الرَّحْمَةَ بِالْبَهَائِمِ وَبِالطُّيُورِ وَبِالْمَخْلُوقَاتِ مَطْلَبٌ شَرْعِيّ
محمد البدر
الْخُطْبَةِ الأُولَى:
عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ﴾. وَقَالَﷺ:«إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ»رَوَاهُ مُسْلِمٌ.وَقَالَﷺ:«مَنْ يُحْرَمِ الرِّفْقَ، يُحْرَمِ الْخَيْرَ»رَوَاهُ مُسْلِمٌ.كانﷺأرحم الناس بالفقراء والمساكين واليتامى والأرامل يتفقد أحاولهم ويقضي حوائجهم ويرحم الصغار ويرفق بهم وبكل الضعفاء ، ويرفق حتى بالبهائم وحث الناس على ذلك فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا:«أَنَّهُ مَرَّ بِقَوْمٍ نَصَبُوا دَجَاجَةً يَرْمُونَهَا-يَعْنِي:بِالسِّهَامِ-فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ:مَنْ فَعَلَ هَذَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِﷺلَعَنَ مَنْ فَعَلَ هَذَا»مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ:«نَهَى رَسُولُ اللَّهِﷺأَنْ يُتَّخَذَ شَيْءٌ فِيهِ الرُّوحُ غَرَضًا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.وَالْغَرَضُ: الَّذِي يُرْمَى فِيهِ بِالسِّهَامِ.وَقَالَﷺ:«إنَّ الله كَتَبَ الإحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فَإذَا قَتَلْتُم فَأحْسِنُوا القِتْلَة ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأحْسِنُوا الذِّبْحَةَ ، وَليُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَه ، وَلْيُرِح ذَبِيحَتَهُ»رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ رَجُلٌ:يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لَأَذْبَحُ الشَّاةَ فَأَرْحَمُهَا، أَوْ قَالَ: إِنِّي لَأَرْحَمُ الشَّاةَ أَنْ أَذْبَحَهَا، قَالَ:«وَالشَّاةُ إِنْ رَحِمْتَهَا، رَحِمَكَ اللَّهُ»مَرَّتَيْنِ)صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.وَقَالَﷺ:«مَنْ رَحِمَ، وَلَوْ ذَبِيحَةَ عُصْفُورٍ رَحِمَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رَوَاهُ الطَّبَرَانيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ.فَمَنْ رَحِمَ رُحِمَ، سَوَاءٌ كَانَتْ هَذِهِ الرَّحْمَةِ لِإِنْسَانٍ أَوْ حَيَوانٍ أَوْ طَائِرٍ أَوْ نَحْوِهِ، وقدأباح الشرع اقتناء الحيوانات الأليفة والاعتناء بهاوإطعامها فَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ :كَانَ النَّبِيﷺأَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا ، وَكَانَ لِي أَخٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو عُمَيْرٍ ، قَالَ : أَحْسِبُهُ فَطِيمٌ ، وَكَانَ إِذَا جَاءَ قَالَ : يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ ، نُغَرٌ كَانَ يَلْعَبُ بِهِ»مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.وَالنُّغَيْرُ: طَائِر صَغِير أَحْمَرُ الْمِنْقَارِ. قَالَ الحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ - رَحِمَهُ اللهُ : جَوَازُ لَعِبِ الصَّغِيرِ بِالطَّيْرِ وَجَوَازُ تَرْكِ الْأَبَوَيْنِ وَلَدَهُمَا الصَّغِيرَ يَلْعَبُ بِمَا أُبِيحَ اللَّعِبُ بِهِ وَجَوَازُ إِنْفَاقِ الْمَالِ فِيمَا يَتَلَهَّى بِهِ الصَّغِيرُ مِنَ الْمُبَاحَاتِ وَجَوَازُ إِمْسَاكِ الطَّيْرِ فِي الْقَفَصِ وَنَحْوِهِ وَقَصِّ جَنَاحِ الطَّيْرِ إِذْ لَا يَخْلُو حَالُ طَيْرِ أَبِي عُمَيْرٍ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَأَيُّهُمَا كَانَ الْوَاقِعُ الْتَحَقَ بِهِ الْآخَرُ فِي الْحُكْمِ.إلخ. وحرم الشرع اقتناء الكلب الا للحراسة أوللصيد قَالَﷺ:«مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا إِلاَّ كَلْبَ مَاشِيَةٍ، أَوْ ضَارٍ، نَقَصَ مِنْ عَمَلِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ»مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. ضَارٍ أي: الكلب المعلم للصيد.ونهى الشرع عن وسم الوجه فَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّﷺمَرَّ عَلَيْهِ حِمَارٌ قَدْ وُسِمَ فِي وَجْهِهِ فَقَالَ:«لَعَنَ اللهُ الَّذِي وَسَمَهُ»رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ:«وَرَأَى رَسُولُ اللهِﷺحِمَارًا مَوْسُومَ الْوَجْهِ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ»قَالَ: فَوَاللهِ لَا أَسِمُهُ إِلَّا فِي أَقْصَى شَيْءٍ مِنَ الْوَجْهِ، فَأَمَرَ بِحِمَارٍ لَهُ فَكُوِيَ فِي جَاعِرَتَيْهِ، فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ كَوَى الْجَاعِرَتَيْنِ»رَوَاهُ مُسْلِمٌ.الجَاعِرَتَانِ : نَاحِيَةُ الوَرِكَيْنِ حَوْلَ الدُّبُرِ .
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا..
الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ:
عِبَادَ اللهِ: الآحاديث التي تنهى عن إيذاء الحيوانات والعقاب الشديد على ذلك كثيرةمنها أن القسوة بالحيوان تُدخِل النار قَالَﷺ:«دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا، فَلا هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَلا هِيَ أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ حَتَّى مَاتَتْ»مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. وَالرفق بالحيوانات جزاءه الجنة قَالَﷺ:«بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ، فَوَجَدَ بِئْرًا، فَنَزَلَ فِيهَا فَشَرِبَ، ثُمَّ خَرَجَ فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ، فَقَالَ الرَّجُلُ لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الْكَلْبَ مِنَ الْعَطَشِ مِثْلُ الَّذِي كَانَ بَلَغَ مِنِّي، فَنَزَلَ الْبِئْرَ فَمَلَأَ خُفَّهُ مَاءً، ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ حَتَّى رَقِيَ فَسَقَى الْكَلْبَ فَشَكَرَ اللهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ وَإِنَّ لَنَا فِي هَذِهِ الْبَهَائِمِ لَأَجْرًا فَقَالَ:«فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ»مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.وَعَنْ سَهْلِ ابْنِ الْحَنْظَلِيَّةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:مَرَّ رسولُ اللهﷺبِبَعِيرٍ قَدْ لَحِقَ ظَهْرُهُ بِبَطْنِهِ فَقَالَ:«اتَّقُوا الله في هذِهِ البَهَائِمِ المُعجَمَةِ ، فَارْكَبُوهَا صَالِحَةً ، وَكُلُوهَا صَالِحَةً» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِﷺفي سَفَرٍ ، فانْطَلَقَ لحَاجَتِهِ ، فَرَأيْنَا حُمَّرَةً مَعَهَا فَرْخَانِ ، فَأَخَذْنَا فَرْخَيْهَا ، فَجَاءتِ الحُمَّرَةُ فَجَعَلَتْ تَعْرِشُ فَجَاءَ النَّبيُّﷺفَقَالَ:«مَنْ فَجَعَ هذِهِ بِوَلَدِهَا ، رُدُّوا وَلَدَهَا إِلَيْها»وَرَأَى قَرْيَةَ نَمْلٍ قَدْ حَرَّقْنَاهَا ، فَقَالَ :«مَنْ حَرَّقَ هذِهِ»قُلْنَا:نَحْنُ قَالَ:«إنَّهُ لا يَنْبَغِي أنْ يُعَذِّبَ بالنَّارِ إِلاَّ رَبُّ النَّارِ » رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
عِبَادَ اللهِ:إِنَّ الرَّحْمَةَ بِالْبَهَائِمِ وَبِالطُّيُورِ وَبِالْمَخْلُوقَاتِ مِنَ الْمَطْلُوبَاتِ في الْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ قَالَﷺ:«الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ»رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. واهتم الشرع بالحالة الصحية للحيوانات وأمر بالحجر الصحي عند انتشار الأوبئة والأمراض المعدية للحفاظ على باقي الحيوانات قَالَﷺ:«لاَ يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ»مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.الا وصلوا ..
المرفقات
1630538451_الرَّحْمَةَ بِالْبَهَائِمِ وَبِالطُّيُورِ وَبِالْمَخْلُوقَاتِ مَطْلَبٌ شَرْعِيّ.pdf