الزكاة ركن الإصلاح الاجتماعي || الشيخ طه محمد الساكت
الفريق العلمي
1437/08/17 - 2016/05/24 10:06AM
[align=justify]نصوص وعناصر:
وانظر إلى الزكاة التي لا تكاد تفارق الصلاة في الكتاب العزيز؛ لأنها ركن الإصلاح الاجتماعي، ولا يؤمن بها إيمانًا صادقًا ويؤديها عن طيب نفس وخاطر إلا المؤمنون: ﴿ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ ﴾ [المؤمنون: 2 - 4].
فُرضت الزكاة في السنة الثانية من الهجرة، حقًّا مفروضًا على القادرين لإخوانهم الفقراء المعوزين.
قال تعالى: ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [التوبة: 103]. وقال تعالى: ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ... ﴾ الآية [التوبة: 60].
وبَلغ مِن شأنها أنْ يحارب الخليفة الأول أبو بكر الصديق رضي الله عنه مَانعيها وإن أقاموا الصلاة، ويجيب عمر رضي الله عنه وقد قال له: "كيف تقاتلُ الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أمرتُ أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فمن قالها فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابُه على الله[1]))، فقال أبو بكر: "لأقاتلنَّ من فرَّق بين الصلاة والزكاة؛ فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عَنَاقًا[2] كانوا يؤدُّونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، لقاتلتهم على منعه"، قال عمر: "فوالله ما هو إلا أنْ شرحَ الله صدر أبي بكر للقتال، فعرفتُ أنه الحقُّ".
الزكاة حصن حصين من الآفات
نصوص وعناصر
ولقد راعى الإسلام في الزكاة مصلحة أرباب الأموال ومصلحة الفقراء والمساكين جميعًا، وجعلها طُهْرة للمال وأصحابه، وقيَّد النعمة بها على الأغنياء، ودفَع بها عنهم غوائل الآفات، وجعلها حصنًا حصينًا لهم من آثار الحقد والحسد والموبقات، ووقى بها شُحَّ النفس؛ والشح يفضي إلى الهلاك، وقد قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9]، وقال صلوات الله وسلامه عليه: ((اتقوا الظلم؛ فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشُّح؛ فإن الشُّح أهلك مَن كان قبلكم، حَمَلهم على أنْ سفكوا دماءهم، واستحَلُّوا محارمَهم))[3].
ويطول بنا الحديث إذا أردنا أن نفصل القول في أقسام الزكاة ونبين صلة كل قسم منها بالتربية في الإسلام، وحسبنا أن نقول:
لقد وُضعت قواعد شتى وأنواعٌ من العلاج كثيرة في أوربا وغيرها؛ لدفع الفقر والحاجة، والقضاء على السلب والنهب والسرقة، فلم تبلغ - ولن تبلغ - مبلغ الزكاة في حسم الداء، وإشاعة الأمن والطمأنينة، والسلام والسكينة.
وقصارى القول أن "نظام الزكاة في الإسلام هو خير نظام تعاوني، وأعدلُ منهج اشتراكي، وأكملُ تشريع في باب الضمان الاجتماعي"[4].
مراجع وتعليقات واستدراكات:
زاد المعاد (ج1 ص306) ط مطبعة السنة بالمكتبة الأزهرية.
فضل الصدقات والترغيب فيها
زكاة الفطر
نصوص وعناصر
وكما فرض الإسلام الزكاة بأنواعها فرضًا حتمًا، وجعلها ضريبة على القادرين، نَدَبَ إلى الصدقات، وجعلها فضلًا وخيرًا وبركة على المتصدقين. ولم يوجب الإسلام شيئًا من هذه الصدقات إلا صدقة واحدة؛ هي صدقة الفطر أو زكاة الفطر، وهي غير زكاة الذهب والفضة والحرث والماشية التي عدَّها الإسلام أحد أركانه الخمسة السابقة وجُعلت قرينةَ الصلاة في كتاب الله العزيز.. وإنما فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم طُهْرة للصائم من اللغو والرفث، وطُعْمَة للمساكين، ((مَن أدَّاها قبل الصلاة، فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة، فهي صدقة من الصدقات))[5]، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "فَرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير، على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاة"؛ رواه الخمسة[6].
وقد جاء في الحث على الصدقات والإنفاق في سبيل الله - ما لا يكاد يُحصى من آيات الكتاب وصحاح الأحاديث؛ فمن الآيات قوله تعالى: ﴿ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ﴾ [سبأ: 39]، وقوله جل ذكره: ﴿ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 272]، وقوله جل ثناؤه: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾ [آل عمران: 92].
ومن الأحاديث: قوله صلوات الله وسلامه عليه: ((ما مِن يوم يصبح العباد فيه إلا مَلَكانِ ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أَعطِ منفقًا خلفًا، ويقول الآخَر: اللهم أَعطِ مُمسِكًا تلفًا))؛ متفق عليه عن أبي هريرة.
مراجع وتعليقات واستدراكات:
يمكن أن تملأ هذه الصفحة والصفحتان بعدها ببعض النصوص من الكتاب والسنة في الصدقة والحث عليها من:
1- التاج (ج2 ص45-50)
2- رياض الصالحين (ص145 ط حنفي) باب الكرم والجود إلخ، وهو في أول الثلث الثاني تقريبًا من الكتاب.
3- الترغيب والترهيب (ج2 ص126)، ط الحلبي بشرح الشيخ عمارة بمكتبة الأزهر، والذي اقتصرنا على ذكره نموذج ليس غير...
نصوص وعناصر
وقوله صلوات الله عليه عن ربه عز وجل: ((أَنفِق يا بن آدم، يُنفَق عليك))؛ متفق عليهعن أبي هريرة، وقوله: ((يا بن آدم، إنك أنْ تَبذُل الفضل خيرٌ لك، وأن تُمسِكه شرٌّ لك، ولا تُلام على كفاف، وابدأ بمن تعول، واليد العليا خير من اليد السفلى))؛ رواه مسلم عن أبي أمامة رضي الله عنه.
تحريم السؤال للتكثُّر
نصوص وعناصر
ولا يعزبنَّ عن البال أن الإسلام حينما أمر بالصدقة ودعا إليها ووعد بالجزاء أضعافًا مضاعفة للمنفقين والمتصدقين - حذَّر كل الحذر أن يَسألها غير محتاج إليها؛ فإنما شُرعت الصدقات لأرباب الحاجات، وقد بيَّنهم الله تعالى إذ قال: ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ﴾ [التوبة: 60]، ومَن إليهم من المضطرين والملهوفين.
فالصدقات إنما شُرعت للإعانة، وسد الحاجة، وإغاثة الملهوف، وما إلى ذلك، ومَن سأل الناس تكثُّرًا وحُبًّا في المال، فقد أفسد خُلقه، وجنى على غيره ممن شُرعت لهم الصدقات.
ومن أجل ذلك، حرَّم الإسلام السؤال للتكثُّر، بل دعا إلى الاقتصاد والعفاف، ورغَّب في العمل والاستعاذة بالله تعالى من العجز والكسل؛ كل ذلك لحماية المجتمع من التواكُل وذُل السؤال لغير ضرورة وإشاعة الضعف والمسكنة فيه.
قال تعالى في بيان من يُنفَق عليهم: ﴿ لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ﴾ [البقرة: 273].
وقال صلوات الله وسلامه عليه: ((لا تزال المسألة بأحدكم حتى يلقى الله تعالى وليس في وجهه مُزْعَة لحم))؛ متفق عليه عن ابن عمر رضي الله عنهما.
وقال: ((إن المسألة كدٌّ يكدُّ بها الرجل وجهه، إلا أن يسأل الرجل سلطانًا أو في أمر لا بد منه))؛ رواه الترمذي عن سَمُرة وقال: حديث حسن صحيح[7].
[يتبع بقية السلسلة]
[1] رواه الخمسة عن أبي هريرة رضي الله عنه.
التاج ج2 ص8، ويؤخذ من الحديث ما يناسب ويسهل فهمه.
رياض الصالحين ص270.
[2] الأنثى من المعز، وفي رواية: ((عقالًا)) مبالغة في قتالهم على ترك شيء ولو قليلًا.
[3] رواه مسلم عن جابر رضي الله عنه (التاج ج5 ص20) ورياض الصالحين ص149 في النهي عن البخل والشح وفي النهي عن الظلم 66.
[4] اقتباس من مقال لفضيلة الأستاذ الأكبر في "فريضة الزكاة" بمجلة الأزهر ج شوال سنة 1373هـ.
وانظر روح الدين الإسلامي ص390 - 404.
[5] رواه أبو داود وابن ماجه والحاكم وصححه.
[6] التاج (ج2 ص26 - 27).
[7] رياض الصالحين ص143، وفيه أحاديث مهمة جدًّا في هذا الباب، ترشد إلى أن الإسلام يبني الأمة الإسلامية على أسس عزيزة كريمة قويمة في الأخلاق والاجتماع.
[/align]
وانظر إلى الزكاة التي لا تكاد تفارق الصلاة في الكتاب العزيز؛ لأنها ركن الإصلاح الاجتماعي، ولا يؤمن بها إيمانًا صادقًا ويؤديها عن طيب نفس وخاطر إلا المؤمنون: ﴿ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ ﴾ [المؤمنون: 2 - 4].
فُرضت الزكاة في السنة الثانية من الهجرة، حقًّا مفروضًا على القادرين لإخوانهم الفقراء المعوزين.
قال تعالى: ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [التوبة: 103]. وقال تعالى: ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ... ﴾ الآية [التوبة: 60].
وبَلغ مِن شأنها أنْ يحارب الخليفة الأول أبو بكر الصديق رضي الله عنه مَانعيها وإن أقاموا الصلاة، ويجيب عمر رضي الله عنه وقد قال له: "كيف تقاتلُ الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أمرتُ أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فمن قالها فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابُه على الله[1]))، فقال أبو بكر: "لأقاتلنَّ من فرَّق بين الصلاة والزكاة؛ فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عَنَاقًا[2] كانوا يؤدُّونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، لقاتلتهم على منعه"، قال عمر: "فوالله ما هو إلا أنْ شرحَ الله صدر أبي بكر للقتال، فعرفتُ أنه الحقُّ".
الزكاة حصن حصين من الآفات
نصوص وعناصر
ولقد راعى الإسلام في الزكاة مصلحة أرباب الأموال ومصلحة الفقراء والمساكين جميعًا، وجعلها طُهْرة للمال وأصحابه، وقيَّد النعمة بها على الأغنياء، ودفَع بها عنهم غوائل الآفات، وجعلها حصنًا حصينًا لهم من آثار الحقد والحسد والموبقات، ووقى بها شُحَّ النفس؛ والشح يفضي إلى الهلاك، وقد قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9]، وقال صلوات الله وسلامه عليه: ((اتقوا الظلم؛ فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشُّح؛ فإن الشُّح أهلك مَن كان قبلكم، حَمَلهم على أنْ سفكوا دماءهم، واستحَلُّوا محارمَهم))[3].
ويطول بنا الحديث إذا أردنا أن نفصل القول في أقسام الزكاة ونبين صلة كل قسم منها بالتربية في الإسلام، وحسبنا أن نقول:
لقد وُضعت قواعد شتى وأنواعٌ من العلاج كثيرة في أوربا وغيرها؛ لدفع الفقر والحاجة، والقضاء على السلب والنهب والسرقة، فلم تبلغ - ولن تبلغ - مبلغ الزكاة في حسم الداء، وإشاعة الأمن والطمأنينة، والسلام والسكينة.
وقصارى القول أن "نظام الزكاة في الإسلام هو خير نظام تعاوني، وأعدلُ منهج اشتراكي، وأكملُ تشريع في باب الضمان الاجتماعي"[4].
مراجع وتعليقات واستدراكات:
زاد المعاد (ج1 ص306) ط مطبعة السنة بالمكتبة الأزهرية.
فضل الصدقات والترغيب فيها
زكاة الفطر
نصوص وعناصر
وكما فرض الإسلام الزكاة بأنواعها فرضًا حتمًا، وجعلها ضريبة على القادرين، نَدَبَ إلى الصدقات، وجعلها فضلًا وخيرًا وبركة على المتصدقين. ولم يوجب الإسلام شيئًا من هذه الصدقات إلا صدقة واحدة؛ هي صدقة الفطر أو زكاة الفطر، وهي غير زكاة الذهب والفضة والحرث والماشية التي عدَّها الإسلام أحد أركانه الخمسة السابقة وجُعلت قرينةَ الصلاة في كتاب الله العزيز.. وإنما فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم طُهْرة للصائم من اللغو والرفث، وطُعْمَة للمساكين، ((مَن أدَّاها قبل الصلاة، فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة، فهي صدقة من الصدقات))[5]، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "فَرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير، على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاة"؛ رواه الخمسة[6].
وقد جاء في الحث على الصدقات والإنفاق في سبيل الله - ما لا يكاد يُحصى من آيات الكتاب وصحاح الأحاديث؛ فمن الآيات قوله تعالى: ﴿ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ﴾ [سبأ: 39]، وقوله جل ذكره: ﴿ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 272]، وقوله جل ثناؤه: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾ [آل عمران: 92].
ومن الأحاديث: قوله صلوات الله وسلامه عليه: ((ما مِن يوم يصبح العباد فيه إلا مَلَكانِ ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أَعطِ منفقًا خلفًا، ويقول الآخَر: اللهم أَعطِ مُمسِكًا تلفًا))؛ متفق عليه عن أبي هريرة.
مراجع وتعليقات واستدراكات:
يمكن أن تملأ هذه الصفحة والصفحتان بعدها ببعض النصوص من الكتاب والسنة في الصدقة والحث عليها من:
1- التاج (ج2 ص45-50)
2- رياض الصالحين (ص145 ط حنفي) باب الكرم والجود إلخ، وهو في أول الثلث الثاني تقريبًا من الكتاب.
3- الترغيب والترهيب (ج2 ص126)، ط الحلبي بشرح الشيخ عمارة بمكتبة الأزهر، والذي اقتصرنا على ذكره نموذج ليس غير...
نصوص وعناصر
وقوله صلوات الله عليه عن ربه عز وجل: ((أَنفِق يا بن آدم، يُنفَق عليك))؛ متفق عليهعن أبي هريرة، وقوله: ((يا بن آدم، إنك أنْ تَبذُل الفضل خيرٌ لك، وأن تُمسِكه شرٌّ لك، ولا تُلام على كفاف، وابدأ بمن تعول، واليد العليا خير من اليد السفلى))؛ رواه مسلم عن أبي أمامة رضي الله عنه.
تحريم السؤال للتكثُّر
نصوص وعناصر
ولا يعزبنَّ عن البال أن الإسلام حينما أمر بالصدقة ودعا إليها ووعد بالجزاء أضعافًا مضاعفة للمنفقين والمتصدقين - حذَّر كل الحذر أن يَسألها غير محتاج إليها؛ فإنما شُرعت الصدقات لأرباب الحاجات، وقد بيَّنهم الله تعالى إذ قال: ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ﴾ [التوبة: 60]، ومَن إليهم من المضطرين والملهوفين.
فالصدقات إنما شُرعت للإعانة، وسد الحاجة، وإغاثة الملهوف، وما إلى ذلك، ومَن سأل الناس تكثُّرًا وحُبًّا في المال، فقد أفسد خُلقه، وجنى على غيره ممن شُرعت لهم الصدقات.
ومن أجل ذلك، حرَّم الإسلام السؤال للتكثُّر، بل دعا إلى الاقتصاد والعفاف، ورغَّب في العمل والاستعاذة بالله تعالى من العجز والكسل؛ كل ذلك لحماية المجتمع من التواكُل وذُل السؤال لغير ضرورة وإشاعة الضعف والمسكنة فيه.
قال تعالى في بيان من يُنفَق عليهم: ﴿ لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ﴾ [البقرة: 273].
وقال صلوات الله وسلامه عليه: ((لا تزال المسألة بأحدكم حتى يلقى الله تعالى وليس في وجهه مُزْعَة لحم))؛ متفق عليه عن ابن عمر رضي الله عنهما.
وقال: ((إن المسألة كدٌّ يكدُّ بها الرجل وجهه، إلا أن يسأل الرجل سلطانًا أو في أمر لا بد منه))؛ رواه الترمذي عن سَمُرة وقال: حديث حسن صحيح[7].
[يتبع بقية السلسلة]
[1] رواه الخمسة عن أبي هريرة رضي الله عنه.
التاج ج2 ص8، ويؤخذ من الحديث ما يناسب ويسهل فهمه.
رياض الصالحين ص270.
[2] الأنثى من المعز، وفي رواية: ((عقالًا)) مبالغة في قتالهم على ترك شيء ولو قليلًا.
[3] رواه مسلم عن جابر رضي الله عنه (التاج ج5 ص20) ورياض الصالحين ص149 في النهي عن البخل والشح وفي النهي عن الظلم 66.
[4] اقتباس من مقال لفضيلة الأستاذ الأكبر في "فريضة الزكاة" بمجلة الأزهر ج شوال سنة 1373هـ.
وانظر روح الدين الإسلامي ص390 - 404.
[5] رواه أبو داود وابن ماجه والحاكم وصححه.
[6] التاج (ج2 ص26 - 27).
[7] رياض الصالحين ص143، وفيه أحاديث مهمة جدًّا في هذا الباب، ترشد إلى أن الإسلام يبني الأمة الإسلامية على أسس عزيزة كريمة قويمة في الأخلاق والاجتماع.
[/align]