الشام وفضلها

عبدالله اليابس
1433/12/23 - 2012/11/08 10:19AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وبعد:
فهذه خطبة كتبتها منذ مدة أحببت إفادة إخواني في هذا الملتقى المبارك بها, عل الله يجعل بها الفائدة لكاتبها وقارئها وسامعها.




الشام الجمعة 11/7/1433هـ
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، {ياأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}, {ياَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِى خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ وٰحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِى تَسَاءلُونَ بِهِ وَٱلأَرْحَامَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً},(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما).
أما بعد: فإن الله تعالى أحكم الحاكمين, يصطفي من خلقه ما يشاء, خلق الأيام فاصطفى منها يوم الجمعة, وخلق الشهور فاصطفى منها شهر رمضان, وخلق الناس فاصطفى منهم الأنبياء, وخلق الأماكن فاصطفى منها مكة والمدينة وبلاد الشام.
نعم.. بلاد الشام, بلاد اصطفاها الله تعالى واختارها, فليست كسائر الأراضي, وليست كسائر البلدان.
امتلأت دواوين السنن بذكر فضائل الشام, وذكر ما يحدث في الشام, حتى ألف بعض أهل العلم مؤلفات منفردة في فضل الشام وأهله.
يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم.. الشام .. هي خيرة الله من أرضه, عن عبدالله بن حوالة رضي الله تعالى عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (سيصير الأمر إلى أن تكونوا جنودا مجندة: جند بالشام, وجند باليمن, وجند بالعراق, قال ابن حوالة: خِرْ لي يا رسول الله إن أدركت ذلك, فقال: عليك بالشام, فإنها خيرة الله من أرضه, يجتبي إليها خيرته من عباده, فأما إن أبيتم فعليكم بيمنكم, واسقوا من غدركم, فإن الله توكل لي بالشام وأهله), فكان أبو إدريس الخولاني إذا حدث بهذا الحديث التفت إلى ابن عامر فقال: "من تكفل الله تعالى به فلا ضيعة عليه".
وجاء في الحديث أن ابن حوالة رضي الله عنه سأل رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أن يختار له بلادا يسكنها ، فقال: (عليك بالشام ، فإنها خيرة الله من أرضه ، يجتبي إليها خيرته من عباده )
نعم .. الشام خيرة الله من أرضه .. وأهل الشام قد اجتباهم الله تعالى واختارهم من بين عباده لسكنى الشام.
وكم بالشام من شرف وفضل ومرتقب لدى بر وبحر
بلاد بارك الرحمن فيها فقدسها على عِلم وخُبْر
بها غرر القبائل من معَدٍّ وقحطان ومن سروات فهر
أناس يكرمون الجار حتى يجير عليهم من كل وتر
إنها الشام يامن تجهل الشام.. عقر دار المؤمنين, جاء في الحديث عن جبير بن نفير أن سلمة بن نفيل أخبرهم أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني أسمنتُ الخيل, وألقيتُ السلاح, ووضعتِ الحرب أوزارها, قلت لا قتال, فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (الآن جاء القتال, لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الناس, يُزيغ اللهُ قلوب أقوامٍ فيقاتلونهم, ويرزقهم الله منهم, حتى يأتي أمر الله عز وجل وهم على ذلك, ألا إن عقر دار المؤمنين الشام, والخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة) رواه أحمد بإسناد حسن.
نعم.. إنها الشام يامن تجهل الشام.. عقر دار المؤمنين, دعا لها النبي صلى الله عليه وسلم بالبركة من بين أكثر أقاليم الأرض, جاء في الحديث الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللهم بارك لنا في مدينتنا, وبارك لنا في شامنا, وبارك لنا في يمننا, وبارك لنا في صاعنا, وبارك لنا في مدنا).
إذا وقعت الفتن فإن الإيمان في الشام .. جاء في الحديث الصحيح عند أحمد والطبراني وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بينما أنا في منامي أتتني الملائكة, فحملت عمود الكتاب من تحت وسادتي, فعمدت به إلى الشام, ألا فإن الإيمان حين تقع الفتن بالشام).
يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم.. لقد أخبرنا الحبيب صلى الله عليه وسلم قبل أن تفتح الشام أنه عند حدوث الملاحم, وحين يصطرع الحق والباطل, تكون دمشق عاصمة الشام خير منازل المسلمين, عن عبدالرحمن بن جبير عن أبيه عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (سيفتح عليكم الشام, وإن بها مكاناً يقال له الغُوطة ــ يعني دمشق ــ من خير منازل المسلمين في الملاحم) رواه أحمد وصححه الشيخ أحمد شاكر.
وإذا كانت دمشق من خير منازل المسلمين في الملاحم فقد أخبر أيضًا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن فسطاط المسلمين يومئذ سيكون فيها, فقد جاء عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (فسطاط المسلمين يوم الملحمة الغوطة, إلى جانب مدينة يقال لها: دمشق) صححه الشيخ الألباني.
هذه هي منزلة دمشق والشام عند المسلمين.
وما تناهيت في بثي محاسنها إلا وأكثر مما قلتُ لم أدع
تلك هي شام الماضي والمستقبل.. فما حال شام اليومَ؟
"حمَاةٌ" تشْتكِي البَاغِي و "حِمْصٌ " ... و" دَرعا " تشْتَكي و "أبوكـــمَالِ "
و" دَير الزَّورِ " تشكو جور بـــــاغٍ ... و "إدلِـبَ" و " المـَـــعَرَّةُ " في اعتِلالِ
وفي " مصيافها " جـــــرحٌ عمــيقٌ ... و " جسرُ شُغُورها " في شــرِّ حالِ
وأمَّا " بانـــــياسُ " فقـــــد دَهَــــاها ... " كدُومَةَ "ما يــــدلُّ على اختــــلالِ
و " قامِشْلي " و " تَدْمُرُ " في عناءٍ ... وكُلُّ مــــــدائِنِ الشَّـــــامِ الغــــوالي
وفي وسـطِ البـــلادِ لهيــــبُ نـــــارٍ ... وفي أقْصَى السَّـــوافِلِ و العَــــوَالي
بلادُ الشَّــــــامِ من شـرقٍ لغــــــربٍ ... تئـــــنُّ ، ومِنَ جنــــــوبِ للشِّـــمالِ
نعم .. هذا حال بلاد الشام اليوم, حين استأسد الباغي وتنمر, واستطال الكافر وتجبر, ولكن.. هل سيستمر الحال على ذاك؟ لا والله! كيف؟! وقد علمنا أن الله تعالى جعل للظلم نهاية .. (إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته), طغى فرعون مصر, فقتل المواليد في مهدهم, واستحيى النساء, وقال: أنا ربكم الأعلى, وزاد: أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي فأجراها الله من فوقه لما تجبر, (وفرعون ذي الأوتاد * الذين طغوا في البلاد* فأكثروا فيها الفساد*فصب عليهم ربك سوط عذاب*إن ربك لبالمرصاد).
قِفْ عن القتل فقد جاوزت حدَّك - - واتّقِ الله الذي إن شاء هدّك
قِفْ عن القتل فإن القتل نارٌ - - سوف تُصْلِي رأسكَ الخاوي وزِنْدَك
أيها المسرف في القتل ستلقى - - عند بوابتك السوداء لحدك
إن إبليس الذي أعطاك وهماً - - هو للإجرام والظلم أعدك
فانتظر عُقباك في الدنيا ضياعاً - - وانتظر عند إله العَرْشِ وعدك
بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم قد قلت ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.
:: الخطبة الثانية ::.
الحمد لله ذي القوة المتين, ناصر المظلومين, ومجيب دعوة المضطرين, مغيث المستغيثين, فارج الهم, وكاشف الكرب, لا إله إلا هو الرحمن الرحيم, وصلى الله وسلم على المبعوث رحمة للعالمين, وعلى آله وصحبه وخلفائه الراشدين, ومن استن بسنتهم إلى يوم الدين, أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون.
يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم.. رغم الآلام والدمار, ورغم الإذلال والاحتقار, ورغم المجازر الكبار, إلا أنه قد لاحت في الأفق بوادر الانتصار.
لابد لليل من طلوع الفجر, ولابد للظلم من قليل من الصبر, حتى يزول ونذوق حلاوة النصر.
على كل تلك المجازر والمذابح والآلام إلا أن الآمال في محاضن الآلام, وعلامات الانتصار بدأت تظهر, كيف لا؟! والشعب قد حقق التوحيد لله وفوض أمره إليه, فلم نسمع الصيحة الشهيرة التي تقول: (مالنا غيرك ياالله) إلا في سوريا؟ تطبيق عملي للتوحيد, وتبرؤ من الحول والقوة إلا بالله وحده , فنعم المولى ونعم النصير.
إني لأبصر للعدو نهاية سوداء تنهي السوق والسمسارا
وتعيد أرض الشام أرضًا حرة تستقبل الفضلاء والأخيارا
هي سنة الرحمن تحكم كونه أن لا يرى الباغون إلا العارا
لقد تواترت الأخبار من الداخل السوري عن عودة الناس إلى دين ربها, وكثرة رواد المساجد, والتواصي على إحياء الليل بالصلاة والدعاء, وتسابق الناس للشهادة في سبيل الله, إن شعبًا يحتفل أفراده بالشهيد فيزف إلى قبره كما يزف العريس إلى بيت زوجه, محفوفًا بزغاريد النساء فرحًا بما نال والله لن يغلب.
يادمشقَ الشام ،هذي - - فُرْصةُ النّصْر المبين
إنّ جزّارَكِ أمْسى - - في لظَى الحزن الدّفين
هو في الحُفْرَةِ يبدو - - في انكسار المُسْتَكينِ
يَشْرَبُ الوَهْمَ وينسى - - صَيْحَةَ الراوي الأمين
لن يضيعَ الدّمُ هَدْراً - - عند ذي العرش المكين
بشِّروا القاتلَ بالقَتْـ - - ـلِ ،ولو من بعد حين
يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم.. إن كان نصر الشام لاح في الأفق فليكن لكل منا مساهمة في تعجيل النصر, الدعاء الدعاء.. لا تحتقر الدعاء فإنه من أعظم الأسلحة والله, دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بدر وألح في الدعاء حتى جاء النصر, وكان الصحابة رضي الله عنهم من بعده سلاحهم الأمضى الدعاء:
أتهزأ بالدعاء وتزدريه وما تدري بما صنع الدعاء؟
سهام الليل لا تخطي ولكن لها أمد وللأمد انقضاء
من وسائل النصرة الدعم المادي لإخواننا السوريين عبر القنوات الموثوقة, والدعم المعنوي كل في مجاله, يا أصحاب الأقلام ويا كتاب الأنترنت اجعلوا لهذه القضية نصيبًا من كتابتكم, احملوا هم القضية, ارفعوا من معنويات إخوانكم هناك, واجعلوها قضيتكم الأولى, فإن ذلك ولا شك من الجهاد في سبيل الله.
أَيـــــا أحــــبابِنا في الشَّــــــــامِ إنِّي ... أُشاهِدُ مَصْــرَعَ البــــاغِي حِــــيَالي
و أُبصِــــرُ في رُبــــوعِ الشَّامِ فجراً ... سينْـــسِفُ ليلَ تُجَّـــــار الضَّـــــلالِ
أيا أحْـــبابَنا في الشَّــــامِ صَـــــــبْراً ... على هـــذا التَّـــــخاذُلِ و الهُـــــزالِ
أشِيـــحوا بالوُجُـــــوهِ عنِ الدَّعـاوى ... وعن هَــذا التَّذَبْـــــذُبِ في المقَــــالِ
و لُـــوذوا بالَّذي يحْمِــــي ضعــــيفاً ... ويهــــزمُ باغِــــــياً ، رَبِّ الجَـــلالِ
ولا تخْشــــوا مُكاثَرَةَ الأعــــــــادي ... وخَشْـــخَشَةَ الزَّواحِفِ و السَّـــحالي
فعِــــندَ اللهِ نصْــــــرٌ حيـــــنَ يـأتي ... سينْـــقُضُ ما تشَـــابَكَ من حِـــــبالِ
اللهم انصر أهل الشام, وأهلك طاغية الشام وحزبه, وأرنا فيهم يومًا أسودًا, اللهم عاجلاً غير آجل اللهم عاجلاً غير آجل, اللهم عاجلاً غير آجل.
المرفقات

الشام وفضلها 10-7-1433.doc

الشام وفضلها 10-7-1433.doc

المشاهدات 3058 | التعليقات 2

بارك الله في جهودكم شيخ عبدالله ونفع بكم


بارك الله فيك ونفع بك..