الرحمة

بسم الله الرحمن الرحيم إخوة الإيمان والعقيدة ... لولا رحمة الله لما عشنا، ولولا رحمة الله لما حيينا، ولولا رحمة الله لعوقبنا على ذنوبنا ومعاصينا في حينها ﴿وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ غفور رحيم، رحيم بعباده، رحيم بخلقه الإنس والجن، وسائر الدواب والعجماوات، رحيم بعباده يمهل العاصي ويمهل.. ويمهل.. ويمهل. أمرنا في كل ركعة أن نذكره بهذه الصفة العظيمة ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ﴾ رحمان بالعباد كلهم حتى من كفر وفجر وألحد وكذب وتولى، الله رحمهم فأمهلهم وأملى لهم لعلهم يرجعون، لعلهم يتوبون، لعلهم يتقون، أعطاهم من الدنيا ما لذ وطاب، أصح أبدانهم، أجرى أنفاسهم، رزقهم الولد، آمنهم من الخوف وهم كفار معرضون منكرون، وهم منافقون، يجعلون معه شريك بل شركاء، بل هم ينكرون وجوده، ومع ذلك انظروا ما هم فيه من النعم إنها رحمة الله ]وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ[. أما الرحيم فإنها خاصة المؤمنين، خاصة بمن يعرف الله ويسجد ويركع له، لأهل الرحمة وأهل الخشوع وأهل الخضوع، رحمة قرب، رحمة محبة، رحمة رضى، رحمة هداية واجتباء ﴿رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ﴾. ولما خلق الله الخلق كتب في كتاب عنده فوق العرش (إنَّ رَحْمَتي سَبَقَتْ غَضَبِي) وفي رواية (إنَّ رَحْمَتي تَغْلِبُ غَضَبِي) فَهو مَكْتُوبٌ عِنْدَهُ فَوْقَ العَرْشِ) كما صحَّ عن النبي ﷺ. فما أرحم الله كيف لو غضبُه يسبق رحمته ما ترك على ظهر الأرض من دابة ]وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَٰكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا[ وفي آية أخرى ]وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَابَّةٍ[ قال ﷺ (جَعَلَ اللَّهُ الرَّحْمَةَ مِئَةَ جُزْءٍ، فأمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعَةً وتِسْعِينَ جُزْءًا، وأَنْزَلَ في الأرْضِ جُزْءًا واحِدًا، فَمِنْ ذلكَ الجُزْءِ يَتَراحَمُ الخَلْقُ، حتَّى تَرْفَعَ الفَرَسُ حافِرَها عن ولَدِها، خَشْيَةَ أنْ تُصِيبَهُ) وقال ﷺ في لفظ آخر (إنَّ لِلَّهِ مِئَةَ رَحْمَةٍ أَنْزَلَ منها رَحْمَةً وَاحِدَةً بيْنَ الجِنِّ وَالإِنْسِ وَالْبَهَائِمِ وَالْهَوَامِّ، فَبِهَا يَتَعَاطَفُونَ، وَبِهَا يَتَرَاحَمُونَ، وَبِهَا تَعْطِفُ الوَحْشُ علَى وَلَدِهَا، وَأَخَّرَ اللَّهُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً، يَرْحَمُ بِهَا عِبَادَهُ يَومَ القِيَامَةِ). وفي موقف ومشهد رهيب، قَدِمَ علَى رَسُولِ اللهِ ﷺ بسَبْيٍ فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنَ السَّبْيِ، تَبْتَغِي، إذَا وَجَدَتْ صَبِيًّا في السَّبْيِ، أَخَذَتْهُ فألْصَقَتْهُ ببَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْهُ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ (أَتَرَوْنَ هذِه المَرْأَةَ طَارِحَةً وَلَدَهَا في النَّارِ؟) قُلْنَا: لَا، وَاللَّهِ، وَهي تَقْدِرُ علَى أَنْ لا تَطْرَحَهُ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ (لَلَّهُ أَرْحَمُ بعِبَادِهِ مِن هذِه بوَلَدِهَا). عباد الله .. لقد رحمنا الله بالقرآن هذا الكتاب العظيم الذي بين أيدينا، والله أنه من أعظم الرحمات من رب البريات، إنه دليلنا إلى الله، ومنهجنا في الحياة، إنه أنيسنا وفرحتنا، وشفاء أسقامنا، وحياة أرواحنا. إنه من أعظم الرحمات ]وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ[. وإن الله رحمنا بمحمد ﷺ وقال الله عنه ]وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ[ للعالمين كلهم تلإنس والجن، ارسل الله محمدًا صلى الله عليه وسلم ]لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ[.س تراحموا يا عباد الله فيما بينكم، حتى تنزل رحمة الله بيننا، تراحموا فإن الرحمة قربة من الله، عودوا أنفسكم على التراحم ولين الجانب. اللهم اجعلنا من الرحماء، وأنزل رحمتك بيننا، اجعلنا نرحم بعضنا ونشفق على أهلنا وجيراننا والمسلمين، اللهم ارحمنا ما حيينا، وارحمنا إذا متنا وارحمنا في يوم حشرنا. أقول ما تسمعون…   الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى. معاشر المؤمنين .. إن الشقي هو الذي لا يرحم، الشقي من نزعت الرحمة من قلبه ومن لا يرحم الناس لا يرحمه الله، قال ﷺ (لا تُنْزَعُ الرحمةُ إلا مِن شِقِيٍّ) وقال ﷺ (لا يَرْحَمُ اللَّهُ مَن لا يَرْحَمُ النَّاسَ). كن رحيمًا يرحمك الله، وكن هينًا يُهَوِّنُ الله عليك، ارحم نفسك أولًا ارحمها واعطف عليها وَخَفْ عليها، ارحم نفسك من المعصية، ارحمها من الذنوب، كم من نفس اشقاها صاحبها !!كم من قلب يكاد ينفجر في صدر صاحبه من الذنوب والمعاصي والآثام. ارحم نفسك عودها على الطاعة، وسر بها في سبل الخير وطرق السعادة حتى تسعد وتفرح وتستبشر، حتى تسلم من العذاب والهم والحزن والبعد من الله، ارحم أهل بيتك، مرهم بالمعروف وانههم عن المنكر وارحمهم من الشرور، لا تنهر ولا تزجر ولا تضرب ولا تسب ولا تعنف ولا تُعَيِّر ولا تنتقم. ارحم جيرانك وكف عنهم أذاك(كُلُّ المُسْلِمِ علَى المُسْلِمِ حَرامٌ، دَمُهُ، ومالُهُ، وعِرْضُهُ). ارحم أخاك، لا تهجر ولا تقطع ولا تُعَيِّر ولا تعنف ولا تتكبر، الأباعد يتراحمون، والأقارب والإخوة يتقاطعون ويتهاجرون ويتشاحنون إلا من رحم الله، أين الرحمة؟ ألا تريد أن يرحمك الله؟ ويدخلك في واسع رحمته؟ ]إنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ[. أيها الناس .. كلنا مقصرين، وكلنا مخلين في التراحم بيننا .... نسأل الله أن يرحمنا ويغفر لنا
المرفقات

1666942682_الرحمة.docx

1666942692_الرحمة.pdf

المشاهدات 540 | التعليقات 0