السعودية هي الحضن الدافئ للعرب والمسلمين - الزِّلْزَالِ الذِي ضَرَبَ تُرْكِيَا وَسُورِيَا

محمد البدر
1444/07/18 - 2023/02/09 01:01AM

الْخُطْبَةُ الأُولَى:

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ , وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾.﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا(70)يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.

أمّا بعدُ:فإنَّ خيرَ الحديثِ كتابُ اللهِ، وخيرَ الهدْيِ هدْيُ محمدٍﷺوشرَّ الأمورِ مُحدَثاتُها، وكلَّ مُحدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.

عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها(1) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها(2)وَقالَ الْإِنْسانُ مَا لَها﴾. وَقَالَﷺ:«أُمَّتِي هَذِهِ أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ، لَيْسَ عَلَيْهَا عَذَابٌ فِي الآخِرَةِ، عَذَابُهَا فِي الدُّنْيَا الْفِتَنُ، وَالزَّلاَزِلُ، وَالْقَتْلُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.وَقَالَ شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيمِيَّةَ رَحِمَهُ اللهُ:الزَّلَازِلُ مِنْ الْآيَاتِ الَّتِي يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهَا عِبَادَهُ, كَمَا يُخَوِّفُهُمْ بِالْكُسُوفِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْآيَاتِ. وَالْحَوَادِثُ لَهَا أَسْبَابٌ وَحِكَمٌ, فَكَوْنُهَا آيَةً يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهَا عِبَادَهُ هِيَ مِنْ حِكْمَةِ ذَلِكَ.إلخ.ومِنْ حِكَمِ الزَّلازِلِ والبَراكِينِ, والعَواصِفِ والفَيَضاناتِ: أنها آياتٌ يُخَوِّفُ اللهُ بها عِبادَه, حتى يرجعوا إليه ويتوبوا, ويُقْلِعوا عن الذُّنوبِ والخَطايا؛ قَالَ تَعَالَى:﴿وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا﴾.وقال قتادةَ رحمه الله:إِنَّ اللَّهَ يُخَوِّفُ النَّاسَ بِمَا شَاءَ مِنْ آيَاتِه لَعَلَّهُمْ يَعْتَبِرُونَ، أَوْ يَذَّكَّرُونَ، أَوْ يَرْجِعُونَ.إلخ.

عِبَادَ اللَّهِ:هَذِهِ الْأَرْضُ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ قَرَارًا، فِي طَرْفَةِ عَيْنِ يُغَيِّرُ اللَّهُ حَالَهَا مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ، فَأِذا بِالأَرْضِ الصُّلْبَةِ السَّاكِنَةِ تَضْطَرِبَ، وَالسُّقُوفُ تَجْثُو، وَالْبِنَايَاتُ تَتَمَايَلُ وتتهدم وتنهار على من فيها ، وَالْحِيطَانُ تَتَنَاثَرُ،وإذا بالمَكانِ يَضُجُّ ضَجَّاً، وَالنَّاسُ بَينَ هَلَعٍ وَجَزَعٍ ، وَبُكَاءٍ وَصِيَاحٍ وَعَوِيلٍ ودُعاءٌ واستِغاثاتٌ، من هنا وهناك فالبُيوتٌ تَتَهاوى على ساكنيها ، حتى أَصبحَ عاليها سافَلَها، والشَوارعُ تَتصدَّعُ، وتبتَلَعَتْ مَنْ كَـانَ عَلى ظَهرِها في بَطنِها، في دقائق بل في ثَوانٍ مَعدودةٌ، وإذا بالآثارِ التي خَلَّفَها الزِلزالُ، فَاجِعةٌ يهتز لها كل البشر، فنرى عبر وسائل الاعلام المختلفة آلافُ القَتلى والمُصابينَ، وآلافٌ من النَّاسَ تَحتَ الأنقاضِ مُحتَجَزينَ، كِبَاراً وصِغاراً، رِجالاً ونِساءً،فعلينا عِنْدَ وُقوعِ الزَّلازِلِ وغَيْرِها مِنَ الآياتِ العَظِيمَة، اللجوء إلى الله والتَّضَرُّعُ إليه تعالى, والإنابةُ إليه, والإقلاعُ عن المعاصي, والمُبادرةُ إلى التَّوبةِ النصوح, وكثرة الاستغفارِ, والإلحاحُ إليه بالدُّعاءِ, والذِّكْرِ, والصَّدَقَةِ, وغَيرِها من الأسبابِ التي يُسْتَدْفَعُ به العذابُ والنِّقَم.قَالَ تَعَالَى:﴿فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.وَقَالَ تَعَالَى:﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾.

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا...


 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ, وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا وَإِمَامِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُم بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

عِبَادَ اللَّهِ:وتبقى المملكة العربية السعودية دوماً هي الحضن الدافئ للعرب والمسلمين، عند حلول النكبات والكوارث الطبيعية،فَبِتَوْجِيِهٍ كَرِيمٍ مِنْ خَادِمِ الحَرَمِينِ الشَّرِيفَينِ المِلك سَلْمَان بن عَبْدِ العَزِيزِ وَصَاحِبِ السُّمُوّ الملَكِي الأَمِيرِ محمد بنِ سَلمان حَفِظَهُمُ اللهُ, تَقُومُ حُكُومَتُنَا بِتَسْيِيرِ جِسْرٍ جَوِّيٍ لِتَقْدِيمِ مُسَاعَدَاتٍ صِحِّيَّةٍ وَإِيوَائِيَّةٍ وَغِذَائِيَّةٍ لِتَخْفِيفِ آثَارِ الزِّلْزَالِ, وَتَنْظِيمِ حَمْلَةٍ شَعْبِيَّةٍ عَبْرَ مِنَصَّةِ (سَاهِمْ) لِمُسَاعَدَةِ الضَّحَايَا فِي البَلَدِينِ الشَّقِيقَينِ, وَالوُقُوفِ مِعَ إِخْوانِنَا فِي هَذَا المُصَابِ, فَجَزَاهُمُ اللهُ خَيرًا وَكَتَبَ أَجْرَهُمْ, وَبَارَكَ فِي جُهُودِهِمْ, وِلِلَّهِ الحَمْدُ وِالمنَّةُ أَوْلًا وَآخِرًا, فَأَللهَ أَللهَ فِي احْتِسَابِ الأَجْرِ وَالمسَاهَمَةِ كُلٌّ بِحَسَبِ قُدْرَتِهِ.

اعلموا يا عباد الله أن قِيامَ المسلمين بنَجدةِ المنكوبِين وإغاثةِ الملهوفِين ممن نزَلت بهم الزلازل والكوارث هو من أفضلِ القربات، ومن صنائعِ المعروف التي تقي مصارع السوء، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة،وإن قيام ولاة الأمر-أيدهم الله- بالتوجيه بإغاثة مصابي الزلازل في سوريا وتركيا من خلال جسر جوي وتقديم مساعدات صحية وغذائية وإيوائية، وتنظيم حملة شعبية عبر منصة«ساهم»لتمكين المواطنين والمقيمين من مساعدتهم ليس بمستغرب عليهم في قيامهم بحق إخوانهم المسلمين، فهي امتداد لمواقف المملكة الإنسانية-حرسها الله-في إغاثة المنكوبين، جزاهم الله خيراً وزادهم إحساناً وتوفيقاً،فلنبادر أيها الإخوة والأخوات بالمساهمة عبر منصة«ساهم»بالمستطاع، لنجدة المنكوبين، فهم في كربة وغربة، مع بذل الدعاء وصدق الرجاء برفع محنتهم والله لطيف بعباده لا يرد سائلا سأله بصدق وإخلاص.

عِبَادَ اللهِ:إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ أَمَرَنَا بِأَمْرٍ بَدَأَ فِيهِ بِنَفْسِهِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد.وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن صحابته أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. واحفظ اللّهمّ ولاةَ أمورنا، وأيِّد بالحق إمامنا ووليّ أمرنا، اللّهمّ وهيّئ له البِطانة الصالحة التي تدلُّه على الخير وتعينُه عليه، واصرِف عنه بطانةَ السوء يا ربَّ العالمين، واللهم وفق جميع ولاة أمر المسلمين لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين يا ذا الجلال والإكرام.﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾.

عِبَادَ اللَّهِ:اذكروا الله يذكركم ، واشكروه على نعمه يزدكم ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾.

المرفقات

1675893638_السعودية هي الحضن الدافئ للعرب والمسلمين - الزِّلْزَالِ الذِي ضَرَبَ تُرْكِيَا وَسُورِيَا.pdf

المشاهدات 1609 | التعليقات 2

الله يسعدك ياشيخ ع خطبك القصيرة الجميلة الوافية الكافية 


جزاك الله خيرا