الشُّكر لله العزيز الغفار على نِعْمَة الأمنِ والاستقرار

عايد القزلان التميمي
1445/10/17 - 2024/04/26 06:39AM

اَلْحَمْد لِلَّهِ اَلَّذِي مَنَّ عَلَيْنَا بِالْأَمْنِ وَالْإِيمَانِ ، وَغَمَرَنَا بِالْفَضْلِ وَالنِّعَمِ وَالْإِحْسَانِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ اَلرَّحِيمُ اَلرَّحْمَنُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهْ وَرَسُولُهُ ، اَلْمُؤَيِّدَ وَالْبُرْهَانِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَاَلَّذِينَ اِتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا .

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} .  أَمَّا بَعْدُ: فيا عباد الله أَخْرَجَ الإمَامَ التِّرمِذي في سُننه والبخاري في الأدب المفرد من حديث سَلَمَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ مِحْصَنٍ الخَطْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ - وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ: أن النبي - صلى الله عليه وسلم -  قَالَ: (( مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا )). وفي رواية ( فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحذافِيرِها)

وقال الشيخ الألباني الحديث حسن .

فمَن توَفَّر له الأمنُ والأمانُ والعافيةُ والرِّزقُ لا يَحتاجُ إلى شيءٍ بعدَ ذلك، فكان كمَن ملَك الدُّنيا، وجمَعها، فلا يَحتاجُ إلى شيءٍ آخَرَ، وعلى العبدِ أنْ يَحْمَدَ اللهَ تعالى ويشْكُره على هذه النِّعمِ.

أَيُّهَا اَلْمُسْلِمُونَ : وَالْأَمْنُ مِنْ أَعْظَمَ نَعِمَ اَللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ بَعْد نِعْمَةِ اَلْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ ، وَلَا يَشْعُرُ بِهَذِهِ اَلنِّعْمَةِ إِلَّا مِنْ فَقَدَهَا .

وَتَأَمَّلُوا رَحِمُكُمْ اَللَّهُ فِيمَنْ حَوْلَنَا مِنْ بِلَادِ اَلْمُسْلِمِينَ ، سَتَجِدُونَ أَنَّهُمْ يَفْقِدُونَ اَلْأَمْن وَيَخَافُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَأَعْرَاضِهِمْ ، فَيَجِبُ عَلَيْنَا شُكْرَ اَللَّهِ عَلَى هَذِهِ اَلنِّعْمَةِ ، وَأَنَّ شُكْرَنَا لِنِعْمَةِ اَلْأَمْنِ وَالِاسْتِقْرَارِ اَلَّذِي نَعِيشُهُ فِي هَذِهِ اَلْبِلَادِ ، يُكَوِّنُ حِينَمَا نَسْتَقِيم عَلَى أَمْرِ دِينِنَا وَتَوْحِيدِنَا وَعَقِيدَتِنَا ، وَنُؤَدِّي صِلَاتنا ، وَنُطِيعُ وُلَاةَ أَمْرِنَا ، وَنَشْكُرُ اللهَ على نَعِمِه عَلَيْنَا اَلظَّاهِرَة وَالْبَاطِنَة قَالَ تَعَالَى ((اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا))

أَيُّهَا اَلْمُؤْمِنُونَ : وَإِنَّ شُكْرَنَا لِنِعْمَةِ اَلْأَمْنِ اَلَّذِي نَعِيشُهُ عِنْدَمَا يَكُونُ كُلُّ مُوَاطِنٍ فِينَا رَجُلُ أَمْنٍ ضِدَّ كُلِّ مَشْبُوهٍ يُحَاوِلُ اَلْمَسَّ بِأَمْنِ هَذَا اَلْوَطَنِ وَاسْتِقْرَارِهِ ، فَنَحْمِي وَطَنَنَا مِنْ كُلٍّ حَاقِدٍ أَوْ حَاسِدٍ ، يُرِيدُ اَلسُّوء بِوَطَنِنَا وَأَمْنِنَا .

وَإِنَّ شُكْرَنَا لِنِعْمَةِ اَلْأَمْنِ اَلَّذِي نَعِيشُهُ حِينَمَا نُحَافِظُ عَلَى اَللُّحْمَةِ اَلْوَطَنِيَّةِ وَاجْتِمَاعِ اَلْكَلِمَةِ وَوَحْدَةِ اَلصَّفِّ ، مُسْتَجِيبِينَ فِي ذَلِكَ لِأَمْرِ رَبِّنَا جَلَّ وَعَلَا: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا}،

وقوله سبحانه  ((إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ)) 

وقول الله تَعَالَى: (( وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوَا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ))

وقوله تعالى: (( أَنْ أَقِيمُوا الْدِينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ )) .

 قالَ ابنُ مسعودٍ رضي اللهُ عنه: «عليكُم بالجماعةِ فإنَّها حبلُ اللهِ الذي أَمَرَ بهِ وإنَّ ما تكرهونَ في الجماعةِ والطَّاعةِ خيرٌ ممَّا تحبونَ في الفُرقةِ».

فَوَحْدَةِ الْكَلِمَةِ سَبَبُ كُلِّ خَيْرٍ، كَمَا أَنَّ افْتِرَاقَهَا سَبَبُ كُلِّ شَرٍّ وتذكروا مَا كَانَ عَلَيْهِ أَسْلافَكُم فِي هَذِهِ الْبِلَادِ إلَى عَهْدِ قَرِيبٍ مِنْ جَهِلٍ وَفَقْرٍ وَذِلَّةٍ وتناحر وَتَفَرّقٍ حَتَّى منّ اللَّهُ عَلَى أَهْلِهَا بِمَن وحَّدَ عَلَى يَدَيْهِ كَلِمَتَها وَجَمَع شَمْلَهَا وَأَعَزَّ اللَّهُ بِهِ شَأْنَهَا فَاجْتَمَعَت الْقُلُوبُ بَعْدَ الْفُرْقَةِ وَاتَّحَدَت الْكَلِمَةُ بَعْدَ الِاخْتِلَافِ وَرَفْرَفَتْ رَايةَ التَّوْحِيد وَالسُّنَّة وَتَمّ الْحُكْم بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.

وَاعْلَمُوا عِبَادَ اَللَّهِ أَنَّ من أسباب تحقيق الأمن ودوام هذه النعمة: شكر الله

 بالاستقامة على طاعة الله سبحانه، والابتعاد عما يغضبه ويسخطه؛ فبالشكر تدوم النعم وتزيد كما قال الله سبحانه: ((وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ))

بارك الله لي ولكم ...

الخطبة الثانية /

الحمدُ لله ربِّ العالمين، على نِعمةِ الأمن والدّين، وأشهد أن لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له وأشهد أنّ نبيّنا محمّدًا عبده ورسوله ، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبِه أجمعين.

 أَمَّا بَعْد فَيَا عِبَاد اَللَّهِ وَمِنْ أَبْرَزِ اَلضَّمَانَاتِ اَلْأَمْنِيَّةِ لِلْمُجْتَمَعِ اَلْمُسْلِمِ ، طَاعَةُ وُلَاةِ اَلْأَمْرِ في غير معصية الله ، فَفِي طَاعَتِهِ اِجْتِمَاعٌ لِكَلِمَةِ اَلْمُسْلِمِينَ ، وَتَحْقِيقٌ لاسْتِتْبَابِ اَلْأَمْنِ ، وَتُرَابِط اَلْمُجْتَمَع وَتَمَاسَكَهُ .

قال تعالى: (( يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِى ٱلأمْرِ مِنْكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِى شَىْء فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ ذٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ))

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال (( مَن أطَاعَنِي فقَدْ أطَاعَ اللَّهَ، ومَن عَصَانِي فقَدْ عَصَى اللَّهَ، ومَن يُطِعِ الأمِيرَ فقَدْ أطَاعَنِي، ومَن يَعْصِ الأمِيرَ فقَدْ عَصَانِي،)) أخرجه البخاري ومسلم   فقوموا أيها المسلمون بواجب ولاة أمورنا، والالتفاف حولهم، وحِفْظِ مَكَانَتِهم، والقيام بواجب النصيحة لهم، وإن من مُوجب النصيحة لهم: الدُّعاء لهم بالصلاح والسَّدَاد،

وقال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: (الدعاءُ لولي

الأمر من أعظم القربات, ومن أفضل الطاعات, ومن النصيحة لله ولعباده... فالمؤمن يدعو للناس بالخير، والسلطان أولى من يُدعى له؛ لأن صلاحَهُ صلاحٌ للأمة،

فالدعاءُ له من أهمِّ الدعاءِ).
فَاَللَّهُمَّ وَفّق وَلِيِّ أَمْرِنَا وألبسه لباس الصحة والعافية , ووفق َوَلِيّ عَهْدِهِ لِكُلِّ خَيْرٍ , وَبَارِكَ اَللَّهُمَّ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ مِنْ لَحَظَاتِ أَوْقَاتِهِمْ , وَزِدْهُمْ قُوَّة إِلَى قُوَّتِهِمْ , وَاجْعَلْ كُلَّ ذَلِكَ فِيمَا يُرْضِيكَ , وَأعِنْهُمْ وَلَا تُعْنِ عَلَيْهِمْ , وَمَكَّنَ لَهُمْ , وَارْزُقْهُمْ بِطَانَةً صَالِحَةً , وَرُدَّ عَنْهُمْ كَيْدَ اَلْكَائِدِينَ , وَمَكْرَ اَلْمَاكِرِينَ , وَاجْعَلْهُمْ عَزَاً لِلْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ , وَاحْفَظْهُمَا بِحِفْظِكَ وَعِنَايَتِكَ.

عباد الله صلوا وسلموا على رسول الله .....

المرفقات

1714103923_الشكر لله العزيز الغفَّار على نعمة الأمن والاستقرار.doc

المشاهدات 515 | التعليقات 0