الشمس ..
حسام بن عبدالعزيز الجبرين
مجملها مستفاد من خطبة " الشمس آية من آيات الله تعالى.. عظمتها ومنافعها ومصيرها " للشيخ د إبراهيم الحقيل ، جزاه الله خيرا ، وقد ضمنت بعض حواشيها صلب الخطبة وهي على هذا الرابط لمن أحب الاطلاع عليها https://khutabaa.com/khutabaa-section/corncr-speeches/172838
الحمد لله، خلق كل شيء فقدره تقديرًا، وصرّفه فأحسنه تصريفًا وتدبيرًا، و أشهد ألا إله إلا الله { جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا } وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله؛ رأى آيات ربه، وتأمل إبداعه في خلقه، فامتلأ قلبه بالله إيمانًا ويقينًا، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.أما بعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله فهو باب الفلاح وطريق السلامة وسُلّم المغفرة والكرامة والرضوان عند ذي الجلال الإكرام {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ } .
عباد الرحمن : آياتُ الله تعالى كثيرة وعظيمة ومتنوعة في الإنسان والحيوان والنبات والأفلاك ، وحديثنا اليوم عن آية من الآيات العظيمة، سخرها الله تعالى لخدمة البشر، وفيها من المنافع لهم ما لا يعلمه إلا الله تعالى شرّفها الله تعالى فأقسم بها .. وأكثر في القرآن ذكرها والامتنان بها .
إنها الشمس التي تشرق كل يوم، فلا أجمل من شروقها، وتغرب فلا أحسن من غروبها،وفيها مصالح كثيرة للخلق { وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ } [الأنبياء: 33].
ولضخامتها وعجيبِ ضوئها وما فيها من آيات استعظمها أقوام فعبدوها من دون الله تعالى كما قال الهدهدُ لسليمان عليه الصلاة والسلام: { إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ * وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ } وأخبر الله تعالى أنها من جملة آياته الكونية المخلوقة؛ فالحق أن يعبد خالقُها لا هي { وَمِنْ آَيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا للهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ }.
وفي العصر الحديث وبعد الاكتشافات يخبرونا الفلكيون بأرقام عجيبة جدا :
يقول الفلكيون : الشمس أكبر من الأرض بنحو مليون وثلاثمائة ألف مرة، وكتلتها تعادل كتلة الأرض (333000) مرة ، وتعادل جاذبيتها ضعف جاذبية الأرض ثمان وعشرين مرة، وتبعد عن الأرض نحوًا من (150) مليون كم و تبعد ثماني دقائق ضوئية و20 ثانية ، وسرعة الضوء: ثلاثمائة ألف كم في الثانية،ويذكر الفلكيون أن الأرض كوكب صغير من تسعة كواكب تدور حول الشمس في مجموعتنا الشمسية، وشمسنا التي هي مركز مجموعتنا الشمسية، ليست إلا نجمًا من أربعمائة مليار نجم في مجرتنا، التي تسمى بالطريق اللبني أو درب التبانة.
ومجرتنا ليست إلا واحدة من مائة مليار مجرة في هذا الكون، وكل مجرة من هذه المجرات فيها مائة مليار نجم أو شمس مثل شمسنا وأكبر منها. والله أعلم . وما عظمة المخلوق إلا أكبر برهانٍ على عظمة الخالق - تعالى وتقدس { فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الخَالِقِينَ } {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ . وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ }الواقعة 75 ،76
عباد الرحمن : إنَّ حركة الشمس وضوءها، وإشعاعها ودفأها، وانتظامها في سيرها، وضخامة حجمها كان ولا يزال - عند البشر - مثار الدهشة، وموضع الانبهار.
والشمس لم تتكبر على خالقها، كما تكبر بعض البشر على الرغم من عظمتها وضخامتها فهي تسجد له سبحانه: { أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ } وثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذر حين غربت الشمس: ((أتدري أين تذهب))؟ قال: قلت: "الله ورسوله أعلم". قال: ((فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش، فتستأذن فيؤذن لها، ويُوشك أن تسجد فلا يقبل منها، وتستأذن فلا يؤذن لها، فيقال لها: ارجعي من حيث جئت، فتطلعُ من مغربها، فذلك قوله تعالى: ? وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ العَزِيزِ العَلِيمِ}
والله الأعلم سبحانه بكيفية سجودها . بارك الله لي ولكم ...
الحمد لله القائل {وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالْنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }النحل12 وصلى الله على رسوله وعبده وعلى آله وصحبه أما بعد : فإن الشمس على ضخامتها فإن الله تعالى جعلها مسخرة لخدمة هذا الإنسان الضعيف، الذي أولاه الله كل هذا التكريم { وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ } وهذا التسخير من الله تعالى جعل فيها من الفوائد والمنافع شيئا كثيرا ، فمن منافعها معرفة الأوقات والأيام ؛ فالوقت إنما ضُبِط على ضوء حركتها، فغروبها ليل، وشروقها نهار.
ومن منافعها معرفة مواقيت الصلوات؛ فعند اقتراب خروجها يبزغ نور الفجر، وعند زوالها صلاة الظهر، وعند مصير ظل الشيء مثله صلاة العصر، وعند غروبها المغرب، وعند غياب شفقها صلاة العشاء. ومن منافعها : الإضاءة العظيمة ! فالشمس تضيء النهار، وتبددُ الظلام، وتستيقظ على شروقها الأحياء في الأرض، من إنسان وطير وحيوان؛ فتسعى في رزقها، وتكتسبُ قوتها، وتعمُّ الحركة أرجاء الأرض على ضوئها ونورها. فإذا غربت خيم الظلام، وعم السبات، وخلدت الأحياء إلى الراحة استعدادًا ليوم جديد.
و من منافعها : تبخير المياه، وتحريك الرياح؛ مما يسبب هطول الأمطار وانتفاع الأرض، وبث الحياة فيها.
و من منافعها أن الحبوب والثمار والنبات تنضج بتأثيرها، وتستمد طاقتها من حرارتها .
ومن منافعها أنها بحرارتها تقضي على الفطريات والجراثيم، مما لا يعلمه إلا الله .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .. {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاء أَفَلَا تَسْمَعُونَ . قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ }القصص72 ، 73
ثم صلوا وسلموا ...
المرفقات
الشمس-2
الشمس-2