الزوجان . . و فن إيقاظ الدوافع النبيلة في النفس

رشيد بن ابراهيم بوعافية
1435/07/29 - 2014/05/28 04:36AM

الخطبة : الزوجان . . و فن إيقاظ الدوافع النبيلة في النفس .

كتبت هذه الخطبة تأثُّرًا باقتراحٍ كتبه الأخ صديق الخطباء " ناصح أمين " في أرشيف المتابعة الأسبوعية للمقترحات ، فكتب الله له الأجر ، وعسَى أن ألقيَ الخطبة في المسجد بتوفيق الله .

الحمد لله ربّ العالمين ، حمدًا كثيرًا طيّبًا مبارَكا فيه ، ملءَ السموات وملءَ الأرضِ وملءَ ما بينهما ، وملءَ ما شاءَ ربُّنا من شيءٍ بعد ، و أشهد أن لا إله إلا الله ، ولا معبودَ بحقٍّ سواه ، وأشهد أنَّ محمّدًا عبد الله ورسوله ، صلّى الله عليه وعلى آله الطيّبين الطاهرين وصحبِهِ الأخيار ، ومن تبعَهُم على الحقّ إلى يوم الدّين وسلَّم ، ثم أما بعد [font="]: [/font]

معشر المؤمنين :حديثنا اليوم بفضل الله و توفيقه عن" مواقفَ ومعاملات تقومُ بها الزوجةُ المؤمنةُ المحتسِبَةُ لوجهِ الله تعالى ؛ توقظُ بها يقينًا الحسَّ الإيجابي و الدَّوافعَ النبيلَةَ في نفسِ زوجِها ، فتنشرحُ نفسُهُ ، وتقَرُّ عينُهُ ، وتتغيَّرُ حياتُهُ طالَ الأمرُ أم قَصُر " :

أقولُ أيَّتُها الزوجةُ المؤمنة : حاسبِي نفسَكِ على ما تسمعين لوجهِ اللهِ تعالى و اتَّقِ اللهِ في المحاسَبَة وسوفَ يفتحُ اللهُ عليكِ من حيثُ لا تحتسبين :

الموقفُ الأوَّل : ثقافةُ الابتسامة الدائمة و الهدوءِ التامّ في محضَرِ الزوج :

هل تعلمين أختي في الله أنَّ الابتسامةَ كهرباءٌ من نوع خاص ، و أنَّ التعابيرَ المُشرِقَةَ التي ترتسمُ على وجهِكِ و أنتِ تستقبلين الزوجَ العائدَ من تعبِ الحياة هي أجملُ في نظرِهِ و أقدَسُ من الثيابِ التي ترتدِين ،والذهبِ الذي تلبسين، والأثاثِ الغالي الذي زيّنتِ به جوانبَ البيت ؟! .

و اللهِ عندما يرجعُ الزوجُ إلى البيتِ فيجدُ زوجتَهُ مهما كان ومهما حصَل طيِّبَةً مبتسِمَةً هادِئَةً راضيَة تقابلُ حُزنَهُ بابتسامةٍ مُشرقة ، و تعبَهُ بتوفيرِ الهدوءِ والراحة ، و يأسَهُ ببثِّ الأملِ و الطمأنينَة ؛ و اللهِ يتحوَّلُ تَعَبُهُ و كدُّهُ إلى راحةٍ و سعادةٍ تملأُ عليه الدنيا ! ، يُحِسُّ أنَّهُ امتلكَ قصرًا منيفًا واسِعًا مُضِيئًا بنورِ هذه المرأةِ التي فتحَ اللهُ بها عليه ، فإذا بهِ تزولُ آلامُه ، و تنبعثُ أحلامُه ، تنشرحُ نفسُهُ ، و تستيقظُ دوافعهُ النبيلة ، و ينبعثُ فيه الحسُّ الإيجابي ، وتختفي المزعِجاتُ التي كان يمكنُ أن تنبعثَ لولاَ عَطَاءُ الزوجةِ و مواساتُها و احتسابُها الفيّاض ! .

و على العكس ؛ عندما يعودُ الزوجُ فيجدُ زوجةً خبيثَةَ النفس ، رافعةَ الصوت ، مقطَّبَةَ الجبين ، جاحظةَ العينين ، شاحِبَةً تعيسَة ، تزفُرُ و تتنهَّدُ وترمِي بالشَّرَر كأنَّما خرجت من الجحيم ؛ كيفَ يهدأُ له بال ، أو يهناُ له حال ؟! كيفَ تنشرحُ نفسُهُ أو ينبعثُ فيه الحس الإيجابي أو تستيقظُ فيه الدوافع النبيلة ؟! ، كيف لا يفتحُ عليه الشيطانُ باب النفورِ و الاعوجاجِ والمكرِ و النشوزِ و إفسادِ العِشرَة ؟! .

عبَّرَ عن جميع هذه المعاني رسولُ اللهِ [font="]صلى الله عليه وسلم بقوله :" خير نسائكم الودود الولود المواتية المواسية" ( الصحيحة : 1849 ). و بقوله : " . . مِنَ السعادة المرأةُ تراها تُعْجِبُك ، وتغيب فتأمنها على نفسها ومالك ... ،ومن الشقاوة المرأة تراها فتسوؤك ، وتحمل لسانها عليك وإن غِبْتَ عنها لم تأمنها على نفسها ومالك " ( الصحيحة : 1047 ) .

نسألُ الله السلامة والعافية . [/font]

و الله - معشر المؤمنين- أغلبُ المشاكلِ في الحياةِ الزوجيّةِ يقضي عليها الإيمانُ و الاحتسابُ و التضحيّةُ و العطاء ، ولكنَّ أكثرَ الأزواجِ لا يعلمون ، قال الله تعالى : ( وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيم[font="] ) (فصلت34 ) ! . [/font]

الموقفُ الثاني : ثقافةُ الاعتذار : هذا من أجملِ خِصال الزوجةِ المؤمنةِ الطاهرة المحتسبة ،عبّرَ عن هذه الخصلَةِ رسولُ الله [font="]صلى الله عليه وسلم فقال :" ألا أخبركم بنسائكم في الجنة ؟ " . قلنا بلى يا رسول الله قال : " الودود العؤود على زوجها ، التي إذا غَضِبَت ، أو أُسِيءَ إليها ، أو غَضِبَ زوجها ، قالت : هذه يدي في يدك لا أكتحل بغمضٍ حتى ترضى " ( الصحيحة : 287 ، صحيح الترغيب والترهيب 1941 ) . [/font]

كلماتٌ و تصرُّفاتٌ خفيفةٌ لطيفة تقومُ بها الزوجةُ المؤمنة تطلبُ بها الصفحَ والعفو ، أو تنشُدُ بها رضا الزّوج ، أو تعيدُ بها السعادةَ و الطمأنينة التي كدَّرَها خطأٌ أو سوءُ تصرُّفٍ أو جَنَت عليها كلمةٌ أو بعضُ كلمات ، المُهِم ننامُ وقد صفا الخاطرُ ، و زالت الضّغائنُ والأحقاد ، و التصرُّفُ الإيجابيُّ الفعّال تقومُ به الزوجةُ المؤمنةُ ولو كانت مظلومةً أسيءَ إليها ، تقومُ به لوجهِ اللهِ تعالى و لا تنتظرُ أن يسبقَها زوجُها إلى الاعتذار ، رعايةً لمقامِهِ الجليل ، و أحماله الثقيلة ، وطلبًا لأبوابِ الجنَّةِ الثمانية التي ستدخُلُ من أيِّها شاءت ! . أين هي هذه الثقافةُ يا معشر المؤمنات ؟! .

أين هذه الثقافةُ الرائعة من ثقافة الهجر و الترفُّعِ و الصدِّ والتمرُّد و الغضب في بيت الأهل ؟!

و اللهِ بمثلِ ثقافةِ الاعتذار ينبعثُ الحِسُّ الإيجابي و تستيقظُ الدوافعُ النبيلة في أنفُسِ الأزواجِ وضمائرِهم ، وتختفي المزعِجاتُ التي كان يمكنُ أن تنبعثَ لولاَ عَطَاءُ الزوجةِ و احتسابُها الفيّاض !

الموقفُ الثالث : غيِّري زوجَكِ بالدُّعاءِ الصادقِ في جوف الليل :

أيتها الزوجةُ المؤمنة : إن ساءت الأمورُ بينكَ وبين الزوج ، أو فسُدَ حالُه ، وتغيَّرت أحوالُه :

فو الله لن تَجِدِي مثلَ جوفِ الليلِ تشتكينَ فيهِ حالَكِ إلى علاَّمِ الغيوب ، و تسألينَهُ تفريجَ الكُرُبات ، و تنزيلَ الرَّحمات ، و تحصيلَ الهدايةِ والرعايةِ لزوجٍ ساءت عِشرَتُه ، وطالت عن الله غُربتُه ! .

يا من تشتكينَ فسادَ حالِ الزوجِ وظُلْمَهُ و بُعدَهُ وغُربَتَهُ و سوءَ حالِه : والله زوجٌ كهذا لا يزيدُهُ الصُّراخُ و الصّراعُ و النقاشُ العقيمُ و الهجرُ و المكرُ إلاَّ بُعْدًا و تشرُّدًا وضياعًا ! .

كم من زوجٍ يعلمُ أنَّ زوجته على حق و لكنَّ طريقتها في الصراخ و الصّراع و النقاش والهجر والمكر لا تزيدُهُ إلَّا إصرارًا على إصرار ! .

أين أنتِ أيتها الزوجةُ المؤمنة : من دُعاءِ الليلِ الذي لا تخطيء سِهَامُه ؟!

الدُّعاءُ الصادِقُ المُنْكَسِرُ المتواصِل : أن يهديَهُ الله ، و يُصلِحَه الله ، و يفتح عليه الله، و يسهّل عليه الله ، ويرزُقَه الله ، و يغيّرَهُ اللهُ جلَّ جلاله ، الذي يقول للشيءِ كن فيكون ؟! .

جاهدي نفسَكِ بالصبرِ الجميلِ في النهار ، وارفعي أكُفَّ الضراعةِ بالأسحار ، واللهِ سيُصلحُ اللهُ الأحوالَ بالمناجاة والتوسُّل :

حفصة أم المؤمنين طلَّقها النبيُّ [font="] صلى الله عليه وسلم لأسبابٍ شخصيّة ، فانظروا إلى سبب رجوعها إليه [font="]صلى الله عليه و سلم[/font] : عن أنس رضي الله عنه أن النبي [font="]صلى الله عليه وسلم[/font] طلق حفصة تطليقة فأتاه جبريل [font="]عليه السلام[/font] فقال :" يا محمد راجِع حفصةَ فإنَّها صوّامَةٌ قوَّامَة، وهي زوجتك في الجنة " ( صحيح الجامع : 4351 ) . [/font]

معشر المؤمنات : هذه ثلاثة مواقف ، بل ثلاثة كنوز ، تقومُ بها الزوجةُ المؤمنة لوجه الله تعالى إيمانًا واحتسابًا ، واللهِ لها أعظمُ الأثر في استيقاظِ الحسِّ الإيجابي و الدوافع النبيلةِ في ضمائر الأزواج ، و لكن أين من تعي و أين من تعقِل . . ؟! قليلٌ من قليلٍ من قليل !

نسأل الله السلامة والعافية و نسأله التوفيق إلى ما يحب ويرضى ، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب ، إنه هو الغفور الرحيم

الخطبة الثانية :

أيها الإخوةُ في الله : مثلما تحدَّثنا في الخطبة الأولى عن مواقفَ ومعاملاتٍ تقومُ بها الزوجةُ المؤمنةُ المحتسِبَةُ لوجهِ الله تعالى ؛ توقظُ بها يقينًا الدَّوافعَ النبيلَةَ في نفسِ زوجِها ، نتحدَّثُ مع الزوجِ المؤمنِ عن مواقفَ ومعاملاتٍ يقومُ بها لوجهِ الله تعالى ؛ يوقظُ بها يقينًا الحس الإيجابي و الدَّوافعَ النبيلَةَ في نفسِ زوجته ، فتنشرحُ نفسُهَا ، وتقَرُّ عينُها ، وتتغيَّرُ حياتُها وطبائعها بإذن الله " :

أقولُ أيَّها الزوج المؤمن : حاسب نفسَكَ على ما تسمع لوجهِ اللهِ تعالى ، وتدرَّج في التطبيق ، و اتَّقِ اللهِ في ذلك ، وسوفَ يفتحُ اللهُ عليكَ من حيثُ لا تحتسب :

الموقفُ الأوَّل : ثقافة احترامِ الزوجةِ وتقديرها و إكرامِها :

الزوجةُ - أخي في الله - نعمةٌ من نعمِ الله عليك ؛ وهبتكَ أعزَّ ما تملِك ، و حَبَسَت نفسَها عليك ، و نثرَت لكَ بطنَها فأنجبت لكَ على مكابدةٍ للآلامِ و الأوجاع ، و أنزلَتكَ في حياتها منزِلَةَ المَلِكِ الذي اختصَّ بما مَلَك، و اللهِ الذي لا إله غيرُهُ من كانَ كريمَ النفسِ ذا مروءَةٍ و عِزَّة تأبى عليه نفسُهُ أن يُهينَها أو يجرحَ إنسانيّتَها أو يمُسَّ كرامتَها بسوء ! : قال رسول الله [font="]صلى الله عليه وسلم :" ألا واستوصوا بالنساء خيرا فإنما هن عوان عندكم ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك " ( حسن : سنن الترمذي 3087 ) . [/font]

و اللهِ الذي لا إله غيرُهُ من كانَ كريمَ النفسِ ذا مروءَةٍ و عِزَّة قابلَ فضلَها و عطاءَها الفيّاض بالاحترام والتقدير والإكرامِ والإجلال لوجه الله تعالى أوَّلاً ، ثم لما أفاَءَ اللهُ عليه بسبَبِها من سكنٍ و نعمةٍ ومواساةٍ وخِدمَة ؟! .

كلمةُ شُكرٍ و ثناءٍ و اعتراف تلقاها منكَ عن صدق تقديرًا لجهودِها ؛ تعطيها دفقةَ حياةٍ و أمل ؛ تغيِّرُ حياتَها ، و تجعلها إيجابيّة ، و توقظُ فيها الدوافعَ النبيلة ! ، فكيف لو كانت هذه الكلمةُ في رسالة عبر الهاتف أو مكتوبةً على ورقةٍ توضعُ لها في المطبخ أو كلماتٍ مكتوبةً على طارطة من الحلوى تعبّرُ عن الاعتراف بالفضلِ والتقدير للجهود ، فإن لم يكن هذا فهديَّةٌ صادقةٌ متواضعة بين الحين والحين ، تقديرًا لفضلها وعطائِها الفيّاض و تعبِها وخدماتِها الجليلة ، و اللهِ سوفَ تغيِّرُ حياتَها ، و توقظُ فيها الدوافعَ النبيلة ! .

فإن لم يكن هذا فاطلُب منها الدُّعاءَ لكَ في الصلاة أو عند الخروجِ أو عند السَّفر سوفَ يُشعرُها ذلك أنَّ لها قيمةً و اعتبارًا في حياتِك ! .

و اعلم أنَّ كل هذه اللمساتِ مع الاحتسابِ يأخذُ عليها المؤمنُ الأجرَ من الله ! ، ومع ذلكَ سوفَ يتحوَّلُ تَعَبُها و كدُّها إلى راحةٍ و سعادةٍ تزولُ بها الآلام ، و تنبعثُ بها الأحلام ، و تستيقظُ دوافعها النبيلة ، فتعطيكَ أكثر ، و تحترمك أكثر ، و تطاوعُكَ أكثَر ، بل و تبادِرُ لإرضائِكَ وحُسنِ خِدمتِك أكثر فأكثر ! ، وهذا ما نريدُهُ ونطمحُ إليه .

الموقفُ الثاني : ثقافةُ إظهارِ الرعايةِ و الاهتمام : هذا من أجملِ ما يستخرجُ الإحسانَ من الزوجة : كلماتٌ و تصرُّفاتٌ خفيفةٌ لطيفة يقومُ بها الزوج الرحيمُ يعبّرُ بها عن اهتمامِهِ بأهلِهِ ، تشعُرُ بها الزوجةُ أنَّ لها قيمةً و مكانةً في ذاكرتهِ ومشاعِرِه وحياتِهِ ، تنبعثُ بها و تستيقظُ دوافِعُهَا النبيلةُ ، فإذا بها تعطي أكثر ، و تحترم أكثر ، و تطاوعُ أكثَر ، بل و تبادِرُ لإرضائِكَ وحُسنِ خِدمتِك أكثر فأكثر ! : الإصغاءُ إلى الزوجةِ و حُسنُ الاستماعِ إليها بكلِّ صدقٍ واهتمام خاصَّةً مع الناس ، رفعُ اللُّقمَةِ إلى فَمِها بين الحين والحين فهي لكَ صَدَقَة ، الإسراعُ إلى حملِ شيءٍ عنها أو إتمامِهِ من بابِ مقاسَمَتِها أتعابَ الخِدمة ، مداومةُ السؤالِ عن صحَّتِها إذا اشتكت و إخبارُها بمَوعدِ الدواء ، تفريغُ يومٍ كاملٍ لها ولو في رُبعِ عام تقضيانِهِ بعيدًا عن صَخَبِ الحياةِ ومطالبِها التي لا تنتهي ، تدعيمُها بالأجهِزَةِ و الآلات التي تخفّفُ عنها الأتعابَ والمشاق في البيت . .

و المقصودُ أنَّ كل هذه اللمساتِ مع الاحتسابِ يأخذُ عليها المؤمنُ الأجرَ من الله ! ، ومع ذلكَ سوفَ يتحوَّلُ تَعَبُها و كدُّها إلى راحةٍ و سعادةٍ تزولُ بها الآلام ، و تنبعثُ بها الأحلام ، و تستيقظُ دوافعها النبيلة ، فتعطيكَ أكثر ، و تحترمك أكثر ، و تطاوعُكَ أكثَر ، بل و تبادِرُ لإرضائِكَ وحُسنِ خِدمتِك أكثر فأكثر ! ، وهذا ما نريدُهُ ونطمحُ إليه .

الموقفُ الثالث : تعويدُ النفسِ على القيامِ بالأعمال المشتركة :

أيتها الزوج المؤمن : إن كنتَ تريدُ أن تكسِبَ زوجتكَ و توقظَ في نفسِها الدوافعَ النبيلة و الحسّ الإيجابي والتغيير والتطوير ؛ فليكن للوقتِ الذي تقضيانِهِ سويًّا مكانةٌ خاصَّةٌ في قلبِكَ وحياتِك ! :

لماذا تقرأُ و تطالعُ وحدكَ أيُّها الحبيبُ وزوجتكَ المسكينةُ جالسةٌ وحدها أو نائمةٌ بجنبِك تبكي على انشغالكَ عنها بالكتابِ وغيرِه ؟! ، نادِ زوجتكَ للقراءةِ معًا ! ، وأخبِرها أنَّ هذا يُسعِدُكَ ويعطيكَ دافعًا قويًّا للاستمرارِ في المطالعة . افعل هذا على الدوام وفق برنامجٍ تتفقانِ عليه و أخبِرني هل تغيّرت زوجتُكَ و تحرّكت دوافعها النبيلةُ أم لا ؟!

لماذا تقومُ الليلَ وحدكَ أيُّها الحبيبُ وزوجتكَ المسكينةُ نائمة ؟! ، أو تظُنُّ أنَّكَ أطلبُ منها و أقدرُ على الأجر ؟! ؛ هيَّا أيقِظْها للقيامِ و قراءةِ القرآنِ معًا ، وأخبِرها أنَّ هذا يُسعدُكَ ويعطيكَ دافعًا قويًّا للاستمرارِ في القيام .

افعل هذا ، و أخبِرني هل تغيّرت زوجتُكَ و تحرّكت دوافعها النبيلةُ أم لا ؟!

أيضًا جرّب المشيَ معها سويًّا على الأقدامِ ، في هدوءِ الليل ، أو في منتزَهٍ طاهرٍ نظيف ، جرّبِ السَّهرَ معها بدون أطفال ولو مرّةً في رُبع عام ، جرّب مسابَقَتَها أو منافستَها في لعبةٍ هادِفَةٍ ولو مرّةً في عام ، و أخبِرني هل تغيّرت زوجتُكَ و تحرّكت دوافعها النبيلةُ أم لا ؟!

جرّب اصطحابَها معكَ إلى المسجِدِ والرجوعَ معًا ، إلى معرِضِ الكِتَاب ، جرّب القيامَ بأيّ عملٍ هادفٍ مشترَكٍ إيمانًا واحتسابًا ، و انظُر كيفَ أعطاها دافعًا قويًّا للتغيير والتطوير و الإحساسِ بقيمتها و رسالتها في الحياة ! .

المقصودُ أيها الإخوةُ في الله : هذه بعضُ مواقف ، بل كنوز ، يقومُ بها الزوج المؤمن لوجه الله تعالى إيمانًا واحتسابًا ، واللهِ لها أعظمُ الأثر في استيقاظِ الدوافع النبيلةِ في ضمائر الزوجات ، و لكن أين من يعي و أين من يعقِل . . ؟! قليلٌ من قليلٍ من قليل !

نسأل الله التوفيق إلى حسن العلم وحسن العمل .. اللهم حبب إلينا الإيمان وزيّنه في قلوبنا،وكرّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان،واجعلنا من الراشدين . وصل اللهم وسلم وبارك على نبيك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . .

المشاهدات 2466 | التعليقات 2

امين و بارك الله فيك شيخنا الكريم خطبة رائعة و مركزة و معبرة عن النمقصود بأكثر مما تمنيت . ربي يكتب لي معك الأجر على الدلالة على الخير والهدى . دعواتكم المباركة .


آمين يا رب . لا حرمنا الله من إرشاداتكم و اقتراحاتكم الطيبة أخي الفاضل . كتب الله لنا ولكم الأجر العظيم و غفر لنا و لكم يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم .