الشهادتان
أحمد علي أحمد
1434/01/29 - 2012/12/13 20:25PM
الشهادتان
الحمد لله الذي لم يتخذ ولداً، ولم يكن له شريك في الملك، ولم يكن له ولي من الذل، وكبره تكبيراً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وتعالى عما يقول الظالمون والجاحدون علواً كبيراً, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بين يدي الساعة بشيراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً . أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله, وخير الهدي هدي محمد rوشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار .
معاشر المؤمنين: الشهادتان هما, الركن الأول من أركان الإسلام ( شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله ) أما الشهادة الأولى فهي: لا إله إلا الله, هي كلمة التوحيد وكلمة التقوى والعروة الوثقى, كلمةٌ عظيمةٌ، فضائلها كثيرة، ومزاياها جمَّة, هي أجمل الكلمات قُلْها كلما,,,ضَجَّ الفؤادُ وضاقت الأزمان .
لا اله إلا الله, هي أشرف الذكر، وشعار الإسلام، وركن الدين، فلا معبود بحق إلا الله، ولا مستحق للعبادة سواه, فلا خالق ولا رازق ولا معطي ولا مانع سواه، إذا حل الهم وخيم الغم، واشتد الكرب وعظم الخطب، نادى المنادي " لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم " فيفرّج الهم، وينفّس الكرب، ويذلل الصعب ( شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائماً بالقسط لا اله إلا هو العزيز الحكيم ) .
ليس هناك أعظم من لا إله إلا الله, كلمة قامت بها الأرض والسماوات، وخُلقت لأجلها جميع المخلوقات ( وَمَاخَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاّ لِيَعْبُدُونِ ) لا اله إلا الله, لأجلها أنزل الله الكتب وأرسل الرسل ( وَمَاأَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاّ أَنَاْ فَاعْبُدُونِ ) وأول شيء دعا به النبي r قومه أن دعاهم إلى قول لا إله إلا الله وقال لهم " هل أنتم معطي كلمة إن تكلمتم بها ملكتم بها العرب، ودانت لكم بها العجم " قال أبو جهل: لنعطيكنها وعشرة أمثالها قال: فما هي؟ قال " قولوا لا إله إلا الله " فأبوا واشمأزوا ( إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ - وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ - بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ ) يقول طارق بن شدّاد t: رأيت رسول الله r بسوق ذي المجاز، وهو ينادي بأعلىصوته " أيها الناس، قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا " وعمه أبو لهب يتبعه بالحجارة وقد أدمى كعبيه وعرقوبيه وهو يقول: يا أيها الناس، لا تطيعوا هذا، فإنه كذّاب .
لا إله إلا الله, أثقل شيء في الميزان " قال موسى: يا رب, علمني شيئًا أذكرك وأدعوك به, قال يا موسى: قل لا إله إلا الله، قال: كل عبادك يقولون هذا، قال: يا موسى: لو أن السماوات السبع وعامرهن غيري والأرضين السبع في كفة, ولا إله إلا الله في كفة مالت بهن لا إله إلا الله " رواه وصححه الحاكم وابن حبان و" نوحًا u قال لابنه: يا بُنيّ, آمُركَ بلا إله إلا الله، فإنها إن وُضعتْ في كِفّةٍ، والسماواتُ السبعُ والأرَضون السبعُ في كِفّةٍ، لمالت بهنَّ لا إله إلا الله " .
لا اله إلا الله, من أجلها شرعت الشرائع، ونُصبت القبلة، وأُسَّست الملة، ولأجلها جُرَّدت سيوف الجهاد، ولأجلها نُصبت الموازين, ووُضِعت الدواوين, وقام سوق الجنة والنار، وبها انقسمت الخليقة إلى مؤمنين وكفار، وعليها يكون السؤال والحساب والثواب والعقاب، وهي حق الله على جميع العباد، فهي كلمة الإسلام، ومفتاح دار السلام .
لا إله إلا الله, منجية من النار لمن قالها, وعمل بمقتضاها يقول r " فإن الله قد حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله "و" يُصَاح برجل من أمة -محمد r- على رؤوس الخلائق يوم القيامة, فيُنشر له تسعة وتسعون سجلاً, كل سجل منها مد البصر – قد ملأ سجلاته وصحائفه ذنوبا وعصيان- ثم يقال له: أتنكر من هذا شيئًا، فيقول: لا يا رب، أظلمك كتبتي الحافظون؟ فيقول: لا يا رب، فيقول: ألك عذر أو حسنة فيقول: لا يا رب فيقال: بلى إن لك عندنا حسنة، وإنه لا ظلم عليك، فتخرج بطاقة فيها: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، فيقول: يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ -أي ماذا ستفعل هذا البطاقة جانب السجلات الكثيرة- فيقول: إنك لا تظلم، فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة فطاشت السجلات -أي خفت- وثقلت البطاقة, فلا يثقل مع اسم الله شيء "صححه الألباني .
لا إله إلا الله, هي ليست مجرد كلمة تقال, أو شعار يردد, بل من قالها حقها وعمل بمقتضاها من عمل وإخلاص ويقين وتصديق ومحبة وقبول وانقياد لله كانت له مفتاحا للجنة, وأمانا له من العذاب " لا يلقى الله بهما عبدٌ غير شاك فيهما إلا دخل الجنة "و" من شهد أنه لا إله إلا الله صادقاً بها دخل الجنة " رواه أحمد و" أسعد الناس بشفاعته r يومالقيامة من قال: لا إله إلا الله خالصاً من قلبه أو نفسه " يقول أبو ذر t: أتيتالنبي r وعليه ثوب أبيض وقد استيقظ فقال " ما من عبد قال لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة " قلت: وإن زنى وإن سرق، قال "وإن زنى وإن سرق على رغم أنف أبي ذر " .
عباد الله: والشهادة الثانية هي: شهادة أن محمدا رسول الله, وهي أن تقر وتؤمن بأن محمدا r رسول من عند الله، بعثه الله بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا, وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا, فبلغ الرسالة, وأدى الأمانة, ونصح الأمة, وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين, ما من خير إلا ودل الأمة عليه ولا من شر إلا حذرها منه, من أطاعه فقد أطاع الله، ومن عصاه فقد عصا الله, رفع الله له ذكره ، ووضع عنه وزره، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمره, وفي الصحيحين " من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق، والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل " .
فاشكروا الله عباد الله: على نعمة الإسلام, وأن جعلكم من أهل لا إله إلا الله محمد رسول الله, فللّهِ الحمدُ أولاً وآخرًا، وله الشكرُ ظاهرًا وباطنًا, اللهمَّ اجعل آخر كلامنا من الدنيا شهادة ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتوفنا وأنت راض عنا يا رب العالمين ... أقولُ ما تسمعون ....
الحمدلله على ... أما بعد:
عباد الله: كلنا محتاجون لعفو الله ورحمته, والنجاة من عذابه وأليم عقابه, وهذه لا تنال إلا بعمل الصالحات, وإخلاص العمل لرب البريات ( فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ) فاطلبوا العون من الله والسداد والتوفيق والإعانة على الطاعة والعمل الصالح, اجعلوا الاستقامة شعاركم، وصالح الأعمال غايتكم، تمسكوا بأخلاق القرآن، واتصفوا بصفات سيد الأنام، يحصل لكم الفلاح، وتتم لكم السعادة في الدارين, أفشوا السلام وصلوا الأرحام وأطعموا الطعام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) .
وختاماً فلتعلموا: أن من أحب شيئاً أجراه دوماً على لسانه، ألا فأكثروا من الصلاة والسلام على الحبيب رسول الله كما أمركم بذلك ربكم جلّ في علاه، فقال تعالى قولاً كريماً ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) .
يا رب صل على النبي المصطفى *** ما غردت في الأيك ساجعة الربى
صلوا على من تدخلون بهديـــــــــــــــــه*** دار السلامة تبلغون المطلبــــــــــــــــــــــــــا
يا أيها الراجون خير شفاعــــــــــــــــــــــــــة*** من أحمد صلوا عليه وسلمـــــــــــــــــــوا
اللهم فاجز عنا نبينا محمداً r خير الجزاء وأوفاه، وأكمله وأسناه، وأتمه وأبهاه، اللهم أعز الإسلام والمسلمين…