الشذوذ في الفتوى

[align=justify]
الْشُّذُوْذُ فِي الْفَتْوَى
أَضْرَارُهُ وَأَسْبَابُهُ وَعِلَاجُهُ

10/9/1431
الْحَمْدُ لله الْعَلِيْمِ الْحَكِيْمِ؛ امْتَنَّ عَلَيْنَا فَاخْتَارَ لَنَا أَحْسَنَ دِيَنٍ وَأَحْسَنَ كِتَابٍ وَأَحْسَنَ شَرِيْعَةٍ، نَحْمَدُهُ كَمَا يَنْبَغِيْ لِجَلَالِهِ وَعَظِيْمِ سُلْطَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ؛ فَرَضَ الصِّيَامَ؛ تَزْكِيَةً لِلْنُّفُوسِ، وَتَنْقِيَةً لِلْقُلُوْبِ، وَقَهْرَاً لِلْشَّهَوَاتِ، وَإِرْغَامَاً لِلْشَّيْطَانِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ؛ أَخَذَ دِينَ الله تَعَالَىْ بِحَزْمٍ وَعَزْمٍ وَقُوَّةٍ، وَصَدَعَ بِهِ أَمَامَ المَلَأِ مِنْ قَوْمِهِ، وَلَمْ يَقْبَلْ فِيْهِ مُدَاهَنَةَ قُرَيْشٍ وَلَا مُساوَمَتَهُمْ color=red]وَدُّوْا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُوْنَ[/color {الْقْلُمَ:9} بَلْ قَالَ بِكُلِّ عِزٍّ وَإِبَاءٍ: «فَمَاذَا تَظُنُّ قُرَيْشٌ؟ وَالله إِنِّي لَا أَزَالُ أُجَاهِدُهُمْ عَلَى الَّذِيْ بَعَثَنِي اللهُ لَهُ حَتَّى يُظْهِرَهُ اللهُ لَهُ أَوْ تَنْفَرِدَ هَذِهِ الْسَّالِفَةُ» يَعْنِيْ: رَقَبَتَهُ الْشَّرِيْفَةَ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آَلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الْدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيْعُوْهُ، وَاعْمُرُوا هَذِهِ الْأَيَّامَ الْشَّرِيفَةَ بِطَاعَةِ الله تَعَالَىْ، وَاحْذَرُوا مَا يُذْهِبُ أَجْرَ الْصَّوْمِ مِنْ مَجَالِسِ الْبَاطِلِ وَالْزُّوْرِ، الَّتِيْ تَحْوِيْ أَنْوَاعَاً مِنَ الْشَّهَوَاتِ وَالشُّبُهَاتِ، وَأَشَدُّهَا خَطَرَاً مَا تَنْضَحُ بِهِ بَعْضُ الْفَضَائِيَّاتِ المُفْسِدَةُ مِنَ السُّخْرِيَةِ بِدِيْنِ الله تَعَالَىْ، وَالاسْتِهْزَاءِ بِأَحْكَامِهِ، وَتَبْدِيلِ شَرِيْعَتِهِ، وَتَزْوِيْرِ تَارِيْخِ المُسْلِمِيْنَ، وَالْطَّعْنِ فِيْ الْصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، وَكَيْفَ يَسْتَجِيْزُ الْصَّائِمُ لِنَفْسِهِ هَذِهِ المَشَاهِدَ المُمْرِضَةَ لِلْقُلُوْبِ، المُذْهِبَةَ لِلْدِّيِنِ، الْغامِسَةَ فِي الْنِّفَاقِ، لَوْلَا الْجَهْلُ وَالْهَوَى، وَرَبُنَا جَلَّ جَلَالُهُ قَدْ حُذَّرَنَا بِصَرِيْحِ الْآَيَاتِ مِنْ حُضُوْرِ هَذِهِ المَجَالِسِ الْآثِمَةِ color=red]وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِيْ الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ الله يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىَ يَخُوْضُوْا فِيْ حَدِيْثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللهَ جَامِعُ المُنَافِقِيْنَ وَالْكَافِرِيْنَ فِيْ جَهَنَّمَ جَمِيْعَاً[/color {الْنِّسَاءِ:140}.
فَيَا لخَسَارَةِ مَنْ أَظْمَأَ نَهَارَهُ بِالصِّيَامِ، وَأَتْعَبَ أَرْكَانَهُ بِالْقِيَامِ، وَأَكْثَرَ مِنْ الْقُرْآَنِ، ثُمَّ تَفَكَّهَ بِمَشَاهِدِ السُّخْرِيَةِ بِدَيْنِ الله تَعَالَىْ، وَرَضِيَهَا لِنَفْسِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، وَالْرَّاضِي كَالْفَاعِلِ، وَمَا أَعْظَمَ جِنَايَةَ شَيَاطِيْنِ الْإِنْسِ عَلَى الْصَّائِمِيْنَ حِيْنَ فَتَنُوْا كَثِيرَاً مِنْهُمْ فِيْ رَمَضَانَ بِبَرامِجِهِمْ وَمُسَلْسَلَاتِهِمْ، فأَرْكَسُوهُمْ فِيْ بَاطِلِهِمْ، وَزَيَّنُوا لَهُمْ نِفَاقَهُمْ، مَعَ عِلْمِهِمْ بِقَوْلِ الله تَعَالَى فِيْهِمْ color=red]وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُوْلُوْا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُوْنَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّىَ يُؤْفَكُوْنَ[/color {المُنَافِقُوْنَ:4} .
أَيُّهَا الْنَّاسُ: حُرْمَةُ الْدِّيْنِ عَظِيْمَةٌ، وَتَبْدِيْلُهُ إِلَى مَا يُرِيْدُ الْنَّاسُ كَبِيْرَةٌ، وَالْخَوْضُ فِيْهِ بِلَا عِلْمٍ جَرِيْرَةٌ، وَالْنُّصُوصُ فِي الْنَّهْيِّ عَنْ ذَلِكَ كَثِيْرَةٌ color=red]وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ الْسَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولَاً[/color {الْإِسْرَاءِ:36} color=red]قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامَاً وَحَلَالَاً قُلْ آَللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى الله تَفْتَرُوْنَ * وَمَا ظَنُّ الَّذِيْنَ يَفْتَرُوْنَ عَلَىَ الله الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ[/color {يُوْنُسَ:60}. بَلْ قَرَنَ اللهُ تَعَالَىْ تَحْرِيْمَ ذَلِكَ بِالْشِّرْكِ وَالْفَوَاحِشِ color=red]قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوْا بِالله مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانَاً وَأَنْ تَقُوْلُوْا عَلَى الله مَا لَا تَعْلَمُوْنَ[/color {الْأَعْرَافِ:33}.
وَأَلْزَمَ سُبْحَانَهُ مَنْ جَهِلَ شَيْئَاً مِنْ دِيْنِهِ بِالْرُّجُوْعِ إِلَى أَهْلِ الْعِلْمِ بِهِ وَالْأَخْذِ عَنْهُمْ؛ لِيَعْبُدَ المُؤْمِنُ رَبَّهُ عَلَى بَصِيْرَةٍ color=red]فَاسْأَلُوْا أَهْلَ الْذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُوْنَ[/color {الْنَّحْلِ:43} وَإِلَّا فَإِنَّ الْعِبَادَةَ عَلَى جَهْلٍ تُؤَدِّي إِلَى الْبِدَعِ، وَتُوصِلُ إِلَى الْشِّرْكِ، وَيُنْهِكُ الْعَابِدُ فِيْهَا نَفْسَهُ وَلَا أَجْرَ لَهُ فَيَكُوْنُ مِمَّنْ color=red]ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِيْ الْحَيَاةِ الْدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُوْنَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُوْنَ صُنْعَاً[/color {الْكَهْفِ:104} وَالْجَهْلُ قَسِيْمُ الْهَوَى فِيْ الْضَّلالِ، وَبِهِ ضَلَّ أَكْثَرُ أَهْلِ الْأَرْضِ color=red]بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُوْنَ الْحَقَّ فَهُمْ مُّعْرِضُوْنَ[/color {الْأَنْبِيَاءِ:24}.
وَلِأَنَّ مَقَامَ الْعِلْمِ مَرْغُوْبٌ، وَدَرْكَ الْجَهْلِ مَرْفُوْضٌ؛ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ يَأْبَى الْوَصْفَ بِالْجَهْلِ، وَقَدْ يَدَّعِي الْعِلَمَ مِنَ لَا عِلْمَ لَهُ، وَقَدْ يَظُنُّ الْنَّاسُ تَوَافُرَ الْفِقْهِ فِيْمَنْ لَيْسَ بِفَقِيْهٍ، فَيَخُوضُ فِي الشَرِيعَةِ بِجَهْلٍ؛ فَيُوبِقُ نَفْسَهُ، وَيُضِلُّ غَيْرَهُ.
وَمَعَ كَثْرَةِ أَدَوَاتِ الْشُّهْرَةِ وَالْظُّهُورِ بِاتِّسَاعِ وَسَائِلِ الْإِعْلَامِ وَالِاتِّصَالِ، وَتَعَدُّدِ أَسَالِيْبِ الْتَلْمِيْعِ وَالْتَّزْيِيْفِ، وَاسْتِحْكَامِ الْجَهْلِ بِالْشَّرِيعَةِ فِي الْنَّاسِ انْبَرَى لِلْفِقْهِ وَالْفُتْيَا مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا: إِمَّا قَارِئٌ مُجَوِّدٌ، أَوْ وَاعِظٌ يُجِيْدُ الْوَعْظَ، أَوْ إِخْبَارِيٌّ يُحْسِنُ الْقَصَّ، أَوْ مُولَعٌ بِالْغَرَائِبِ، يَدْعُو لِنَفْسِهِ بِهَا.. فَأَتَى بَعْضُهُمْ بِشُذُوذٍ مِنَ الْفِقْهِ اسْتُبِيْحَتْ بِهَا مُحْرَّمَاتٌ، أَوْ أُسْقِطَتْ بِهَا وَاجِبَاتٌ..
بَلْ تَعَدَّى الْأَمْرُ ذَلِكَ إِلَى تَقَحُّمِ مُتَخَصِّصِيْنَ فِي الْإِدَارَةِ أَوْ الْتَرْبِيَةِ أَوْ غَيْرِهَا مِنَ الْعُلُومِ الْدُّنْيَوِيَّةِ لِلْكَلَامِ فِيْ سِيْرَةِ الْنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَسِيْرَةِ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، فَأَتَوا بِشَنَائِعَ مِنَ الْخَطَأِ، وَقَدْ قِيَلَ: مَنْ تَكَلَّمَ فِيْ غَيْرِ فَنِّهِ أَتَى بِالْعَجَائِبِ..
وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ -فِيْ زَمَنِ الْغُرْبَةِ- أَنَّ الْحَلالَ وَالْحَرَامَ صَارَ كَلَأً مُبَاحَاً، وَعِرْضَاً مُسْتَبَاحَاً لِأَهْلِ الْنِّفَاقِ وَالْفِسْقِ وَالْفُجُورِ، فَلَا يَرْعَوِي صُحُفِيٌّ جَاهِلٌ، أَوْ إِعْلَامِيٌّ كَاذِبٌ عَنِ الْكَلَامِ فِيْ دِيَنِ الله تَعَالَىْ بِلَا عِلْمٍ، وَالْخَوْضِ فِيْ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ بِهَوَىً وَجَهْلٍ، فَيَرْفُضُ مِنَ الْشَّرِيِعَةِ مَا تَأْبَاهُ نَفْسُهُ المَرِيضَةُ بِالْهَوَى.. وَلَا يَنْزَجِرُ مُغَنٍ رَقِيْعٌ، أَوْ مُمَثِّلٌ خَلِيْعٌ، أَوْ رَاقِصَةٌ فَاجِرَةٌ عَنْ إِعْلانِ رَفْضِ أَحْكَامِ الله تَعَالَىْ فِيْ فَرْضِ الْحِجَابِ وَالسِّتْرِ وَالْعَفَافِ، وَمَنْعِ الْسُّفُوْرِ وَالتَّبَرُّجِ وَالِاخْتِلَاطِ، وَلُزُوْمِ قِوَامَةِ الْرَّجُلِ عَلَى المَرْأَةِ، وَوُجُوْبِ المَحْرَمِ لَهَا فِي الْسَّفَرِ...
كُلُّ أُوْلَئِكَ وَأَمْثَالُهُمْ حَمَلَتْهُمُ الْجُرْأَةُ عَلَى الله تَعَالَىْ وَعَلَى شَرِيْعَتِهِ، مَعَ جَهْلِهِمْ بِأَقْدَارِ أَنْفُسِهِمُ الْوَضِيعَةِ عَلَى اسْتِبَاحَةِ حِمَى الْشَرِيعَةِ، وَالْقَوْلِ فِيْهَا بِلَا عِلْمٍ..
وَالشُّهْرَةُ تَجْعَلُ الْشَّخْصَ لَا يَعْرِفُ مِقْدَارَ نَفْسِهِ، فَيَظُنُّ أَنَّهُ يَعْلَمُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، وَالمُعْجَبُونَ بِهِ، وَالمُسْتَغِلُّونَ لَهُ؛ يَدْفَعُوْنَهُ بِالمَدْحِ وَالْثَّنَاءِ إِلَى تَجَاوُزِ مَا يُحْسِنُ إِلَى مَا لَا يَحْسِنُ، فَيَأْتِي بِالْأَوَابِدِ وَالْبَوَاقِعِ.
وَلِذَا فَإِنَّ مِنْ أَوْجَبِ الْوَاجِبَاتِ حِمَايَةَ جَنَابِ الْشَرِيعَةِ مِنْ عَبَثِ الْعَابِثِيْنَ، وَسُخْرِيَةِ الْسَّاخِرِيْنَ، وَمِمَّنْ يَخُوْضُوْنَ فِيْهَا بِجَهْلٍ أَوْ بِهَوَىً، فَيُخَالِفُونَ الْنَّصَّ أَوِ الْإِجْمَاعَ أَوِ الْقِيَاسَ الْجَلِيَّ؛ لِإِرْضَاءِ الْبَشَرِ بِإِبَاحَةِ مَا يَهْوَوْنَ، وَإِسْقَاطِ مَا لَا يُرِيدُونَ مِنَ الْشَرِيعَةِ..
قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَىْ:«مَنْ أَفْتَى الْنَّاسَ وَلَيْسَ بِأَهْلٍ لِلْفَتْوَى فَهُوَ آَثِمٌ عَاصٍ، وَمَنْ أَقَرَّهُ مِنْ وُلَاةِ الْأُمُوْرِ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ آَثِمٌ أَيْضَاً. ثُمَّ نَقَلَ عَنْ ابْنِ الْجَوْزِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَىْ قَوْلَهُ: وَيَلْزَمُ وَلِيَّ الْأَمْرِ مَنْعُهُمْ كَمَا فَعَلَ بَنُوْ أُمَيَّةَ وَهَؤُلَاءِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ يَدُلُّ الْرَّكْبَ وَلَيْسَ لَهُ عِلْمٌ بِالْطَّرِيْقِ، وَبِمَنْزِلَةِ الْأَعْمَى الَّذِيْ يُرْشِدُ الْنَّاسَ إِلَى الْقِبْلَةِ، وَبِمَنْزِلَةِ مَنْ لَا مَعْرِفَةَ لَهُ بِالطِّبِّ وَهُوَ يُطِبُّ الْنَّاسَ، بَلْ هُوَ أَسْوَأُ حَالَاً مِنْ هَؤُلَاءِ كُلِّهِمْ... ثُمَّ وَصَفَ حَالَ شَيْخِهِ ابْنَ تَيْمِيَّةَ فَقَالَ: وَكَانَ شَيْخُنَا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ شَدِيْدَ الْإِنْكَارِ عَلَى هَؤُلَاءِ فَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: قَالَ لِيَ بَعْضُ هَؤُلَاءِ: أَجُعِلتَ مُحْتَسِبَاً عَلَى الْفَتْوَىْ؟ فَقُلْتُ لَهُ: يَكُونُ عَلَى الْخَبَّازِينَ وَالطَّبَّاخِينَ مُحْتَسِبٌ وَلَا يَكُوْنُ عَلَى الْفَتْوَى مُحْتَسِبٌ؟!»
وَنَقَلَ أَئِمَّةُ الْأَحْنَافِ عَنْ أَبِيْ حَنِيْفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَىْ قَوْلَهُ:«لَا يَجُوْزُ الْحَجْرُ إِلَّا عَلَى ثَلَاثَةٍ: عَلَى المُفْتِي المَاجِنِ، وَعَلَى المُتَطَبِّبِ الْجَاهِلِ، وَعَلَى المُكَارِي المُفْلِسِ؛ لِمَا فِيْهِ مِنْ الْضَّرَرِ الْفَاحِشِ إِذَا لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِمْ، فَالمُفْتِي المَاجِنُ يُفْسِدُ عَلَى الْنَّاسِ دِيْنَهُمْ، وَالمُتَطَبِّبُ الْجَاهِلُ يُفْسِدُ أَبْدَانَهُمْ، وَالمُكَارِي المُفْلِسُ يُتْلِفُ أَمْوَالَهُمْ فَيُمْنَعُوْنَ مِنْ ذَلِكَ دَفْعَاً لِلْضَّرَرِ».
وَقَدْ فَسَّرُوْا المُفْتِيَ المَاجِنَ بِأَنَّهُ الَّذِيْ يُعَلِّمُ الْنَّاسَ الْحِيَلَ؛ لِيَحْتَالُوْا عَلَى الْشَّرِيِعَةِ، وَمَا أَكْثَرَ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِيْ زَمَنِنَا بِاسْمِ الْتَّيْسِيْرِ، وَمُوَافَقَةِ رُوْحِ الْعَصْرِ، وَالْخُضُوْعِ لِعُمُوْمِ الْبَلْوَىْ، وَالْاتِّكَاءِ عَلَى المَقَاصِدِ، وَلَوْ كَانَ بِانْتِهَاكِ الْشَرِيعَةِ، وَإِسْقَاطِ أَحْكَامِهَا.
أَعُوْذُ بِالله مِنَ الْشَّيْطَانِ الْرَّجِيْمِ:color=red]وَلَا تَقُوْلُوْا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوُا عَلَى الله الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِيْنَ يَفْتَرُوْنَ عَلَى الله الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُوْنَ[/color {الْنَّحْلِ:116}.. بَارَكَ اللهُ لِيْ وَلَكُمْ فِي الْقُرْآَنِ...

الْخُطْبَةُ الْثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ لله حَمْدَاً طَيِّبَاً كَثِيْرَاً مُبَارَكَاً فِيْهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آَلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الْدِّيِنِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَىْ وَأَطِيْعُوْهُ، وَاقَدُرُوا هَذِهِ الْلَّيَالِيَ قَدْرَهَا، وَاعَمَرُوْهَا بِأَنْوَاعِ الطَّاعَاتِ؛ فَإِنَّ الْعَمَلَ فِيْهَا لَيْسَ كَالْعَمَلِ فِي غَيْرِهَا، وَاحْفَظُوا صِيَامَكُمْ مِمَّا يُذْهِبُهُ أَوْ يُنْقِصُهُ وَمَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الْزُّوْرِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْلَ فَلَيْسَ لله حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ.
أَيُّهَا المُسْلِمُوْنَ: إِنَّ الْقَوْلَ عَلَى الله تَعَالَىْ بِلَا عِلْمٍ مَرَدُّهُ إِلَى سَبَبَيْنِ: جَهْلٍ بِالْشَّرِيعَةِ، أَوْ هَوَىً لِلْنَّفْسِ أَوْ لِإِرْضَاءِ الْغَيْرِ، وَإِذَا كَانَ يَجِبُ مَنْعُ الْجَاهِلِ مِنَ الْخَوْضِ فِي الْشَّرِيِعَةِ، فَوَاجِبٌ عَلَى الْنَّاسِ عَدَمُ الْأَخْذِ عَنْهُ، وَلَا الِاسْتِمَاعُ إِلَيْهِ، وَلَا سُؤَالُهُ عَمَّا أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ فِيْ دِينِهِمْ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُوْنَ إِلَى الْثِّقَاتِ المَشْهُوْدِ لَهُمْ بِالْعِلْمِ وَالْفَضْلِ.
وَأَمَّا صَاحِبُ الْهَوَى فَقَدْ يَأْتِي بِالْقَوْلِ الْشَّاذِ لِلْتَّشْدِيْدِ عَلَى الْنَّاسِ، أَوْ لِلْتَّرْخِيْصِ لَهُمْ، فَيُخَالِفُ نَصَّاً مُحْكَمَاً، أَوْ إِجْمَاعَاً مُنْعَقِدَاً، أَوْ قِيَاسَاً مُعْتَبَراً، وَالْنَّاسُ يَظُنُّوْنَ أَنَّ الْقَوْلَ الْشَّاذَّ لَا يَرْكَبُهُ صَاحِبُهُ إِلَّا لِلتُرَخُّصِّ، وَلَكِنَّهُ يَأْتِي لِلتَشْدُّدِّ أَيْضَاً. وَأَشْهَرُ فَتْوَىً شَاذَّةٍ نَقَلَهَا الْعُلَمَاءُ هِيَ فَتْوَىْ فَقِيْهٍ لِمَلْكٍ مِنَ المُلُوْكِ لمَّا جَامَعَ فِيْ نَهَارِ رَمَضَانَ أَفْتَاهُ بِأَنَّ عَلَيْهِ صَوْمَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فَلَمَّا أُنْكِرَ عَلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يَأْمُرْهُ بِإِعْتَاقِ رَقَبَةٍ مَعَ اتِّسَاعِ مَالِهِ قَالَ: «لَوْ أَمَرْتُهُ بِذَلِكَ لَسَهُلَ عَلَيْهِ، وَاسْتَحْقَرَ إِعْتَاقَ رَقَبَةٍ فِيْ جَنْبِ قَضَاءِ شَهْوَتِهِ، فَكَانَتِ المَصْلَحَةُ فِيْ إِيْجَابِ الْصَّوْمِ؛ لِيَنْزَجِرَ بِهِ، فَهَذِهِ فَتْوَىً بَاطِلَةٌ؛ لِمُخَالَفَتِهَا الْنَّصَّ بِمَا تَوَهَّمَهُ الْفَقِيْهُ مَصْلَحَةً وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ إِذِ المَصْلَحَةُ فِيْ اتِّبَاعِ الْنَّصِّ، وَفَتْحُ بَابِ مُخَالَفَةِ الْنُّصُوصِ بِدَعْوَى المَصَالِحِ يُؤَدِّي إِلَى تَغْيِّيْرِ جَمِيْعِ حُدُوْدِ الْشَّرَائِعِ وَنُصُوْصِهَا بِسَبَبِ تَغَيُّرِ الْأَحْوَالِ» وَهُوَ مَا يُنَادِيْ بِهِ مُنَافِقُوْ الْعَصْرِ، وَمِنْ وَرَائِهِمْ كُفَّارُ أَهْلِ الْكِتَابِ.
وَقَدْ يَفْتَرِي الْشَّخْصُ عَلَى الْشَّرِيِعَةِ لِإِرْضَاءِ الْبَشَرِ، فَيُدْخِلُ فِيْهَا مَا لَيْسَ مِنْهَا، وَقَدْ ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ مِنْ أَنْوَاعِ الْوَضْعِ فِيْ الْحَدِيْثِ: الْوَضْعَ لِإِرْضَاءِ المُلُوْكِ، وَمَثَّلُوا لَهُ بِفِعْلِ غِيَاثِ بْنِ إِبْرَاهِيْمَ فَإِنَّهُ أُدْخِلَ عَلَى الْخَلِيْفَةِ المَهْدِيِّ وَكَانَ يُعْجِبُهُ الْحَمَامُ الطَّيَّارَةُ الْوَارِدَةُ مِنَ الْأَمَاكِنِ الْبَعِيْدَةِ، فَرَوَى غِيَاثٌ حَدِيْثَاً عَنِ الْنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
أَنَّهُ قَالَ:«لَا سَبْقَ إِلَّا فِيْ خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ أَوْ نَصْلٍ أَوْ جَنَاحٍ -فَزَادَ فِيْ الْحَدِيْثِ- فَأَمَرَ لَهُ المَهْدِيُّ بِعَشْرَةِ آَلِافِ دِرْهَمٍ، فَلَمَّا قَامَ وَخَرَجَ قَالَ المُهْدِيُّ: أَشْهَدُ أَنَّ قَفَاكَ قِفَا كَذَّابٍ عَلَى رَسُوْلِ الله صلى الله عليه وسلم، مَا قَالَ رَسُوْلُ الله صلى الله عليه وسلم جَنَاح، وَلَكِنَّ هَذَا أَرَادَ أَنْ يَتَقَرَّبَ إِلَيْنَا، يَا غُلَامُ، اذْبَحِ الْحَمَامَ، فَذَبَحَ حَمَامَاً بِمَالٍ كَثِيْرٍ. فَقِيْلَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، وَمَا ذَنْبُ الْحَمَامِ؟ قَالَ: مِنْ أَجَلِهِنَّ كُذِبَ عَلَى رَسُوْلِ الله صلى الله عليه وسلم ».

وَالمُلُوْكُ لَا يَحْتَاجُوْنَ إِلَى مَنْ يَكْذِبُ لَهُمْ أَوْ عَلَيْهِمْ، وَإِنَّمَا هُمْ أَحْوَجُ مَا يَكُوْنُوْنَ إِلَى مَنْ يُصْدُقُ مَعَهُمْ، وَيَنْصَحُ لَهُمْ؛ كَمَا رَوَىَ تَمِيْمٌ الْدَّارِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ الْنَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْدِّيْنُ الْنَّصِيْحَةُ، قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: لله وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُوْلِهِ وَلِأَئِمَّةِ المُسْلِمِيْنَ وَعَامَّتِهِمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَقَدْ يَكُوْنُ شُذُوْذُ الْفَتْوَى زَلَّةً مِنْ عَالَمٍ اجْتَهَدَ فَلَمْ يُوَفَّقْ لِلْصَّوَابِ، فَلَا يُتَابَعُ فِيْمَا شَذَّ فِيْهِ، وَلَا يُوَافَقُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا عِصْمَةَ لِأَحَدٍ بَعْدَ رَسُوْلِ الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ مَعَاذٌ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: «أُحَذِّرُكُمْ زَيْغَةَ الْحَكِيْمِ فَإِنَّ الْشَّيْطَانَ قَدْ يَقُوْلُ كَلِمَةَ الضَّلَالَةِ عَلَى لِسَانِ الْحَكِيْمِ» رَوَاهُ أَبُوْ دَاوُدَ.
وَصَلُّوْا وَسَلِّمُوْا عَلَى نَبِيِّكُمْ..
[/align]
المرفقات

الشذوذ في الفتوى.doc

الشذوذ في الفتوى.doc

المشاهدات 3797 | التعليقات 4


هذه إعادة كتابة وترتيب لخطبة الشيخ إبراهيم الحقيل وفقه الله وسدده ، والفضل ينسب لأهله وهو صاحب السنة الحسنة ...
وقد حذفت واختصرت ، وأضفت حثًّا على العبادة وتحذيرًا من تخفيف صلاة التراويح لما لحظته من تخفيف مخل من قبل الأئمة في هذه الشعيرة العظيمة والسنة الكريمة هذا العام ، والله المستعان .
وأعتذر مقدمًا من الشيخ إبراهيم عن التطفل على خطبته ، ولكن أساليب الناس تختلف .


الخطبة الأولى :

أَمَّا بَعدُ فَأُوصِيكُم ـ أَيُّهَا النَّاسُ ـ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنظُرْ نَفسٌ مَا قَدَّمَت لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بما تَعمَلُونَ "

تَذَكَّرُوا أَنَّكُم في شَهرٍ أَيَّامُهُ مَعدُودَاتٌ وَلَيَالِيهِ مُبَارَكَاتٌ ، يُوشِكُ أَن تُصبِحُوا وَقَد هَلَّ هِلالُ العِيدِ فَفَازَ مُجِدٌّ وَاغتَبَطَ مُجتَهِدٌ ، وَخَسِرَ مُفَرِّطٌ وَتَحَسَّرَ مُقتَصِدٌ . لَقَد مَضَى ثُلُثُ شَهرِكُم وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ ، فَاعمُرُوا أَوقَاتَ شَهرِكُمُ الشَّرِيفَةَ بما يُرضِي رَبَّكُم ، وَاحذَرُوا مَا يُنقِصُ ثَوَابَ أَعمَالِكُم أَو يَذهَبُ بِأَجرِكُم ، وَإِيَّاكُم أَن تَكُونُوا ممَّن يَختِمُونَ صِيَامَهُم بِحُضُورِ مَجَالِسِ اللَّغوِ وَشُهُودِ الزُّورِ ، بِمُشَاهَدَةِ مَا تَنضَحُ بِهِ بَعضُ الفَضَائِيَّاتِ المُفسِدَةِ مِنَ السُّخرِيَةِ بِدِينِ اللهِ وَالاستِهزَاءِ بِشَرعِهِ ، وَجَعلِ أَحكَامِهِ مَادَّةً لِلتَّنَدُّرِ وَالتَّفَكُّهِ ، فَقَد وَصَفَ ـ سُبحَانَهُ ـ عِبَادَ الرَّحمَنِ الَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِم سُجَّدًا وَقِيَامًا بِقَولِهِ : " وَالَّذِينَ لا يَشهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغوِ مَرُّوا كِرَامًا "
وحَذَّرَنَا رَبُّنَا ـ جَلَّ وَعَلا ـ مِن حُضُورِ مَجَالِسِ الاستِهزَاءِ الآثِمَةِ فَقَالَ : " وَقَد نَزَّلَ عَلَيكُم في الكِتَابِ أَن إِذَا سَمِعتُم آيَاتِ اللهِ يُكفَرُ بها وَيُستَهزَأُ بها فَلا تَقعُدُوا مَعَهُم حَتَّى يَخُوضُوا في حَدِيثٍ غَيرِهِ إِنَّكُم إِذًا مِثلُهُم إِنَّ اللهَ جَامِعُ المُنَافِقِينَ وَالكَافِرِينَ في جَهَنَّمَ جَمِيعًا "

أَيُّهَا المُسلِمُونَ : حُرمَةُ الدِّينِ عَظِيمَةٌ ، وَتَبدِيلُهُ إلى مَا يُرِيدُهُ النَّاسُ كَبِيرَةٌ ، وَالخَوضُ فِيهِ بِلا عِلمٍ ذَنبٌ وَجَرِيرَةٌ ، وَالنُّصُوصُ في التَّحذِيرِ مِن ذَلِكَ كَثِيرَةٌ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ " وَلا تَقفُ مَا لَيسَ لَكَ بِهِ عِلمٌ إِنَّ السَّمعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنهُ مَسؤُولاً "
وَقَالَ ـ تَعَالى ـ : " قُل أَرَأَيتُم مَا أَنزَلَ اللهُ لَكُم مِن رِزقٍ فَجَعَلتُم مِنهُ حَرَامًا وَحَلالاً قُل آللهُ أَذِنَ لَكُم أَم عَلَى اللهِ تَفتَرُونَ . وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفتَرُونَ عَلَى اللهِ الكَذِبَ يَومَ القِيَامَةِ "
بَلْ لَقَد قَرَنَ ـ تَعَالى ـ تَحرِيمَ ذَلِكَ بِالشِّركِ وَالفَوَاحِشِ فَقَالَ : " قُل إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثمَ وَالبَغيَ بِغَيرِ الحَقِّ وَأَن تُشرِكُوا بِاللهِ مَا لم يُنَزِّلْ بِهِ سُلطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لا تَعلَمُونَ "

وَبِالجَهلِ بِالحَقِّ ضَلَّ أَكثَرُ أَهلِ الأَرضِ وَأَعرَضُوا ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " بَل أَكثَرُهُم لا يَعلَمُونَ الحَقَّ فَهُم مُعرِضُونَ "
وَمِن ثَمَّ فَقَد أَلزَمَ ـ سُبحَانَهُ ـ مَن جَهِلَ شَيئًا مِن دِينِهِ بِالرُّجُوعِ إلى أَهلِ العِلمِ وَالأَخذِ عَنهُم ؛ لِيَعبُدَ رَبَّهُ عَلَى بَصِيرَةٍ ، فَقَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " فَاسأَلُوا أَهلَ الذِّكرِ إِنْ كُنتُم لا تَعلَمُونَ " ذَلِكُم أَنَّ العِبَادَةَ عَلَى جَهلٍ تُؤَدِّي إلى البِدَعِ وَتُوصِلُ إلى الشِّركِ ، وَيُنهِكُ العَابِدُ فِيهَا نَفسَهُ وَيُنصِبُ جَسَدَهُ بِلا أَجرٍ ، فَيَكُونُ مِمَّن " ضَلَّ سَعيُهُم في الحَيَاةِ الدُّنيَا وَهُم يَحسَبُونَ أَنَّهُم يُحسِنُونَ صُنعًا "

وَلأَنَّ مَقَامَ العِلمِ مَرغُوبٌ وَدَرَكَ الجَهلِ مَرفُوضٌ ؛ فَإِنَّ الإِنسَانَ بِطَبِيعَتِهِ يَأبى الوَصفَ بِالجَهلِ وَيَتَرَفَّعَ عَن أَن يُوصَمَ بِهِ ، وَيُحِبُّ أَن يُنسَبَ إلى العِلمِ وَيُمدَحَ بِهِ ، وَذَلِكَ فَضلُ اللهِ يُؤتِيهِ مَن يَشَاءُ وَيَرفَعُ بِهِ مَن أَرَادَ ، غَيرَ أَنَّ ثَمَّةَ مَن قَد يَدَّعِي العِلمَ وَلا عِلمَ لَهُ ، فَيَخُوضُ في الشَرِيعَةِ بِجَهلٍ فَيَضِلُّ وَيُضِلُّ غَيرَهُ ، وَإِنَّهُ مَعَ كَثرَةِ أَدَوَاتِ الشُّهرَةِ وَالظُّهُورِ بِاتِّسَاعِ وَسَائِلِ الإِعلامِ وَالاتِّصَالِ ، وَتَعَدُّدِ أَسَالِيبِ التَّلمِيعِ وَالتَّزيِيفِ ، وَاستِحكَامِ الجَهلِ بِالشَّرِيعَةِ في النَّاسِ ، انبَرَى لِلفِقهِ وَالفُتيَا مَن لَيسَ مِن أَهلِهَا ، ممَّن هُوَ إِمَّا قَارِئٌ مُجَوِّدٌ ، أَو وَاعِظٌ مُؤَثِّرٌ ، أَو إِخبَارِيٌّ يُحسِنُ القَصَّ وَيَسحَرُ بِبَيَانِهِ ، فَأَتَى بَعضُ مَن أُولِعَ مِن هَؤُلاءِ بِالغَرَائِبِ بِشُذُوذٍ مِنَ الفِقهِ ، استُبِيحَت بِهِ مُحرَّمَاتٌ أَو أُسقِطَت بِهِ وَاجِبَاتٌ ، بَل تَعَدَّى الأَمرُ ذَلِكَ إلى تَقَحُّمِ مُتَخَصِّصِينَ في الإِدَارَةِ أَو التَّربِيَةِ أَو غَيرِهَا مِنَ العُلُومِ الدُّنيَوِيَّةِ لِلكَلامِ في سِيرَةِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ وَسِيرَةِ أَصحَابِهِ ، فَأَتَوا بِشَنَائِعَ مِنَ الخَطَأِ ، وَهَكَذَا : مَن تَكَلَّمَ في غَيرِ فَنِّهِ أَتَى بِالعَجَائِبِ ، وَأَعجَبُ مِن ذَلِكَ وَأَخطَرُ أَنْ صَارَ الحَلالُ وَالحَرَامُ كَلأً مُبَاحًا وَعِرضًا مُستَبَاحًا لأَهلِ النِّفَاقِ وَالفِسقِ وَالفُجُورِ ، مِنَ الصَّحَفِيِّينَ الجَهَلَةِ وَالإِعلامِيِّينَ الكَذَبَةِ ، الَّذِينَ لم يَتَوَرَّعُوا عَنِ الكَلامِ في دِيَنِ اللهِ بِلا عِلمٍ وَالخَوضِ في الحَلالِ وَالحَرَامِ بِهَوًى وَجَهلٍ ، بَلْ وَصَلَ الأَمرُ إِلى أَن يَظهَرَ لِلنَّاسِ مُغَنٍّ رَقِيعٌ أَو مُمَثِّلٌ خَلِيعٌ ، أَو رَاقِصَةٌ فَاجِرَةٌ أَو مُمَثِّلَةٌ دَاعِرَةٌ ، فيَرفُضُونَ مِنَ الشَّرِيعَةِ مَا تَأبَاهُ نُفُوسُهُم المَرِيضَةُ ، وَيُعلِنُونَ ذَلِكَ في جُرأَةٍ عَلَى اللهِ وَعَلَى الشَّرِيعَةِ ، مَعَ جَهلٍ ذَرِيعٍ بِأَقدَارِ أَنفُسِهِمُ الوَضِيعَةِ ، وَهَكَذَا تُعمِي الشُّهرَةُ المَرءَ فَلا يَعرِفُ مِقدَارَ نَفسِهِ ، وَتَجعَلُهُ يَظُنُّ أَنَّهُ يَعلَمُ وَهُوَ لا يَعلَمُ ، وَهَكَذَا يَندَفِعُ المُعجَبُونَ بِهِ أَوِ المُستَغِلُّونَ لَهُ فَيَدفَعُونَهُ بِالمَدحِ وَالثَّنَاءِ إلى تَجَاوُزِ مَا يُحسِنُ إلى مَا لا يَحسِنُ ، فَيَأتي بِالأَوَابِدِ وَالبَوَاقِعِ ، وَمِن ثَمَّ كَانَ مِن أَوجَبِ الوَاجِبَاتِ حِمَايَةُ جَنَابِ الشَرِيعَةِ مِن عَبَثِ العَابِثِينَ وَسُخرِيَةِ السَّاخِرِينَ ، أَو مِمَّن يَخُوضُونَ فِيهَا بِجَهلٍ أَو بِهَوًى ، فَيُخَالِفُونَ النَّصَّ أَوِ يَخرِقُونَ الإِجمَاعَ ، قَالَ الإِمَامُ ابنُ القَيِّمِ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ : مَن أَفتَى النَّاسَ وَلَيسَ بِأَهلٍ لِلفَتوَى فَهُوَ آثِمٌ عَاصٍ ، وَمَن أَقَرَّهُ مِن وُلاةِ الأُمُورِ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ آثِمٌ أَيضًا . ثُمَّ نَقَلَ عَن ابنِ الجَوزِيِّ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ قَولَهُ : وَيَلزَمُ وَلِيَّ الأَمرِ مَنعُهُم كَمَا فَعَلَ بَنُو أُمَيَّةَ . وَهَؤُلاءِ بِمَنزِلَةِ مَن يَدُلُّ الرَّكبَ وَلَيسَ لَهُ عِلمٌ بِالطَّرِيقِ ، وَبِمَنزِلَةِ الأَعمَى الَّذِي يُرشِدُ النَّاسَ إلى القِبلَةِ ، وَبِمَنزِلَةِ مَن لا مَعرِفَةَ لَهُ بِالطِّبِّ وَهُوَ يُطِبُّ النَّاسَ ، بَل هُوَ أَسوَأُ حَالاً مِن هَؤُلاءِ كُلِّهِم ...
وَنَقَلَ أَئِمَّةُ الأَحنَافِ عَن أَبي حَنِيفَةَ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ قَولَهُ : لا يَجُوزُ الحَجرُ إِلاَّ عَلَى ثَلاثَةٍ : عَلَى المُفتي المَاجِنِ ، وَعَلَى المُتَطَبِّبِ الجَاهِلِ ، وَعَلَى المُكَارِي المُفلِسِ؛ لِمَا فِيهِ مِنَ الضَّرَرِ الفَاحِشِ إِذَا لم يُحجَرْ عَلَيهِم ، فَالمُفتي المَاجِنُ يُفسِدُ عَلَى النَّاسِ دِينَهُم ، وَالمُتَطَبِّبُ الجَاهِلُ يُفسِدُ أَبدَانَهُم ، وَالمُكَارِي المُفلِسُ يُتلِفُ أَموَالَهُم ، فَيُمنَعُونَ مِن ذَلِكَ دَفعًا لِلضَّرَرِ .
وَقَد فَسَّرُوا المُفتِيَ المَاجِنَ بِأَنَّهُ الَّذِي يُعَلِّمُ النَّاسَ الحِيَلَ ؛ لِيَحتَالُوا عَلَى الشَّرِيعَةِ ، وَمَا أَكثَرَ مَن يَفعَلُ ذَلِكَ في زَمَنِنَا هَذَا بِاسمِ التَّيسِيرِ ، أَو بِدَعوَى مُوَافَقَةِ رُوحِ العَصرِ ، أََو بِدَافِعِ الخُضُوعِ لِعُمُومِ البَلوَى وَالاتِّكَاءِ عَلَى المَقَاصِدِ ، وَلَو كَانَ بِانتِهَاكِ الشَرِيعَةِ وَإِسقَاطِ أَحكَامِهَا . وَإِذَا كَانَ يَجِبُ مَنعُ الجَاهِلِ مِنَ الخَوضِ في الشَّرِيعَةِ ، فَوَاجِبٌ عَلَى النَّاسِ أَلاَّ يَستَمِعُوا إِلَيهِ وَلا يَأخُذُوا عَنهُ ، وَلا يَسألُوهُ عَمَّا أَشكَلَ عَلَيهِم في دِينِهِم ، وَإِنَّمَا يَرجِعُونَ إلى العُلَمَاءِ الثِّقَاتِ المَشهُودِ لَهُم بِالعِلمِ وَالفَضلِ ، وَقَد كَانَ هَذَا هُوَ دَيدَنَ الأُمَّةِ مِن عَهدِ القُرُونِ المُفَضَّلَةِ إِلى عَهدٍ قَرِيبٍ ، خَاصَّةً في هَذِهِ البِلادِ المُبَارَكَةِ ، الَّتي دَرَجَ أَهلُهَا عَلَى تَقدِيرِ العِلمِ وَإِعزَازِ أَهلِهِ ، فَكَانُوا يَحتَاطُونَ لأَنفُسِهِم فَلا يَأخُذُونَ دِينَهُم إِلاَّ عَمَّن يَثِقُونَ في دِينِهِ وَعِلمِهِ ، غَيرَ أَنَّهَا نَبَتَت في هَذِهِ البِلادِ نَوَابِتُ ممَّن لا يَرجُونَ للهِ وَقَارًا ، فَعَبَثُوا بِمَقَامِ الفَتوَى وَتَسَاهَلُوا فِيهَا ، وَسَهَّلُوا لِلنَّاسِ سُلُوكَ كُلِّ طَرِيقٍ نَشَازٍ لَيسَت لَهُم ، فَكَانَ لا بُدَّ مِن وَقفَةٍ جَادَّةٍ حَازِمَةٍ ، تُعِيدُ الشَّارِدَ وَتُقَيِّدُ الآبِدَ ، وَتَهدِي الضَّالَّ وَتُثَبِّتُ المَهتَدِيَ ، وَهُوَ مَا تَوَلاَّهُ وَليُّ الأَمرِ وَفَّقَهُ اللهُ ، حَيثُ أَصدَرَ أَمرَهُ بِأَلاَّ يَتَوَلىَّ الإِفتَاءَ إِلاَّ أَهلُهُ ، مِن حَمَلَةِ العِلمِ الشَّرعِيِّ الرَّاسِخِينَ ، أَلا فَاتَّقُوا اللهَ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ وَامتَثِلُوا أَمرَ وَليِّ الأَمرِ أَثَابَهُ اللهُ ، وَاسأَلُوا أَهلَ الذِّكرِ إِن كُنتُم لا تَعلَمُونَ . أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ : " وَلا تَقُولُوا لما تَصِفُ أَلسِنَتُكُمُ الكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفتَرُوا عَلَى اللهِ الكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفتَرُونَ عَلَى اللهِ الكَذِبَ لا يُفلِحُونَ "



الخطبة الثانية :
أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ ـ تَعَالى ـ وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ، وَاقَدُرُوا هَذَا الشَّهرَ المُبَارَكَ قَدرَهُ وَلا تُضِيعُوهُ ، اُعمُرُوا أَوقَاتَهُ الشَّرِيفَةَ بِأَنوَاعِ الطَّاعَاتِ ، فَإِنَّ العَمَلَ فِيهَا لَيسَ كَالعَمَلِ في غَيرِهَا ، حَافِظُوا عَلَى الفَرَائِضِ وَاستَكثِرُوا مِنَ النَّوَافِلِ ، وَاعلَمُوا أَنَّ الجَنَّةَ حُفَّت بِالمَكَارِهِ فَاصبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا ، وَالنَّارَ قَد حُفَّت بِالشَّهَوَاتِ فَانتَبِهُوا وَاحذَرُوا وَاتَّقُوا ، قَدِّمُوا لأَنفُسِكُم مَا تَرجُونَهُ غَدًا عِندَ رَبِّكُم ، وَفُّوا أَعمَالَكُم وَقُومُوا قِيَامًا طَوِيلاً ، وَلا تَكُونُوا ممَّن لا يَذكُرُونَ اللهَ في صَلاتِهِم إِلاَّ قَلِيلاً ، فَإِنَّ المَوتَ آتٍ وَلِقَاءَ اللهِ قَرِيبٌ ، وَالتَّنَافُسُ المَقصُودُ وَالتَّسَابُقُ المَحمُودُ وَالفَلاحُ المَنشُودُ ، إِنَّمَا هُوَ في الخُشُوعِ وَالتَّبَتُّلِ وَالقُنُوتِ للهِ ، لا في سُرعَةِ الخُرُوجِ مِنَ المَسَاجِدِ وَاغتِنَامِ مَجَالِسِ اللَّهوِ وَاللَّغوِ " مَن كَانَ يَرجُو لِقَاءَ اللهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ لآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ . وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفسِهِ إِنَّ اللهَ لَغَنيٌّ عَنِ العَالمِينَ . وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنهُم سَيِّئَاتِهِم وَلَنَجزِيَنَّهُم أَحسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعمَلُونَ "


شكر الله تعالى لك يا شيخ عبد الله ونفع بك الإسلام والمسلمين آمين..
جهد مبارك مشكور لا أملك لك عليه إلا الشكر والدعاء لك بالتوفيق والسداد..
وأما الاستئذان فقد أفتاك الشيخ ماجد الفريان لما اختصرت خطبة سابقة بأنه لا يلزمك أن تستأذن محتجا -إن لم تخني الذاكرة- بأن اللاحقين من العلماء يختصرون كتب السابقين ولم يستأذنوهم، ولست أدري كيف يستأذنونهم وهم في قبورهم، ولو احتج بأن المختصر مؤلف لأن الاختصار من أنواع التأليف..لكان أولى، ويمكن الشيخ ماجد احتج بما قلت فإني نسيت ما كتب حينها وفيني ثقل عن البحث عنه ومراجعته وأردت مناكفته في ذلك وفقه الله تعالى.
وأظن أن الاختصار في حياة من يختصر كلامه الأولى أن يحتاج إلى إذن وفي بعض الحالات يجب؛ لأن المختصر قد يفسد الأصل، وقد يخل بالاختصار، وأذكر قضية قبل سنة أو أكثر نشبت بين شيخين مشهورين كريمين من هذا النوع وكادت أن تصل للقضاء وللصحافة المتربصة بهما جميعا لولا أن الله تعالى سلم وأعانني على الصلح بينهما، فأحدهما اختصر رسالة علمية للثاني ونشر المختصر دون أن يراجع صاحب الأصل، فادعى صاحب الأصل أن المختصر لم يحسن الاختصار، وقد أحرق الأصل بإخراجه للمختصر...
وعموما إن كان الأمر يحتاج إلى إذن فإني أعطيك يا شيخ عبد الله إذنا مطلقا باختصار ما ترى مما أكتب، وإن كان لا يحتاج فشد يدك على فتوى الشيخ ماجد..
وليعلم الشيخ ماجد مع صدور أمر قصر الفتوى على هيئة كبار العلماء ومن يرونه أهلا لذلك أني أنبش فتواه الآن لأورطه فهي فتوى في شأن عام وهو الاختصار وحقوق الكتاب، فناسب أن يكون التعليق عليها والتذكير بها الآن..


هئ هئ هئ ... :D
ما شاء الله عليك مخلص خطبتك ومتقعد لنا تناكفنا. :mad:
على العموم الحمد لله خلصت خطبتي الآن.
الله يوفق الجميع، ويتقبل منا ومنكم. :p




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مادام الشيخ أجاز الاختصار فلعله يقبل مشكورا مأجورا هذه الإضافة :
(وإن مما يجدر التنبيه إليه التوظيف الخاطئ من قبل بعض الإعلاميين وكتاب الأعمدة و الزوايا وأصحاب (المانشيتات) للتوجيه الملكي وتصويره وكأنه انتصار للتيار التغريبي وتكميم لأفواه مناوئيه وحماية لمشاريع تغريبية قائمة وأخرى قادمة أو مصادرة للرأي و إقصائية في زمن الحوار الوطني ، وانغلاق في عهد حرية الرأي والتعبير ،أو كهنوتية في زمن الانفتاح، مما حدا بالبعض في المقابل إلى التخوف أن يقتصر المنع من الخوض في الشريعة على طلابها وباحثيها ، دون الصحفيين والكتاب والإعلاميين والكوميديين ونحوهم ولا شك أن ذلك التوظيف الإعلامي والصحفي الخاطئ هو الذي أوجد مثل ذلك ، ولكن معرفة ظروف ذلك البيان وأن الموضوع بحث من قبل هيئة كبار العلماء في اجتماعها الأخير ورفعت فيه توصيات ، وما سبقه أيضا من فتاوى شاذة استجلبتها و تبنتها وروجتها بعض وسائل الإعلام، إضافة إلى شمول البيان في نصه وفحواه للجميع فإن في ذلك ما يطمئن بحول الله تعالى ، ثم لم العجلة فالتطبيق سيكون الحاسم بإذن الله تعالى) .
شيخنا ماجد وأين خطبتك التي أشرت إليها :confused: أحرام على بلابله الدوح؟؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته