الصِيَامُ في شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ وَيَوْمِ عَاشُورَاءَ
محمد البدر
1440/01/03 - 2018/09/13 07:24AM
الْخُطْبَةِ الأُولَى:
عِبَادَ اللَّهِ :قَالَ تَعَالَى :﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ﴾ [التوبة: 36].
قَالَ قَتَادَةَ : إِنَّ الظُّلْمَ فِي الْأَشْهُرِ الحُرُم أَعْظَمُ خَطِيئَةً وَوِزْرًا مِنَ الظُّلْمِ فِيمَا سِوَاهَا، وَإِنْ كَانَ الظُّلْمُ عَلَى كُلِّ حَالٍ عَظِيمًا، وَلَكِنَّ اللَّهَ يعظم من أمره ما يشاء، وَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى صَفَايا مِنْ خَلْقِهِ، اصْطَفَى مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ رُسُلًا وَاصْطَفَى مِنَ الْكَلَامِ ذِكْرَهُ، وَاصْطَفَى مِنَ الْأَرْضِ الْمَسَاجِدَ، وَاصْطَفَى مِنَ الشُّهُورِ رَمَضَانَ وَالْأَشْهُرَ الْحُرُمَ، وَاصْطَفَى مِنَ الْأَيَّامِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَاصْطَفَى مِنَ اللَّيَالِي لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَعَظِّمُوا مَا عَظَّمَ اللَّهُ، فَإِنَّمَا تعظيم الْأُمُورُ بِمَا عَظَّمَهَا اللَّهُ بِهِ عِنْدَ أَهْلِ الفهم وأهل العقل، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: ﴿فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ﴾أَيْ لَا تَجْعَلُوا حَرَامَهَا حَلَالًا وَلَا حلالها حراماً كما فعل أهل الشرك، وَهَذَا الْقَوْلُ اخْتِيَارُ ابْنِ جَرِيرٍ.
وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ « إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثَلاَثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبٌ شَهْرُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ » مُتّفَقٌ عَلَيْهِ .
إن من نعم الله على عباده أن يوالي مواسم الخيرات عليهم على مدار الأيام والشهور ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله، ومن تلك المواسم شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ »رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
قَوْلُهُ: «شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ» نَسَبَهُ إِلَى نَفْسِهِ عَلَى جِهَةِ التَّعْظِيمِ مَعَ أَنَّ الشُّهُورَ كُلَّهَا لِلَّهِ، وَالصِّيَامِ من أَفْضَلُ الأَعمال عند اللَّهُ تَعَالَى فإن المسلم العاقل اللبيب هو الذي يستغل مواسم النفحات الربانية، والمنح الإلهية ،بالإكثار من الطاعات والخيرات فيها، والإكثار من الدعاء، والتزود من الطاعات.
عِبَادَ اللَّهِ :في شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :« صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ »رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:« قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ فَصَامَهُ مُوسَى قَالَ: فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ » رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ .
وكان من هدي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مخالفة الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فاستحب لنا أن نصوم يوما قبله ،فعن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «حِينَ صَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِع قَالَ: فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ »رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
عِبَادَ اللَّهِ :احذروا من التشبه بالروافض فعاشوراء عندهم موسم لتعذيب أجسادهم والنياحة ولطم الخدود وضرب الرؤوس بالسيوف وضرب الصدور ولبس السواد اظهارا للحزن وإسالة للدماء ووضعا للسلاسل في الأعناق.
ونجدها مناسبة عظيمة فنشكر الله عز وجل على إقامة التوحيد وازلت حكومة خادم الحرمين لمظاهر الشرك والبدع ومواقع الاحتفال بعاشوراء وإقامة الحسينيات في القطيف وما حولها ثم نشكر خادمِ الحرمينِ الشريفينِ الملكِ سَلْمَانَ بن عبدِالعزيز ووليِ عهدهِ الأمينِ أسد السنة في زماننا صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ابن عبدالعزيز آل سعود و جميعِ الرجالِ المخلصينَ في بلاد التوحيد والتي نسأل الله ان يحفظ هذه البلاد ويحميها من كل الشوائب وكل انواع الشرك والبدع .
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا..
الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ:
عِبَادَ اللَّهِ : قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :«مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ »رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَقَالَ الأَلبَانيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
فاحذروا من التشبه بالْيَهُودُ وَالنَّصَارَى بالاحتفال بنهاية العام وبدايته وتبادل التهاني والتبريكات ،عبر وسائل التواصل المختلفة فَعَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: « كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَعُدُّهُ الْيَهُودُ عِيدًا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَصُومُوهُ أَنْتُمْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. أَلا فَاقتَدُوا بِنَبِيِّكُم وَصُومُوا عَاشُورَاءَ ،وَخَالِفُوا اليَهُودَ بِصِيَامِ التَّاسِعِ ، أَو الحَادِيَ عَشَرَ ،أَو بِصِيَامِهِمَا كِلَيهِمَا مَعَ عَاشُورَاءَ.
عبادالله الا فاحمدوا الله على نعمة التوحيد والسنة ونعمة العقل السليم ..
وصلُّوا وسلِّموا -