الزواج مشروع حياة
خالد الكناني
الزواج مشروع حياة
الحمد لله ربّ العالمين نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلِ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أن محمدًا عبده ورسوله ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.، أما بعدُ : أيها المسلمون : اتقوى الله تعالى حق التقوى ، قال تعالى : {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا }
أيها المسلمون : الزواج مشروع حياة ، والزواج في الإسلام أمر الله تعالى به وحث عليه ، قال تعالى : { وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } ، في الآية الكريمة يأمر تعالى الأولياء والأسياد، بإنكاح من تحت ولايتهم من الأيامى ، وإذا كانوا مأمورين بإنكاح من تحت أيديهم، كان أمرهم بالنكاح بأنفسهم من باب أولى ) تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن (ص: 567) ، وحث عليه النبي صلى الله عليه وسلم : «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ» وقال صلى الله عليه وسلم : وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي»
والزواج تحقيق لسنة الأنبياء عليهم السلام ، قال تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً ...}
أيها المسلمون : اعلموا أن الزواج في الإسلام هو مشروع حياة ومقاصدة كثيرة فمنها :
+ أنه عبودية لله تعالى كما جاء في الآيات والاحاديث التي سبقت معنا .
+ ومنها أن الزواج يحقق استقرارا في الحياة ، لكل من الزوجين ، ويثمر عنه المودة والمحبة والرحمة والتي هي مطلب من المطالب والحاجات النفسية للفرد ، قال تعالى : { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }
+ أن الزوج في الإسلام هو الطريق الوحيد لتحصين الفرج عن الحرام ، قال تعالى : { وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7) } سورة المؤمنون
وفي قوله صلى الله عليه وسلم : «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ ... ))
+ ومنها الحصول على الأولاد وتكثير النسل والحصول على الذرية الصالحة التي تسعد بها في حياتك وينفعك الله بها بعد مماتك ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل : (( تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ )) سنن أبي داود (2/ 220)، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ .
ومن أهداف الزواج التي يباركها الإسلام الترابط الأسري ، وتقوية أواصر المحبة بين الزوجين ، والشعور بمسؤولية الزواج مما يدفع إلى العمل وبذل الاسباب في سبيل الاستغناء وإغناء من يعولهم ، عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفْضَلُ دِينَارٍ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ، دِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى عِيَالِهِ .. ) ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا أَنْفَقَ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةً، وَهُوَ يَحْتَسِبُهَا، كَانَتْ لَهُ صَدَقَةً» والشعور بالمسؤولية الأسرية فعَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ ... وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ »
ومن المسؤوليات الزوجية التربوية ، القيام بدور التربية والتعليم داخل الأسرة ، وحمايتها من خلال التوجيه والتعليم والقدوة الحسنة داخل الأسرة ، قال تعالى : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }
وقال تعالى : { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى }
أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم
الحمد لله ربّ العالمين أن جعل الزواج عبادة يتقرب بها العبد إلى مولاه وأمتن على عباده بنعمة الزواج والولد ، قال تعالى : وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ }
وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أن محمدًا عبده ورسوله ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.، أما بعدُ ، أيها المسلمون :
إذا علمنا أن ديننا الإسلامي الحنيف أهتم بأمر الزوج وجعل هذه المقاصد العظام من الزواج ، فإنه بات محتما علينا ، أن نركز على أمور مهمة جدا لنجاح هذا المشروع العظيم ‘ وهو أن نهتم بتأهيل الأولاد قبل الزواج ، وذلك من خلال أشراكهم في دورات تأهيل المقبلين على الزواج ، من الفتيان والفتيات ، والتدريب والتعليم من أجل حياة زوجية هانئة ، فهناك حقوق وواجبات على كل منهما ، وهناك أساليب تربوية للتعامل داخل المنزل ، وهناك مسائل شرعية ، ونفسية واجتماعية ومالية ، وخصائص نفسية تختلف من الذكر عن الأنثى قال تعالى { وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى } وأنه ينبغي على الزوجين أن يتقنا ذلك قبل الزواج ، مما يحقق حياة زوجية وأسرية مطمئنة بإذن الله تعالى ، إن على الوالدين ودور التربية والتعليم والمراكز والجمعيات الأسرية ، دور التأهيل والتدريب والتعليم للحياة الزوجية ، وأن نجعل من حياة النبي صلى الله عليه وسلم الزوجية والأسرية قدوة لنا ولأولادنا في حياتهم الزوجية ، وهو القائل صلى الله عليه وسلم : «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي»
والله تعالى أمرنا أن نقتدي به صلى الله عليه وسلم ، في جميع شئوننا ، قال تعالى : { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا }
هذا وصلوا هذا وصلوا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه ، قال تعالى :{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }
المرفقات
1736504356_الزواج مشروع حياة.pdf