الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْم
خالد الكناني
الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْم
الحمد لله ربّ العالمين .... الذي جعل الصلاة نورًا وبرهانًا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أخشى الناس لربه سرّاً وإعلاناً ... صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليما كثيرا .
أما بعد : أيها المسلمون.... اتقوا الله حق التقوى واعلموا أن تقواه وطاعته خير الزاد ، قال تعالى : ((وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ))
عباد الله : عندما يبزغ الفجر تنطلق دعوة عظيمة مدوية تملأ الآفاق عبر المآذن ، تنساب في أرجاء الفضاء الساكن ضمن جمل الأذان (الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ ) ثم يعيدها تأكيدا لها (الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ ) ... ما أجمله من نداء ، وما أجلها من دعوة وما أحلاه من استيقاظ .
فماهي أحاسيسك ومشاعرك وأنت تسمع هذا النداء ؟
وما مفهومك لهذه الكلمات ولهذا النداء في هذه اللحظات ؟
هل استشعرت معناها ؟ وهل قلبتها في فكرك وأنت تسمعها ؟
كم من الناس من يسمع هذا النداء ؟ ولكن من الذي تأمل في معناها ؟ ومن الذي لبَّاها ؟ وكم من الناس من لم يسمعها وقد غط في سبات عميق واحرموا أنفسهم خير إجابتها !
نعم والله ، إنّ الصلاة خير من النوم ! لماذا؟ لأن الصلاة حياة والنوم عنها خسران ، لأن الصلاة راحة للروح والنوم راحة للبدن
أيها المسلمون : بشارات الفجر كثيرة وجليلة ومن هذه البشارات :
+أن صلاة الفجر طريق إلى الجنة وسبب للنجاة من النار ، فقد بشرنا بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم : (( مَنْ صَلَّى الْبَرْدَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ )) والبردان هما الفجر والعصر . وعَنْ عُمَارَةَ بْنِ رُوَيْبَةَ الثَّقَفِيَّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " لَنْ يَلِجَ النَّارَ أَحَدٌ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ , وَقَبْلَ غُرُوبِهَا - يَعْنِي الْفَجْرَ وَالْعَصْرَ ))
+ومن البشارات أن صلاة الفجر سبب للتنعم برؤية الله تبارك وتعالى يوم القيامة فياله من نعيم عظيم
عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ نَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، فَقَالَ: «أَمَا إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ، لَا تُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَقَبْلَ غُرُوبِهَا» - يَعْنِي الْعَصْرَ وَالْفَجْرَ -، ثُمَّ قَرَأَ جَرِيرٌ {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا}
أيها الأحبة : ومن البشارات في صلاة الفجر ، أنك تدخل في حمى الملك ـ سبحانه وتعالى ـ وفي حفظه جل في علاه ، فعَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْبَجَلِيَّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم : (( مَنْ صَلَّى صَلَاةَ الصُّبْحَ , فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللهِ , فلَا يَطْلُبَنَّكُمْ اللهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيْءٍ , فَإِنَّهُ مَنْ يَطْلُبْهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيْءٍ يُدْرِكْهُ , ثُمَّ يَكُبَّهُ عَلَى وَجْهِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ))
ومن البشارات أن من صلى الصبح في جماعة فقد نال فضل شهود الملائكة ... عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «فَضْلُ صَلاَةِ الجَمِيعِ عَلَى صَلاَةِ الوَاحِدِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ دَرَجَةً، وَتَجْتَمِعُ مَلاَئِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةُ النَّهَارِ فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ» يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: " اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: {وَقُرْآنَ الفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا}
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ، وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَصَلَاةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ )) ..... فنعمت الشهادة والشهود
هذه الفضائل والبشارات عن فريضة الفجر
فهل يحق لمن متعه الله تعالى بالصحة والعافية والأمن والأمان أن يتخلف عنها أو يتهاون بها ويتكاسل .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَثْقَلَ صَلَاةٍ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ، وَصَلَاةُ الْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا ... )) أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه ، وسلم تسليمًا كثيرًا ، أما بعد ...أيها المسلمون : لقد بين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مكانة وفضل راتبة الفجرالقبلية ، وحث على الحرص عليها .
عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» وفي رواية أخرى بل وأحب إليه من الدنيا جميعا
فعَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ فِي شَأْنِ الرَّكْعَتَيْنِ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ: «لَهُمَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا جَمِيعًا»
ولذلك حرص النبي صلى الله عليه وسلم على راتبة الفجر ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَيْءٍ مِنَ النَّوَافِلِ أَسْرَعَ مِنْهُ إِلَى الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ»
فإذا كان هذا اهتمامه صلى الله عليه وسلم بالنافلة، فكيف بالفريضة ؟
فالله الله أحرصوا وحافظوا على الصلوات المفروضة وتزودوا من النوافل لتنالوا رضى ربكم ومحبته والفوز بجنته .
هذا وصلوا على من أمركم الله تعالى بالصلاة والسلام عليه ، قال تعالى : ((إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ))
المرفقات
1699545259_الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْم.pdf