العام الدراسي-11-2-1446هـ

محمد محمد
1446/02/11 - 2024/08/15 13:12PM

العام الدراسي الجديد-11-2-1446ه-لأحد الشيوخ الكرام

إِنَّ الْحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنا، وَسَيِّئاتِ أَعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هادِيَ لَهُ.

وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ-صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-أمَّا بَعْدُ: فيا إخواني الكرامُ:

أجملْ بالوصيةِ بِتَقْوَى اللهِ-تَعالَى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَـمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ).

بِالْأَمْسِ الْقَرِيبِ كُنَّا نُوَدِّعُ عَامًا دِرَاسِيًّا، وَهَا نَحْنُ نَسْتَقْبِلُ عَامًا دِرَاسِيَّا جَدِيدًا، وَهَكَذَا تَـمْضِي بِنَا الْحَيَاةُ بَيْنَ اسْتِقْبَالِ الزَّمَانِ وَوَدَاعِهِ، وَشُرُوقِهِ وَغُرُوبِهِ، وَبِدَايَتِهِ وَنِهَايَتِهِ.

إِنَّهُ عَامٌ دِرَاسِيٌّ جَدِيدٌ، فِيهِ تَتَأَدَّبُ النُّفُوسُ، وَتَزْكُو الْأَخْلاقُ، وَيُنْشَرُ العِلْمُ، الَّذِي يرَفَعُ اللَّهُ بِهِ أَقْوَامًا وَيضَعُ آخَرِينَ، فَلَا يَسْتَوِي-أَبَدًا-عَالِمٌ وَجَاهِلٌ؛ (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ)، (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ)، تِلْكَ هِيَ مَنْزِلَةُ أَهْلِ العِلْمِ عِنْدَ اللهِ-تَعَالَى-.

وَالْعِلْمُ هُوَ أَيْسَرُ الطُّرُقِ وَأَحْسَنُهَا وَأوْضَحُهَا لِلْوُصُولِ إِلَى رِضْوانِ اللَّهِ وَجَنَّتِهِ؛ قَالَ رَسُولُ اللهِ-صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: "مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا، سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ"، وَبيَّنَ النَّبِيُّ-صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-فَضْلَ العِلْمِ وأَهْلِهِ فقالَ-: "إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ العِلْمِ، وَإِنَّ العَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ، وَمَنْ فِي الْأَرْضِ، وَالْحِيتَانُ فِي جَوْفِ الْمَاءِ، وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ، كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، وَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا، وَلَا دِرْهَمًا، وإِنَّـمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ".

ورَبُّنَا-جَلَّ وعَلا-لَمْ يَأْمُرْ النَّبِيَّ-صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-بِطَلَبِ التَّزَوُّدِ مِنْ شَيءٍ إِلَّا مِنَ العِلْمِ؛ فَقَالَ لَهُ آمِرًا له، ومُرْشِدًا لغيرِهِ: (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا).

ما أرقى أنْ نحرِصَ على تعليمِ أولادِنا الْقُرْآنَ الْكَرِيمَ مَعَ العُلُومِ الْأُخْرَى، وَحِفْظِهِ وَالعَملِ بِهِ، ولَا سِيَّمَا وَالْفُرَصُ مُتَاحَةٌ بِفَضْلِ اللهِ وَمِنَّتِهِ، فعاقبتُهُ حَمِيدَةٌ، وَعَائِدَتُهُ سَعِيدَةٌ، قَالَ-صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: "إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ".

إِنَّ أَشْرَفَ الْعُلُومِ وَأَزْكَاهَا وَأَحَبَّهَا إِلَى اللهِ-عز وجلَّ-عُلُومُ الدِّينِ، وَأَشْرَفُهَا عِلْمُ العَقِيدَةِ وَالْإِيمَانِ، ثُمَّ عِلْمُ الشَّرَائِعِ وَالأَحْكَامِ، وَكَمَا نُرِيدُ مِنْ أَوْلَادِنَا ذُكُوْرًا وَإِنَاثًا-أَنْ يَكُونَ مِنْهُمُ مَنْ يَقُومُ بِشُؤُونِ الدِّينِ؛ فَإِنَّنَا كَذَلِكَ نُرِيدُ مِنْهُمُ مَنْ يَقُومُ بِشُؤُونِ الدُّنْيا، نَنْتَظِرُ مِنْهُمْ حَمْلَ الْعُلُومِ الـموافقةِ لشَرِيعَةَ رَبِّنَا عَلَى اخْتِلاَفِهَا، نَريدُ مِنْهُمُ الطَّبِيبَ، والـمُمَرِّضَ، والْمُهَنْدِسَ، وَالـمُعَلِّمَ، وَالْبَاحِثَ، وَالْـمُخْتَرِعَ، والتَّقْنِيَّ، وَرَجُلَ الْأَمْنِ، وَغَيْرَهَا مِنَ التَّخَصُّصاتِ النَّافِعَةِ، فَإِنَّ أُمَّتَهُم وبِلادَهُمْ تَنْتَظِرُ مِنْهُمْ خَيْرًا كَثِيرًا، وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ، (ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ).

 ما أحسنَ أنْ نُعَلِّمَ أولادَنا أَنَّ الْغَايَاتِ وَالْأَهْدَافَ النَّبِيلَةَ لَا تُدْرَكُ بِالْمَنَامِ، وَلَا تُطْلَبُ بالْأحْلاَمِ، وَلَكِنْ تُنَالُ بالجِدِّ وَالِاجْتِهَادِ، وَالكِفَاحِ وَالصَّبْرِ، وَالصَّلاَحِ وَالإِصْلاحِ، فَإِذَا أَخَذَ اللهُ بِيَدِ عَبْدِهِ وَفَّقَهُ، وَفَتَحَ لَهُ أَبْوَابَ الْخَيْرِ وَيَسَّرَهَا لَهُ.

أستَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وللمسلمين...

الخُطْبَةُ الثانية

الحمدُ للهِ كما يحبُ ربُنا ويرضى، أما بَعْدُ:

فالْعِلْمُ الشَّرْعِيُّ هُوَ زادُ الدَّاعِيَةِ إِلَى اللهِ-عَزَّ وَجَلَّ، فَمَنْ دَعَا إِلَى اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَقَدْ ضَلَّ وَأَضَلَّ، قالَ-تَعالَى-: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي).

وَمِنْ أَعْظَمِ الْخِصالِ الَّتِي شَرُفَ بِها طالِبُ العِلْمِ: نفيُ الْجَهْلِ عَنْهُ، وَلَمَّا سُئِلَ الْإِمامُ أَحْمَدُ بنُ حنبلٍ-رَحِمَهُ اللهُ-: "لِمَ يَطْلُبُ الْإِنْسانُ الْعِلْمَ؟! قالَ: "لِيَرْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ الْجَهْلَ"؛ فَإِنَّ الْعَابِدَ إِذَا كانَ جاهِلًا فَرُبـَّما هَدَمَ عِبادَتَهُ بِجَهْلِهِ، فأَثِمَ بِذَلِكَ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ طائِعٌ.

ما أجملَ أنْ نُذَكِّرَ بِفَضْلِ مُعَلِّمِ النَّاسِ الخَيرَ، وَفَضْلِ طَلَبِ العِلْمِ، وَأَنْ نَغْرِسَ فِي النُفُوسِ والقلوبِ حُبَّ العِلْمِ والعلماءِ، وَأَنَّ الذَّهابَ إِلَى الْمَدْرَسَةِ أَوِ الْجَامِعَةِ للعلمِ أو للعملِ عِبادَةٌ يُؤْجَرُ عَلَيْها إِذَا صَلَحَتِ النِّيَّةُ، سواءٌ أكانَ وليَ أمرٍ أمْ طالبًا أمْ مُعلِّمًا؛ فكَمْ فاتَ الجميعَ مِنَ الخَيْرِ بسببِ عَدَمِ اسْتِحْضارِ النِّيَّةِ الصَّالِحَةِ، فَلْيَتَدارَكِ الجميعُ ذلكَ، ويُذَكِّرُوا بِهِ أنْفُسَهُم وغيرَهم؛ يَرْجُونَ ثَوابَ اللهِ-عَزَّ وَجَلَّ-؛ لِيُبارِكَ اللهُ فِي عِلْمِهِم وعَمَلِهم، وَيَشْمَلَهم جَمِيعًا برَحْمَتُهِ-سُبْحانَهُ-.

اللَّهمَّ إنِّا نسألُكَ بأنَّ لَكَ الحمدُ، وأَنَّا نَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ، لا إلَهَ إلَّا أنتَ، الْأَحَدُ، الصَّمَدُ، الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، المنَّانُ، بديعُ السَّمواتِ والأرضِ، ياذا الجلالِ والإِكرامِ، يا حيُّ يا قيُّومُ.

سبحانَ اللهِ، والحمدُ للهِ، ولا إلهَ إلا اللهُ، واللهُ أكبرُ.

اللَّهُمَّ اغفرْ لنا وللمسلمينَ، وارحمْنا وارزقْنا.

اللَّهُمَّ أصلحْ وُلاةَ أُمورِنا وأُمورِ المسلمينِ وبطانتَهم، ووفقهمْ لرضاكَ، ونَصرِ دِينِكَ، وإعلاءِ كَلمتِكَ.

اللَّهُمَّ الطفْ بنا وبإخوانِنِا المستضعفينَ في غزةَ وبلادِ الشامِ، وغيرِها من بلادِ المسلمينَ، الطفْ بنا وبهم على كلِ حالٍ، وبَلِّغْنا وإياهُم من الخيرِ والفرجِ والنصرِ منتهى الآمالِ.

اللَّهُمَّ اجعلنا والمسلمينَ ممن نصرَك فنصرْته، وحفظَك فحفظتْه.

اللَّهُمَّ عليك بأعداءِ الإسلامِ والمسلمينَ وعليكَ بالظالمينَ فإنهم لا يعجزونَك، اكفنا واكفِ المسلمين شرَّهم بما شئتَ، حسبُنا اللهُ ونِعْمَ الوكيلُ، لا إلهَ إلَّا هوَ عليهِ توكلنا وهو ربُّ العرشِ العظيمِ.

اللَّهُمَّ إنَّا نجعلُكَ في نـُحورِهم، ونعوذُ بكَ مِنْ شرورِهم.

اللَّهُمَّ إنَّا والمسلمينَ مستضعفونَ فانتصرْ لنا يا قويُ يا عزيزُ.

اللَّهُمَّ انصرْ جنودَنا المرابطينَ، ورُدَّهُم سالـمينَ غانـمينَ.

اللَّهُمَّ يا شافي اِشْفِنا وأهلَنا والمسلمينَ والمسالِمين.

اللَّهُمَّ ولي الإسلامِ وأهلِه ثبتْنا والمسلمينَ به حتى نلقاكَ.

اللَّهُمَّ آتنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرةِ حسنةً، وقِنا عذابَ النارِ.

اللَّهُمَّ أصلحْ لنا وللمسلمينَ الدِّينَ والدُنيا والآخرةَ، واجعلِ الحياةَ زيادةً في كلِّ خيرٍ، والموتَ راحةً منْ كلِّ شرٍ.

اللَّهُمَّ اهدنا والمسلمينَ لأحسنِ الأخلاقِ والأعمالِ، واصرفْ عنا وعنهم سيِئها.

اللَّهُمَّ إنَّا نسألك لنا ولوالدِينا وأهلِنا والمسلمينَ من كلِّ خيرٍ، ونعوذُ ونعيذُهم بك من كلِّ شرٍ، ونسْأَلُكَ لنا ولهم العفوَ والْعَافِيَةَ في كلِّ شيءٍ.

اللَّهُمَّ (رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا).

اللَّهُمَّ صلِ وسلمْ وباركْ على نبيِنا محمدٍ، والحمدُ للهِ ربِ العالمينَ.

المرفقات

1723716838_العام الدراسي الجديد-11-2-1446ه-لأحد الشيوخ الكرام.docx

1723716839_العام الدراسي الجديد-11-2-1446ه-لأحد الشيوخ الكرام.pdf

المشاهدات 359 | التعليقات 0