الزواج العائلي المُيسَّر
عبدالله حامد الجحدلي
الخُطْبَةُ الأُوْلَى
الحمدُ لله خَلَقَ من الماءِ بَشَرًا فَجعَلَهُ نَسَبًا وصهرًا، جعل الزِّواجَ مودَّةً ورحمةً وبِرًّا، نشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، لَه الأسماءُ الحسنى والصِّفاتُ العليا، ونشهدُ أنَّ محمدًا عبدُ اللهِ ورسولُه، أَمَرَنَا بالتَّمسكِ بالعُروةِ الوُثقى، صلَّى اللهُ وسلَّمَ وباركَ عليه وعلى آله وأصحابِه ومن اهتدى بهديهِ إلى يوم الدِّينِ.
] يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء: 1.
عباد الله: إن من نِعَمِ الله عز وجل على عبادهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِهمْ أَزْوَاجًا ، ليحصُلَ بِهِمُ السكنُ ، والطمأنينةُ والمودة ، والعطفُ والرحمة ، والمحبةُ والألفة.
قال تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾
أخوة الإيمان : من مبادئ الإسلام العظيمة، ومقاصده الجليلة ، مبدأ التيسير وخاصةً في الزواج .
فتيسير الخِطْبة هو من بركة المرأةِ وسَعادَتِها فعن عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، أنَّ رَسولَ اللهِe قال : < إِنَّ مِنْ يُمْنِ الْمَرْأَةِ ، تَيْسِيرَ خِطْبَتِهَا، وَتَيْسِيرَ صَدَاقِهَا، وَتَيْسِيرَ رَحِمِهَا > رواه احمد
وتيسيرُ تكاليفَ الزواجِ بركة ، قالe <أَعْظَمُ النِّسَاءِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُنَّ مَئُونَةً >رواه احمد
فها نحن نشهدُ هذهِ الأيامُ مناسباتُ الزواجِ مُيسَّرةً ومُختصرة ، زواجٌ عائلي ،تقتصر الدعوةُ فيها على أهلِ العروسين ، لم يُنقِصُها الاختصار بهاؤها ولا روعتُها ولا جمالها ، ووفرت الكثيرَ من التكاليف في الوقت والجهد والمال .
هنا تبرز ثقافة المجتمع ، وتَحُدُّ من الاسرافِ والتكاليفِ الباهضة .
الزواج بلا قروض ولا ديون ولا تكاليف ولا حجوزات ولا دوران في الأسواق وبحث عن القاعات، زواج كله راحة وتوفير وسكينة أصبحت كروت الدعوة التي كان الكرت الواحد منها يطبع أحيانًا بعشرة ريالات، أصبحت صورة في الجوال وليست بطاقة دعوة، بل إشعار وإعلان زواج فلان من فلانة، يا الله ما أجملها من بساطة وسهولة وراحة للبال وسعادة وطمأنينة ، كيف لو كانت حياتنا كلها بهذه البساطة، بعيدًا عن الرياء والسمعة والمغالاة والتعب والتكاليف والديون المرهقة.
إن هذا المال -أيها المسلمون- أمانة يسألنا الله -عز وجل- عنه يوم القيامة. فعن أبي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ -رضي الله عنه- أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تزول قَدَما عبدٍ يوم القيامة حتى يُسأل: عن عُمره فيمَ أفناه؟ وعن عِلْمِه فيمَ فعل؟ وعن مالِه؛ مِن أين اكتسَبَه؟ وفيمَ أنفَقَه"(رواه الترمذي
أيّها المسلمون : الزواج العائلي المُيسَّر ،سلوكٌ إيجابي افرزته ازمةُ كورونا واثبت نجاحَهُ بكل المقاييس ، فنتمنى من الجميع الاستمرار عليه حتى بعد زوالِ جائحة كورونا .
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني الله وإياكم بما فيه من الآيات والذّكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كلّ ذنب، فاستغفروه إنّه هو الغفور الرحيم.
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الحمد لله على إحسانه، والشّكر له عَلى توفيقِه وامتنانه، وأشهَد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهَد أنّ نبيّنا محمّدًا عبدُه ورسوله، صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلّم تسليمًا مزيدًا.
أَمَّا بَعْدُ : أيّها المسلمون: إن من التعاون على البر والتقوى أن يجتمع الناس ويتعاونون على تسهيل أمر الزواج وتيسيره وحل كل العقبات عن طريقه، لما في ذلك من المصالح الدينية والدنيوية، حيث يصبح المجتمع والفرد نقيا طاهرا مصان العرض نظيفا، وفي ذلك استجابة لأمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، إنني ادعوكم عباد الله من على هذا المنبر أن تكونوا عونا لكل من أراد النكاح والزواج والعفاف، فاتقوا الله عباد الله وكونوا دعاة خير وبركة ومفاتيح خير وسعادة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.
عباد الله: كان أهلُ الجاهليَّةِ يُهنِّئون في الزَّواجِ بقولِهم: بالرَّفاءِ والبَنين، حتَّى جاء الإسلامُ بما هو خيرٌ من ذلك، وهو الدعاءُ بالبركةِ والخيرِ للزَّوجينِ .
فعن أبي هُريرةَ : t < أنَّ النبيَّ e كان إذا رَفَّأَ الْإِنْسَانَ إذا تزوَّجَ)هنأه ودعا له) ،قال بارك اللهُ لك، وبارك عليك، وجمَعَ بينكما في خَيرٍ> رواه احمد
ثمّ اعلَموا أنَّ الله أمرَكم بأمر بدأ فيه بنفسه فقال في محكَم التنزيل :
]إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56.
اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على نبيِّنا محمدٍ، وارضَ اللهم عن خُلفائِه الراشِدين، وعن سائرِ الصحابةِ أجمعين، وعنَّا معهم بجُودِك وكرمِك يا أكرم الأكرمين.
اَللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِيْنَ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِيْنَ، وَدَمِّرِ أَعْدَاءَكَ أَعْدَاءَ الدِّيْنِ .
واجعَل هذا البلدَ آمنًا مطمئناً سخاءً رخاءً ، وسائرَ بلادِ المُسلمين.
اللَّهُمَّ وفِّق إمامَنا لِهُداك، واجعَل عملَه في رِضاك، ، اللَّهُمَّ وَفِّقْه و وَلِيَّ عهده لما فيه عِزُّ الإسلامِ وصلاحُ المسلمين.
اللَّهُمَّ اِرْفَعْ عَنَا الْغَلَاَءَ وَالْوَبَاءَ وَالرِّبَا والزنا وَالزَّلَازِلَ وَالْمِحَن، وَسُوءَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن .
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالمُسْلِمَاتِ، وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ،
اللهم اشفِ مرضانا، اللهم اشفِ مرضانا، وعافِ مبتلانا، وارحم موتانا، وانصرنا على من عادانا.
اللَّهُمَّ أصلح نياتِنا ، و ذرياتِنا ، وفساد قلوبِنا ، طهر قلوبنا من النفاق ، وأعمالنا من الرياء وألسنتِنا من الكذب ، وضمائِرنا من الخيانة .
اللهم إنا نستغفِرك ، إنك كنتَ غفَّارًا، فأرسل السماءَ علينا مِدرارًا
]رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الْأَعْرَافِ: 23.
[رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ] البقرة: 201.
[سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلاَمٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ] الصافات180-182
المرفقات
1622754968_الزواج العائلي المُيسَّر.pdf
1622754977_الزواج العائلي المُيسَّر.doc