الصلاة في المسجد
عبدالرحمن القحطاني
1444/03/10 - 2022/10/06 18:49PM
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾
﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾
﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾
أما بعد
:فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أيها المؤمنون:
الصلاة هي عمود الدين كما أخبر ﷺ وهي التي يتميز بها المؤمن عن الكافر والمشرك كما قال ﷺ بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة، فلا حظ في الإسلام لتارك الصلاة وهي إذا صلحت صلح سائر العمل وإذا فسدت فسد سائر العمل كما أخبر نبينا ﷺ فمن ضيعها فهو لما سواها أضيع، وحديثنا اليوم ليس عن ترك الصلاة بل عن حضورها مع الجماعة في المسجد،
لأن كثيراً من الناس اليوم يصلونها في بيوتهم وقد يقول بعضهم أنهم يصلونها جماعة في البيوت، فنقول لهم هل أنتم في غنى عن الحضور للمسجد؟
هل تعلمون عن الأجور التي تفرطون فيها؟
اسمعوا بعضا منها
قال ﷺ :"صَلاَةُ الجَمِيعِ تَزِيدُ عَلَى صَلاَتِهِ فِي بَيْتِهِ، وصَلاَتِهِ فِي سُوقِهِ خَمْسًا وعِشْرِينَ دَرَجَةً، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ، وأَتَى المَسْجِدَ، لاَ يُرِيدُ إِلَّا الصَّلاَةَ، لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً، وحَطَّ عَنْهُ خَطِيئَةً، حَتَّى يَدْخُلَ المَسْجِدَ، وإِذَا دَخَلَ المَسْجِدَ كَانَ فِي صَلاَةٍ مَا كَانَتْ تَحْبِسُهُ، وتُصَلِّي - يَعْنِي عَلَيْهِ المَلاَئِكَةُ - مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ.
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ غَدَا إِلَى المَسْجِدِ وَرَاحَ، أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ نُزُلَهُ مِنَ الجَنَّةِ كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ"(أخرجه البخاري 662، ومسلم 669).
قال الإمام ابن رجب -رحمه الله-: "معنى الحديث: أن مَن خرج إلى المسجد للصلاة فإنه زائر الله تعالى)
وجاء في صحيح مسلم من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال ( خَلَتِ البِقَاعُ حَوْلَ المَسْجِدِ، فأرَادَ بَنُو سَلِمَةَ أَنْ يَنْتَقِلُوا إلى قُرْبِ المَسْجِدِ، فَبَلَغَ ذلكَ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ لهمْ: إنَّه بَلَغَنِي أنَّكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَنْتَقِلُوا قُرْبَ المَسْجِدِ، قالوا: نَعَمْ يا رَسولَ اللهِ، قدْ أَرَدْنَا ذلكَ، فَقالَ: يا بَنِي سَلِمَةَ، دِيَارَكُمْ تُكْتَبْ آثَارُكُمْ، دِيَارَكُمْ تُكْتَبْ آثَارُكُمْ).
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاَةِ الفَجْرِ وَصَلاَةِ العَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ"
معاشر المسلمين: حافظوا على صلاة الجماعة في المسجد, وبادروا إليها, فإنَّ الله –تعالى- أوجبها عليكم ومَن تخلَّف عنها بلا عذر فهو آثِمٌ، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ، فَيُحْطَبَ، ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلاَةِ، فَيُؤَذَّنَ لَهَا، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيَؤُمَّ النَّاسَ، ثُمَّ أُخَالِفَ إِلَى رِجَالٍ، فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ،"
قال الإمام ابن رجب -رحمه الله-: "وهذا الحَدِيْث: ظاهر فِي وجوب شهود الجماعة فِي المساجد، وإجابة المنادي بالصلاة؛ فإن النَّبِي -صلى الله عليه وسلم- أخبر أَنَّهُ هَمَّ بتحريق بيوت المتخلفين عَن الجماعة، ومثل هذه العقوبة الشديدة لا تكون إلا عَلَى ترك واجبٍ".
وقال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللهَ غَدًا مُسْلِمًا، فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلَاءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ، فَإِنَّ اللهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ ﷺ سُنَنَ الْهُدَى، وَإِنَّهُنَّ مَنْ سُنَنَ الْهُدَى، وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّي هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ، لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ، وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ، وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ يَعْمِدُ إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ، إِلَّا كَتَبَ اللهُ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً، وَيَرْفَعُهُ بِهَا دَرَجَةً، وَيَحُطُّ عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً، وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ، وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ"(أخرجه مسلم 654).
عباد الله:
يقول الله تعالى ﴿في بُيوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرفَعَ وَيُذكَرَ فيهَا اسمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فيها بِالغُدُوِّ وَالآصالِ رِجالٌ لا تُلهيهِم تِجارَةٌ وَلا بَيعٌ عَن ذِكرِ اللَّهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإيتاءِ الزَّكاةِ يَخافونَ يَومًا تَتَقَلَّبُ فيهِ القُلوبُ وَالأَبصارُ لِيَجزِيَهُمُ اللَّهُ أَحسَنَ ما عَمِلوا وَيَزيدَهُم مِن فَضلِهِ وَاللَّهُ يَرزُقُ مَن يَشاءُ بِغَيرِ حِسابٍ﴾
فلنحرص أحبتي أن نكون منهم
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه، والشّكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أنّ نبيّنا محمّدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً مزيداً إلى يوم الدين.
أمّا بعد:
فاتقوا الله وراقبوه، واخشوه ولا تعصوه، واعلموا أنكم ملاقوه.
معاشر المسلمين:
قَالَ ابْن عمر -رضي الله عنهما-: "خرج عمر يَوْمًا إِلَى حَائِط لَهُ (يعني بستان فيه نخل) فَرجع وَقد صلى النَّاس الْعَصْر, فَقَالَ عمر: إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون, فاتتني صَلَاة الْعَصْر فِي الْجَمَاعَة, أشهدكم أَنَّ حائطي على الْمَسَاكِين صَدَقَة ليَكُون كَفَّارَة لما صنع عمر"
عباد الله
إن إقامة الصلاة حق إقامتها له أثر كبير على حياتنا، على صلاح قلوبنا، وأزواجنا وأبناءنا، بركة نجدها في الأرزاق والأبدان وفي سائر شؤوننا
وصلاة المسجد ليست كصلاة البيت
ليس خشوعها كخشوعها
ولا أثرها كأثرها
يقول النبي ﷺ الصلاة نور
أيها الأحبة من أراد هذا النور فليبحث عنه في المسجد
يقول الله تعالى ﴿إِنَّما يَعمُرُ مَساجِدَ اللَّهِ مَن آمَنَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ وَأَقامَ الصَّلاةَ﴾
اللهم اجعلنا منهم يارب العالمين.
عباد الله:
صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه فقال عز من قائل
﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾
اللهم صلِّ وسلِّم وبارك وأنعم على صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر نبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وعلى أزواجه أمهات المؤمنين وارضَ اللهم عن الأربعة الخلفاء الراشدين، أبي بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن سائر الصحابة أجمعين ، وعن التابعين، ومَن تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، وانصُر عبادك الموحِّدين.
اللهم من أراد الإسلام والمسلمين بسوء فأشغله في نفسه واجعل تدميره في تدبيره.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات.
اللهم آمنَّا في أوطاننا، وأصلِح أئمتنا وولاة أمورنا.
اللهم وفق ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين لهداك واجعل عمله في رضاك وارزُقه وولي عهده البطانةَ الصالحة الناصحة التي تدله على الخير وتعينه عليه.
اللهم أره الحق حقاً وارزقه اتباعه، وأره الباطل باطلاً وارزقه اجتنابه.
اللهم ادفَع عنَّا الغَلاء والوباء، والربا والزنا والزلازل والمِحَن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن، عن بلدنا هذا خاصَّة، وعن سائر بلاد المسلمين عامَّة يا رب العالمين.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
عباد الله:
أنَّ الله يأمُر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القُربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغْي، يعظُكم لعلَّكم تذكَّرون.
فاذكُروا الله العظيم الجليل يذكُركم، واشكُروه على نِعَمِه يزدْكم، ولَذِكرُ الله أكبر، والله يعلَمُ ما تصنَعون.
﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾
﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾
﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾
أما بعد
:فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أيها المؤمنون:
الصلاة هي عمود الدين كما أخبر ﷺ وهي التي يتميز بها المؤمن عن الكافر والمشرك كما قال ﷺ بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة، فلا حظ في الإسلام لتارك الصلاة وهي إذا صلحت صلح سائر العمل وإذا فسدت فسد سائر العمل كما أخبر نبينا ﷺ فمن ضيعها فهو لما سواها أضيع، وحديثنا اليوم ليس عن ترك الصلاة بل عن حضورها مع الجماعة في المسجد،
لأن كثيراً من الناس اليوم يصلونها في بيوتهم وقد يقول بعضهم أنهم يصلونها جماعة في البيوت، فنقول لهم هل أنتم في غنى عن الحضور للمسجد؟
هل تعلمون عن الأجور التي تفرطون فيها؟
اسمعوا بعضا منها
قال ﷺ :"صَلاَةُ الجَمِيعِ تَزِيدُ عَلَى صَلاَتِهِ فِي بَيْتِهِ، وصَلاَتِهِ فِي سُوقِهِ خَمْسًا وعِشْرِينَ دَرَجَةً، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ، وأَتَى المَسْجِدَ، لاَ يُرِيدُ إِلَّا الصَّلاَةَ، لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً، وحَطَّ عَنْهُ خَطِيئَةً، حَتَّى يَدْخُلَ المَسْجِدَ، وإِذَا دَخَلَ المَسْجِدَ كَانَ فِي صَلاَةٍ مَا كَانَتْ تَحْبِسُهُ، وتُصَلِّي - يَعْنِي عَلَيْهِ المَلاَئِكَةُ - مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ.
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ غَدَا إِلَى المَسْجِدِ وَرَاحَ، أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ نُزُلَهُ مِنَ الجَنَّةِ كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ"(أخرجه البخاري 662، ومسلم 669).
قال الإمام ابن رجب -رحمه الله-: "معنى الحديث: أن مَن خرج إلى المسجد للصلاة فإنه زائر الله تعالى)
وجاء في صحيح مسلم من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال ( خَلَتِ البِقَاعُ حَوْلَ المَسْجِدِ، فأرَادَ بَنُو سَلِمَةَ أَنْ يَنْتَقِلُوا إلى قُرْبِ المَسْجِدِ، فَبَلَغَ ذلكَ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ لهمْ: إنَّه بَلَغَنِي أنَّكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَنْتَقِلُوا قُرْبَ المَسْجِدِ، قالوا: نَعَمْ يا رَسولَ اللهِ، قدْ أَرَدْنَا ذلكَ، فَقالَ: يا بَنِي سَلِمَةَ، دِيَارَكُمْ تُكْتَبْ آثَارُكُمْ، دِيَارَكُمْ تُكْتَبْ آثَارُكُمْ).
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاَةِ الفَجْرِ وَصَلاَةِ العَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ"
معاشر المسلمين: حافظوا على صلاة الجماعة في المسجد, وبادروا إليها, فإنَّ الله –تعالى- أوجبها عليكم ومَن تخلَّف عنها بلا عذر فهو آثِمٌ، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ، فَيُحْطَبَ، ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلاَةِ، فَيُؤَذَّنَ لَهَا، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيَؤُمَّ النَّاسَ، ثُمَّ أُخَالِفَ إِلَى رِجَالٍ، فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ،"
قال الإمام ابن رجب -رحمه الله-: "وهذا الحَدِيْث: ظاهر فِي وجوب شهود الجماعة فِي المساجد، وإجابة المنادي بالصلاة؛ فإن النَّبِي -صلى الله عليه وسلم- أخبر أَنَّهُ هَمَّ بتحريق بيوت المتخلفين عَن الجماعة، ومثل هذه العقوبة الشديدة لا تكون إلا عَلَى ترك واجبٍ".
وقال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللهَ غَدًا مُسْلِمًا، فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلَاءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ، فَإِنَّ اللهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ ﷺ سُنَنَ الْهُدَى، وَإِنَّهُنَّ مَنْ سُنَنَ الْهُدَى، وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّي هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ، لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ، وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ، وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ يَعْمِدُ إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ، إِلَّا كَتَبَ اللهُ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً، وَيَرْفَعُهُ بِهَا دَرَجَةً، وَيَحُطُّ عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً، وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ، وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ"(أخرجه مسلم 654).
عباد الله:
يقول الله تعالى ﴿في بُيوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرفَعَ وَيُذكَرَ فيهَا اسمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فيها بِالغُدُوِّ وَالآصالِ رِجالٌ لا تُلهيهِم تِجارَةٌ وَلا بَيعٌ عَن ذِكرِ اللَّهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإيتاءِ الزَّكاةِ يَخافونَ يَومًا تَتَقَلَّبُ فيهِ القُلوبُ وَالأَبصارُ لِيَجزِيَهُمُ اللَّهُ أَحسَنَ ما عَمِلوا وَيَزيدَهُم مِن فَضلِهِ وَاللَّهُ يَرزُقُ مَن يَشاءُ بِغَيرِ حِسابٍ﴾
فلنحرص أحبتي أن نكون منهم
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه، والشّكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أنّ نبيّنا محمّدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً مزيداً إلى يوم الدين.
أمّا بعد:
فاتقوا الله وراقبوه، واخشوه ولا تعصوه، واعلموا أنكم ملاقوه.
معاشر المسلمين:
قَالَ ابْن عمر -رضي الله عنهما-: "خرج عمر يَوْمًا إِلَى حَائِط لَهُ (يعني بستان فيه نخل) فَرجع وَقد صلى النَّاس الْعَصْر, فَقَالَ عمر: إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون, فاتتني صَلَاة الْعَصْر فِي الْجَمَاعَة, أشهدكم أَنَّ حائطي على الْمَسَاكِين صَدَقَة ليَكُون كَفَّارَة لما صنع عمر"
عباد الله
إن إقامة الصلاة حق إقامتها له أثر كبير على حياتنا، على صلاح قلوبنا، وأزواجنا وأبناءنا، بركة نجدها في الأرزاق والأبدان وفي سائر شؤوننا
وصلاة المسجد ليست كصلاة البيت
ليس خشوعها كخشوعها
ولا أثرها كأثرها
يقول النبي ﷺ الصلاة نور
أيها الأحبة من أراد هذا النور فليبحث عنه في المسجد
يقول الله تعالى ﴿إِنَّما يَعمُرُ مَساجِدَ اللَّهِ مَن آمَنَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ وَأَقامَ الصَّلاةَ﴾
اللهم اجعلنا منهم يارب العالمين.
عباد الله:
صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه فقال عز من قائل
﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾
اللهم صلِّ وسلِّم وبارك وأنعم على صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر نبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وعلى أزواجه أمهات المؤمنين وارضَ اللهم عن الأربعة الخلفاء الراشدين، أبي بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن سائر الصحابة أجمعين ، وعن التابعين، ومَن تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، وانصُر عبادك الموحِّدين.
اللهم من أراد الإسلام والمسلمين بسوء فأشغله في نفسه واجعل تدميره في تدبيره.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات.
اللهم آمنَّا في أوطاننا، وأصلِح أئمتنا وولاة أمورنا.
اللهم وفق ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين لهداك واجعل عمله في رضاك وارزُقه وولي عهده البطانةَ الصالحة الناصحة التي تدله على الخير وتعينه عليه.
اللهم أره الحق حقاً وارزقه اتباعه، وأره الباطل باطلاً وارزقه اجتنابه.
اللهم ادفَع عنَّا الغَلاء والوباء، والربا والزنا والزلازل والمِحَن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن، عن بلدنا هذا خاصَّة، وعن سائر بلاد المسلمين عامَّة يا رب العالمين.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
عباد الله:
أنَّ الله يأمُر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القُربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغْي، يعظُكم لعلَّكم تذكَّرون.
فاذكُروا الله العظيم الجليل يذكُركم، واشكُروه على نِعَمِه يزدْكم، ولَذِكرُ الله أكبر، والله يعلَمُ ما تصنَعون.
المرفقات
1665071365_الصلاة في المسجد.pdf
1665071377_الصلاة في المسجد.docx