السَّاعَةُ قَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا 13 جمادى الأولى 1435هـ

محمد بن مبارك الشرافي
1435/05/11 - 2014/03/12 09:11AM
السَّاعَةُ قَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا 13 جمادى الأولى 1435هـ
الْحَمْدُ للهِ الْمُتَفَرِّدِ بِعِلْمِ الْغَيْبِ وَقِيَامِ السَّاعَةِ، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ أَبَانَ لِمُرْسَاهَا عَلامَاتٍ صُغْرَى وَأُخْرَى كُبْرَى سَطَّاعَة ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدَاً عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ ، خَيْرُ مَنْ دَلَّ عَلَى الْهُدَى وَأَذَاعَه ، وَأَرْشَدَ إِلَى الْبِرِّ وَأَشَاعَه ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ الْبَاذِلِينَ لِمَرْضَاةِ اللهِ غَايَةَ الْجُهْدِ وَمُسْتَطَاعَه ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى قِيَامِ السَّاعَة .
أَمَّا بَعْدُ : فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ (فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ)
إِنَّ السَّاعَةَ قَدِ اقْتَرَبَتْ , وَقِيَامَ النَّاسِ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ قَدْ دَنَا , وَزَوَالَ الدُّنْيَا قَدْ أَوْشَكَ , وَقَدْ جَعَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِقُرْبِ قِيَامِ السَّاعَةِ عَلامَاتٍ يَسْتَدِلُ بِهَا الْمُؤْمِنُونَ عَلَى قُرْبِهَا .
قَالَ اللهُ تَعَالَى (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ)
أَيُّهَا الْمُسْلمُونَ : إِنَّ عِلْمَ وَقْتِ قِيَامِ السَّاعَةِ قَدِ اخْتَصَّ اللهُ بِهِ فَلا يَعْلَمُهُ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَلا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ , قَالَ اللهُ تَعَالَى (يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا * فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا * إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا * إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا) فَنَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَعْلَمُ وَقْتَهَا , فَكَيْفَ بِغَيْرِهِ ؟
وَلَكِنْ مَعَ هَذَا فَقَدْ جَعَلَ اللهُ لِلسَّاعَةِ عَلامَاتٍ يُعْرَفُ بِهَا قُرْبُ قِيَامِها, وَهَذِهِ الْعَلامَاتُ نَوْعَانِ : كُبْرَى وَصُغْرَى .
وَفِي هَذِهِ الْخُطْبَةِ سَنَتَعَرَّضُ بِإِذْنِ اللهِ لِهَذِهِ الْعَلامَاتِ بِشَيْءٍ مِنَ الاخْتِصَارِ.
فَأَمَّا عَلامَاتُ السَّاعَةِ الْصُّغْرَى فَهِيَ كَثِيرَةٌ جِدَّاً حَتَّى عَدَّ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مَا يَزِيدُ عَلَى خَمْسِينَ عَلامَةً .
فَمِنْهَا بِعْثَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ) وَيَقْرِنُ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَاللَّفْظُ لِمُسْلِم .
وَمِنْهَا انْشِقَاقُ الْقَمَرِ , قَالَ اللهُ تَعَالَى (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) وَقَدْ حَصَلَ هَذَا فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِرْقَتَيْنِ , فِرْقَةً فَوْقَ الْجَبَلِ وَفِرْقَةً دُونَهُ , فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (اشْهَدُوا) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
وَمِنْهَا نَارٌ عَظِيمَةٌ خَرَجَتْ فِي جِبِالِ الْحِجَازِ رَآهَا أَهْلُ الشَّامِ , فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَخْرُجَ نَارٌ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ تُضِيءُ أَعْنَاقَ الْإِبِلِ بِبُصْرَى) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . وَقَدْ ظَهَرَتْ هَذِهِ النَّارُ فِي مُنْتَصَفِ الْقَرْنِ السَّابِعِ الْهِجْرِيِّ , وَكَانَتْ نَارَاً عَظِيمَةً , أَفَاضَ فِيهَا الْعُلُمَاءُ مِمَّنْ عَاصَرَ ظُهُورَهَا وَمَنْ بَعْدَهُمْ فِي وَصْفِهَا , قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ : خَرَجَتْ فِي زَمَانِنَا نَارٌ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَسِتِّ مَائَة , كَانَتْ نَاراً عَظِيمَةً جِدَّاً مِنْ جَنْبِ الْمَدِينَةِ الشَّرْقِيِّ وَرَاءَ الْحَرَّةِ , وَتَوَاتَرَ الْعِلْمُ بِهَا عِنْدَ جَمِيعِ الشَّامِ وَسَائِرِ الْبُلْدَانِ , وَأَخْبَرَنِي مَنْ حَضَرها َمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ .
وَمِنَ الْعَلَامَاتِ الصُّغْرَى : مَوْتُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَفَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ , وَطَاعُونٌ يَمُوتُ بِسَبَبِهِ خَلْقٌ كَثِيرٌ , وَاسْتِفَاضَةُ الْمَالِ , وَقِتَالُ الرُّومِ , فَعَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوك وَهُوَ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ فَقَالَ(اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ : مَوْتِي , ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ , ثُمَّ مُوْتَانٌ يَأْخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ الْغَنَمِ , ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ الْمَالِ حَتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِائَةَ دِينَارٍ فَيَظَلُّ سَاخِطًا , ثُمَّ فِتْنَةٌ لَا يَبْقَى بَيْتٌ مِنْ الْعَرَبِ إِلَّا دَخَلَتْهُ , ثُمَّ هُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الْأَصْفَرِ فَيَغْدِرُونَ فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةً تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وَمِنَ الْعَلامَاتِ : كَثْرَةُ الْفِتَنِ , وَنَحْنُ وَاللهِ فِي عَصْرٍ كَثْرُتْ فِيهِ الْفِتَنُ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ , فَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْروٍ بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَنَزَلْنَا مَنْزِلاً ... إِذْ نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةُ جَامِعَة , فَاجْتَمَعْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ (إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلَّا كَانَ حَقَّاً عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ , وَإِنَّ أُمَّتَكُمْ هَذِهِ جُعِلَ عَافِيَتُهَا فِي أَوَّلِهَا , وَسَيُصِيبُ آخِرَهَا بَلاءٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا , وَتَجِيءُ فِتْنَةٌ فَيُرَقِّقُ بَعْضُهَا بَعْضَاً , وَتِجيءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ : هَذِهِ مُهْلِكَتِي , ثُمَّ تَنْكَشِفُ وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ : هَذِهِ هَذِهِ , فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ وَيَدْخُلَ الْجَنَّةَ فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوُ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ , وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ , وَمَنْ بَايَعَ إِمَامَاً فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ فَلْيُطِعْهُ إِنِ اسْتَطَاعَ , فِإِنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعْهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَ الآخَرِ) رَوَاهُ مُسْلِم .
وَهَذِهِ الْفِتَنُ قَدْ كَثُرَتْ فِي عَصْرِنَا , فِتَنُ شُبُهَاتٍ وَفِتَنُ شَهَوَاتٍ , وَلا يَكَادُ يَخْلُو بَيْتٌ إِلَّا وَقَدْ أَصَابَتْهُ هَذِهِ الْفِتَنُ سَوَاءٌ عَنْ طَرِيقِ وَسَائِلِ الاتِّصَالَاتِ الْحَدِيثَةِ أَوْ غَيْرِهَا فَإِلَى اللهِ الْمُشْتَكَى .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : وَمِنْ عَلامَاتِ السَّاعَةِ الصُّغْرَى : قَبْضُ الْعِلْمِ وَظُهُورُ الْجَهْلِ وكثرةُ القتلِ وَانْتِشَارُ الرِّبَا وَالزِّنَا , فَعَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ لَأَيَّامًا يَنْزِلُ فِيهَا الْجَهْلُ وَيُرْفَعُ فِيهَا الْعِلْمُ وَيَكْثُرُ فِيهَا الْهَرْجُ) وَالْهَرْجُ الْقَتْلُ , رَوَاهُ الْبُخارِيُّ .
وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ : لَأُحَدِّثَنَّكُمْ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُحَدِّثُكُمْ بِهِ أَحَدٌ غَيْرِي , سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ : أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ وَيَكْثُرَ الْجَهْلُ , وَيَكْثُرَ الزِّنَا , وَيَكْثُرَ شُرْبُ الْخَمْرِ , وَيَقِلَّ الرِّجَالُ وَيَكْثُرَ النِّسَاءُ , حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً الْقَيِّمُ الْوَاحِدُ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا , وَأَسْتغفرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِروهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ .

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِه وَصَحْبِهِ أَجْمَعينَ .
أَمَّا بَعْدُ : فَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْحِكَمِ لِمَعْرِفَةِ عَلامَاتِ السَّاعَةِ أَنْ نَتَهَيَّأَ لِلْحِسَابِ وَأَنْ نُعِدَّ لِلأَسْئِلَةِ الْجَوَابَ , وَمِنْ أَعْظَمِ الاسْتِعْدَادِ لِلْقِيَامَةِ حُبُّ اللهِ وَرَسُولِهِ , وَذَلِكَ بِالإِخْلَاصِ للهِ وَالْمُتَابَعَةِ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَتَى السَّاعَةُ ؟ قَالَ(وَمَاذَا أَعْدَدْتَ لِلسَّاعَةِ؟) قَالَ : حُبَّ اللهِ وَرَسُولِهِ , قَالَ (فَإِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ) قَالَ أَنَسٌ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : فمَا فَرِحْتُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ أَشَدَّ فَرَحًا مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَإِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ) فَأَنَا أُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ، وَإِنْ لَمْ أَعْمَلْ بِأَعْمَالِهِمْ . رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : وَمِنْ عَلَامَاتِ السَّاعَةِ الصُّغْرَى التِي نَحْنُ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ نَرَاهَا بِأَعْيُنِنَا كَثْرَةُ الْقَتْلِ , حَتَّى صِرْنَا فِي وَقْتٍ لا يَدْرِي الْقَاتِلُ لِمَ قَتَلَ وَلا الْمَقْتُولُ لِمَ قُتِلَ , وَكَثُرَ فِينَا الجَهْلُ وَسَهُلَ تَغْرِيرُنَا , حَتَى صَارَ بَعْضُ شَبَابِنَا يَلْتَحِقُونَ بِجَمَاعَاتٍ بِهَدَفِ الجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ , ثَمَّ لَمْ يَلْبَثْ حَتَى يُسَلِّطُوهُ عَلَى عُلَمَاءِ بَلَدِهِ وَحُكَّامِهِ بِالذَّمِّ وَالتَكْفِيرِ , بَلْ وَيُسَلِّطُونَهُمْ على الْمُجَاهِدِينَ بِالقَتْلِ وَالتَّفْجِيرِ , وَهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ مُجَاهِدُونَ !
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكْثُرَ الْهَرْجُ) قَالُوا : وَمَا الْهَرْجُ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ (الْقَتْلُ الْقَتْلُ) رَوَاهُ مُسْلِمْ .
وَمِنْ عَلامَاتِ السَّاعَةِ الْخَطِيرَةِ ظُهُورُ الشِّرْكِ وَانْتِشَارُهُ , وَقَدْ حَصَلَ هَذَا فِي زَمَانِنَا وَمَا قَبْلَهُ , فَعُبِدَتِ الْقُبُورُ وَاسْتُغِيثَ بِالصَّالِحِينَ فِي الْمُلِمَّاتِ , وَذُبِحَ لِلأَوْثَانِ , وَكَثُرَ السِّحْرُ وَالسَّحَرَةُ , وَعُلِّقَتِ التَّمَائِمُ عَلَى الأَشْخَاصِ وَالسَّيَّارَاتِ وَالْبُيُوتِ , عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (لا يَذْهَبُ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ حَتَّى تُعْبَدَ اللَّاتُ وَالْعُزَّى) رَوَاهُ مُسْلِمٌ , وعن ثوبان رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قال رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَلْحَقَ حَيٌّ مِنْ أُمَّتِي بِالْمُشْرِكِينَ ، وَحَتَّى تَعْبُدَ فِئَامٌ مِنْ أُمَّتِي الأَوْثَانَ) رَوَاهُ البَرْقَانِيُّ وَأَصْلُهُ فِي مُسْلِمٍ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : هَذِهِ بَعْضُ عَلامَاتِ السَّاعَةِ الصُّغْرَى , وَأَمَّا الْكُبْرَى فَهِيَ عَشْرُ عَلامَاتٍ جَاءَتْ مَجْمُوعَةً فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ , وَهُوَ حَدِيثُ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : اطَّلَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ فَقَالَ (مَا تَذَاكِرُونَ ؟) قَالُوا : نَذْكُرُ السَّاعَةَ ، قَالَ (إِنَّهَا لَنْ تَقُومَ حَتَّى تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ) - فَذَكَرَ – (الدُّخَانَ، وَالدَّجَّالَ، وَالدَّابَّةَ، وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَنُزُولَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ، وَثَلاثَةَ خُسُوفٍ: خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ، وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ، وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَآخِرُ ذَلِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنَ الْيَمَنِ، تَطْرُدُ النَّاسَ إِلَى مَحْشَرِهِمْ) رَوَاهُ مُسْلِم .
وَالْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الْعَلامَاتِ الْعَظِيمَةِ يَأْتِي فِي خُطْبَةٍ قَادِمَةٍ بِإِذْنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ .
اللهمَّ إِنِّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ , وَمِنْ عَذَابِ اَلْقَبْرِ , وَمِنْ فِتْنَةِ اَلْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ , وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ اَلْمَسِيحِ اَلدَّجَّالِ , اللهمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا اَلَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنا, وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا اَلَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا, وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا اَلَّتِي إِلَيْهَا مَعَادُنَا , وَاجْعَلْ اَلْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ, وَاجْعَلْ اَلْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَر . رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار , وصَلِّ اللَّهُمْ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِّيِنَا مُحمدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أَجْمَعِينَ , وَالحمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ .
المرفقات

السَّاعَةُ قَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا 13 جماد الأولى 1435هـ ‫‬.doc

السَّاعَةُ قَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا 13 جماد الأولى 1435هـ ‫‬.doc

المشاهدات 3759 | التعليقات 3

خطبة رائعة
نفع الله بك وبعلمك شيخنا الفاضل ..


جزاك الله خيرا ونفع بعلمك


نفعنا ربي بعلمك وزادك ربي من فضله ولا حرم المنتدى فضلك ولا جهودك