الطريق إلى نعمةِ الولد الصالح
رشيد بن ابراهيم بوعافية
1434/05/12 - 2013/03/24 20:27PM
[FONT="]خطبة الجمعة: الطريق إلى نعمةِ الولد الصالح [/FONT][FONT="]. [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="]أيها الإخوةُ في الله[/FONT][FONT="] :[/FONT][FONT="] حديثنا اليومَ تذكيرٌ وتعليمٌ ومحاسبة ، تذكيرٌ بنعمة[/FONT][FONT="]ٍ[/FONT][FONT="] جليلة من أفضل نعم الله على العبد،[/FONT][FONT="] سألهاَ الأنبياء والصالحون من قبل، وقرَّت بها عيونُ المتقين في الدنيا والآخرة، [/FONT][FONT="]من أُوت[/FONT][FONT="]ِيَها فقد أوتي خيرًا كثيرَا، ومن حُرمَها فهو المحروم حقًّا، وإن كان عنده كلُّ المال والجاه والمُلك . . إنها نعمةُ الذرية الصالحة .. [/FONT]
[FONT="] مُتعةٌ حقيقيةٌ ورزقٌ حَسَن ،[/FONT][FONT="]تصلُحُ به الأرض، ويُسَرُّ به القلب، و تقَرُّ به العين في الدنيا، ويكونُ للوالدين ذُخرًا بعد الموت برفع الدَّرجات ودخول الجنَّات، قال الله تعالى يصفُ حال عباد الرحمن الصالحين :[/FONT][FONT="]﴿[/FONT] [FONT="]وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامَا[/FONT][FONT="]﴾(الفرقان:74).[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT][FONT="] وقال النبي صلى الله عليه وسلم :"[/FONT][FONT="]إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاثة: صدقة جارية،أو علم ينتفع به،أو ولد صالح يدعوا له[/FONT][FONT="]"[FONT="][1][/FONT]. وقال صلى الله عليه وسلم :" [/FONT][FONT="]ترفع للميت بعد موته درجته،فيقول أي ربي أي شيء هذا؟فيقول له: ولدك استغفر لك[/FONT][FONT="]"[FONT="][2][/FONT]. [/FONT]
[FONT="] يعلمُ الناسُ ذلك ، وما من أحد إلا ويُحبُّ هذه النعمة ويتمناها ، ولكنَّهم يُخطئون في الطريق إلى الذرية الصالحة ! : فمن من الناس من يعتقدُ أن الولدَ الصالح قدرٌ خالصٌ من الله تعالى لا علاقةَ له بالكسب والسعي والاجتهاد ، وأنَّ الولدَ الفاسدَ الذي يجلبُ الشقاء لوالديه قدرٌ خالصٌ من الله تعالى أيضًا لا علاقة له بالكسب والعمل والسعي ! ، ومنهم من يقول : لقد بذلت وضربتُ وفعلت ولكنَّ الولدَ كما ترى عاقٌّ تائهٌ منحرف! ، وآخرُ يقول : يا ليتَ لي مثل ما لفلان من الأولاد ، وهو تاركٌ أوْلَادَهُ تَركَ الدوابّ و البهائم السائمة ، لا يعرفُ عدَدَهم ، وما تكلَّمَ معهم يومًا قط ، ولا ربَّاهُم ولا حاسبَهم..! ، وأخرى تتمنَّى نجاحَ أولادها وهي تدعو عليهم آناء الليل وأطراف النهار بالهلاك والدمار..! [/FONT]
[FONT="] معشر المؤمنين : حديثُنا عن الطريق إلى الذرية الصالحة، نصحّحُ به المعتقدات الفاسدة، ونقوّمُ به المسالكَ المتعرّجة، ونرفعُ به الهمَّة لإدراك هذه النعمة:[/FONT]
[FONT="] فاعلم أخي في الله : أنَّ الطريقَ إلى الولد الصالح يبدأُ قبل الزواج بكثير ، يبدأُ وأنت شابٌّ يافع، تنشأُ في عبادة الله والطاعات ، فيحوطُكَ اللهُ بالرعاية والتوفيق والبركة ، ومن ذلك أن ييسّرَ لكَ الطريقَ إلى الولد الصالح في الحياة : [/FONT]
[FONT="] [/FONT][FONT="] قال الإمام محمدُ بنُ المنكدر :"إن الله ليحفظ بالرجل الصالح ولده وَوَلَدَ وَلَدِهِ وقريتَهُ التي هو فيها ، والدُّوَيْرَاتِ التي حولها ، فما يزالون في حفظٍ من الله وسترِه " [FONT="][3][/FONT] . [/FONT]
[FONT="] وقال الإمام ابنُ المسيب لابنه[/FONT][FONT="] : "يا بني لأزيدنَّ في صلاتي من أجلك ، رجاء أن أُحفَظَ فيك ، وتلا هذه الآية :[/FONT][FONT="]﴿[/FONT] [FONT="]وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّك[/FONT][FONT="]﴾[/FONT][FONT="](الكهف:82) " [FONT="][4][/FONT].[/FONT][FONT="] فالاستقامةُ في الصّ[/FONT][FONT="]ِ[/FONT][FONT="]غَر[/FONT][FONT="]ِ[/FONT][FONT="] من أكبر أسباب حفظ الولد، وكم من والدٍ لُع[/FONT][FONT="]ِ[/FONT][FONT="]نَ في شبابه، أو نشأَ عاقًّا لوالديه ، ظالمًا للناس يدعُون عليه بالليل والنهار ، تاركًا للفرائض مُقبلاً على الآثام ، فسَلَبهُ اللهُ التوفيق في نفسه وحرمه نعمة الولد الصالح جزاءً وفاقَا، والجزاء من جنس العمل. .![/FONT]
[FONT="] أيها الإخوةُ في الله[/FONT][FONT="]:[/FONT][FONT="] ومن أكبر أسباب الحصول على الولد الصالح اختيارُ الأم الصالحة، التي تقرُّ بها العين ويهناُ بها العيش، ويخرُجُ منها الرجالُ والنساء الأبطال، وأغلبُ التركيز على الأم مع أنَّ الحكمَ يتناولُ الرَّجُل أيضًا، لأنَّ الأمًَّ هي المدرسةُ الأولى التي ينشأُ عليها الولد، وهي صانعةُ الأجيال على الحقيقة ، بصلاحها ووعيها تصلُحُ الأجيال، وبفسادها وإعراضها تنحرفُ الأجيال منذُ البداية . . [/FONT]
[FONT="] والعجيبُ في الناس أنَّ أحدهم يزرعُ الشوكَ وينتظرُ العنب [/FONT][FONT="]! [/FONT][FONT="]، يتزوَّجُ الحمقاء ويطمعُ أن تُنجبَ لهُ العباقرة الأفذاذ [/FONT][FONT="]! [/FONT][FONT="]، يرتبطُ بالسفيهة الفاسدة في نفسها ويطمعُ أن تُنجبَ لهُ أمثالَ البُخاريِّ ومسلمٍ[/FONT][FONT="] وأحمدَ بنِ حنبل ! ، يشكُو فسادَ الأولاد والبنات وانحرافَهم وهو الذي أفسدهم وعقَّهم بالتفريط في اختيار الأمِّ الصالحة لهم! ، يتمنَّى الرجالُ مثلَ أولاد فُلان وهم على غير طريقه، قد فازَ باختيار الأمِّ التي تُنتجُ الرجال، وهم فازُوا باختيار الجسد الذي يُنعشُ ويُطرب، وفرقٌ كبيرٌ بين الهمَّتين فأنَّى يستويان.!! [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] وصدقَ النبيُّ [/FONT][FONT="]صلى الله عليه وسلم وهو يقول : "[/FONT][FONT="]أربع من السعادة :[/FONT][FONT="] ([/FONT][FONT="]فذكر منها) [/FONT][FONT="]المرأة الصالحة[/FONT][FONT="] . . [/FONT][FONT="]، وأربع من الشقاء:[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="](فذكر منها) [/FONT][FONT="]المرأة السوء[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="].[/FONT][FONT="] . "[FONT="][5][/FONT].[/FONT][FONT="]المرأةُ الصالحةُ سعادةٌ ممتدَّة في الحاضر والمستقبل وإن كانت قليلة الجمال والمال، والمرأةُ السُّوءُ شقاءٌ وعذابٌ ومحنَة وإن كانت جميلةَ المظهر كثيرة المال . [/FONT]
[FONT="] سُئل النبيُّ صلى الله عليه وسلم : أيُّ المال خيرٌ فنتَّخِذُهُ؟ قال:" [/FONT][FONT="]أفضله لسانٌ ذاكر،وقلبٌ شاكر،وزوجةٌ مؤمنة تُعينُهُ على إيمانه[/FONT][FONT="]"[FONT="][6][/FONT].. [/FONT]
[FONT="] [/FONT][FONT="]نسأل الله التوفيق إلى ما يحب ويرضى، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.[/FONT]
[FONT="][/FONT]
[FONT="]أيها الإخوةُ في الله:[/FONT][FONT="] ومن أعظم أسباب الحصول على الولد الصالح لزومُ الدُّعاء، وسؤالُ الله تعالى صلاحَهُم وإصلاحَهم، كثيرٌ من الناس لا يؤمنُ بالدعاء سبيلاً للتغيير، ولا يرفعُ يديه لله أبدًا، بل من الناس من يدعُوا على أولاده بالخراب والهلاك آناء الليل وأطراف النهار، ويكثرُ هذا الفعلُ في النساء، فكيف نرجو مع هذا البركة والرحمة والهداية..؟! . [/FONT]
[FONT="] لقد كان [/FONT][FONT="]الأنبياء - عليهم السلام- يديمون الدعاء، ويسألون الله الولد الصالح على فضلهم ومكانتهم : فهذا إبراهيم عليه السلام يسأل الولد الصالح فيقول[/FONT][FONT="]:[/FONT][FONT="]﴿[/FONT] [FONT="]رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينْ[/FONT][FONT="]﴾[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]قال الله تعالى:[/FONT][FONT="] ﴿[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيم[/FONT][FONT="]﴾[/FONT][FONT="](الصافات: 100-101) .[/FONT][FONT="]ويسألُ كما في سورة ابراهيم :[/FONT][FONT="]﴿[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ[/FONT][FONT="]﴾ [/FONT][FONT="](إبراهيم:40). فلم يسأل إقامة الصلاة لنفسه فحسب، بل أشرك ولدَهُ في طلب ذلك من الله تعالى، لأنَّ النعمة لا تكتمل على الوالد حتَّى تقرَّ عينُه بصلاح بنيه. [/FONT]
[FONT="]معشر المؤمنين[/FONT][FONT="] :[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]ومن أكبر أسباب الحصول على الولد الصالح سلوكُ طريق التربية الصالحة منذُ الصغر لترتاحَ في الك[/FONT][FONT="]ِبَ[/FONT][FONT="]ر! . والعجيبُ أن أكثر الناس يحبون ويتمنَّونَ الولدَ الصالح ، وهم يتركون أوْلَادَهُم تَركَ الدوابّ و البهائم السائمة ،لا يعرفُون عَدَدَهم، وما تكلَّموا معهم يومًا قط، ولا ربَّوهُم ولا عوَّدُوهم على الخير ولا حاسبُوهم..! فمن أين يجيءُ الولدُ الصالح مع هذا..؟![/FONT]
[FONT="] ترجُو النجاة ولم تسلُك مسالكها ** إنَّ السفينة لا تجري على اليَبَس[/FONT][FONT="]ِ..! [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] صلاح الأولاد - معشر الأحباب- مشروعٌ لا ينشأ من فراغ، ولا يكون براحة البدن أبدًا، من رامَ ولدًا صالحًا فليصبر على التربية والرعاية والإصلاح، وليصبر على الزَّمن وعقباته وآفاته، وهو الفائز بإذن الله تعالى في الدنيا . هذا النبي صلى الله عليه وسلم قال : " [/FONT][FONT="]من كان له ثلاث بنات،فصبر عليهن وأطعمهم وسقاهن وكساهن من جدته كنَّ له حجابًا من النَّار يوم القيامة[/FONT][FONT="]"[FONT="][7][/FONT]. فذكر الصبر على الرعاية والتربية بجانب الصبر على الإطعام والتغذية . . [/FONT]
[FONT="] أخي في الله :[/FONT][FONT="] هذه الأسباب بين يديك، وهذا الطريق واضحٌ لديك ، فحاسب نفسك قبل أن تتذمَّرَ أو تُحاس[/FONT][FONT="]ِ[/FONT][FONT="]بَ الآخرين.. [/FONT][FONT="]نسأل الله التوفيق إلى ما يحب ويرضى، اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان،واجعلنا من الراشدين.وصلى الله وسلم وبارك على محمد،وعلى آله وصحبه أجمعين.[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="][FONT="][1][/FONT][/FONT][FONT="] - رواه مسلم.[/FONT]
[FONT="][FONT="][2][/FONT][/FONT][FONT="] - أخرجه ابن ماجه(3660).[/FONT]
[FONT="][FONT="][3][/FONT][/FONT][FONT="] - مجموع رسائل الحافظ ابن رجب(3/100).[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="][FONT="][4][/FONT][/FONT][FONT="] - مجموع رسائل الحافظ ابن رجب(3/101).[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="][FONT="][5][/FONT][/FONT][FONT="] - الصحيحة(282).[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="][FONT="][6][/FONT][/FONT][FONT="] - صحيح سنن الترمذي(2470).[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="][FONT="][7][/FONT][/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]- الصحيحة(294).[/FONT]
[FONT="]أيها الإخوةُ في الله[/FONT][FONT="] :[/FONT][FONT="] حديثنا اليومَ تذكيرٌ وتعليمٌ ومحاسبة ، تذكيرٌ بنعمة[/FONT][FONT="]ٍ[/FONT][FONT="] جليلة من أفضل نعم الله على العبد،[/FONT][FONT="] سألهاَ الأنبياء والصالحون من قبل، وقرَّت بها عيونُ المتقين في الدنيا والآخرة، [/FONT][FONT="]من أُوت[/FONT][FONT="]ِيَها فقد أوتي خيرًا كثيرَا، ومن حُرمَها فهو المحروم حقًّا، وإن كان عنده كلُّ المال والجاه والمُلك . . إنها نعمةُ الذرية الصالحة .. [/FONT]
[FONT="] مُتعةٌ حقيقيةٌ ورزقٌ حَسَن ،[/FONT][FONT="]تصلُحُ به الأرض، ويُسَرُّ به القلب، و تقَرُّ به العين في الدنيا، ويكونُ للوالدين ذُخرًا بعد الموت برفع الدَّرجات ودخول الجنَّات، قال الله تعالى يصفُ حال عباد الرحمن الصالحين :[/FONT][FONT="]﴿[/FONT] [FONT="]وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامَا[/FONT][FONT="]﴾(الفرقان:74).[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT][FONT="] وقال النبي صلى الله عليه وسلم :"[/FONT][FONT="]إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاثة: صدقة جارية،أو علم ينتفع به،أو ولد صالح يدعوا له[/FONT][FONT="]"[FONT="][1][/FONT]. وقال صلى الله عليه وسلم :" [/FONT][FONT="]ترفع للميت بعد موته درجته،فيقول أي ربي أي شيء هذا؟فيقول له: ولدك استغفر لك[/FONT][FONT="]"[FONT="][2][/FONT]. [/FONT]
[FONT="] يعلمُ الناسُ ذلك ، وما من أحد إلا ويُحبُّ هذه النعمة ويتمناها ، ولكنَّهم يُخطئون في الطريق إلى الذرية الصالحة ! : فمن من الناس من يعتقدُ أن الولدَ الصالح قدرٌ خالصٌ من الله تعالى لا علاقةَ له بالكسب والسعي والاجتهاد ، وأنَّ الولدَ الفاسدَ الذي يجلبُ الشقاء لوالديه قدرٌ خالصٌ من الله تعالى أيضًا لا علاقة له بالكسب والعمل والسعي ! ، ومنهم من يقول : لقد بذلت وضربتُ وفعلت ولكنَّ الولدَ كما ترى عاقٌّ تائهٌ منحرف! ، وآخرُ يقول : يا ليتَ لي مثل ما لفلان من الأولاد ، وهو تاركٌ أوْلَادَهُ تَركَ الدوابّ و البهائم السائمة ، لا يعرفُ عدَدَهم ، وما تكلَّمَ معهم يومًا قط ، ولا ربَّاهُم ولا حاسبَهم..! ، وأخرى تتمنَّى نجاحَ أولادها وهي تدعو عليهم آناء الليل وأطراف النهار بالهلاك والدمار..! [/FONT]
[FONT="] معشر المؤمنين : حديثُنا عن الطريق إلى الذرية الصالحة، نصحّحُ به المعتقدات الفاسدة، ونقوّمُ به المسالكَ المتعرّجة، ونرفعُ به الهمَّة لإدراك هذه النعمة:[/FONT]
[FONT="] فاعلم أخي في الله : أنَّ الطريقَ إلى الولد الصالح يبدأُ قبل الزواج بكثير ، يبدأُ وأنت شابٌّ يافع، تنشأُ في عبادة الله والطاعات ، فيحوطُكَ اللهُ بالرعاية والتوفيق والبركة ، ومن ذلك أن ييسّرَ لكَ الطريقَ إلى الولد الصالح في الحياة : [/FONT]
[FONT="] [/FONT][FONT="] قال الإمام محمدُ بنُ المنكدر :"إن الله ليحفظ بالرجل الصالح ولده وَوَلَدَ وَلَدِهِ وقريتَهُ التي هو فيها ، والدُّوَيْرَاتِ التي حولها ، فما يزالون في حفظٍ من الله وسترِه " [FONT="][3][/FONT] . [/FONT]
[FONT="] وقال الإمام ابنُ المسيب لابنه[/FONT][FONT="] : "يا بني لأزيدنَّ في صلاتي من أجلك ، رجاء أن أُحفَظَ فيك ، وتلا هذه الآية :[/FONT][FONT="]﴿[/FONT] [FONT="]وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّك[/FONT][FONT="]﴾[/FONT][FONT="](الكهف:82) " [FONT="][4][/FONT].[/FONT][FONT="] فالاستقامةُ في الصّ[/FONT][FONT="]ِ[/FONT][FONT="]غَر[/FONT][FONT="]ِ[/FONT][FONT="] من أكبر أسباب حفظ الولد، وكم من والدٍ لُع[/FONT][FONT="]ِ[/FONT][FONT="]نَ في شبابه، أو نشأَ عاقًّا لوالديه ، ظالمًا للناس يدعُون عليه بالليل والنهار ، تاركًا للفرائض مُقبلاً على الآثام ، فسَلَبهُ اللهُ التوفيق في نفسه وحرمه نعمة الولد الصالح جزاءً وفاقَا، والجزاء من جنس العمل. .![/FONT]
[FONT="] أيها الإخوةُ في الله[/FONT][FONT="]:[/FONT][FONT="] ومن أكبر أسباب الحصول على الولد الصالح اختيارُ الأم الصالحة، التي تقرُّ بها العين ويهناُ بها العيش، ويخرُجُ منها الرجالُ والنساء الأبطال، وأغلبُ التركيز على الأم مع أنَّ الحكمَ يتناولُ الرَّجُل أيضًا، لأنَّ الأمًَّ هي المدرسةُ الأولى التي ينشأُ عليها الولد، وهي صانعةُ الأجيال على الحقيقة ، بصلاحها ووعيها تصلُحُ الأجيال، وبفسادها وإعراضها تنحرفُ الأجيال منذُ البداية . . [/FONT]
[FONT="] والعجيبُ في الناس أنَّ أحدهم يزرعُ الشوكَ وينتظرُ العنب [/FONT][FONT="]! [/FONT][FONT="]، يتزوَّجُ الحمقاء ويطمعُ أن تُنجبَ لهُ العباقرة الأفذاذ [/FONT][FONT="]! [/FONT][FONT="]، يرتبطُ بالسفيهة الفاسدة في نفسها ويطمعُ أن تُنجبَ لهُ أمثالَ البُخاريِّ ومسلمٍ[/FONT][FONT="] وأحمدَ بنِ حنبل ! ، يشكُو فسادَ الأولاد والبنات وانحرافَهم وهو الذي أفسدهم وعقَّهم بالتفريط في اختيار الأمِّ الصالحة لهم! ، يتمنَّى الرجالُ مثلَ أولاد فُلان وهم على غير طريقه، قد فازَ باختيار الأمِّ التي تُنتجُ الرجال، وهم فازُوا باختيار الجسد الذي يُنعشُ ويُطرب، وفرقٌ كبيرٌ بين الهمَّتين فأنَّى يستويان.!! [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] وصدقَ النبيُّ [/FONT][FONT="]صلى الله عليه وسلم وهو يقول : "[/FONT][FONT="]أربع من السعادة :[/FONT][FONT="] ([/FONT][FONT="]فذكر منها) [/FONT][FONT="]المرأة الصالحة[/FONT][FONT="] . . [/FONT][FONT="]، وأربع من الشقاء:[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="](فذكر منها) [/FONT][FONT="]المرأة السوء[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="].[/FONT][FONT="] . "[FONT="][5][/FONT].[/FONT][FONT="]المرأةُ الصالحةُ سعادةٌ ممتدَّة في الحاضر والمستقبل وإن كانت قليلة الجمال والمال، والمرأةُ السُّوءُ شقاءٌ وعذابٌ ومحنَة وإن كانت جميلةَ المظهر كثيرة المال . [/FONT]
[FONT="] سُئل النبيُّ صلى الله عليه وسلم : أيُّ المال خيرٌ فنتَّخِذُهُ؟ قال:" [/FONT][FONT="]أفضله لسانٌ ذاكر،وقلبٌ شاكر،وزوجةٌ مؤمنة تُعينُهُ على إيمانه[/FONT][FONT="]"[FONT="][6][/FONT].. [/FONT]
[FONT="] [/FONT][FONT="]نسأل الله التوفيق إلى ما يحب ويرضى، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.[/FONT]
[FONT="][/FONT]
[FONT="]الخطبة الثانية[/FONT][FONT="]:[/FONT]
[FONT="] لقد كان [/FONT][FONT="]الأنبياء - عليهم السلام- يديمون الدعاء، ويسألون الله الولد الصالح على فضلهم ومكانتهم : فهذا إبراهيم عليه السلام يسأل الولد الصالح فيقول[/FONT][FONT="]:[/FONT][FONT="]﴿[/FONT] [FONT="]رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينْ[/FONT][FONT="]﴾[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]قال الله تعالى:[/FONT][FONT="] ﴿[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيم[/FONT][FONT="]﴾[/FONT][FONT="](الصافات: 100-101) .[/FONT][FONT="]ويسألُ كما في سورة ابراهيم :[/FONT][FONT="]﴿[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ[/FONT][FONT="]﴾ [/FONT][FONT="](إبراهيم:40). فلم يسأل إقامة الصلاة لنفسه فحسب، بل أشرك ولدَهُ في طلب ذلك من الله تعالى، لأنَّ النعمة لا تكتمل على الوالد حتَّى تقرَّ عينُه بصلاح بنيه. [/FONT]
[FONT="]معشر المؤمنين[/FONT][FONT="] :[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]ومن أكبر أسباب الحصول على الولد الصالح سلوكُ طريق التربية الصالحة منذُ الصغر لترتاحَ في الك[/FONT][FONT="]ِبَ[/FONT][FONT="]ر! . والعجيبُ أن أكثر الناس يحبون ويتمنَّونَ الولدَ الصالح ، وهم يتركون أوْلَادَهُم تَركَ الدوابّ و البهائم السائمة ،لا يعرفُون عَدَدَهم، وما تكلَّموا معهم يومًا قط، ولا ربَّوهُم ولا عوَّدُوهم على الخير ولا حاسبُوهم..! فمن أين يجيءُ الولدُ الصالح مع هذا..؟![/FONT]
[FONT="] ترجُو النجاة ولم تسلُك مسالكها ** إنَّ السفينة لا تجري على اليَبَس[/FONT][FONT="]ِ..! [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] صلاح الأولاد - معشر الأحباب- مشروعٌ لا ينشأ من فراغ، ولا يكون براحة البدن أبدًا، من رامَ ولدًا صالحًا فليصبر على التربية والرعاية والإصلاح، وليصبر على الزَّمن وعقباته وآفاته، وهو الفائز بإذن الله تعالى في الدنيا . هذا النبي صلى الله عليه وسلم قال : " [/FONT][FONT="]من كان له ثلاث بنات،فصبر عليهن وأطعمهم وسقاهن وكساهن من جدته كنَّ له حجابًا من النَّار يوم القيامة[/FONT][FONT="]"[FONT="][7][/FONT]. فذكر الصبر على الرعاية والتربية بجانب الصبر على الإطعام والتغذية . . [/FONT]
[FONT="] أخي في الله :[/FONT][FONT="] هذه الأسباب بين يديك، وهذا الطريق واضحٌ لديك ، فحاسب نفسك قبل أن تتذمَّرَ أو تُحاس[/FONT][FONT="]ِ[/FONT][FONT="]بَ الآخرين.. [/FONT][FONT="]نسأل الله التوفيق إلى ما يحب ويرضى، اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان،واجعلنا من الراشدين.وصلى الله وسلم وبارك على محمد،وعلى آله وصحبه أجمعين.[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="][FONT="][1][/FONT][/FONT][FONT="] - رواه مسلم.[/FONT]
[FONT="][FONT="][2][/FONT][/FONT][FONT="] - أخرجه ابن ماجه(3660).[/FONT]
[FONT="][FONT="][3][/FONT][/FONT][FONT="] - مجموع رسائل الحافظ ابن رجب(3/100).[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="][FONT="][4][/FONT][/FONT][FONT="] - مجموع رسائل الحافظ ابن رجب(3/101).[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="][FONT="][5][/FONT][/FONT][FONT="] - الصحيحة(282).[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="][FONT="][6][/FONT][/FONT][FONT="] - صحيح سنن الترمذي(2470).[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="][FONT="][7][/FONT][/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]- الصحيحة(294).[/FONT]
عبد ابومحمود
جزاك الله خيرا مختصر مفيد وجميل
تعديل التعليق