الرقية الشرعية الصحيحة من الكتاب والسنة

محمد البدر
1440/04/24 - 2018/12/31 10:41AM
الخطبة الأولى :
عِبَادَ اللَّهِ: قَالَ تَعَالَى :﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا﴾.
فالقرآن الكريم شفاء للقلوب، وشفاء للعقول، وشفاء للنفوس البشرية، ولا يعني ذلك أن نترك التداوي والاستشفاء بالأدوية الطبيعية المادية، ولكن الشأن هو الجمع بين هذا وذاك، والجمع بين بذل الأسباب الحسية والمادية؛ مع الاعتماد على ما جاء به الشرع، وتعلق القلب بالله تعالى وحده، فهو النافع وهو رب الأسباب والأدواء التي لا تشفي ولا تنفع بذاتها وأما السور التي وردت قراءتها في الرقية فهي الفاتحة والمعوذتين والإخلاص وكل القرآن شفاء ،وقد ثبت أن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  استشفى واسترقى ببعض آيات القرآن، وبعض الأذكار والأدعية وأمر بذلك وأوصى به، وفعله عليه الصلاة والسلام لنفسه ولغيره، وما أقره من فعل بعض أصحابه رضي الله تعالى عنهم فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُا قَالَتْ : «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ نَفَثَ فِي كَفَّيْهِ بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَبِالْمُعَوِّذَتَيْنِ جَمِيعًا ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ وَمَا بَلَغَتْ يَدَاهُ مِنْ جَسَدِهِ قَالَتْ عَائِشَةُ فَلَمَّا اشْتَكَى كَانَ يَأْمُرُنِي أَنْ أَفْعَلَ ذَلِكَ بِهِ » رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: « انْطَلَقَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا، حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ، فَاسْتَضَافُوهُمْ، فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمْ فَلُدِغَ سَيِّدُ ذلِكَ الْحَيِّ، فَسَعَوْا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ، لاَ يَنْفَعُهُ شَيْءٌ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَوْ أَتَيْتُمْ هؤُلاَءِ الرَّهْطَ الَّذِين نَزَلُوا، لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ شَيْءٌ فَأَتَوْهُمْ فَقَالُوا: يَا أَيُّهَا الرَّهْطُ إِنَّ سَيِّدَنَا لُدِغَ، وَسَعَيْنَا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ، لاَ يَنْفَعُهُ فَهَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مِنْ شَيْءٍ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَعَمْ وَاللهِ إِنِّي لأَرْقِي، وَلكِنْ وَاللهِ لَقَدِ اسْتَضَفْنَاكمْ فَلَمْ تُضَيِّفُونَا، فَمَا أَنَا بَرَاقٍ لَكمْ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلاً فَصَالَحُوهُمْ عَلَى قَطِيعِ مِنَ الْغَنَمِ فَانْطَلَقَ يَتْفِلُ عَلَيْهِ وَيَقْرَأُ ﴿الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ فَكَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ فَانْطَلَقَ يَمْشِي وَمَا بِهِ قَلَبَةٌ قَالَ: فَأَوْفَوْهُمْ جُعْلَهُمُ الَّذِي صَالَحُوهُمْ عَلَيْهِ فَقَالَ بَعْضُهُمُ: اقْسِمُوا فَقَالَ الَّذِي رَقَى لاَ تَفْعَلُوا، حَتَّى نَأْتِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَنَذْكُرَ لَهُ الَّذِي كَانَ، فَنَنْظرَ مَا يَأْمُرُنَا فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَذَكَرُوا لَهُ فَقَالَ: وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ ثُمَّ قَالَ: قَدْ أَصَبْتُمُ، اقْسِمُوا وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ سَهْمًا فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،كَانَ يَقُولُ لِلْمَرِيضِ: « بِسْمِ اللهِ، تُرْبَةُ أَرْضِنَا، بِرِيقَةِ بَعْضِنَا، يُشْفَى سَقِيمُنَا، بِإِذْنِ رَبِّنَ » مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعُودُ بَعْضَ أهْلِهِ يَمْسَحُ بِيدِهِ اليُمْنَى وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ ،أذْهِب البَأسَ ،اشْفِ أنْتَ الشَّافِي لاَ شِفَاءَ إِلاَّ شِفاؤكَ ،شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقماً » مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ أنسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنه قَالَ لِثابِتٍ رحمه اللهُ :ألاَ أرْقِيكَ بِرُقْيَةِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : بَلَى قَالَ : « اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ ، مُذْهِبَ البَأسِ ، اشْفِ أنْتَ الشَّافِي ، لاَ شَافِيَ إِلاَّ أنْتَ ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقماً » رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : عَادَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ :« اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْداً ، اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْداً ، اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْداً »رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
أقول قولي هذا ..
الخطبة الثانية :
عِبَادَ اللَّهِ: للرُقية ثلاثة طرق فالأول بالكتاب والسنة وما ورد عن الصحابة والسلف الصالح وبعض الرقاة الأتقياء والمخلصون، وهي الرقية الشرعية الصحيحة، والثاني يعتمد على الشعوذة والاستعانة بالجن والشياطين واستعمال العنف حتى تحولت بعض بيوت الرقاة أو أماكن الرقية إلى مراكز للتعذيب تستعمل فيها العصا وغيرها، والمقصود بزعم بعض الراقين ليس الإنسان بل الجن الذي لا يخرج إلا بهذه الطرق العنيفة والتي لا دليل عليها واحذروا من الرقية بالخفاء أو التمتمة أو الكلام غير المفهوم ،وأما الثالثة ففي هذه الأيام أصبحت الرقية تجارة مربحة وأكل أموال الناس بالباطل من خلال فتح الرقاة صيدليات لهم على شكل عطارات لتسويق الوهم بالماء والعسل والزيت باسم الرقية الشرعية، ويتخذها آخرون وسيلة للشهرة ولتحقيق مآرب أخرى ، فاتقوا الله أيها الرقاة في مرضى المسلمين وفي اعراضهم واموالهم ولا تفشوا اسرارهم.
عِبَادَ اللَّهِ: ننصح أنفسنا وإياكم بترك الذهاب للرقاة فقراءة القرآن على المريض والأذكار التي جاءت عن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تكفي وهي الشفاء بإذن الله وأهل المريض أحرص على شفاءه منهم وإن كنت لابد فاعلاً فاذهب إلى أي راقيٍ واحرص على شفافية الرقية من الراقي واحذر من القراءة على المجموعات بمكبرات الصوت والضرب بالعصا واستعمال اليد والعنف والتعذيب وغيرها ولا تسمح للراقي بمس المرأة فهذا كله مخالفٌ للسنة.
 الا وصلوا .....
المشاهدات 844 | التعليقات 0