدٍّ للرحـيل وراحل.
والعام الهجري يذكّرنا بهجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم من مكة الى المدينة،
هذه الهجرة التي ابتدأ بها تكوين الامة الاسلامية ، و غيَّرت مسار التاريخ ، والتي تحمل في طياتها الكثير من الدروس والعبر ، من تضحية وصبر ، وإصرار ويقين، وثقة بالله الواحد الأحد الذي نصر عبده، قال تعالى: { إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّـهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّـهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ اللَّـهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ اللَّـهِ هِيَ الْعُلْيَا ۗ وَاللَّـهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 40 ] .
ولم يكن التاريخ السنوي بالعام الهجري معمولا به في أول الإسلام حتى كانت خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، ففي السنة الثالثة أو الرابعة من خلافته كتب إليه أبو موسى الأشعري : إنه يأتينا منك كتب ليس لها تاريخ ، فجمع عمر الصحابة رضي الله عنهم فاستشارهم فيقال إن بعضهم قال : أرِّخوا كما تؤرخ الفرس بملوكها كلما هلك ملك أرَّخوا بولاية من بعده فكَرِهَ الصحابة ذلك فقال بعضهم: أرِّخوا بتاريخ الروم فكرهوا ذلك أيضا ، فقال بعضهم : أرخوا من مولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال آخرون : من مبعثه وقال آخرون : من هجرته فقال عمر الهجرة فرقت بين الحق والباطل فأرخوا بالهجرة.
والتقويم الهجري هو التقويم الصحيح للزمان، وإننا عندما نستقبل عاما جديدا إسلاميا هجريا شهوره الشهور الهلالية التي هي عند الله تعالى في كتابه كما قال تعالى: { إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّـهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّـهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} [التوبة:36]،الشهور التي جعلها الله تعالى مواقيت للعالم كله، قال الله عز وجل : { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ۖ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ } [البقرة:189] ، مواقيت للناس كلهم بدون تخصيص لانها علامات محسوسة ظاهرة يعرف بها دخول الشهر وخروجه من الهلال ، ولكن للاسف البلاد الاسلامية تخلت عن هذا التقويم الاسلامي،إلا عددا محدودا من البلدان،حتى أعمارنا نحسبها بالتاريخ الغربي وهي أعمار مزوّرة ، فاذا أردت أن تعرف عمرك الحقيقي فعليك أن تحسبه على التقويم الهجري.
إننا عندما نستقبل عاما جديدا إسلاميا فانه ليس العبرة بكثرة السنين وإنما العبرة بما أمضاه العبد منها في طاعة مولاه فكثرة السنين خير لمن أمضاها في طاعة ربه، شر لمن أمضاها في معصية الله والتمرد على طاعته ، وخير الناس من طال عمره وحسن عمله ، وشر الناس من طال عمره وساء عمله.
إن علينا أن نستقبل أيامنا وشهورنا وأعوامنا بطاعة ربنا ومحاسبة أنفسنا وإصلاح ما فسد من أعمالنا ومراقبة من ولّانا الله تعالى عليه من الأهل من زوجات وأولاد بنين وبنات وأقارب ، وهجرة ما نهانا الله عنه ، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه)) البخاري.
ولنعلم بأننا مسؤولون عن أعمارنا ومحاسبون على كل لحظة فيها ، قال صلى الله عليه وآله وسلم : (( لا تَزُولُ قَدَمَا عبدٍ حتى يُسْأَلَ أربع : عن عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاه ، وعن علمِه ما فعل فيه،وعن مالِه مِن أين اكتسبه وفِيمَ أَنْفَقَهُ،وعن جِسْمِه فِيمَ أَبْلَاه)) صحيح الجامع، وفي رواية ((وعن شبابِهِ فيما أبلاهُ)).
فلا نضيع أعمارنا هباءً بدون فائدة، لان وجودنا في هذه الدنيا مؤقت ومحدود ، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمنكبيّ فقال:((كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)). وكان ابن عمر يقول: "إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك" أخرجه البخاري.
قيل لمحمد بن واسع : كيف أصبحت ؟ قال : ما ظنك برجل يرتحل كل يوم مرحلة إلى الآخرة ؟،،وقال الحسن البصري: إنما أنت أيام مجموعة، كلما مضى يوم مضى بعضك.
إنا لنفــرح بالأيام نقطعهــــــــــــا == وكل يوم مضى يدني من الأجلِ
فاعمل لنفسك قبل الموت مجتهدا == فإنما الربح والخسران في العملِ
كل يوم يمضي ينقص من أعمارنا ويدني من آجالنا ويقربنا الى الآخرة، ولكن أغلبنا غافل، فالصغير يقول عندما أكبر أتعلم وألتزم ، والكبير يقول قد فات الأوان وربما يندم على عدم استغلال أيام الشباب والعمل وطلب العلم ويقول كما قال الشاعر:
بكيت على الشباب بدمع عيني *** فلم يغني البكاء ولا النحيب
ألا لــيت الشــــباب يعود يوما *** فأخبره بمـا فعــل المـــشيب
قال أحد الصالحين : إذا رأيت من هو أكبر منك فقل : هذا سبقني بالإيمان والعمل الصالح فهو خير مني ، وإذا رأيت من هو أصغر منك فقل : سبقته إلى الذنوب والمعاصي فهو خير مني، وهذا يكون لك حافزاً للعمل الصالح والاستغفار.
قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ )) رواه البخاري
ويقول ابن مسعود رضى الله عنه "ما ندمت على شيئ ندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزدد فيه عملي"
وقال عليه الصلاة والسلام : (( إذا أراد الله بعبد خيرا استعمله )) فقيل كيف يستعمله يا رسول الله قال: ((يوفقه لعمل صالح قبل الموت))، نسأل الله أن يجعل خير أعمالنا خواتيمها وخير أيامنا يوم نلقاه.
ولا يدري أحدنا متى يأتيه أجله ، فكم ودّعنا من الأحباب والأصحاب رحلوا من هذه الدنيا في عامنا الذي انقضى، وكلٌ منّا ينتظر دوره في الرحيل ، إيذانا بأن هذه الدنيا ليست بدار قرار، وأن ليس بعدها دارٌ إلا الجنة أو النار.
{ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ۚ إِنَّ اللَّـهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [لقمان:34].
يومنا هذا هو آخر يوم في عامنا الهجري ، وغدا يبدأ عام هجري جديد، عام انقضت أيامه من أعمارنا،ومضى بأفراحه وأتراحه،انتهت مرحلة من مراحل حياتنا، لنستقبل مرحلة جديدة ، فحياة الإنسان مراحل ، والناس في هذه الدنيا ما بين مستعدٍّ للرحـيل وراحل.
والعام الهجري يذكّرنا بهجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم من مكة الى المدينة،
هذه الهجرة التي ابتدأ بها تكوين الامة الاسلامية ، و غيَّرت مسار التاريخ ، والتي تحمل في طياتها الكثير من الدروس والعبر ، من تضحية وصبر ، وإصرار ويقين، وثقة بالله الواحد الأحد الذي نصر عبده، قال تعالى: { إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّـهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّـهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ اللَّـهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ اللَّـهِ هِيَ الْعُلْيَا ۗ وَاللَّـهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 40 ] .
ولم يكن التاريخ السنوي بالعام الهجري معمولا به في أول الإسلام حتى كانت خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، ففي السنة الثالثة أو الرابعة من خلافته كتب إليه أبو موسى الأشعري : إنه يأتينا منك كتب ليس لها تاريخ ، فجمع عمر الصحابة رضي الله عنهم فاستشارهم فيقال إن بعضهم قال : أرِّخوا كما تؤرخ الفرس بملوكها كلما هلك ملك أرَّخوا بولاية من بعده فكَرِهَ الصحابة ذلك فقال بعضهم: أرِّخوا بتاريخ الروم فكرهوا ذلك أيضا ، فقال بعضهم : أرخوا من مولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال آخرون : من مبعثه وقال آخرون : من هجرته فقال عمر الهجرة فرقت بين الحق والباطل فأرخوا بالهجرة.
والتقويم الهجري هو التقويم الصحيح للزمان، وإننا عندما نستقبل عاما جديدا إسلاميا هجريا شهوره الشهور الهلالية التي هي عند الله تعالى في كتابه كما قال تعالى: { إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّـهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّـهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} [التوبة:36]،الشهور التي جعلها الله تعالى مواقيت للعالم كله، قال الله عز وجل : { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ۖ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ } [البقرة:189] ، مواقيت للناس كلهم بدون تخصيص لانها علامات محسوسة ظاهرة يعرف بها دخول الشهر وخروجه من الهلال ، ولكن للاسف البلاد الاسلامية تخلت عن هذا التقويم الاسلامي،إلا عددا محدودا من البلدان،حتى أعمارنا نحسبها بالتاريخ الغربي وهي أعمار مزوّرة ، فاذا أردت أن تعرف عمرك الحقيقي فعليك أن تحسبه على التقويم الهجري.
إننا عندما نستقبل عاما جديدا إسلاميا فانه ليس العبرة بكثرة السنين وإنما العبرة بما أمضاه العبد منها في طاعة مولاه فكثرة السنين خير لمن أمضاها في طاعة ربه، شر لمن أمضاها في معصية الله والتمرد على طاعته ، وخير الناس من طال عمره وحسن عمله ، وشر الناس من طال عمره وساء عمله.
إن علينا أن نستقبل أيامنا وشهورنا وأعوامنا بطاعة ربنا ومحاسبة أنفسنا وإصلاح ما فسد من أعمالنا ومراقبة من ولّانا الله تعالى عليه من الأهل من زوجات وأولاد بنين وبنات وأقارب ، وهجرة ما نهانا الله عنه ، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه)) البخاري.
ولنعلم بأننا مسؤولون عن أعمارنا ومحاسبون على كل لحظة فيها ، قال صلى الله عليه وآله وسلم : (( لا تَزُولُ قَدَمَا عبدٍ حتى يُسْأَلَ أربع : عن عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاه ، وعن علمِه ما فعل فيه،وعن مالِه مِن أين اكتسبه وفِيمَ أَنْفَقَهُ،وعن جِسْمِه فِيمَ أَبْلَاه)) صحيح الجامع، وفي رواية ((وعن شبابِهِ فيما أبلاهُ)).
فلا نضيع أعمارنا هباءً بدون فائدة، لان وجودنا في هذه الدنيا مؤقت ومحدود ، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمنكبيّ فقال:((كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)). وكان ابن عمر يقول: "إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك" أخرجه البخاري.
قيل لمحمد بن واسع : كيف أصبحت ؟ قال : ما ظنك برجل يرتحل كل يوم مرحلة إلى الآخرة ؟،،وقال الحسن البصري: إنما أنت أيام مجموعة، كلما مضى يوم مضى بعضك.
إنا لنفــرح بالأيام نقطعهــــــــــــا == وكل يوم مضى يدني من الأجلِ
فاعمل لنفسك قبل الموت مجتهدا == فإنما الربح والخسران في العملِ
كل يوم يمضي ينقص من أعمارنا ويدني من آجالنا ويقربنا الى الآخرة، ولكن أغلبنا غافل، فالصغير يقول عندما أكبر أتعلم وألتزم ، والكبير يقول قد فات الأوان وربما يندم على عدم استغلال أيام الشباب والعمل وطلب العلم ويقول كما قال الشاعر:
بكيت على الشباب بدمع عيني *** فلم يغني البكاء ولا النحيب
ألا لــيت الشــــباب يعود يوما *** فأخبره بمـا فعــل المـــشيب
قال أحد الصالحين : إذا رأيت من هو أكبر منك فقل : هذا سبقني بالإيمان والعمل الصالح فهو خير مني ، وإذا رأيت من هو أصغر منك فقل : سبقته إلى الذنوب والمعاصي فهو خير مني، وهذا يكون لك حافزاً للعمل الصالح والاستغفار.
قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ )) رواه البخاري
ويقول ابن مسعود رضى الله عنه "ما ندمت على شيئ ندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزدد فيه عملي"
وقال عليه الصلاة والسلام : (( إذا أراد الله بعبد خيرا استعمله )) فقيل كيف يستعمله يا رسول الله قال: ((يوفقه لعمل صالح قبل الموت))، نسأل الله أن يجعل خير أعمالنا خواتيمها وخير أيامنا يوم نلقاه.
ولا يدري أحدنا متى يأتيه أجله ، فكم ودّعنا من الأحباب والأصحاب رحلوا من هذه الدنيا في عامنا الذي انقضى، وكلٌ منّا ينتظر دوره في الرحيل ، إيذانا بأن هذه الدنيا ليست بدار قرار، وأن ليس بعدها دارٌ إلا الجنة أو النار.
{ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ۚ إِنَّ اللَّـهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [لقمان:34].